أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - حوار بين خروف و .. فاطمة ناعوت!














المزيد.....

حوار بين خروف و .. فاطمة ناعوت!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 30 - 09:20
المحور: كتابات ساخرة
    



كانت الأديبة الشاعرة فاطمة ناعوت تجلس في كافتيريا بإحدىَ ضواحي عاصمة المعز، وعلى مقربة من سلخانة يقف أمامها جزار يرتدي ملابس بيضاء تغطيها دماء حمراء قانية، ويبدو أنه كان يبحث عن حيوان هرب منه.
اقترب الخروف من فاطمة ونظر إليها نظرة استعطاف ففهمت أنه سمع عنها، وعرف حكايتها، وأشفق عليها بعدما كانت هي التي تشفق عليه.
ودار بينهما الحوار التالي:
الخروف: أراكِ هادئة، وادعة، فهل تكتبين قصيدة غزل في أحد النباتيين؟
فاطمة: ما لي أراك ترتعش من الخوف، كأن سكيناً حاداً على وشك ذبحك قبل موعدك خشية أن تبرد الفتــَّــة، ألستَ هارباً من هذا الرجل الضخم الذي يسدّ باب الجزارة بكرشٍ يسبقه؟
بلىَ، أكتب قصيدة شعر في رغاء أبناء جنسك وحرمانهم من حضور جلسة محاكمتي وهو حق لكل منهم، فربما يملك أحدهم أدلة ثبوتية أنني لم أنتهك قوانين الرحمة، ولم ينطق لساني بأكثر من عصارة أحزاني.

الخروف: جريمتك رقة قلبك، وإثمُك صراحتــُـك، وحُوبــُــك صـِـدْقـُـك، لكنك في بلد تعشعش في جمجمة كل مسلم مؤسسة دينية بكل فروعها، فإذا أفلتت رقبتــُـك من الفقه، فسيأتيك إزدراءُ الأديان، أو تُلقىَ علىَ مكتب النيابة رزمة أوراق تتهمك بالأنثوية، وقد يرفع أحدهم دعوى ضدك يقول فيها بأنه تم ضبطك وأنتِ تفكرين!
فاطمة: أنا لم أخطيء، لكنني سمعت عن تجديد الفكر الديني فذهب بي الظن أن مدرسة التشدد ستنتحي جانبًا، وأن فصول التطرف سيتم إغلاقها، وأن العقل سيُفسَح له الطريق ليمـُـر، فإذا بهم يغلقون عليه كل الأبواب، بل يحاولون إغلاق باب السماء أيضا.

الخروف: لقد نزل كلامك على أهل قومي بردا وسلاماً، فقد عرفنا جزارين يذبحون فينتقمون، ويقطعون فيمزقون، ويعلــّـفون فيخنقون، ثم يُعلقون الذبيحة في قيظ الصيف على باب السلخانة لانزال الرعب في قلوب الأطفال.
خصومك جبناء رفضوا الحوار والنقاش والمنطق وحتى العاطفة، ولجأوا إلى لغة شوارعية سقيمة يخجل منها المعجم، ويستحي منها البيان.
يزعمون دفاعهم عن شريعة سماوية، وأنتِ لم تعترضي عليها، إنما كانت حيرتــُـك في التناقض بين الجزار والشاعر، بين السكين والقصيدة، بين الدم والوردة.
فاطمة: آه لو أن قومي يستوعبون منطقك لأكلنا من فوقنا، وأسقانا الله ماءًا غدقـًـا!
إن الله، عز وجل، سمح لإبراهيم، أبي الأنبياء، عليهم السلام، أن يسأل، ويناقش، ويشكك، ويرتاب، وينتقل من رب صغير إلى رب كبير، فلما رأى الشمس قال هذا ربي .. هذا أكبر.
لقد حسُن ظني بسيد القصر عندما وعد بترك المثقفين يجددون فهم ديننا، فلما استجبنا، جاءت مطرقة القاضي فزلزلت العدالة زلزالها، وتعجـّـلوا قضيتي، وغضوا الطرف عن مئات الآلاف من القضايا والهموم والكوارث ، من حقوق الأرامل إلى أصحاب المعاشات، ومن جرائم اغتصاب الأطفال إلى نهب الدولة، ومن أموال هبرها مبارك إلى فساد لم يترك شبرا إلا وأتىَ عليه.
الخروف: لماذا لم يدافع السيد الرئيس عنك، فأنت مواطنة تقود حركة تنوير ووعي وثقافة، فضلا عن حفاظك على لغةٍ استعجمها المصريون فقست ألسنتهم، وغابت عن ساحات أرض الكنانة أسواقُ عكاظ المصرية، فمرض الكتاب، وسقطت دموع المتنبي بعد وفاته بأكثر من ألف عام!
أنا أعرف أناساً يتألمون لصيد فراشة، ويتوجعون لذبح أرنب قبل أن يسقط بجانب طبق ملوخية استعدادًا للدخول في بطن شرهة كلما كبرت ازداد صاحبها شراهة.
أحبابك أكثر من أضعاف مؤيدي الرئيس والقضاء وكل رؤساء الأحزاب، ولم يشفع لكِ دورك الوطني حتى في حملاتك الناجحة لجذب السياحة.
كلهم يتابعونك بقلوب ملؤها الغيرة وأنتِ تحصدين الجائزة تلو الأخرى، وترفعين اسم مصر في بلاد نعجز عن اقناعها بعدالتنا.
فاطمة: أيها الخروف النبيل، أشعر بأنه إذا تأسست منظمة ضد مذابح بني البشر فسيكون مؤسسها خروفاً رقيقاً مثلك، ولو تناهت إلى سمعي قصيدة غزل من سلخانة فلن يكون الجزار قائلها، إنما أنت أو أحد أبناء جنسك.
الخروف: بما أن كل من هب ودب في مصر يستطيع أن يرفع دعوى ضد شخص لا يعرفه، ولم يؤذه، وليس له أي مصلحة في الحُكم عليه، فهي فرصة للعاطلين والأميين وعشاق الشهرة والمرضى النفسيين لتحقيق مكاسب ظلم في قصر العدل، وأرباح سخية في حرم المحاكم.
أنتِ امرأة لا تميز بين البشر، ولا تنحاز لمذهب، وتساوي بين المسلم والقبطي، وبين المسجد والكنيسة، وبين الشيخ والراهب!
أنتِ امرأة لا تحتاج لرفع قبضتها بتحيا مصر، والتلويح بأصابع أربعة أو اثنين، لكن مسيرة الوعي التي تنتهجينها هي هويتك و..هوانا.
من نصر حيوانا يتألم فقد نصر قلوب كل الناس الطيبة، ومن رأى في الدم غبطة فلن تتحرك في نفسه مشاعر الإيمان.
فاطمة: لو سمع حديثــَــك هذا القضاةُ والجزارون والدعاةُ لتحوّلوا إلى نباتيين، وشاركوا في مسيرة تجديد الفكر الديني.
لقد سافرتُ إلى الخارج، واستقبلتني الدنيا باسم مصريتي ولم تتحرك الرئاسة في مصر أو وزارة العدل أو رئاسة مجلس الوزراء، فالكلمة الفصل للمزايدين في الدين، والجماهير تلهث خلفهم، وعشماوي بألف مقال عن التسامح، وتفسير متصلب لداعية لم يفتح كتاب الله ولم يفهم الآيات الساميات يستطيع أن يرفع دعوى بمحاكمة كل المصريين، والغريب أن النيابة ستنظر في الإتهام، وسنحتاج لسجون أكثر عددا من الحقول والحدائق.
وفجأة ظهر الجزار، وأطلق الخروفُ سيقانه الأربعة للريح، وصفــَّـقت فاطمة لصديقها الهارب.

محمد عبد المجيد
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
طائر الشمال
[email protected]



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نحب السباب من وراء حجاب؟
- المسيحية والإسلام في فضائيات القردة!
- التوك شو وصناعة الجهل!
- المواد الأولية لصناعة الطاغية
- من عاش زمن أم كلثوم فقد عاش الدهر كله!
- رسالة مفتوحة لرئيس لا يسمع!
- الإعدام أو الرجم أو الجلد لفاطمة ناعوت!
- هل مصرُ ماتزال عربية؟
- خرافة نسخ الثورة!
- الديمقراطية البيضاء و.. الاستبداد الأسمر!
- باريس لا تحترق!
- تنشيط أمْ منشطات؟ الرقص في شرم الشيخ!
- عقولنا ألسنتنا ..الرجم في الحالتين!
- إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!
- نور الشريف .. مرة أخرى!
- رحيل سوّاق الأتوبيس!
- رسالة عشق لميدان!
- مراجعة مؤقتة لموقفي من الأردن!
- إذا كنتم تحبّون مصرَ فقاطعوا صحافتَها!
- من فضلك لا تقرأ، فالجهل معرفة!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد عبد المجيد - حوار بين خروف و .. فاطمة ناعوت!