محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل
(Mohsen Aljanaby)
الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 20:02
المحور:
كتابات ساخرة
كنا أربعة حين دعانا صديقنا (السيّد) الى نهار أحمر (على وزن ليلة حمراء) , كان يطلب الدولة مبلغاً كبيراً من المال عبارة عن رواتب لأشهر عديدة لم يستلمها لأنه كان يخدم بحسب مصطلح الجيش في غير وحدة , فوعدنا بأنه سيأخذنا لمكان (مشبوه) حين يقبضها ولا نعرف هل أراد أن يبذّر المال لأنه (مشبوه أيضاً) أم أنه أراد الأحتفال على طريقته الخاصة لينتقم منّا , الفكرة غريبة حسبناها مغامرة فأستهوتنا ولم نرفضها , حصل ذلك في الثمانينات لمّا كانت تلك الأماكن معروفة ومحصورة ومحددة قبل أن تتهدم وتتسرب اليوم بين الأحياء السكنية والأزقّة , المهم أننا ألتقينا في ذلك اليوم المشبوه على نفس الموعد , يدفعنا حب الأستطلاع لأن نرى ذلك العالم السافل السفلي , وحين وصلنا وجدنا حي سكني عادي وبيوت متراصة شيء واحد يميزها , وهو أن أبوابها مفتوحة مشرعة , سمعنا أصوات تأتي من داخلها (تفضلوا وبراحتكم !) , كنّا خائفين ومستغربين من عالم لم نره في أعمارنا , دفعني أحد رفاقي الى واجهة باب مفتوح , فخرجت منه أمرأة شابة بملابس فاضحة وطلبت أن أدخل , داهمني حينها شعور مرعب فتراجعت وألتفت الى رفاقي وقلت لهم أدخلوا أنتم , لا أعرف حينها ما أصابني , أردت أن أتقيأ بسبب المشهد المقزز , كأني رأيت جرثومة وليس أمرأة مثيرة , جعلتني أتجمد خلف رفاقي كالمذنب المصاب بالرعب , ومع شعور الغثيان لم أكن أسمع سوى ضحكات تلك العاهرة وهي تشتمني بأقذر شتائم الدنيا , والشتائم شملت أحد الأصدقاء والذي يبدو أنه أصيب بمتلازمة التقزز مثلي , قالت عنا أننا بدون شرف وأننا لسنا رجال وأننا كذا وكذا بل تمادت أكثر حين أتهمتني وصاحبي بأننا جواسيس أو صحفيين نعمل لجهة مغرضة ! , سيل من الشتائم أستمر لفترة وكل ذلك لأننا لم نسايرها حفاظاً على أنفسنا من التلوّث, لن أنسى ذلك أبداً و للأسف لا أستطيع ذكر (أسماء أصحابي) الثلاثة جميعهم فهم اليوم في أماكن حسّاسه وسينتقمون مني إن تجرأت على أفشائها , وبعد سنين طويلة من تلك الحكاية المخجلة أزدادت هذه الأيام معدلات تذكري لها , فكلما رأيت (جرثومة كبيرة) تشتم الناس الشرفاء أتذكر تلك الحكاية المقرفة , وما أكثر الجراثيم اليوم التي تسربت في كل أركان الحياة فلا يجدي معها التواري ولا الأختباء ..
#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)
Mohsen_Aljanaby#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟