أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - قراءة في مجموعة قصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان (كهف البطء)















المزيد.....


قراءة في مجموعة قصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان (كهف البطء)


هدى توفيق

الحوار المتمدن-العدد: 5151 - 2016 / 5 / 3 - 21:51
المحور: الادب والفن
    


كهف البطء ومفردة الموت
( لهدى توفيق )
قراءة وتحليل / خالد محمد الصاوي

مفردة الموت تتحكم في سير الحدث والمشهد في بعض قصص المجموعة :-
عند قراءة مجموعة كهف البطء للقاصة هدى توفيق يسترعي انتباهنا ظلال مفردة الموت التي تخيم على بعض أعمالها القصصية وتلعب دورا بارزا في العمل السردي لديها.
ففي قصتها " المستقر الأخير " يطالعنا هذا اللفظ ( الموت ) في عبارة " لأذهب معهم إلى بلدة جدتي التي تطارح الموت " مع ملاحظة أن مفردة الموت جاءت بعد بلدة جدتي فقد جعلت انتساب القرية لجدتها وكأن قرية العائلة تدور الحياة فيها حول محور أساسي وهو جدتها التي تطارح الموت فالموت هنا محرك للحدث و بالأحرى مجموعة الأحداث التي تتحرك داخل هذا العمل القصصي فتتكرر المفردة ذاتها حين تقول " لابد أنها كانت تريد الموت دون أن أعلم "ثم " في حين أنها تتأهب للموت " وكأن الموت حدث يجب التأهب إليه ثم تقول :- " طلبتْ أن أدعو لها بالموت " – " احتضنتُ بعنف جسدك الميت " " لم أقل إنها ماتت " " ظللت في حضنها أعايش اكتمال الموت " " وفي النهاية أصبحت داخل خشبة الموت " وكما نلحظ أن مفردة الموت تلعب في نسيج العمل السردي دورا فاعلا وأيضا هي مفردة قد أثرت على المشهد السردي كما أثرت في الأحداث فتقول القاصة في هذا المشهد الناتج عن حالة الموت " بدأ دور النائحات ....كان ابن عمي ينهرهن بشده ، كلما علتْ حدتهن انهال عليهن بالشتائم ، فاستعضن عن هذا البكاء بصوت عال ولطم على الخدود والأفخاذ ، جلست على السلالم أتابع آخر رجل كان وراء النعش" وتقول استكمالا للمشهد " ظللت أصرخ من داخل جوفي وألطم ، أهيل التراب على رأسي ، أولول جارية وراء خشبة جدتي ، وفجأة التقطني أحد الرجال ، أحكم وثاق يديه علي حتى كاد يكسر ضلوعي "
وفي قصة نادية وصفي تأتي المفردة مرتبطة بالفناء الوجودي في قولها : " وحين تستهلين موتك .....الآن مدخل للفناء"
وفي قصة " فضل "تجعل الموت هو الحل الإلهي لتخلص العالم من فضل مشيرة للموت دون التصريح بمفردته في قولها " ووجدنا ثمة معطفا زيتيا ممزقا قديما، يغطي كومة من اللحم والدماء ، مددت يدي أمسك معطف أبي .أخذني ....."
وفي ذبابة القيظ نجد ص 25-26 أن الموت كهاجس يسيطر على نفس السارد فيحرك الأحداث " وهاجس أنني ربما لا أستطيع الهروب وسأموت تحت ظلال الشمس الحارقة فأدركت الخطر............ فقمت بيأس.......أقص أظافري " و "بينما رفقاء نشطون أكثر قادرون على أن يأكلوا فقط دون أن يلاحظهم الموت "
وتظل ذكرى الموت وظلاله خيطا رفيعا يربط بين بعض قصص المجموعة فها هي القاصة في ذبابة قيظ " تعود مع ذكر مفردة الموت لتجمع بخيط رفيع بين هذا العمل والعمل السابق " المستقر الأخير" فتتذكر لحظة موت جدتها " إحساس مروع ومقزع أن يموت شخص عزيز عليك ........هكذا ماتت جدتي ..........موت جدتي والعرق الذي يملأ جنبات جسدي ...."
وفي الجوع الأمريكي حرك الإحساس بالموت الحدث والتفكير عند بطل القصة فيما يدور خارج قضاياه الشخصية إلى قضايا أرحب وأوسع لمجتمعه الشرقي وما ينتج عن التبعية للسياسة الأمريكية من استبداد وقمع وذلك حين استخدم السارد حالة من حالات الموت في عبارته على لسان تلك الشخصية الرئيسة في القصة قائلا :
"هل كان من الممكن أن يقتلني لو لم تكن معي عشرة الجنيهات .......؟"
وفي كهف البطء تقول " هذا المنزل الجستابوي يضم في جنباته الحب الميت ،الفرح الميت ، الزمن الميت ....."
وهذا الإحساس بالموت في كل الأشياء هو من فرض حالة الحزن على القصة منذ الوهلة الأولى إلى نهايتها .
وفي قصة " أصوات " تستخدم القاصة مرادف " ليقتلها " بدلا من لفظة الموت كبديل طبيعي يحرك الحدث فتقول "........ثم تسند على الحائط بيأس وفزع اعتقادا منها أن شبحا ما سيخرج من شقوق هذه الحوائط ليقتلها ......."
وفي أصوات أيضا في صفحة 62 يأخذ المنحى السردي بعدا آخر فيتحدث السارد عن المجاعات والدول التي تموت من الفقر والدول التي تعاني التخمة ويأتي لفظ الموتى بعده أرقام عالية فائقة التصور لتبين حجم الكارثة على حقيقتها الواقعية وتعرضها وسط السرد ليتوقف عندها ويمعن فيها القارئ الذي قد يتجاهلها في نشرات الأخبار " أما الذين سقطوا في المجاعات مرضى أو موتى فهم نحو 99مليونا........" ونجد الموت واضحا ولكنه ليس موتا كما نعهده وهو مفارقة الروح الجسد البشري أو المخلوقات بل هو موت مرحلة من مراحل حياتنا السياسية والاقتصادية ففي "عمر أفندي" نجد موت مرحلة المنجزات الاشتراكية الناصرية متمثلة في بيع القطاع العام الذي يمثل أحد أعمدته عمر أفندي.
السرد وغيابه في " لماذا أكره التفاهة ؟":-
لقد غاب السرد في العمل الثاني الذي هو أقرب لفن المقال عنه لفن القصة القصيرة فالعمل عبارة عن مجموعة أفكار متلاحقة وخاصة بالكاتبة ويخلو من عناصر السرد التي نعهدها .

الضمائر تشارك السرد الحضور :-
نلاحظ أن السادر هنا وهي شخصية القاصة نفسها تطل على مشارف العمل " نادية وصفي " وأحيانا تشارك الشخصية المحكي عنها في الاستحواذ على عقل القارئ من خلال مناجاة السارد نفسه ، فتبدأ القصة بمقولة بين علامتي تنصيص " أنا طائر هفهاف أدور بين الحنايا ......"
ثم تتبعها عبارة " كنت أراكِ وأنت تخمدين كل حلم قديم ......." " ثم وحين تستهلين موتك......" فهذه العبارة الأخيرة تصلح لتكون معبرة عن نفس السارد وما تحوى من أفكار عن شخصية غائبة قد تكون بطلتنا " نادية وصفي"وقد تكون أفكارا معبرة عن شخصية أخرى تستدعيها أفكار السارد وخاصة أن السارد يستخدم ضمير الغائب عند حديثه عن نادية وصفي وفي الفقرتين السابقتين يستخدم ضمير الخطاب ، ثم يعود السارد ليستخدم ضمير المتكلم على لسان نادية وصفي " في العمل يتحدثون لغة أخرى لا أعرفها ...." " تواشجت خطوتي باللهفة .." فنجد أن الضمائر تلعب دورا بارزا في توحد السارد نفسه مع نادية وصفي بطلة قصتنا ، وتغير الضمائر يشارك في عملية الاستحواذ على لب القارئ مناصفة مع شخصية نادية وصفي ويجعل القارئ في حالة تركيز مع السرد القصصي .
وفي " كهف البطء " تلعب الضمائر دورا بارزا في إظهار أفكار وعاطفة السارد نفسه ، فالسارد يتحدث عن رؤيته للعالم وتفاعله معها ثم ينتقل للحديث عن المروي عنه فيبدأ المؤلف الضمني بمقطوعة لصلاح جاهين ثم يستخدم بعد ذلك ضمير المخاطب " تتلصصين مثل القطط تلعقين جسدك يوميا "
ثم الانتقال لضمير المتكلم الذي يوضح لنا أن المؤلف الضمني هو الذي يتحدث عن نفسه وعن خلجات فؤاده ومشاعره " بأية مشاعر أشعر ، وأنا آكل نفسي كالنيران ، أبحث عن صور لطفولتي الرعناء ، ......."ويستمر المؤلف الضمني في استخدام ضمير المتكلم ثم يستخدم ضمير الغائب مع وضوح أكثر لعناصر السرد" أربعون عاما من الهزائم المتكررة ......... تقفين في مكانه ........لا تبرحينه ...." فهنا نحن أمام حالة منولوج داخلي يقوم بها المؤلف الضمني ليعبر عن شخصيته هو وليس عن شخصيات أخرى . ثم يعاود استخدام ضمير الخطاب مرة أخرى " كنت حمقاء لتصديق كثير من الأمور" وتتزايد حالة المنولوج الداخلي في عبارة " شكرا أيها البطل الورقي الذي صنعه خيالي شكرا لأنك أنقذتني من هوسي السحيق بالحب "
ثم يعاود الحديث مستخدما ضمير المتكلم " فضحتني عيوني بدموع الذكرى ......."

وتيرة السرد وتموجها :-
تبدو"كتابة النصر" كرسالة إلى آخر ويتخللها السرد بطريقة متموجة فيعلو في بعض المناطق ويخفت في البعض التي يعلو فيها صوت الفكر الذي يستخدم ضمير المتكلم أغلب العمل" لا أعرف لماذا أنا خجولة ...........؟"
فنحن أمام حوار خفي يتطلب أن تخفت فيه حدة السردية في العمل وقد استطاع المؤلف أن يتجاوب مع وعيه لينتج لنا هذه القصة التي تلبس ثوب التميز وسط مجموعتها القصصية .
وعلى نفس الحالة السردية نجد "فارس الثورة " يعلو فيها السرد في بعض فقراتها ويخفت في فقرات أخرى وبين هذه الحالة وتلك تنثر القاصة أفكارها الخاصة والتي تعبر عن رؤيتها للعالم والوجود والأنثى والذكر كنقيضين مكتملين .

فضل والإشارة إلى أصحاب الدين المسيحي :-
لقد تم تحديد أصحاب الدين المسيحي في قصة فضل " في الشارع الذي كان يعج بالمسيحيين " ، " أخيرا جاءت رحمة الرب كما طلبها إخواننا المسيحيون " ولم تشر القصة لدلالات رمزية أكثر من كونها عرضت واقعا إنسانيا لم تفد فيه ذكر كينونة أهل الشارع الدينية شيئا ، وهم الذين ينتظرون الحل الإلهي لينتهوا من فضل فكما لم يفد ذكر أصحاب الدين المسيحي السرد شيئا لم يفده على مستوى الموضوع فهم كأي شخوص في أي مجتمع يشتكون ثم عندما يشعرون بعجز شكواهم
يلجأون للحل الإلهي كمخلص أساسي .
غلبة السردية وتأرجح بين الرمزية والمباشرة :-
ففي قصة عمر أفندي نجد سردية عالية يتخللها مناجاة النفس ولكن أرادت الراوية لبيع مصر بأبخس الأثمان فاتخذت العلم المصري كرمز ولكنه مباشر وواضح لأن الأعلام ترمز لبلادها ولا يحتاج هذا جهدا من المتلقي لمعرفة وفك شفرة النص وبالأحرى رمزيته .
قصة" أصوات" أقرب إلى النوفيللا منها إلى القصة القصيرة :-
ونجد زخم وتعدد الشخصيات والأحداث والتزاوج بين الفانتازيا وبين الواقع يجعلنا نصنف قصة " أصوات " بنوفيللا مستقلة عن المجموعة القصصية وكان أولى أأن تفرد لها الكاتبة مطبوعا مستقلا عن المجموعة القصصية .
المجموعة القصصية صادرة عن دار نشر " الدار "2008
خالد محمد الصاوي



#هدى_توفيق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مجموعة قصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان (مذاق الدهشة ...
- زغرودة تبطل مفعول قنبلة قصة قصيرة
- قصة قصيرة بعنوان السلام يعم الغابة
- فأر الذاكرة الذي ابهجني وأبكاني في كأنه يعيش
- مفتاح الفردوس في رواية صانع المفاتيح
- شخص كان هنا أم محكيتان عن الجدة هو المسمى الأفضل
- تغريدة الشجن والحب والموت
- الجانب المعرفي في رواية دموع الإبل
- متعة القراءة بالعامية في النص الروائي
- دراما السياسة وفيولا في رواية فيوليت والبكباش
- التباين في الخط السردي في رواية خمس نجوم
- نصف ضوء وعالم النساء المهمش
- مفردة التخييل بين الفن والمصادرة
- أصوات الواحة التي ألهمتني
- نحو عالم محمد ناجي
- كيف قرأ عبد المنعم تليمه كتاب {في الشعر الجاهلي }
- حكاية اليهود
- الأراجوز يتحدث لنا
- أحلام شهرزاد
- كوميديا الحكم الشمولي


المزيد.....




- دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في ...
- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هدى توفيق - قراءة في مجموعة قصصية للكاتبة هدى توفيق بعنوان (كهف البطء)