مريم مشتاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5154 - 2016 / 5 / 6 - 12:31
المحور:
الادب والفن
كيف يمكنني أن أنسى تفاصيل حرب عشتها في صغري؟ هي لاصقة في الذاكرة لأسباب كثيرة أهمها أني اكتشفت قدرتي وأصدقائي الصغار على التأقلم مع الموت والتعود عليه ومصادقته لدرجة أننا استطعنا أن نحول الملجأ الذي كنا نسرع إليه حين يشتد القصف إلى مكان أليف، وقد يكون في أوقات كثيرة مسلياً. كنا نتجمع فيه لنلعب الورق وأحياناً نغني ونضحك ... وكانت النسوة يجلسن في شكل دائري لتقطيع البقدونس، فالتبولة كانت من أهم مأكولات الملجأ... وأحياناً كنا نبدأ بالرقص والتصفيق والدوران... والصواريخ تلعلع فوقنا.
أتذكر جيداً كيف كانت عمتي تلف لنا سندويشات موز وسكر حين تخذلنا " المونة" ... لكن تلك الساندويشات ما كانت أبداً قصاصاً... كنا نحبها وأيضاً تعودنا عليها.
في الملجأ كان دائماً هناك عجائب نتبادل الأحاديث عنها، وكأن موسم العجائب يطل علينا فقط أيام الموت ..
اليوم بعد مرور سنوات طويلة وتتابع حروب كثيرة هنا وهناك... حروب متنوعة من البراميل والطيران والسرطان ... أدركت أن سكان الملجأ الصغار هم العجيبة الحقيقية. إن حبنا للحياة هو القوة الخارقة التي ندفع بها الصخرة عن باب القبر ... حبنا للحياة هو القيامة.
أطفال لبنان ..أطفال سوريا ... أطفال العراق ...أطفال فلسطين سيبقون عصيين على الموت وسيعودون... سيقومون من جديد ولو قتلوهم مئة مرة ومرة!
#مريم_مشتاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟