|
شبح الماركسية على الثقافة الإلكترونية
جانبي فروقة
الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 16:22
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
رغم مرور 130 عاما على وفاة كارل ماركس إلا أن أفكاره وتنبؤاته في الانكماش الاقتصادي مازالت تتحق في القرن الواحد والعشرين. والسؤال الكبير هل الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها وهل هي نظام يعتمد على الفوضى والأزمات الدورية التي تؤدي لكساد وبطالة ومن ثم انفجار ثوري واجتماعي؟
لماذا لم تتطور الاقتصادات لتؤمن كفاءة الأسواق بين العرض والطلب وتجنبنا الأزمات الدورية، ولا سيما أن درس الكساد العظيم عام 1929 كان قاسيا.
علقت أوكسفام في منتدى دافوس الأخير قائلة: إن ما يثير الذهول في القرن الواحد والعشرين أنه لا يملك نصف سكان العالم والمقدر بـ 3.5 مليار نسمة ما يملكه مجموعة من الأثرياء الذين لا يتعدى عددهم ركاب حافلة من طابقين، وبمعنى آخر إن ثروة 1% من سكان العالم (تبلغ 110 تريليونات دولار) تفوق 65 مرة ثروة نصف سكان العالم الأقل فقرا، أو بمعنى آخر 85 ثريا في العالم يمتلكون ثروات تعادل ثروة نصف سكان العالم مجتمعين، والسؤال الخطير أين العدالة الاقتصادية الدولية قبل العدالة الاجتماعية؟
وكما تشير التقارير الأخيرة لمنظمة العمل العربية، أن نسب البطالة بين الشباب وصلت إلى أكثر من 27% في الشرق الأوسط و29% في شمال أفريقيا. من جهة أخرى تراجعت مستويات الحد الأدنى للأجور بنحو كبير أيضا. وهكذا في القرن الواحد والعشرين تجد نصف سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر ويموت الملايين سنويا من الجوع.
أجمع الكثير من الاقتصاديين على أن تشخيص كارل ماركس لعدم المساواة في الدخل، وأن الدين أفيون الشعوب كان صحيحا، ونظرية كارل ماركس تقول بأن الرأسمالية تعتمد على ثقافة الاستهلاك وتطور السوق الاقتصادية العالمية التي تتحكم بمصير جميع الشعوب، ومع ظهور العولمة التي كانت نتيجة حتمية للتطور التكنولوجي الهائل بدأنا نرى دخول ثقافة الاستهلاك لمرحلة جديدة، وهي الثقافة الإلكترونية (اليوم يستعمل 3.4 مليار نسمة الإنترنت ومنهم 2.3 مليار في شبكة التواصل الاجتماعي) التي طالت حبالها ليس فقط مكونات الأنشطة الاقتصادية، بل زوايا النسيج الاجتماعي والعادات والأخلاق، فمن خلال حجر الزاوية في هذه الثقافة، وهو التواصل الاجتماعي زاد تأثير الأفكار الثورية الهدامة للمجتمعات، وأدى لنشوء والتأثير على رأي افتراضي يوجه سياسة القطيع ويشكل الحياة السياسية في المجتمعات، ومن جهة أخرى تسعى الشركات العابرة للقارات إلى تسخير هذه الثقافة الإلكترونية لتوسيع قاعدة زبائنها، ما سيفضي لتشديد قبضة الرأسمالية العالمية وتركز الثروات بشكل أكبر في أيدي حفنة قليلة من البشر، فحتى مبدأ نيتشه الأناني المتمثل في قوله حفنة قليلة من القوة خير من كيس من الحق، قد نجد له مستقبلا صدى اقتصاديا إلكترونيا يقول، حفنة من الثروة الإلكترونية خير من كيس من العدالة. وما سنراه في العقود المقبلة هو إعادة تدوير قمامة النظم الرأسمالية القديمة في وصفة سحرية إلكترونية تطيل من زمن تقديس رأس المال فوق حقوق البشر، وذلك بإذكاء الفوضى ومستوى العنف بين طبقات المجتمع وبين الدول نفسها.
لقد هرمت الرأسمالية وهي تبني بيوتها على شكل هرمي، فعلى سبيل المثال لا الحصر تمتلك 400 أغنى عائلة في أمريكا ثروة تعادل ما يمتلكه 50% من السكان الموجودين في قاع الهرم الاقتصادي. ما نحتاجه الآن هو بناء منظومة اقتصادية جديدة تستطيع تنظيم وتطوير آليات الاقتصاد العالمي، لتحقيق مبدأ كفاءة السوق وتطوير نظم السوق الاجتماعي لتحقيق العدالة الاجتماعية.
قال مرة إنجلز إن الوقوف باستقامة حرر اليدين لدى الإنسان، وأنا أقول إن عدالة واستقامة النظام الاقتصادي العالمي سيحرر الإبداع لدى الشعوب ويضمن السلام على الأرض. أوضح مرة هيغل أن الضرورة تعبر عن نفسها من خلال الصدفة فقد كانت الرصاصة التي قتلت الأرشيدوق فرديناند في سراييفو مفصلا تاريخيا أدى لاندلاع الحرب العالمية الأولى، التي كانت أسبابها قد تراكمت نتيجة التناقضات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين القوى الأوروبية العظمى قبل 1914. واليوم الضرورة لنظام اقتصادي عالمي جديد بدأ يعبر عن نفسه من خلال كل هذه النزاعات التي بدأت تطفو على سطح الحياة السياسية.
#جانبي_فروقة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
-
السيد الحوثي: العدو اعتدى على متظاهرين بسوريا واطلق عليهم ال
...
-
سلطات مدينة إيربيت الروسية تقرر نزع ملابس -ديد ماروز- عن تمث
...
المزيد.....
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
المزيد.....
|