|
قرقنة.. تراجع الجلاد فأين نمضي ؟
منظمة العمل الشيوعي - تونس
الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 21:41
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
قرقنة.. تراجع الجلاد فأين نمضي ؟
15 أفريل 2016.. تاريخ لن ينمحي من ذاكرة الجماهير في قرقنة، ملحمة في مقاومة ومقارعة الاستبداد وانتصار ساحق على آلة القمع الدموية للنظام...لقد أثبتت الشبيبة الثائرة ملتحمة بالبحّار والعامل و كل أبناء الشعب على قدرة عالية في التنظم والدعاية والمناورة ومن ثم كسب المعركة وكسر شوكة نظام العمالة والفساد والاستبداد.. فإلى أي مدى نجحت الحركة الجماهرية في تحويل الانتصارات الميدانية الى مكتسبات لأبناء الشعب؟ وكيف تمضي قدما في معركة الحق في الشغل و الثروة ؟ انطلقت معركة الجماهير في قرقنة ضدّ استغلال الشركات البترولية (بتروفاك وطينة للخدمات البترولية TPS) لثروات الجزيرة ونهبها لفائدة لوبيات الداخل والخارج بعد انتفاضة 2011 مباشرة حيث فُرضت على هذه الشركات تقديم مبالغ مالية بعنوان دعم صندوق التنمية اثر مجلس جمع ممثلي المنتفضين مع السلطة والشركات البترولية بحضور اتحاد الشغل في ولاية صفاقس وقد رُصدت الاعتمادات لدعم أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل ويقدر المبلغ ب1.5 مليون دينار سنويا مقسما بين شركة البتروفاك وشركة طينة للخدمات البترولية. ومنذ ذاك الاتفاق وشركة البتروفاك برئاسة سيء الذكر عماد درويش تسعى للالتفاف على هذا الاتفاق بحجج واهية تراوح بين الشعبوية وتزييف الحقائق والتحشيد المفيوزي الذي وصل لحد الاعتداء بالعنف الوحشي على أحد المعتصمين مما تسبب له في شلل نصفي. هذه الممارسات الإجرامية والتي اشتهرت بها شركات الطاقة العالمية في مستعمراتها وفي الدول التي تحكمها العصابات واللوبيات أنتجت حقدا وعداء دفينا عند جماهير الشعب انفجر انتفاضة عارمة كادت تنتهي بسحق هذه الشركة الناهبة لثرواتنا للأبد. وبالعودة لتفاصيل المعركة وخصوصياتها من أجل محاولة رسم خطط للمضي بها قدما لابد من استحضار المعطيات والملاحظات التالية : - حرمت شركة البتروفاك التي تركزت في 2008 أهالي قرقنة من مشروع سياحي ضخم جدا قدرت كلفته ب13 مليار دينار في منطقة غير بعيدة عن مقر الشركة (منطقة سيدي ألف النخل) والذي كان قادرا على توفير آلاف مواطن الشغل إضافة الى احترامه للبيئة (سياحة ايكولوجية). - تسببت شركة طينة للخدمات البترولية في عديد التسربات البترولية آخرها هذا الأسبوع وهو ما تسبب في كارثة بيئية أثرت على قوت آلاف البحارة وفاقمت في تأزيم وضعياتهم. - تجني هذه الشركات مقابل استخراج الغاز والبترول ومادة "الكندنسا" ملايين الدينارات (تنتج البتروفاك يوميًا مليون متر مكعب من الغاز أضافة لقرابة 100 متر مكعب من مادة الكندنسا كما أن شركة طينة للخدمات البترولية تنتج قرابة 6000 برميل يوميا) وهذه غير رسمية لأنّ العصابات التي تدير قطاع الطاقة في تونس تحاول بكل ما أمكن من الوسائل اخفاء معالم جرائم نهبها وسرقتها وسنقدم بعض الأمثلة في هذا السياق... صرح عماد درويش بأن خسائر شركته بعد 78 يوما من الإعتصام تقدرب30 مليون دينار؟؟؟ يعني أنّ مرابح الشركة في سنة تقدر ب140 مليون دينار وقد تتجاوز هذا المبلغ بكثير والأكيد أن أرباح هذه الشركات هي أرباح ضخمة رغم تراجع أسعار المحروقات في العالم وإلا فلماذا تتشبث شركة البتروفاك العالمية بفرع في قرقنة بالذات رغم كل المقاومة التي تواجهها من الأهالي ؟؟ السبب أبسط مما نتصور وهو أن حقل الشرقي هو منجم من "الذهب الخالص" وأنّ أرض قرقنة خزان من الغاز والبترول وأنّ الشركة تخشى فقدان هذه الثروة وستستميت في الدفاع عنها ما دامت تتآمر مع نظام عميل ضد جماهير الشعب. ودون الغرق في التفصيلات التقنية والمالية فإنّنا وببساطة نتحدى هذه الشركة المفيوزية ومن ورائها نظام العمالة أن تقدم وثائق وأرقام حول حجم إنتاجها ومعاملاتها المالية. - و بافتراض هذه الشركات مجتمعة تربح سنويًا 200 مليون دينار (مثلما يدعون) من استغلالها لنفط وغاز الجزيرة وهذا طبعا أدنى بكثير من الواقع فإنّ النسبة الموجهة لصندوق دعم التنمية في الجهة ستتراوح إذً في حدود 0.75% (1.5 مليون دينار) وهي طبعا نسبة ضئيلة جدا لا تتناسب وحجم الدجل والتزييف الذي تمارسه الشركة من خلال عدة أبواق إعلامية والذي يسعى لتضخيم ما "تنجزه و تضخه" لصالح الجهة كما لا يتناسب وحجم الضرر الذي تلحقه بالأهالي والبيئة وبمستقبل الأجيال القادمة. مرة أخرى: مالعمل ؟ إنّ معضلات الهبات الانتفاضية المتتالية المطالبة بالشغل والثروة على مدى الأشهر الأخيرة من قرقنة إلى الحوض المنجمي إلى القصرين والشمال الغربي وغيرها تتجسد أساسا في: 1- ضبابية المطالب وطابعها العام (يتداخل الشعار بالمطلب فيفسح مجالا كبيرا للنظام لاحتواء الحركة وامتصاص الاحتقان والانقلاب على كل تعهداته) ونحن نعتقد أنّ جهدا كبيرا يجب أن يوجه في هذا المستوى لتخصيص شعارات الانتفاضة المطالبة بالشغل والحرية والكرامة على المستوى الجهوي والمحلي، تخصيص لا يستثني الدولة أو الوظيفة العمومية ولا القطاع الخاص كما يطرح تركيز أشكال اقتصاد تعاوني تشاركي مقاوم. 2 – غياب أشكال التنظم المتقدمة عن العفوية والقادرة على المضي قدما بالمعركة وتحقيق الجزئي والمراكمة للاستراتيجي المرتبط بالشعار المركزي للانتفاضة "الشعب يريد إسقاط النظام" ونحن لا نتحدث هنا عن الحزب الشيوعي أو غيره من أدوات الثورة فحسب وإنّما كذلك عن هيئات تجمع الفاعل الاجتماعي من معطلين وكادحين وفلاحين فقراء و غيرهم بالفاعل السياسي الثوري، هيئات ترسم خطط الفعل الانتفاضي ومطالبه وتسهر على إلزام النظام بالتسويات المؤقتة التي سيتنازل من خلالها للجماهير عن جزء من حقوقها.. 3- انعزالية جزء من التحركات الاحتجاجية وفئويتها أو جهويتها واختراقها من قبل الرجعيين في أحيان أخرى وَهُو أمر يقترن عادة بالنزعات العفوية وَبالدعاية المضادة "للتسييس وللأحزاب" صلب الحركة و يهدد هو الآخر باستنزاف الحركة وبإخضاع النظام لها أو احتوائها.
وبالعودة إلى قرقنة والمعركة الأخيرة ضدّ شركات النهب التي يتجند لحمايتها هذا النظام نرى أنّ تنظيم الجماهير في مختلف المستويات والتفاعل مع مطالبها، معارفها وقدراتها من أجل تسليح الحركة بالمطلب والخطة هي المهمة الأوكد اليوم ونحن نعتقد أن أولى خطوات تحويل الانتصار المعنوي أساسا إلى مكاسب حقيقية للشعب هي تشكيل نواتات تنسيقيات نضال شعبي في كل عمادات الجزيرة تضم الفاعلين الاجتماعيين الذين خاضوا المعركة الأخيرة أو ممثلين عنهم إضافة إلى المناضلين السياسيين الثوريين وكلّ التقدميين وتطرح هذه التشكيلات ما يلي: في مستوى المطلب -أ- نسبة 5% من مداخيل الشركات البترولية تقدم لصندوق التنمية أي ما يقابل 10 مليون دينار سنويا تتكفل لجنة مشتركة بين السلطة المحلية أو الجهوية وَممثلين عن الهيئات الشعبية الممثلة للحراك بإدارته أو تمنح لها صلاحيات رقابية كبرى بخصوصه. و توجه إعتماداته إلى: 1- دعم المحروقات ومعدات الصيد . 2- تمويل بعث تعاونيات اقتصادية تكون متصالحة مع الخصوصية البيئية للجزيرة مثل أحواض لتربية الأسماك والمحار والصناعات البحرية والمشاريع السياحية البيئية والثقافية. 3- فكّ العزلة عن الجزيرة عبر الدفع بتطوير أسطول النقل البحري بباخرة جديدة تكون أسرع وَأكثر راحة. -ب- الانتداب الفوري للجزء من المعطلين الذين يؤمنون وظائف في القطاعات الحيوية . -ج- محاسبة كل المتورطين في الفساد سواء في ما يخص الشركات أو السلط المحلية والجهوية وَمحاسبة المسؤولين والمنفذين للقمع البوليسي الهمجي الذي شهدته الجزيرة خاصة في ما يخص قضايا التعذيب. في مستوى شكل التنظم:
كنا قد أتينا سابقا على أهمية تشكيل نواتات لتنسيقيات نضال شعبي في كل عمادات الجزيرة وأننا نعتقد أن الاتجاه الطبيعي لهذه النواتات إنْ رأت النور وارتبطت حقيقة بالمنتفضين أنْ تتحدد وتتشكل في تنسيقية نضال شعبي تمثل مطالب الجزيرة وأهلها، تنسيقية طرحنا تصورًا أوليًا لتركيبتها ونرى أن تواجد الثوريين صلبها مسألة جوهرية تتعلق بماهيتها كما نعتقد رغم إدراكنا أنّ تشكلها هو إفراز سيرورة لا يتحكم أي فاعل في جميع خيوطها بضرورة النضال صلبها ضد الفئوية والجهوية والزبونية والتوظيف الرجعي وفكرة معادات التسييس والأحزاب.. شكل التنظم الرئيسي هذا لا ينفي طبعا بقية أشكال التنظم النقابي والسياسي والحقوقي وغيرها وإنّما يتفاعل معها استنادا إلى المطالب والخطط التي يرسمها.. ضد الانعزالية: سهلت نزعات انعزالية مهمة السلطة المتمثلة في إخماد أو احتواء عديد التحركات وإنْ كانت أحد أبرز وسيلتي فك العزلة عن معركة ما هي حضور الأحزاب السياسية المتجذرة والممتدة والمنحازة بلا مساومة لقضايا الشعب والوطن أو المنظمات الوطنية الكبرى إضافة إلى وسائل الإعلام التي عادة ما تتخذ موقع الخصم في هاته الحالات فإنّ ربط المعارك المشتعلة اليوم في كل ربوع البلاد و فك عزلتها ممكن عبر التذكير في كل معركة و إنّ بوحدة هذا الشعب و وحدة منتجيه و كادحيه في معركة التحرر الوطني، في معركة السيادة على الثروات أينما كانت ومهما كان اسم ناهبيها، في معركة الحق في العمل والثروة والسلطة وعمليًا عبر: - تشكيل اللجان الوطنية للدعم و لدعم الموقوفين والملاحقين. - ربط علاقات مباشرة مع الاحتجاجات المجاورة جغرافيًا وَمحاولة التفاعل لصياغة المطلب الموحد للحركة والذي يخفف من حدة التناقضات في صفوف الشعب. - العمل على بناء علاقة متقدمة بين التنظيمات والمجموعات الشيوعية والثورية وَبُؤرْ الانتفاض والاحتجاج .
ختاما نذكر أن الاحتجاجات المطالبة بالحق في الشغل والثروة متقدة منذ أكثر من سنة وأنّ معركتي انتفاضة المعطلين التي انطلقت من القصرين وقرقنة شكلتا لحظتي تصاعد للنضال ضد هذا النظام و سياساته و هو أمر يؤكد أن وعيا بعداء هذا النظام لمطالب الانتفاضة وشعاراتها يتعاظم كل يوم لكنه لا يجب أن ينسينا أنّ منزلقات استنزاف الحركة واحتوائها واردة إنْ لم نمضي بها قفزة إلى الأمام تنظما و برنامجا.
#منظمة_العمل_الشيوعي_-_تونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إفتتاحية العدد الثالث من جريدة الشيوعي: ستظل ترددها..
-
عام على عملية باردو الارهابية ... ماذا بعد بنقردان؟
-
سيريزا: أزمة الرأسمالية أم أزمة بديلها الثوري ؟
-
وحدة الثوريين والمهام الراهنة
-
معركة الثروات الطبيعية... من أجل فهم أعمق
-
الجبهة الثورية: السياق والمهام
-
لماذا الشيوعي ؟
المزيد.....
-
اليساري ياماندو أورسي يفوز برئاسة الأورغواي خلال الجولة الثا
...
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|