|
بيريس الأخير: هل تبقى سوى التلاشي في الهواء الطلق؟
صبحي حديدي
الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 10:45
المحور:
القضية الفلسطينية
في لوحات الفنان الروسي ـ الفرنسي اليهودي مارك شاغال، وحدها تقريباً، يُتاح للبشر أن يسبحوا في فضاء ميتافيزيقي ملوّن، بعيداً عن الأرض بمعانيها المجازية والفلسفية، وبعيداً كذلك عن الأرض بمعانيها الفيزيائية الدنيوية، حيث الحياة والمجتمع والسياسة. تلك كانت الإستعارة التي لجأ إليها ذات يوم إيغال آلون (1918 ـ 1980)، دون سواه: أحد أبرز رجال عصابات الـ "هاغاناه"، وأحد أبرز مؤسسي الـ "بالماخ" ذراعها العسكري الإرهابيّ الضارب، وقائد الجبهة الجنوبية في النقب وإيلات وسيناء خلال حرب 1948، وأحد أبرز أعضاء الخليّة المصغّرة التي قادت هزيمة الأنظمة العربية في حرب 1967، وشاغل جملة حقائب وزارية بينها الخارجية بين سنوات 1974 ـ 1977، وأخيراً وليس آخراً: صاحب خطة السلام الشهيرة التي تحمل اسمه، وتقضي بضمّ الضفة الغربية، أو "يهودا والسامرة" في تعبيره، إلى المملكة الأردنية الهاشمية، ولكن دون السماح للجيش الأردني بالانتشار فيها. مناسبة استذكار هذه الإستعارة أنها، منذ أن اجترحها آلون، لم تُقتبس في إسرائيل إلا مرّة واحدة... كانت مع ذلك حاسمة وبليغة لأنها جاءت على لسان شولاميت آلوني، "أمّ حركة ميرتس" كما تُلقّب عادة، في إشارة إلى موقعها السابق المتقدّم في الحركة السياسية التي تأسست سنة 1992 كتحالف بين "راتس" و"مابام" و"شينوي"، وحصلت على 12 مقعداً في انتخابات الكنيست لذلك العام. وكانت ألوني، من منبر الكنيست تحديداً، قد استعادت مخلوقات مارك شاغال لكي تذكّر ساسة الدولة العبرية أنّ ايّ مفاوضات مع الفلسطينيين ينبغي أن تضع جانباً، ونهائياً، مناخات شاغال التي تلغي أرض البشر، لأنّ المعطى الفلسطيني لا يحتمل إسقاط الأرض من لوحة الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا من أية لوحة فلسطينية أخرى حيث يعيش البشر ضمن قوانين الجاذبية... جاذبية التاريخ والهوية والحقوق والسياسة! سياق آخر لاستذكار استعارة آلون واستعادة آلوني هو ما جرى لحركة "ميرتس" حين استولى عليها يوسي ساريد، فأفرغها من تسعة أعشار توجهاتها الإجتماعية ذات الطابع اليساري التقدّمي العلماني، كما ردّها إلى أسفل سافلين في ما يخصّ برامجها المتقدّمة للسلام مع الفلسطينيين والعرب إجمالاً. وها هو اليوم يستقيل من الحركة بعد أن انقلبت إلى أطلال، ويعلن كذلك أنه يتقاعد نهائياً من السياسة، دون أن يتخلى عن غطرسته الشهيرة فيقرّ مثلاً أنه إنما ينسحب من السياسة بعد أن تكفّل محور أرييل شارون ـ شمعون بيريس ـ حاييم رامون، وليس مجرّد تأسيس حزب "كاديما" الجديد، بمحو الكثير من الحدود الفاصلة بين "اليمين" و"الوسط" و"اليسار" في مشهد الصهيونية المعاصرة. وإذا كانت اعتبارات سياسية وفكرية وسوسيولوجية عديدة تقف وراء انحطاط اليسار الإسرائيلي على نحو مضطرد منتظم، فإنّ مسؤولية الأفراد ليست غائبة ابداً عن الاعتبارات الأخرى الفاعلة. ولهذا فإنّ المرء، العارف قليلاً فقط بتاريخ ذلك اليسار عموماً وتاريخ حزب العمل بصفة خاصة، لا ينبغي أن يحار طويلاً في تفسير قرار بيريس بتأييد شارون (وهنا، مثل ساريد تماماً، حالت الغطرسة دون إعلان بيريس أنه عملياً ينضمّ إلى "كاديما")، لأنّ "إريك شارون هو الشخص المناسب لقيادة تحالف كفيل بإحلال السلام". وفي مؤتمر صحفي لم تغب عنه الدراما الوجدانية والصوت المتهدّج واستعراض حكمة الشيوخن قال بيريس: "لقد تحادثت معه [شارون] وأنا مقتنع أنه مصمّم على مواصلة عملية السلام. وأعلمني أنه منفتح على الأفكار الخلاقة لبلوغ السلام والأمن. لقد قرّرت مساندته في الإنتخابات والتعاون معه في تحقيق هذه الأهداف". هل عدنا أكثر من سنة إلى الوراء حين كان حزب العمل "يغلي مثل مرجل" كما كتب المعلّق الإسرائيلي عوفير شيلح، وحين كانت العلاقة بين قيادة الحزب بيريس ليست علي ما يرام؟ ليس تماماً، لأنّ وقوف بيريس اليوم خلف شارون ليس سوى الفصل الأحدث في مسار متصل متواصل طبع حياة الرجل السياسية الشخصية طيلة عقود، خصوصاً في المحطات الحاسمة التي لاح فيها أنّ قطوف المطامح السياسية دانية. وليس تماماً، لأسباب لأنّ الحزب ذاته كان غارقاً في سبات عميق، مفككاً مشرذماً ضائع الخطّ والسياسات، ليس في المعارضة تماماً وليس في الحكم أيضاً وليس على مقربة مرئية من جماهيره التاريخية. لقد وافق العمل على الإشتراك في صيغة الحكومة الوطنية كما شاءها وصمّم تركيبتها شارون نفسه، وذلك رغم أنّ الليكود آنذاك أطلق "لا" مجلجلة مهينة ضدّ أية حكومة تقدّم إلى أيّ من رجال حزب العمل المنهزمين هدية إعادتهم إلى الحكم. وهكذا تلقي العمل طعنة سياسية جديدة، كانت نجلاء في الواقع، لأنّ الحزب الثاني في الدولة العبرية لم يعد يشغل موقع الحزب المعارضالأوّل بقدر ما انخرط في سيرورة لهاث مزدوج: خلف شارون (حين يكون الأخير في مأزق) أو خلف حزب شينوي الذي أخذ يستأثر بجماهير حزب العمل التقليدية، ليس دون أسباب وجيهة تماماً ومبرّرة أيضاً. هل كان الحزب هو الذي ورّط نفسه بمشروع شارون في الإنسحاب من غزّة، معتبراً أنه كان السبّاق إلي طرح هذه الفكرة، متجاهلاً حقيقة أنّ مشروع شارون ليس سوى إعادة إنتاج للاستراتيجيات التي اعتمدها نظام الأبارتيد في جنوب أفريقيا؟ أم أنّ زعيمه آنذاك، بيريس، هو الذي قاد سيرورة التورّط لأسباب ذات صلة بتعطشه الدائم للسلطة؟ في كلّ حال، لم يكن الفارق كبيراً! وحسب عوفير شيلح، "هذا هو مصير حزب لم يستوعب المتغيرات الديموغرافية والحضارية في إسرائيل"، وكلّ ما تبقى فيه أو منه هو "الاختلاف حول سرعة الزحف إلى حكومة شارون في سبيل إنقاذه من المعارضة اليمينية داخل حزبه"! اليوم بات الإغواء أسهل، وأفضل تغطية من الناحيتين السياسية والعقائدية عند امثال بيريس ورامون: إنقاذ حزب كاديما، لكي يتمكن شارون من إنقاذ عملية السلام! وفي إدانة هذه الخيارات تحديداً، ثمة ضمير الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي (الذي لا ينتمي إلى أيّ "يسار" إسرائيلي لحسن الحظّ، والذي أطلق على مروان البرغوثي صفة "مانديلا فلسطين") كما تعكسه تلك الرسالة المفتوحة الشجاعة إلى بيريس عبر صفحات "هآرتس": "أنت تشترك في حكومة مجرمة يدها ملطخة بدماء الفلسطينيين، وأنت جزء لا يتجزأ من الجريمة". وكذلك: "لم يعد من الممكن أن تُعفى من المسؤولية، وأن تُمنح مصداقية أوسلو، وأن يفهم الآخرون أنّ قلبك طافح بالألم على ما يجري، وأن يُقال بأنك تتميّز غيظاً ولكنك تمتنع عن الكلام وعن الصراخ وعن القيام بأيّ عمل في الأساس، لا لشيء إلا استناداً إلى اعتبارات تكتيكية تفهمها أنت أفضل من الجميع سواك"! والحال أنّ تلك لم تكن الرسالة المفتوحة الأولى التي يوجهها ليفي إلى رجل عرفه طيلة 24 سنة، وعمل تحت إدارته، واقتدى به مراراً علي الأرجح، بل كانت الثالثة. ففي عام 1989، حين كان بيريس وزيراً للمالية في حكومة إسحق شامير وكانت الإنتفاضة الأولى في ذروتها، كتب ليفي نصّاً بعنوان "رسالة إلى معلّم سابق"، قال فيها: "للمرّة الأولى في حياتك لم يعد لديك ما تخسره، سوى احتمال أن تتلاشى في الهواء الطلق". وليفي كان يعلّق الكثير من الآمال على معلّمه السابق، ثمّ أصيب بخيبة أمل لأنّ هذا المعلّم لم يكتفِ بالجنوح إلى الصمت المطبق، بل تماهى أكثر فأكثر مع سياسات إسحق شامير وإسحق رابين (الذي كان آنذاك يُلقّب بـ "كاسر العظام"، والكلام اقتباس من ليفي نفسه). بعد 11 عاماً كتب ليفي رسالة مفتوحة ثانية إلى بيريس، إثر اغتيال رابين وخسران انتخابات الرئاسة، قال فيها: "العديد من الإسرائيليين يرون فيك الشخص المختلف الآن. وأنت بالنسبة إليهم تمثّل الأمل في شيء مختلف". واليوم، يتابع ليفي، "أقول إنك لم تعد تمثّل الأمل في أيّ شيء"، و: "كلاّ! إنّ صمتك ووقوفك موقف المتفرّج لم يعد من الممكن تبريرهما بأيّة حجة: أنت يا شمعون شريك في الجريمة". والحقّ أنّ هذا "المعلّم" كان شريكاً دائم، قديماً، مؤسّساً، مقيماً... ولا ريب أن أمثال جدعون ليفي تذكّروا طويلاً حيثيات الهزيمة الشائنة التي مُني بها بيريس أمام بنيامين نتنياهو، والتي نهضت أساساً على سلسلة أخطاء قاتلة ارتكبها الأوّل وأفضت إلى هزيمته وتمريغ كرامة مشروعه الشخصي عن السلام والشرق الأوسط الجديد (إلى جانب كامل مشروع حزب العمل عن اسرائيل مطالع القرن) في أوحال بلاغة نتنياهو، وفي مناخات الترهيب والرُهاب والقلق الوجودي الجَمْعي من مجاهيل السلام. المفارقة، مع ذلك، تمثّلت في أن خطأين ارتكبهما بيريس كانا أيضاً جزءاً لا يتجزأ من ميله (وهو أيضاً الميل الصهيوني العريق) إلي ممارسة الإرهاب العاري ضدّ الفلسطينيين، الخيار الذي جنح إليه جميع قادة الدولة العبرية بلا استثناء، وبينهم ـ وليس البتة على رأسهم، للعلم!ـ شارون القديم أو شارون الجديد، سواء بسواء. الخطأ الأوّل ــ كما يتوجّب أن نتذكّر ــ كان قرار بيريس بمنح جهاز الـ "شاباك" تفويضاً تامّاً باغتيال "المهندس" يحيي عياش بطريقة مسرحية وتكنولوجية رفيعة، وتحميل العملية رسالة بليغة إلى الفلسطينيين تفيد باستمرار تواجد الإحتلال، وأنّ ذراع الدولة العبرية الضارب هو أقرب إليهم من حبل الوريد. وبهذا المعنى لم يكن قد ارتكب خطأ بقدر ما انخرط في ممارسة "تلقائية" و"صائبة" من وجهة نظره، لأنها كانت ــ لو تمّت حسب المشتهى ــ ستندرج في خانة المآثر الكبرى الكفيلة برفع رصيده السياسي وتجميل صورته في عين الناخب الإسرائيلي. الخطأ الثاني كان ارتكاب مجرة قانا، بدم بارد كان الخيار الوحيد الذي يمكن أن يكسبه صفة الـ Mr. Security، وقد يقنع الناخبين بأنه خير خَلَف لصاحب اللقب الأصلي، إسحق رابين. وطيلة هذه الرحلة كان يجثم على صدره ذلك الشعور الثقيل اللصيق بتاريخه الطويل في السياسة: أنه الخاسر المزمن في كلّ الإنتخابات، وأنّ عليه دائماً أن يدلي بدلوٍ أخير علّ سانحة ما تمنحه غبطة شاءت قرابة خمسة عقود من العمل السياسي أن تحجبها عنه. كيف لا، وهو «حكيم» عملية السلام، وصاحب نظرية «الشرق الأوسط الجديد»، و«شيخ» ما يُسمّى "معسكر السلام"، وحامل نوبل للسلام! إنه، أيضاً، طعن في السنّ وبلغ من العمر عتياً، ولم يعد في سنواته ما يكفي لجولة أخيرة أفضل من هذه التي تتوفّر اليوم... كما يردّد، على الأرجح، في كلّ مرّة! ويبقي القول إنه كان قد ختم كتاب مذكراته، "خوض معركة السلام"، بهذه النبوءة اللائقة بـ "نبيّ سلام" يقف وجهاً لوجه أمام احتمالات تراجيدية مزمنة: "أنا اليوم في سبعينيات عمري. وإذْ أستعيد حياتي بأكملها، ترد إلى ذهني عبارة مستقاة من غبرييل غارسيا ماركيز عن رجل يحلم بالمجّان. مهمتي لم تنته بعد، والفصول الأخيرة من سيرتي تجري كتابتها الآن بالذات". لا ريب في هذا... على هيئة صانع سلام زائف حالم يسبح في إحدى لوحات مارك شاغال، مع فارق أنّ يده مضرّجة بالدماء!
#صبحي_حديدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصفيح والخيش
-
سقط المتاع
-
قمّة المعلوماتية: إحتكار التكنولوجيا أم اجتماع المعرفة؟
-
إستشراق أسعد بيك
-
خطاب الأسد: سلوك إنتحاري وذرّ للرماد في العيون
-
ابتسامة التلمود
-
بعد القرار 1636: النظام السوري أمام خيارات صعبة
-
لويس فرقان والإسلام الأمريكي: قصة مدينتين
-
دوائر ميليس
-
الإخوان المسلمون و-إعلان دمشق-: الأساطير والحقائق
-
نوبل آداب... كردية؟
-
تغييب أو غياب غازي كنعان: مَن سيستأجر السفينة الغارقة؟
-
أيّ نزار قباني يسلسلون؟
-
برنارد لويس وتركيا الأوروبية: كأننا لم نحرّر فيينا من العثما
...
-
مفاجآت ال 100
-
استفتاء الجزائر: المصالحة الوطنية أم تبييض الجنرالات؟
-
فرد هاليداي والأشغال المتعددة لخبراء الشرق الأوسط
-
افتقاد إدوارد سعيد
-
أمريكا في القمم الكونية: تصنيع المزيد من الإرهاب في السفوح
-
لهيب ما قبل 11/9
المزيد.....
-
بوريل: لا أحد يعرف قدرة الاتحاد الأوروبي على دعم كييف في عهد
...
-
RT ترصد انتشار الجيش اللبناني في الجنوب
-
من شن الهجوم على غرب حلب ولماذا الآن؟
-
قطع الطريق الدولي بين دمشق وحلب: أكثر من 200 قتيل بمعارك شما
...
-
بعد سجن 13 عاما.. ألماني يبرأ من تهمة قتل ويطالب بتعويض
-
رغم الهدنة.. لماذا تخشى إسرائيل حزب الله؟
-
ماسك يرد على مطالبة واشنطن لكييف بخفض سن التجنيد في أوكرانيا
...
-
حزب الله- ينشر إحصائيات عن خسائر إسرائيل البشرية والمادية خل
...
-
موقع أمريكي يزعم تخلي حماس عن استراتيجية السنوار لوقف إطلاق
...
-
اتصالات مصرية بقادة القوى السياسية اللبنانية لبناء -مرحلة جد
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|