|
أديب في الجنة (69) * الملك لقمان يعد الملكة بطفل معجزة !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 22:10
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة (69) * الملك لقمان يعد الملكة بطفل معجزة ! فكرتان أصبحتا تهيمنان على عقل الملكة نور السماء بعد رؤيا التوحد مع الألوهة التي قصها عليها الملك ، الأولى ، أن يرحل الملك ويتلاشى منطفئا وحالّا في عالم الألوهة ومتحدا به قبل أن تنجب طفلا منه ، خاصة وأن أحلامه كما يبدو ليست بعيدة عن التحقق ، والثانية أن يتعرض للقتل كما في حلمه القديم ويرحل أيضا دون أن يحقق لها الحلم . وثمة قلق آخر مبعثه التنبؤ بمقتله ، والحروب الطاحنة التي ستنشأ بينها وبين الملك شمنهور لمنعه من تدمير الكون .. هاتفته الملكة وهو يرقب الكائنات المبتهجة باختلاطها الذي لم يسبق له مثيل في أعماق المحيط ، ملقيا رأسه على صدرها كما من قبل : - حبيبي ! - حبيبتي !! - أريد طفلا في أسرع وقت ! أدرك الملك أن قلق الملكة يزداد . ابتسم : - حسنا يا حبيبتي . أعدك أنني سأفعل ذلك ما أن ننهي الحفل ونخرج من أعماق هذا المحيط ، وستكون مواقعة بقصد الحمل بطفل ذكر! " ياي " وقبلت الملك مبتهجة وهي تهتف : - آمل أن يلبي الله رغبتنا يا حبيبي ! - اطمئني يا حبيبتي ! لبّى الله لي معجزات أكبر من هذه بكثير، ألن يلبي لي هذا الطلب ؟ وكي تفرحي أكثر أبشرك منذ الآن بما لا تحلمين به ! - ماذا يا حبيبي ؟ - ستحملين من مواقعة واحدة في يوم واحد وينمو الحمل تسعة أشهروعشرة أيام في اليوم نفسه وتلدينه في آخر اكتمال اليوم !! " ي....ا....ي ... ياي " - كل هذا في يوم واحد يا حبيبي ؟ - طبعا ! هذه إرادة إلهي العظيم حين يشاء ! - يسعد إلهك ما أحلاه وما أكرمه يا حبيبي ! هذه تكاد معجزة ولادة حورس من إيزيس ! - لا يا حبيبتي . لا ولادة حورس ولا المسيح ،ولا عشتار ، ولا مردوخ، ولا جلجامش، ولا حتى زيوس ! معجزة ولادتك لابننا ( سحب السماوات ) ستكون أهم معجزة عرفتها البشرية ، فأنت لا تعرفين ماذا سيحدث بعد الولادة . - ما ذا سيحدث يا حبيبي ؟ - لا يجوز إفشاء السر الإلهي يا حبيبتي . سأتركه حتى حينه ، فقد لا تصدق تنبؤاتي ! وباتت الملكة في عجلة من أمرها لإنهاء الحفل والخروج من أعماق المحيط ! - ألن تنهي الحفل يا حبيبي ؟ - يا حبيبتي أنظري إلى البهجة التي ينعم بها ضيوفنا هل ترين أنه من اللائق إنهاء الحفل ؟ - طيب يا حبيبي أريد أن تطمئني على مسألة أخرى لتكتمل سعادتي! - ما هي ؟ - ألا تخبرني إن كنت ستقتل فيما بعد ؟ - يا حبيبتي هذه رؤيا عابرة ليس من الضروري أن تتحقق ! - ألا تعرف ذلك ؟ - لا أعرف لأنني لم أفكر فيها أصلا إلا ليلة زفافنا ! - أرجوك حاول من أجلي . - يا حبيبتي تعرفين أنني تعرضت لمحاولات إغتيال كثيرة في رحلتنا السابقة ونجوت منها كلها . فحتى لو حدث ذلك ، فإنني سأنجو بالتأكيد ، ألا تعرفين كم القوى التي تحرسني ؟ - طيب في هذه الحال أريد أمرا منك ! - ما هو ؟ - أن تأخذ عهدا من الملك شمنهور أن يمتثل لإرادتي ويكون تحت إمرتي وأن لا يرفع سلاحا أو يسخّر جنّا لمحاربتي إذا ما حدث لك أي مكروه ! - وإذا عاهدني الآن ونقض عهده حينذاك ؟ - ما يهمني الآن وحالا أن تأخذ منه عهدا . - طيب حبيبتي . خاطر الملك الملك شمنهور بلهجة آمرة ، وإذا به يحضر بملابس سباحة ويقف في مواجهة الملك : - أمر مولاي العظيم لقمان محرر أرواح الجان من قماقم سليمان ! - ماذا ستفعل أيها الملك إن قتلني أحدهم يوما ما ؟ - ماذا تقول يا مولاي ؟ هل يمكن أن يحدث هذا وأنا على قيد الحياة ؟ - لنفترض أنه حدث ! - مولاي! دونك لن أقبل بأي وجود للكون وسأحارب حتى من خلقني إن استطعت ! - مجنون ! إسمع ! - مولاي ! أنا منذ الآن أسامح قاتلي ! ولا أريد أي ثأر أو عقوبة له مهما كانت ! بل أريد مسامحته ! - مولاي ! - أصمت! - وأريدك أن تعاهدني على ذلك وأن تكون رهن إرادة الملكة نور السماء من بعدي ،وأن تعمل تحت حكمها ! أطرق شمنهور للحظات ،وما لبث أن هتف بهدوء : - مولاي أنت تخرق قوانين الطبيعة التي وجدنا عليها ؟ لذلك أعاهدك على الإخلاص للملكة فقط ! - وما هي هذه القوانين ؟ - الإخلاص لأسيادنا فما بالك بمن أنقذنا من السجون الرهيبة !؟ - وهل كان قبولكم السجن في قماقم سليمان إخلاصا له ؟ - للأسف أجل يا مولاي ! - وماذا لو خرقتم هذا القانون العجيب ، ما الذي سيحدث ؟ - لا أعرف يا مولاي الأمر متروك لله ! - إذن أخرقه ! وهيا عاهدني ! هذا أمر لن أقبل أن ترفضه ! ثم إنك خرقته حين أخرجتك من القمقم ، بل وأتحت لجميع الجن السجناء أن يعتقوا من القمائم ! ظل الملك شمنهور مطرقا للحظات دون أن يتكلم ،إلى أن هتف الملك ثانية قائلا " هيّا" - أعاهدك يا مولاي. - تابع ما قلته لك ! - أعاهدك يا مولاي أن أسامح.. أسامح .. وشرع الملك شمنهور يبكي .. فهو لا يتصور أنه سيسامح يوما أي قاتل للملك مهما كان قدره ! - تابع ولا تبك هيا ! - أن أسامح قاتلك بدمك يا مولاي ! قال الملك ذلك وكأنه تخيل الملك لقمان قتيلا وأنه يسامح قاتله بدمه ، فتلفظ بالكلام وهو ينخرط في بكاء فظيع : - وأعاهدك يا مولاي.. أن أكون رهن إرادة الملكة نور السماء.. وأن أعمل تحت إمرتها . نهض الملك لقمان وراح يقبل الملك شمنهور ويمسح دموعه بمنديل من الحرير الأخضر ويضم رأسه إلى حضنه . تلفظ الملك شمنهور وهو يلقي رأسه على صدر الملك : - سأقتل نفسي إن حدث لك شيء يا مولاي ! - لا يا مجنون ! لا أريدك أن تقتل نفسك أيضا ! ثم كيف تتخلى عن كل هؤلاء الجميلات وتنتحر ؟ - بعدك لن يكون هناك معنى للحياة يا مولاي ! - يا مجنون الحياة لم تبدأ بي ولن تنتهي بي . هيا عاهدني أيضا على أن لا تنتحر ! - أعاهدك يا مولاي ! طالما هذه إرادتك ! - وهيا الآن أريد عرضا خرافيا من عروضك على المسرح لنبهج الإمبراطور والإمبراطورة ! انصرف الملك شمنهور ليظهر على المسرح بعد لحظات في عرض جمبازي مدهش مع مائة فتاة ، فيما كان الإمبراطوريفكر بدهشة في عالم الملك لقمان الذي يدع منطق الأسطورة يسير بخط مواز مع منطق الفلسفة ،ليدمج الخطين أحيانا فيختلط منطق الواقع الفلسفي بمنطق الأسطورة الخرافي ، ليجد نفسه ضائعا في هذا العالم ، بين منطق الألوهة السارية في الكون وبين منطق المبدأ الكلي الذي يعتنقه والساري في الكون أيضا ، ولم يبق عليه إلا أن يحسم الأمر عما إذا كان المبدأ الكلي إلها ، أم أنه مجرد طاقة لم يدرك كنهها العقل البشري بعد . ويبدو أن الإمبراطور لم يدرك أنه بهذا التفكير وصل إلى المشكلة ذاتها التي تقلق الملك لقمان ، والتي يرجح أو حتى يفضل أن يكون في الأمر ألوهية ما ، لأن الملك وكما يبدو لا يريد أن يتخيل وجودا دون ألوهة ! وأية ألوهة ؟ **** يتبع !
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة (68) * المعراج السماوي والحلول في الذات الإلهي
...
-
أديب في الجنة (67) * رؤيا الملك لقمان بالحلول في الذات الإله
...
-
أديب في الجنة (66) ليلة حلبية مغمسة بدموع الملك لقمان !
-
أديب في الجنة (65) * اختلاط الجن بالإنس !
-
وجود خالق مشروط بوجود خلق ! شاهينيات 1179
-
أديب في الجنة (64) * حوريات عربيات يسبحن في أعماق محيط في ال
...
-
أديب في الجنة (63) * لو آمنت البشرية بالمحبة الإنسانية وحدها
...
-
أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !
-
أديب في الجنة (61) * حُب وقُبل ما بعد الموت !!
-
أديب في الجنة (60) * سحر الألوهة المؤنثة لربة الجمال يتجلى ر
...
-
بين الحالمين بحور العين والحالمين بالإنسان السوبر !
-
أديب في الجنة (59) * النهود الجامحات العابثات الدانيات !
-
أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق !
-
أديب في الجنة . الجزء الأول.
-
أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !
-
أديب في الجنة 56 * في الحقيقة والغاية !
-
أديب في الجنة (55) * في العقل ونشأة الكون!
-
أديب في الجنة (54) * الرقص في الزمن المتوقف في المكان الكوني
...
-
أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
-
أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|