|
مفاعل ديمونة، تشرنوبيل القادم
مصعب بشير
الحوار المتمدن-العدد: 5146 - 2016 / 4 / 28 - 13:21
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ردحا طويلا من الزمن قبل ما أثير من جلبة عن برنامج إيران النووي وطموحاتها لامتلاك هذا السلاح، وبرنامج صدام حسين النووي الذي وأدته إسرائيل في مهده، وقبل أن يمتلك نظام الأبارتهايد البائد في جنوب أفريقيا القنبلة النووية، وقبل أن يبني القذافي مفاعله في ترهونة ويسلمه لاحقا للغرب، وقبل وسباق التسلح النووي بين الهند وباكستان وقبل رقصات آل كيم المجنونة بالسلاح النووي في كوريا الشمالية، كانت إسرائيل قد أصبحت قوة نووية تهدد الأمن والسلم في الشرق الأوسط. في أوخر الخمسينات من القرن المنصرم قررت فرنسا ألا تعطي الإسرائيليين السمكة، بل أن تعطيهم الصنارة، وليست أي صنارة، لقد زودتهم بمفاعل نووي وبأسرار التقانة النووية لتصبح إسرائيل قوة عسكرية غير تقليدية لا يستهان بها البتة. بدأ العمل في مفاعل ديمونة الذي تقرر إنشاؤه شمال شرق النقب على بعد 38 كم تقريبا من البحر الميت عام 1958 أي في نفس العام الذي بدأت فيه الولايات المتحدة بمد إسرائيل بكل المساعدات اللازمة لبناء مركز سورك للأبحاث النووية على أراضي قرية يبنا المهجرة، وذلك ضمن برنامج "الذرة من أجل السلام". لم توقع إسرائيل على إتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، ورغم كونها عضوا في الوكالة الدولية للطاقة النووية منذ 1957، لم تسمح إسرائيل للوكالة بتفتيش مفاعل ديمونة على عكس مفاعل ناحال سورك، بل وأنكرت إسرائيل وجود مفاعل ديمونة لسنوات طويلة. في عام 1986 ظهر برنامج إسرائيل النووي للعلن للمرة الأولى، عندما قام مردخاي فانونو الفني الذي عمل في مفاعل ديمونة بنشر 50 صورة التقطها من داخل المفاعل ــ تعرض فانون للمطاردة ومن ثم السجن والتضييق إلى يومنا هذا. وفقا لعالم الفيزياء النووية تشارلز فرانك بارنابي الذي حلل صور فانونو، كان لدى إسرائيل في عام 1986 ما يكفي من البلوتونيوم لصناعة 150 قنبلة نووية. أما اليوم فيقدر عدد الرؤوس النووية الإسرائيلية بحوالي 400. أما المرة الثانية التي يعود فيها برنامج إسرائيل النووي للظهور فكانت اليوم 26 نيسان 2016 عندما نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية خبرا عن إجتماع لخبراء نووين إسرائيليين عملوا ويعملون في مفاعل ديمونة النووي، تحدث فيها المجتمعون عن الخطر الكامن الذي يشكله مفاعل ديمونة بعد أن تأكد من خلال المسح الموجي وفحوصات أخرى وجود 1537 خللا في قلب المفاعل. في مقابلة أجرتها اليوم الإذاعة الإسرائيلية مع العالم النووي الإسرائيلي، البروفيسور عوزي إيفن أحد مؤسسي مفاعل ديمونة، صرح إيفن بأن المفاعل بات متقادما، حيث بدأ المفاعل بالعمل عام 1963، كما وحذر من خطر وقوع تسربات إشعاعية من المفاعل العامل من 53 سنة والذي حسب البروفيسور إيفن قد يكون أقدم مفاعل عامل في العالم، وأن أغلب المفاعلات التي بنية في فترة بناء مفاعل ديمونة قد أغلقت، وهو ما يجب فعله مع هذا المفاعل. شبه إيفن حالة قلب المفاعل بحالة "قلب سخان الماء عندما يكون مثقوبا". في هذه الحالة يجب تبديله كلية فالترقيع لا يفيد. يقول البروفيسور إيفن بأن السبب الكامن وراء إبقاء إسرائيل للمفاعل قيد العمل هو أنها لا تخضع لشروط السلامة التي تفرضها الوكالة الدولية للطاقة النووية بتفتيشها للمنشآت النووية. وأن إجراءات الفحص في ديمونة ليست مثالية. من جهة أخرى أشار إيفن إلى أن الولايات المتحدة أوقفت منذ حوالي 10 أعوام تزويد مفاعل ناحال سورك بالوقود النووي مما سيؤدي إلى إيقاف العمل فيه حسب البروفيسور إيفن. في 21 حزيران 1990 حدث تسرب إشعاعي محدود من مفاعل ناحال سورك الخاضع لإجراءات السلامة ولتفتيش وكالة الطاقة الذرية وقتل أحد العاملين. أما مفاعل ديمونة الذي لا يخضع لتلك الإجراءات والذي لم يزره أحد فلا أحد يعلم أي كارثة سينتج للبشرية والبيئة عدا حشوات الرؤوس والقنابل النووية. إذن لا تريد إسرائيل السماح لأي كان بزيارة مفاعل ديمونة المتقادم حتى لفحص مدى سلامته في تحد صارخ للعالم واستخفاف تام بحياة المدنيين في المنطقة بأسرها، حتى بحياة المدنيين الإسرائيليين الساكنين على مقربة من المفاعل ــالأمر مفهوم فهم من أصول شرقية. إسرائيل تمتلك التكنولوجيا النووية والإمكانات العملية لحمل السلاح النووي وضرب أي مكان في العالم. فصاروخ أريحا-3 الإسرائيلي يصل مداه إلى حوالي 6000 كم أي يمكن إسرائيل أن تضرب أي بلد من الصين حتى البرتغال ومن روسيا حتى جنوب أفريقيا، أما إذا حملت الرؤوس النووية على صواريخ على متن غواصات دولفين فلا مكان آمن في العالم من الصواريخ النووية الإسرائيلية، خاصة إذا علمنا أن إسرائيل لم توقع على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وأنها كل يوم تصبح أكثر فاشية. إن إسرائيل تثبت بالدليل القاطع يوميا أن نظامها الصهيوني يشكل أبشع الأخطار على الإنسان والطبيعة في هذا المكان من العالم.
#مصعب_بشير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنها كوباني وليست عين العرب
-
إسرائيل نائبا للجنة الأمم المتحدة لإنهاء الإستعمار- إنجاز دب
...
-
حصان السلفية الجهادية الأسود...داعش
-
تعقيب على مقال: -لماذا ندفع ثمن المحرقة؟!-
المزيد.....
-
هيغسيث: إسرائيل حليف مثالي للولايات المتحدة
-
علماء يكشفون كيف وصلت الحياة إلى الأرض
-
ماسك يرد على ترشيحه لنيل جائزة نوبل للسلام
-
برلماني أوكراني: زيلينسكي يركز جهوده على محاربة منافسيه السي
...
-
رئيس جنوب إفريقيا يحذر نظيره الرواندي من عواقب الفشل في وقف
...
-
مستشار سابق في البنتاغون: على واشنطن وموسكو إبرام اتفاقية أم
...
-
منعا للتضليل.. الخارجية الروسية تدعو إلى التحقق بعناية من تص
...
-
ترامب -يعلن الحرب- على دعم فلسطين داخل المؤسسات التعليمية
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|