أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مُضر آل أحميّد - لصوص من زمن أخر














المزيد.....


لصوص من زمن أخر


مُضر آل أحميّد

الحوار المتمدن-العدد: 5149 - 2016 / 5 / 1 - 16:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحكي لنا الشاعر والكاتب العراقي فاضل العزاوي في روايته، آخر الملائكة، عن اللص محمود العربي الذي كان مسؤولا عن حماية محلّته، جقور، من السطو والسرقة. يتوجه أهل محلّة جقور الى اللص محمود العربي لعلمهم بالتزامه بقاعدة لا يخرج عنها الا القليل من اللصوص عديمي الأصل؛ تقول القاعدة "انّ محلّة اللص تظل بمنأى عن السرقة، فإذا ما وقعت سرقة في المحلة فإن الأمر يكون متعلقا بشرف اللص وهيبته"، وكان يصل الحد الى أن يلزم بعض اللصوص نفسه بالتعويض عن الضرر اللاحق بأهل المحلة، ولو من جيبه الخاص. يضيف العزاوي "ولم يكن مثل هذا الأمر [أي سرقة في محلّة اللص]، وهو نادر على أي حال، إلا عندما تنعدم الوحدة بين اللصوص، ويدب الخلاف والصراع بينهم، أو أن يقدم لصوص جدد على العمل، من دون معرفة أو اعتراف بالتقسيم الجغرافي للمدينة بين اللصوص". ولمّا سُرقت في صيف أحد الأعوام بيوت عديدة في محلة جقور، أقسم اللص محمود العربي أمام سكّان المحلة، واضعاً يده على القرآن الكريم، بأن يقتفي أثر الفَعَلة الذين استهانوا بوجوده في المحلة، وأن يصفيهم، مهما بلغت حماية الشرطة لهم.

لا شكّ أن واقعنا قد اعاد برمجة أذهاننا لتتجه مباشرة الى طبقة السياسيين الراقدة على رقاب العباد، ثمّ ربط تلك الطبقة بقصة اللص محمود العربي ومقارنة اخلاقه الحميدة بالأمراض المستشرية في تلك الطبقة؛ وتعيننا في ذلك رؤية عبدالرحمن الكواكبي في كتابه، طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، التي يؤكد فيها على أنّ الاستبداد السياسي هو رأس الاستبداد وبقية انواع الاستبداد ليست الا حاشية تخدمه وتسهر على دوامه.

لكن، وللأسف، الأمر أكبر من لصوص السياسة. فلو سلمّنا أنّ الطبقة السياسية ليست من الشعوب ولم تأت، وتستمر، بمعونة الشعوب، وأنها زمرة لصوص جمعها هدف واحد وغابت عنها اخلاقيات العمل اللصوصي، يبقى أمامنا الكثير من أنواع اللصوصية التي تمتهنها شتى شرائح الشعب وطبقاته. على رأس تلك الشرائح يقوم معبد اللصوص العاملين باسم الله، وتحت الوصاية الالهية التي يزعمونها لأنفسهم، ثم لصوص الحياة من الناس انفسهم، ولصوص الحقيقة من وسائل الاعلام التي تقابل اللصوص الجدد الطارئين غير العارفين بأصول المهنة.

يقول خالد الحسيني في رائعته، قائد الطائرة الورقية:
هنالك خطيئة واحدة فقط، واحدة فقط. إنّها السرقة. وكلّ خطيئة اخرى هي نوع من السرقة. فعندما تقتل رجلاً، تسرق حياته.. تسرق حقّ زوجته في زوجها، تسرق من أطفاله والدهم. وعندما تُخبر كذبة، فإنك تسرق حق شخص ما في الحقيقة. وعندما تغشّ، تسرق الحق في الإنصاف.. ليس هنالك فعل أشنع من السرقة.

فلو توقفنا للحظة وتأملنا الحال بالعكس، أي دون البداية من الطبقة السياسية التي لا تخفى سرقاتها، وأحصينا السرقات التي قامت بها، وشجعّت عليها، كافّة شرائح المجتمع لرأينا أنّ لصوص الشعوب، ولصوص الدين، ولصوص الحيوات، ولصوص الحقيقة ليسوا الا لاعبين محترفين في نفس اللعبة التي اشتركنا بها ونمارسها منذ نعومة أظفارنا.



#مُضر_آل_أحميّد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الطائفية والانتماء
- الجُرذ
- المتطرف يفتخر، والمثقف يخجل
- رأيي.. ورأي الآخر
- خلافة الفكر الداعشي
- لماذا الحوار المتمدن؟
- لا أزمة ثقافة، بل أزمة تفكير
- بين المطرقة والسندان!
- إبراهيم وأمّة العجائز
- اللادينية الجديدة.. عالمٌ جديد جبان
- أنستهزئ بالإسلام؟
- تجارة الحريّة: الحجاب أنموذجاً
- وداعا ً للسياسة
- لأنكِ بنت!
- انتهى زمن الفلسفة؟!


المزيد.....




- -معاوية-.. خالد صلاح كاتب المسلسل يوضح الغاية منه
- وزير الدفاع الأمريكي يرد على هيلاري كلينتون بصورة لها مع لاف ...
- ممثل شهير يعلق شعار -فلسطين حرة- على صدره خلال حفل -أوسكار- ...
- زيلينسكي يرد بحدة على سيناتور جمهوري طالبه بالاستقالة
- ستارمر يرفض إلغاء الدعوة الموجهة لترامب لزيارة بريطانيا
- بعد المشادة مع ترامب ونائبه.. زيلينسكي يُعلق على موقف أوكران ...
- ابتكار بخاخ أنفي لمساعدة المصابين بإصابات دماغية رضية
- رئيس وزراء اليابان حول المشادة بين ترامب وزيلينسكي: لا ننوي ...
- مسؤول إسرائيلي: المفاوضات ستبدأ بمجرد موافقة -حماس- على مقتر ...
- أزمة كهرباء وانهيار العملة.. احتجاجات في حضرموت تعكس معاناة ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مُضر آل أحميّد - لصوص من زمن أخر