|
السعادة .. سنعود بعد الموت
غدير حمية
الحوار المتمدن-العدد: 5147 - 2016 / 4 / 29 - 04:47
المحور:
الادب والفن
السعادة؟؟ سنعود بعد الموت السعادة، جميعنا يبحث عن السعادة.. لكن ما هي السعادة.. مفهوم غامض لا نستطيع أن نصل إلى تفسيره أو تحليله أو حتى إيجاد معنى واضحٍ له، يكتنفه الالتباس.. ذلك الالتباس القائم على الأسئلة الجوهرية الخمس: من؟ كيف؟ متى؟ أين؟ لماذا؟ السعادة غالباً غير مرئية.. هي شعور.. لكنها لبعض الناس تتصور على هيئة إنسان، فتصبح بالنسبة للفتاة ذلك الفارس الآتي على الحصان الأبيض.. بالمناسبة، لا أدري من ابتكر فكرة الحصان، غالباً لرمزيته، تلك التي لها علاقة بالقوة والسرعة والجمال، لكنها في عصرنا هذا تلاشت ومات الحصان بين ألسنة نار الحياة الافتراضية، وحزنت الفتاة فتاهت عنها السعادة في الغابة السوداء، حيث كان الأمير الفارس يبحث عن حصانه الذي كان بدوره يشكل له مصدر سعادة، إذ إنه وسيلته الوحيدة للوصول إلى قلب الفتاة تلك أو حتى للمضي برفقتها على صهوته إلى عالمهما الأبيض كما كانا يخيّل لهما. وبموت الحصان ذبلت الأحلام وفُقدت السعادة... لا أدري لما ربط بعض الناس السعادة بالأشخاص.. ألم يدركوا منذ البداية أن السعادة تفنى بفناء الجسد.. فهي على غرار الموت تأتي بسرعة خاطفة وتجرف كل ما يعترضها.. السعادة إذاً هي الوجه الآخر للموت.. الأم أيضاً ترى في أمومتها مصدر سعادة.. لكن سعادتها تلك مهترئة يشوبها الخوف.. تخاف على فلذة كبدها من الهواء والشمس والطريق والأصدقاء والطعام والمياه... سعادة على حافة هاوية... الوصول إلى الأهداف سعادة أيضاً.. لا أدري إذا كانت تلك الأهداف لها نهاية... حياة طويلة أو ربما قصيرة.. لكن كلما تقدمت بنا الأيام تختلف طوحاتنا وأهدافنا.. إذاً هي عقدة طويلة وزمن مديد من الأهداف.. سعادة ظرفية.. وستصبح سعادة غبية كلما تقدمنا خطوة باتجاه الأهداف.. يتحقق الهدف الأول والثاني.. سنصل إلى الثالث ليصبح الأول مجرد ذكرى قديمة ربما نندم على تحقيقها أو لا نندم.. لا أدري.. بالنتيجة هذا النوع من السعادة من الممكن تسميته سعادة قائمة على وهم تحقيق الأهداف، تلك الأهداف التي لا نهاية لدورتها كلما تقدمنا عمراً أو تفكيراً أو منطقاً. المنطق؟ لا أدري ما هو المنطق وكيف يتم تفسيره هو أيضاً، ربما يكون مجموعة القواعد الاجتماعية أو التعاليم الدينية، ربما هو مرتبط بالعلم، أو يمكن اعتباره ركناً من أركان مسببات الوجود البشري، باعتبار أن الخالق زرع الروح في البشر ووضع فيهم الغريزة ونفخ فيهم المنطق. المفارقة هنا أن المنطق نفسه يختلف عليه الجميع، ولكل إنسان منطقه.. ويمتعض الكلّ من منطق الكلّ.. إذاً ما هو المنطق؟ وهل يرتبط المنطق بالسعادة؟ فإذا ما عاش الانسان حياته تحت سقف المنطق يصل إلى السعادة؟؟ مفاهيم غير مرئية، غير واضحة، لا معالم لها ولا تفاصيل. وأي تفاصيل نتحدث عنها، الحياة قائمة ونعيشها ونستفيد من الوقت الممنوح لنا فيها، لكننا بالمقابل ننتظر الموت، فالوجه الآخر للحياة هو الموت.. نعيش خائفين على أن يأتينا في أي لحظة.. فكيف إذاً نحصل على السعادة في حضرة الخوف؟؟ الخوف رفيق حياتنا الأبدي.. ومن الممكن القول أنه عدونا الأبدي.. من إنسان الكهوف ونحن كبشر نخاف.. ليش شرطاً أن نكون بشراً فعلاً.. لكن الخوف موجود.. هو غريزة تتحكم بنا.. ويصبح في أغلب الأوقات سلاحاً بيد آخرين ليتحكموا بنا.. وقد تطور الخوف مع التطور البشري.. إذ كان الانسان القديم يخاف من الحيوانات المفترسة أو من غضب الطبيعة... اليوم أصبح يخاف من الحيوانات المفترسة التي أخذت أشكالاً جديدة ومتعددة.. نخاف أن نكبر أو أن تقتلنا الوحدة أو أن نكون بلا فائدة في هذه الحياة الصاخبة التي تحيط بنا.. البعض يخاف العنوسة، البعض الآخر يخاف على أولاده.. هنالك من يخاف أن لا يرزق بالأطفال.. وفي المقلب الآخر هنالك من يخاف أن يتورط بالأطفال.. نخاف أن يصيبنا شلل أو عاهة ما.. نخاف من العجز.. من الفقر.. نخاف أن نبدي رأينا بأي شي... بأهلنا بأقاربنا برؤسائنا في العمل.. وعندما نخاف من أي شيء في دنيانا نخفف من وطأته علينا بالقول: الموت قادم.. فنخاف أولاً وأخيراً من الموت.. وأحياناً نخاف من ما بعد الموت.. البعض يقول أن الشيء الوحيد الذي يعطي للحياة قيمة حقيقية هي أنها تتوقف في النهاية.. حتى أنه في القدم هناك من أكد أن الآلهة نفسها حسدت البشر أنهم فانون.. لا علاقة لذلك بالإلحاد.. كل ذلك يمكن أن يكون مجازاً.. لكن المجاز من الممكن أن يشكل معنى تصويرياً لمفهوم ما نعمل على اكتشاف جوهره الحقيقي.. البعض الآخر يؤكد أن الوجود قائم على فكرة الحياة من بعد الموت.. وهنا نكون قد طرحنا الفكرة المواجهة لفكرة الإلحاد، تلك التي لها علاقة بالدين الذي يؤكد أن العقل هو الوحيد القادر على إدارة شؤون الانسان في الحياة التي ستنتهي نهاية بشعة لتستأنف بعدها حياة ملؤها نور وخلود... بالعودة إلى السعادة.. ماذا سأتحدث عن السعادة.. لا أدري فقدت السعادة أثناء مثابرتي على الكتابة للوصول إلى خاتمة هذا النص... السعادة؟؟ سنعود بعد الموت...
#غدير_حمية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوجه الآخر للحب.. خيانة
-
أعذرني حبيبي
المزيد.....
-
-صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
-
فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو
...
-
منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا
...
-
لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي
...
-
فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
-
بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي-
...
-
نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
-
-بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال
-
سربند حبيب حين ينهل من الطفولة وحكايات الجدة والمخيلة الكردي
...
-
لِمَن تحت قدَميها جنان الرؤوف الرحيم
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|