أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عيسى مسعود بغني - الطريق إلى سرت















المزيد.....

الطريق إلى سرت


عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)


الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 30 - 11:22
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


معارك سرت على مر التاريخ له مفارقات وخبايا كثيرة قد لا تظهر للعيان من أول وهلة، وقد تطمس رسمياً حتى لا يعرف أحداً حقيقة الأمر من الخيال. معركة القرضابية مثلا وقعت جنوب سرت، وكانت قوات قبلية كثيرة من الغرب الليبي بشيوخها تحت إمرة القائد العسكري مياني تزحف لفتح الطريق المقفل من حمد سيف النصر وحلفائه في المنطقة الوسطى والتى تحول دول تواصل الغرب بالشرق الليبي لفائدة المستعمر، خبايا موافقة كل من السويحلي وعبد النبي بالخير للإشتراك في المعركة لم تتعرض له الكتب المدرسية، والقصة معروفة بإنسحاب عبدالنبي بالخير إلى بن وليد قبل المعركة بقليل، ووقوف السوحلي متفرجاً في البداية على المعركة ضد حمد سيف النصر، ثم دخوله المعركة ضد الإيطاليين من الخلف لكسب المعركة، أما شيوخ القبائل الأخرى فدخلوا المعركة مع الإيطاليين حتى إنهزموا معهم وفروا إلى سرت حيث أجهز عليهم مياني ورجاله، وعملاً بأن الأمور بخواتيمها، فلقد أعتبرت رسميا معركة القرضابية معركة كل الليبيين (ولم يوضح الخطاب الرسمي من يحارب مع أو ضد الإيطاليين).
في نهاية إنتفاضة 2011 م كانت سرت آخر معاقل الحكم البائد، وهناك أسدل الستار عن الجماهيرية العظمى بعد أربعة عقود ونيف من حكم العسكر الجائر، علما بأنه لم تتضح إلى الآن خبايا ذلك اليوم وقصة القصف الجوي وأنبوب صرف المياه والمسدس الذهبي، وهل المخابرات الفرنسية لها يد في ذلك.
سرت بعناد شيوخها لم تلملم جراحها وتنخرط في أحضان الأمة، بل ترك هؤلاء العنان لمن يريد الإنتقام، فرحبت بالمنشقين الإسلاميين المتشددين بعد أن لُفضوا في المنطقة الغربية ومنعوا من تكوين إمارة إسلامية، إنظم إليهم بعض ضباط العهد السابق من سرت ومن المنطقة الغربية وكانت هذه المجموعة النواة لداعش ليبيا، هذه المجموعة لها مشروع وتحتاج إلى تمويل، فقامت بالسطو على المصارف أهمها سيارة نقل الأموال التابعة لمصرف ليبيا المركزي والتي تحتوي على 54 مليون دينار، ثم توالى الإستلاء على المصارف الأخرى، ولقد سعى المؤتمر في ذلك الوقت لإسترجاع القيمة والقبض على الجُناة، ولكن شيوخ سرت رفضوا ذلك بدعوى أنهم أبنائهم ولا يحق لأحد التعدي عليهم.
تطور الأمر بأن أصبحت الدولة الإسلامية فرع سرت شركة لتشغيل العاطين عن العمل من دول الجوار كمرتزقة، ويدير هذه الشركة مجموعة من شباب سرت (الدخول إلى أي موقع تويتر عن سرت ستجد فيه كل الأسماء والأفعال)، وبداء لهيب عصور الظلام يخنق أنفاس أهل المدينة، عندها فرَ شيوخ وأعيان سرت منها وعلم أهلها أنهم قد وقعوا في أخطبوط ينغص عليهم حياتهم، أما ضباط العهد السابق فقد أطلقوا لحاهم و أسدلوا لباسهم ورفعوا الأعلام السوداء ليس حبا في داعش ولكن كرها وأنتقاما من 17 فبراير، وأصبحوا ينتظرون دخول ولاية طرابلس لجمع الغنائم وسبي نسائهم وجعل أطفالهم أقناناً في سوق النخاسة بإمارة سرت الإسلامية، أو على الأقل التشفي مما ألت إليه الدولة الليبية من فوضى.
بالمقابل القوات المسلحة في الشرق الليبي تعجز اللغة العربية عن وصفها أو نسبها، فهي ليست أركانات كل ليبيا بإعتراف الأمم المتحدة، وليست جيش برقة بالتأكيد، ولذا سنستعمل من أنشأها ولملم شذراتها لوصفها. منذ بداية انقلاب "خليفة حفتر" يوم 16 مايو 2014 و حتى 16 أبريل 2016، ثلاثة وعشرون شهرا، لم يفكر حفتر في تحرير سرت بل عارض ذلك عندما حاولت الكتيبة 166 القادمة من الغرب الليبي، والتي صب عليها جام غضبه بالقصف الجوي مع قصف مدفعي من قوات جضران.
طوال هذه الفترة كان حفتر يُمني أهل الشرق الليبي بالإنتصار القريب في بنغازي كل أسبوع، ولكن ألة الحرب لا تتوقف عن حصد الضحايا، حيث بلغ عدد القتلى في صفوف "حفتر" 11382 قتيلاً، منهم 2701 قتيلاً عسكرياً و 8681 قتيلاً مدنياً إضافة إلى 24837 جريحاً، منهم 5324 حالة بتر للأطراف، حسب معلومات اللجنة الصحية بمجلس النواب.
خلال هذه الفترة كان حفتر والإستخبارات العربية المساندة له تعتقد أن الحراك الفيدرالي كفيل بتغيير ميزان القوى لصالحه وصالح الدول الداعمة له، وذلك من خلال التلويح بالإنفصال تارةً أو الفيدرالية تارة أخرى أو إنشاء مجلس العسكري على غرار المجلس المصري دائماً، ولكن بعد إتفاق الصخيرات مُني الفيدراليون بهزائم على المستويين الرسمي والشعبي، مما جعلهم يستعملون البلطجة والتسويف للضغط على البرلمان والمجلس الرئاسي دون جدوى، مما يعجل من نقل البرلمان إلى مدينة أخرى بعيدة عن تاثير حفتر والفيدراليون. من أجل ذلك رأت الدول العربية الداعمة إستخباراتيا وسياسيا وعسكريا وإعلاميا، تغيير مسار حفتر إلى العمل مع حركة الأحرار التي تم تشكيلها في مصر والتي تتكون من رجالات العهد السابق مثل الصافي وبوكراع ومعتوق وقداف الدم وأحمد الشاطر وعلى كنه والقشاط، ولقد إستطاعت مصر تبيض هولاء أمام مجلس النواب وحكومة الثني خلال الزيارات المكوكية التي لم تنقطع عن القاهرة، مما مكن بعضهم للعودة إلى طبرق، والبقية في القريب العاجل، هؤلاء حسب إعترافات الساعدي هم البديل للقوى غير المنظمة التي تشكلت بعد 17 فبراير وكذلك بديل لأبناء أسرة القذافي التي يرفضها البعض لأسباب شخصية.
هذا يبين أن الهدف ليس تحرير سرت، فتحريرها لن يتجاوز ساعات إذا ما أعطيت أوامر من قداف الدم إلى شركائه بالمدينة بإبعاد المرتزقة أو تصفيتهم، ولكن الهدف قاعدة القرضابية الجوية، حيث تكون منطلق لأي عمليات مباشرة في الغرب الليبي وتهديد لكل المواقع الحيوية دون الحاجة للتزود بالوقود جوا، بالإضافة إلى قاعدة الوطية التى ترابط فيها مجموعات مسلحة من الزنتان.
رغم تواجد قوات جضران في المنطقة من أجدابيا إلى راس الأنوف، وعدم إدعانها لقوات حفتر إلا أنها لا تمانع من مروره لتحرير سرت، وقد يكون ذلك رغبة في كسب ود قبيلة المغاربة وعلى راسها الشيخ الليطيوش الذي ناشد جضران لمساندة جيش حفتر، ولن يتواني قداف الدم وحركة الأحرار للضغط على جضران بسياسة العصاء والجزرة حتى ينضم لهذا المشروع.
إن نجحت الخطة ستكون الحقول النفطية في الشرق الليبي جميعها تحت إمرة حفتر، وفي غربها (حقل الشرارة والفيل ) سيستمر مقفلا من كتائب الزنتان المتعاونة معه، مع وجود قوات ضاربة من 600 ألية عسكرية وبراميل متفجرة جاهزة في كل من قاعدة القرضابية وقاعدة الوطية وألاف من مرتزقة العدل والمساواة السودانية، والطوارق المجندين من العهد السابق، بقيادة على كنة، والتبو التابعين لجضران.
وبذلك يكون المجلس الرئاسي والحكومتة ومجلس الدولة وجزء من البرلمان في قبضة حفتر وأعوانه إقتصاديا وعسكريا، وهنا تتشعب الإحتمالات بين التحكم في مفاصل الدولة أو إنشاء مجلس عسكري كما في مصر السيسي، أو سقوط مشروع حفتر والدول العربية الصديقة له بالكامل.
إن ما يردع هذا المخطط ليس تواجد قوات كثيرة العدد من الثوار في الغرب الليبي، (وهم في مرحلة إنتقالية ومتشتته من أجل التحول إلى أجهزة أمنية رسمية من جيش وشرطة)، ولكن ما يمنع تأزم الوضع أمران عزم المجتمع الدولي لتنفيذ إتفاق الصخيرات للمرحلة الإنتقالية من أجل مصالحته أولا (إيقاف الهجرة، وإستمرا التزويد بالغاز الليبي وعودة الإستثمارات) ثم مصالح الليبين في جلب الأمن والإستقرار، وهو ما دعى بهم إلى إيقاف الباخرة الكورية (لصالح الإمارات) في عرض البحر بعد أن قام جضران بتحميلها لتهريب النفط وبيعه خارج القنوات الرسمية، وأخيرا الباخرة الهندية لصالح الإمارات أيضا حيث تم إيقافها في مالطا، وأصدرت لجنة المقاطعة تعميم بمقاطعتها.
والأمر الأخر المعرقل لقوات حفتر وجود وزير دفاع من الكرامة في الحكومة الجديدة و جود عضو فاعل في المجلس الرئاسي وهو فتحي المجبري، هولاء لهما وزنهما عند القوى القبلية في الشرق الليبي، ظهرت بوادرها بسحب البيضاء لجزء كبير من أبنائها من مشروع محاربة الإرهاب، وقد يتبع ذلك مدن أخرى.
رغم هذه المتاهات التي لا تنتهي من الثورة المضادة والحكومة العميقة والحرب العبثية التي لا تنتهي، والتي تعرقل سير الدولة إلى الأمام إلا أن الأمور لا شك أنها سائرة في طريقها إلى الأمام وعدم الإستسلام للماضي البغيض، فالنهر قد تتشعب مجاريه وتتبعثر مياهه ولكنه لن يعدم مساره ولو بعد حين، (فأما الزَّبد فيذهب جُفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) صدق الله العظيم.



#عيسى_مسعود_بغني (هاشتاغ)       Issa__Baghni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البرلمان الليبي في إنتظار رصاصة الرحمة
- الهجرة: من قوافل إلى قوارب الموت
- للوطن ربا يحميه
- الفيدرالية وأزمة نظام الحكم في ليبيا
- إتفاق الصخيرات تحت الإنعاش
- ظاهرة التكفير والتفجير
- داعش والحكومة الثالثة
- المحاصصة الجهوية والفساد
- الدستور الليبي وتعدد العواصم
- ليبيا- صراع الحواضر والتخوم
- العنف وإشكالية نظام الحُكم في الإسلام
- أبولهب وحمالة الحطب
- شاهد على الجيش الليبي
- حوار صنوان الشرعية
- نهم النواب وفساد الرعية
- صناعة الدواعش
- تخريجات الإعلام المضاد
- الجامعة العربية دمية للحكومات المصرية
- غياب النخبة: نكسة لمفاهيم الحداثة
- ترنح الحوار الليبي


المزيد.....




- عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و ...
- في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در ...
- حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
- تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا ...
- تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال ...
- الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عيسى مسعود بغني - الطريق إلى سرت