|
في غفلة ٍمن مستبدي العالم
حازم العظمة
الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 08:49
المحور:
الادب والفن
كانت هذه إجاباتي على أسئلة أحمد تيناوي وكان نشرها في الأسبوعية السورية " أبيض و أسود " ، الأسئلة نفسها وُجّهت أيضاً إلى عدد من الكتاب السوريين ، أما الإجابات فقد نشرت مبتورة و مقتطعة ( أتحدث عن إجاباتي أنا و لا أعرف عن إجابات الآخرين ) أو "مقصوصة " ، و أنا متأكد أن أحمد تيناوي لم يكن المسئول عن مسألة " القص" هذه ... ، و وها أنا ذا أعيد نشر الأجوبة كما كانت و الأسئلة
أسئلة أحمد تيناوي : 1)كرس المفهوم الإشتراكي السائد طريقة تفكير انعكست على الثقافة بشكل عام و على الأدب و الفن بشكل خاص ..إلى أي حد لعبت اشتراكية الأدب كنظام ايديولوجي و اقتصادي و سياسي في صياغة الأسماء المكرسة حاليا ؟ و هل تحقق مفهوم الأدب في خدمة الشعب و المجتمع ، أم ان الأدب و الفن و الثقافة بشكل عام بقيت خادماً لقضايا أخرى ؟
2)إذا كان التحول الذي تشهده سوريا حالياً ( من نظام اقتصادي موجه- اشتراكي إلى نظام سوق اجتماعي) سيشهد تحولات في بنية التفكير المجتمعي و بالتالي تكريس مفاهيم مختلفة للثقافة –تتعلق بشكل أو بآخر بالمنحى التنافسي الذي يفرضه السوق – فهل ستبقى الثقافة تعتاش على مفهوم الخدمة ، أم أننا سنشهدتحولات أخرى تخضع لمنطق السوق ذاته؟ ثم كيف سيكون التعامل مع تلك الأسماء و نتاجاتها : تاريخياً – نقدياً- خدمياً( أي الحاجة إلى بقائها أو نفيها ) ؟
الأجوبة : (1) من الطبيعي برأيي في بلد مثل سورية ، و لأسباب عديدة ، أن نجد نسبة عالية من الكتاب و من المبدعين بصفة عامة من اليساريين ،هذه الظاهرة ليست محلّية ، ستجد الوضع نفسه في كل البلدان الناشئة ، بل و في كل العالم، حتى في البلدان المتطورة الوضع نفسه ، دائماًالشعراء و الأدباء يسببون أوجاع الرأس للمستبدين ، الكاتب أو المبدع هو بطبيعته شخص شديد الإنشغال بالناس شخص يتأثر بحساسية عالية بما حوله ، هنالك في رأس كل مفكر و شاعر و فنان " يوتوبيا" ما و هذه اليوتوبيا رغم أن العقل البراغماتي الراهن يصنفها من "الأمراض"المستعصية إلا أنها في أساس ِنزعةٍ عميقة لدى النوع الإنساني تدفعه منذ بدء التاريخ بإتجاه "العدالة" بإتجاه الإحتجاج ضد العسف و الإستبداد ، تستطيع أن تستحضر كل من في ذاكرتك من مبدعين و أدباء في التاريخ ، خاصة التاربخ الحديث للعالم و ستجد أنه من الصعب أن تجد أديباً أو كاتباً بمفهوم ما هو " رجعي " ، كومونة باريس في 1871ضمت كل شعراء أوربا و موسيقييها و أدباءها و مفكريها ، هي ليست " مؤامرة" يسارية عالمية التي جعلت لوركا و ماياكوفسكي و ناظم حكمت و محمود درويش وبابلو نيرودا و سعدي يوسف و غيرهم ... و بيكيت و جاك لندن و د. هـ. لورنس و آراغون و ماركيز ( القائمة لا بد طويلة جداً) هي التي نصّبت هؤلاء ، في غفلة من حكام العالم المستبدين ،شعراءً و كتاباً و روائيين ، وهي ليست أيضا ً"مؤامرة" يسارية ما التي جعلت ،هنا في سورية، من أمثال سعيد حورانية وسليم بركات و رياض الصالح حسين و دعد حداد و نزيه أبو عفش وغيرهم كثيرون شعراءً و كتاباً نزار قباني الذي يحلو لنا أن نسميه بشاعر الغزل أو شاعر المرأة كان في كل ما كتبه مدفوعا ُ بشغف لا يهدأ للحرية و للعدالة ، محمد الماغوط الذي لا يصنف نفسه " يسارياً"و كان رسميا ً أول ما نشأ " مصنفاً "على أنه قومي سوري، هو برأيي الشاعر الأكثر راديكالية و "يسارية" من كل شعراء سورية،يقول ذلك في شعره و ليس بـ"الإعلانات"... و ما كتبه و ما يزال مسكون بالثورة و التمرد على العسف و بحب هائل للشعب و سخط شديد ، في الوقت نفسه ، على هذا الشعب الذي لا يتمرد و لا ينهض و لايثور الأدب هو ضمير الأمة و لا بد ان يكون هكذا سمّه يساريا ً أو إشتراكيا ً أو ما تشاء ..
2) أنا أستغرب أن تسمي و ضعنا الحالي بـ "الإشتراكي".. كلما تراه حولك ، كلما نراه، لا يشبه هذا و لو من بعيد .. و من ثم نحن إذا كنا ننتقل فعلاً من "نظام" ما إلى غيره فعلى الأرجح ننتقل إقتصادياً من نظام فريد من نوعه ربما يشبه أكثر ما يشبه رأسمالية الدولة و لكن في نسخة "محلّية" جداً ، إلى ... لست أدري إلى أين .. ، الثقافة لم تحمل مرة ُ مفهوم " الخدمة" أو تكريس الأنظمة ، إن كنت فهمت سؤالك جيداً، دائماً ثمة مرتزقة يتجمعون حول السلاطين، دائماً ثمة "طبّالين " و "زمارين"، ما ينتجونه ليس أدباً و لا ثقافةً، إلا ربما بالمفهوم الهجائي لهذه الكلمات ، بمفهوم عكس الثقافة و عكس الأدب ، لا نحتاج إلى "نفي" ثقافة كهذه ،" نفت " نفسها بنفسها بالعكس أنا أرى أن للثقافة الحقيقية و الأدب تحديداً دوراً كبيرأُ في الأيام القادمة ، الثقافة تعمل في العمق على تبديل المجتمع و المفاهيم و الوعي ،علينا أن لا نطلب من الأدب أن ينتج شعارات و خطابات(اكتفينا من هذا) ،الأدب ينتج قيماً جمالية و هذه القيم حين تشيع تبدل بعمق الوعي الإنساني و تفتح منافذاً للحرية و في كل الإتجاهات و في النهاية تجعل العالم مكاناً جديراً بالعيش . نحن شعب "نمطي" بل شعوب نمطية بمعنى أننا بقينا لقرون و قرون أسيري فكرة واحدة أو إن شئت عدة أفكار تتمحور حول فكرة واحدة و تتمظهر هكذا في أشكال عديدة و دائماً نعيد : " وجدنا آبائنا على هذا "، هذا هو دور الأدب و الفن و الثقافة .. أن تفتح منافذ جديدة و أن تبدأ ذائقة جديدة .
#حازم_العظمة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هي الجهات التي تتهمها الحوار المتمدن ...
-
ثيّلٌ أسودُ بخلفية تلالٍ حمراءْ
-
قناة الجزيرة لماذا لا تسمي ، بإسمه ، الإرهاب ..
-
صَنَوبرات
-
من رعاية الديكتاتوريات العسكرية و ممالك القرون الوسطى إلى ال
...
-
بينوشيه ، هل كان ليبرالياً .. جديداً ؟؟ من التشيلي إلى العرا
...
-
كيف يجري تحوير اللغة العربية السياسية ، في العراق أولاً ..
-
جنود
-
وهم الديموقراطية- إحتمالات تبحثها الإدارة الأمريكية بخصوص سو
...
-
نجدف طويلاً ، و نحن نعود من الطُوفان ْ
-
مقطع ٌ بمصاطبَ واطئةٍ ، بجدران ِطينٍ ثخينةٍ ، بحُواةٍ و موسي
...
-
إلى أي حد الثعلب يحتاج إلى الدجاجات- عن علاقة الإمبراطورية ب
...
-
من أين و كيف س-تهبط- علينا الديموقراطية الأمريكية ؟
-
هل يتوحد العراقيون كلهم في مقاومة الإحتلال ...
-
تحت لوحة لفاتح مدرس
-
هل يدبرون11-9جديداً يحتاجونه بإلحاحٍ الآن ...
-
ستُّ مراتٍ السياج قبل الحديقةِ - رسائل حب قصيرة
-
هل يدبرون 9/11 جديداً يحتاجونه بإلحاح ٍالآن ...
-
حكاية كولونيالية من المتحف
-
خمرٌ قديمةْ ،خمرٌ جديدةْ
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|