حسن البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 5146 - 2016 / 4 / 28 - 13:23
المحور:
الادب والفن
في البدء ِ كان بائعاً
أرغفة َ الخبز على رصيفْ
شويرع ٍ معبد نظيف
في حارة ٍ شرقيَّ بغدادَ اسمها المألوف
في ألسن الناس ( محلة الكرنتينهْ ) ،
بيوتها عامرة بالفقر والإباءِ و الزينهْ ...
أمضى بها كادحنا الانسانْ
حياتــَه حتى حصولهِ على شهادة ( الليسانسْ ) ،
أحبه ، أحبهم فيها جميعُ الناس ،
إلا كلابَ الليل ِ والفئران ...
جارته – بائعة الحناء والبخورْ -
لمــّا يزل يذكرها ، كان اسمها بدور ،
صبية ٌ هادئة لطيفة مقلتها تنبض بالحنانْ
لطالـَما عاكسها الصِبيان
فتنزوي ، باكية حزينهْ
لكنما صبينا ، كادحنا الاصيلْ
كان يغيث دائماً جارتـَه بكفه الأمينه
ذات العصا الغليظة المكينه ،
مكفكفاً ، برقة ، دموعها السخينه ،
فتنثني باسمة ، شاكرة صنيعه الجميل ...
ومر عامان ، مضى بعدهما كادحنا ،
فارسنا النبيل
يخوض ، واثـق الخطى، تجربة كادحة جديدهْ
قد فتحت ادراكه على رؤى
عوالم ٍ واسعة غنية بعيده ...
صار يبيع الماءَ منذ لحظة الاصيل ،
بالقرب من مدخل ملهى اسمه المشهورْ ،
ملهى ليالي الصفا
يختلط الصفاء ، في احضانه ، بالجفا
فيظهر المكشوف والمستور والمحظورْ
وتفعل الكؤوس ما تشاءْ
في ذمم الرجال والنساء ...
تعلم الفتى ،
وقد شبّ عن الطوق ، الكثير الكثيرْ
قبيل أن يحط ّ كعبيه على
أعتابِ مدخل كبير ٍ كبير
لمعمل ِ السكائر الكائن في محلة ( المربـّعه ْ) ...
مـرّ من الشهورْ
ثلاثة أو أربعه
على الفتى ، كعامل ٍ أجير ...
وجاء عام خمسة واربعينْ
فهـزّ إضرابُ جموع الكادحين
في معمل السكائر المشهور ( لوكسْ ) ،
كيانَ مصاصي دماء المعدمين .
ودارت الاحداث والامورْ :
معاركٌ حامية نال بها كادحنا الجسور
ما نال من شتيمة وركلة و ( بوكس ) :
- ماما ، لقد أسهمت في الاضرابْ
فسرحوني خارج الابواب ،
وليدك الصغيرُ ، منذ لحظة الاضراب والمناوشات صارْ
يفهم ، عن وعي ، اموراً جمة كبار
- يا ولدي ، يا كادحي الصغير ،
فلتبتهجْ ، خسرتَ في
معركة الاضرابِ هذي العملا
لكنْ ربحتَ في مسيرة الحياة الأملا ،
فلتبتهج ، يا كادحي الكبير ،
أليومَ قد غدوت ، حقاً ، رجلا ...
واختطفت ، بـُعيد أشهرٍ ، يد المماتْ
والدة الفتى الذي ما زالت الحياة
تمنحه، يمنحها الكثير
ولم يزل، رغم الثمانين التي عانقها ،
يسير ...
لندن - في الاول من ايار 2012
#حسن_البياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟