فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 13:51
المحور:
الادب والفن
قصيدة جديدة للشاعرة فاطمة ناعوت
***
رأى البعيدُ
- فيما يرى النائمُ-
جيوشًا وقوافلَ عُربانًا
يقطعون أزقةَ الحيِّ الهادئِ
ودروبَه
بحثًا عن الفتاةِ الحزينةْ
التي قصّوا ضفائرَها
وعصبوا عينيها
وجلدوا بالسياطِ ظهرَها
ثم مزّقوا بالنصالِ لسانَها
ليدنّسوا فستانَها الأبيضَ
بقطراتِ الدمِ
تُطلُّ في خجلٍ
من مسامِ جلدِها.
الحريمُ
-يقولُ شيوخُ القبيلة-
لا يصِحّ أن يحملنَ بين شفاهِن ألسنًا تقولُ الشِّعرَ
فللسانِ مآربُ أخرى
يعرفُها كهولُ الصحاري
الذين ضربَ الوهنُ عظامَهم
فما عادوا قادرين
على الحُبِّ
ولا النجوى.
رأى النبيلُ فيما يرى النائمُ
فتاةَ الحقلِ معصوبةَ العينين
خارجةً
من بين جنودِ الميدانْ
تتوكأُ على عصاها
في معطفٍ أبيضَ
تحملُ في جَرّتِها
عقاقيرَ وطعامًا وأكاسيرَ
تُعيدُ للعميانِ أبصارَهم
وتمنحُ الظِّماءَ
شربةَ ماءٍ
تبلِّلُ الشفاهَ العطشى
وتُبرّد أجسادَ المجزوميَن الذين
كلما نضجتْ جلودَهم بالويلْ
نخرَ الشيوخُ نخاعَهم
بسنونِ الإبرْ.
تُطرقُ البنتُ وتهمسُ:
اليومَ
آنَ أنْ يخرجَ الموتى من قبورِهم
ليحضنوا أطفالَهم اليتامى
ويعلّموهم
أن السماءَ تبكي
حين يُكسّرُ الغلاظُ أراجيحَ الأطفالْ
أو يفقأون عيونَ بالوناتِهم
تبكي
حين تُربَطُ في أعناقِ أمهاتِهم
حبالُ
ليُسحَبن كما تُسحبُ الشياهُ
في موسمِ الذِّبحِ العظيمْ.
لكنّ النبيلَ
لم يرَ
فيما يرى النائمُ
إن كان أحدٌ بوسعِه
أن يرفعَ العِصابةَ
عن عيني البنتِ
حتى تُبصِرَ
وتعرفَ طريقَها من جديدْ
إلى أرضِ الوطنْ.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟