أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الهيموت عبدالسلام - لاتصلح النصوص ما أفسدته النفوس















المزيد.....

لاتصلح النصوص ما أفسدته النفوس


الهيموت عبدالسلام

الحوار المتمدن-العدد: 5142 - 2016 / 4 / 24 - 17:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تلكم هي العبارة الأخيرة التي ختم بها أحد ضيوف برنامج "مواطن اليوم" الذي قدمته "قناة ميدي 1 تيفي" يوم الخميس 21 أبريل الجاري وهذه المرة خصصت حلقة من غير المتوقع حول الحريات الفردية بالمغرب وليس حول الوتيرة المتلاحقة للشطط في استعمال السلطة الذي يمارسه القياد،وليس التصاعد الخطير في نسب الانتحارات احتراقا ،وليس الاحتقان الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية ،وليس التراجع الخطير في مجال قمع الحريات العامة ،هذا القمع الذي لم يعد يطال بالمناسبة فقط الحركة الحقوقية والطلابية والجمعوية والإعلامية والشبيبية والحركات الاجتماعية بل طال المنع حتى أعضاء من الحكومة إذ منع كل من مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي للحكومة وعبدالعزيز الرباح وزيرالتجهيزوالنقل من تنظيم لقاءات حزبية لوزرين طالما تصديا للتقارير الوطنية والدولية المنتقدة للوضعية الحقوقية بالمغرب.

لاأعرف إن كان سبب إدراج موضوع الحريات الفردية هل يعود لممارسة الإلهاء اللصيقة بالإعلام الرسمي وصرف انتباه فئات تحتج هذه الأيام افتراضيا وميدانيا على واقع الحكرة الذي دفع في ظرف أسبوع واحد بثلاثة مواطنين ومواطنات من فئة الباعة المتجولين خاصة لحرق أنفسهم احتجاجا :"مي فتيحة" بائعة البغرير في مدينة القنيطرة امرأة أرملة تعيل سبعة أفراد ضمنهم معاقان تحرق نفسها إثرتعرضها للصفع وبعثرة بضاعتها مصدر رزقها الوحيد وإسماعها الكلام النابي الحاط من الكرامة، ثم حرق صاحب تريبورتور لنفسه بإقليم تارودانت وكذا شاب ذو إعاقة أشعل في نفسه النار وقبلهم بائع متجول بمدينة تازة الذي حرق نفسه في معتصم للأساتدة المتدربين ناهيك عن العشرات من الحالات الأخرى عبر تراب البلاد،أم أن هذا الإدراج ترد فيه الدولة الصرف باللغة الشعبية للأوساط الحداثية والتقدمية والحقوقية المدافعة عن ضحايا الحكرة بتصويرهم أي الحداثيين بشكل مبخس وهزيل في هذا البرنامج حول الحريات الفردية مجرد مدافعين فقط عن الإفطار العلني في رمضان وعن المثلية وعن العلاقات الجنسية الرضائية .

في هذا البرنامج كما سيتوضح لمن تابعه سيتحقق الشرطان الإثنان : شرط الإلهاء وصرف الانتباه وشرط التأليب والاستعداء والتبخيس للمدافعين عن الحريات الفردية وخاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تنظم مؤتمرها في شروط من التضييق ورفض منح وصولات الإيداع لفروعها وحرمانها من القاعات العمومية وسيل من الاتهامات المشككة في تمويلاتها وولائها ،اتهامات أطلقتها وزارة الداخلية وبعض الجرائد المحسوبة على الإعلام المخزني ،الجمعية التي ترفض التخلي عن مهمة فضح الانتهاكات ومؤازرة ضحاياها وصياغة تقاريرذات مصداقية وطنية ودولية.
عن الأوساط المعارضة للحريات الفردية استضاف البرنامج "محمد الفيزازي" أحد رموز السلفية الجهادية والمعتقل السابق على خلفية أحداث 16 ماي الإرهابية التي استهدفت المعابد و المدنيين لمجرد تواجدهم في مطعم يتناولون العشاء مع أبنائهم مخلفة العشرات من القتلى ،وعن الاتجاه المؤيد للحريات الفردية كما هو متعارف عليها كونيا وشموليا في منظومة حقوق الإنسان "بشير الزناكي" أحد أعضاء حركة لكل الديمقراطيين وعضو بحزب الأصالة والمعاصرة الذي ينصب نفسه مدافعا عن الحداثة وعن منظومة حقوق الإنسان والضيف الثالث حاتم بكار محامي وقانوني .
ليتأكد أن اختيار البرنامج اختيارا مغرضا ليس هدفه تنويرالرأي العام وليس فتح نقاش عمومي وليس تقريب وجهات النظر في قضايا إشكالية وحساسة إذا ما استحضرنا النسب العالية للأمية الأبجدية والفكرية وهيمنة الموروث الوهابي المتكلس على فئات واسعة من الشعب المغربي ،وموجة النفخ في السعار المذهبي والطائفي التي تمارسه علانية مجموعة من فقهاء السلطة مقابل الصمت على النهب والشطط والفساد المالي والإداري الذي تعج به البلاد ،فإن أحمد عصيد كمثقف له باع طويل في التناظرووضوح الرؤية والتشبع بالمرجعية الحقوقية وربما يعتبرمن خيرة من يمكن أن يدافع عن الحريات الفردية والعلمانية وشرعة حقوق الإنسان دون مواربة ودون تحفظ ودون خوف من أن يفقد قاعدة انتخابية أو شعبية مصطنعة لأنه مثقف مستقل ينتصر لمرجعية حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها،ولأن الهدف من إدراج هذا الحوار ليس كما قلنا الحوار والتناظروتقريب وجهات النظر بل الأهداف التي سبقت الإشارة إليها فإن أحمد عصيد فطن للأهداف الخسيسة ورفض الحضور.

على عادتها تكرس القنوات الرسمية المغربية عنوة خدامها وأبواقها كرموز ممثلة لاتجاه فكري أو سياسي أو حقوقي فهل "محمد الفيزازي" مثلا يمثل المسلمين المغاربة آخدين في الاعتبار أن المسلمين المغاربة منهم من يمارس الشعائر الدينية ومنهم من لايمارسها ، بل ومنهم يصلي ويشرب الخمرويرفض العنف والتحريض على الكراهيىة الذي لازال يمارسه الفيزازي ،وبمعنى أوسع منهم من يمارس الشعائر الدينية ويمارس طقوسا يفترض عدم اندراجها في الدين الإسلامي كما هو شأن معظم المغاربة،السؤال هو بأي معيار يمكن اعتماد شخص ما ممثلا للمسلمين المغاربة ؟ إن كان بالقوة التنظيمية فلماذا لايتم اختيار أحد أعضاء جماعة العدل والإحسان مثلا وإن كان بالمقياس الصوفي فلم لايتم اختيار أحد رموز الزاوية البودتشيشية ،أما إن كان الإسلام الرسمي التي تحتكره الدولة فأعتقد أن أحد أعضاء ما يسمى المجالس العلمية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من يجب أن يمثل تجاوزا المسلمين المغاربة ،تكريس "محمد الفيزازي" إيديولوجيا في هذه المرحلة واضحة الأهداف إذ في كل لقاءاته يهاجم المختلفين معه بتهم الخروج عن "ثوابث الأمة" وعصيان "إمارة المؤمنين" والخروج عن الدين الإسلامي ،هذا عن فقيه السلطة الذي اعتبر احتجاج سكان طنجة على فواتيرشركة أمانديس فتنة ،وعن تسريبات وثائق باناما أنه مجرد فقيه .

في المقابل تحاول الدولة جاهدة تكريس رموز الأصالة والمعاصرة للدفاع عن منظومة حقوق الإنسان ،فكيف لحزب يعاني من خطيئة الولادة بخروجه من أحضان السلطة وابتلع خمسة أحزاب واشترى ذمم العديد من النخب في دينامية مصطنعة خلخلت المشهد السياسي لتأبيد الاستبداد والتحكم أن يمثل الحداثة إنها حداثة معطوبة ،حداثة مخزنية فوقية،الحداثة ليست فقط الدعوة للمساواة والحق في الإجهاض وإلغاء عقوبة الإعدام والمساواة في الإرث ،من أهم ركائز الحداثة صياغة دستور ديقراطي وليس ممنوحا يقربفصل السلط وبالسيادة الشعبية والحكم للقانون وربط المسؤولية بالمحاسبة والتوزيع العادل للثروة والمساواة الفعلية بين المرأة والرجل وسمومنظومة حقوق الإنسان على القوانين المحلية والوطنية ،فهل يستقيم الدفاع عن الاستبداد والدفاع في الأن نفسه عن منظومة حقوق الإنسان؟ وعلى نفس المنوال فإن الأصالة والمعاصرة كحزب ولد خارج معايير ومواصفات الحداثة لايمكن أن يمثل الحداثة ،فإن بالمقياس الكمي والنضالي والرؤية الواضحة فلا يوجد أفضل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تسترشد بالمرجعية الحقوقية دون تجزيئ ودون انتقاء ودون اعتبار للتقديرات السياسية ولالميزان القوى كما هو الشأن مع الأحزاب السياسية ،وإن كان على صعيد الأفراد فالمجال لا يتسع للعديد من الأقلام ومن المثقفين الذين لهم من الاطلاع ومن السعة الفكرية والقدرات التواصلية ما يؤهلم للدفاع عن هذه المنظومة ،إنه لمن طرق التحايل والالتفاف الإعلامي أن الدولة حين تريد تبخيس قضية ما تستضيف متقفا ضعيفا مرتبكا للدفاع عن هذه القضية وبذلك يضرب الإعلام الرسمي عصفورين بحجرة واحدة.

خلصت حلقة البرنامج إلى ألا أحد قادر للدفاع عن أطروحته خاصة أمام الاستخدام المعهود لعبارت مغلفة بالدين لا تخلو من استعداء وتحريض وتأليب وتخوين متقمصا فيها "محمد الفيزازي" نفسه مفوضا إلاهيا لاينطق عن الهوى خاتما مداخلته بأن لااجتهاد ولاعقل ولاعصرولاهم يفسرون، هناك فقط نصوص محكمة قطعية إلاهية غير قابلة للنقاش ،تذكرت وأنا أستمع في القرن الواحد والعشرين لمثل هذا الكلام النمطي الموغل في الانحطاط الفكري الذي لانزال نجتره تذكرت في كمن يبحث عن عزاء أن "محيي الدين بن عربي" والذي تفصلنا عنه حوالي ثمانية قرون والذي عاش في الأندلس في العصر الموحدي قال عبارة تلخص وتكثف جوهر وروح منظومة حقوق الإنسان :"لن تبلغ من الدين شيئا حتى توقر جميع الخلائق"
قالها "ابن عربي" في أتون الحروب الصليبية وقبل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق الدولية وفي وقت لازالت فيه أوربا تترنح فيما يسمى العصور الوسطى ،"محيي الدين بن عربي" الذي شكل مثالا ليس للبحر الأبيض المتوسط فقط بل للفكر الإنساني متجاوزا حدود الزمان والمكان ،ونموذجا للحوار والتعايش التلاقح ،أليس هو القائل في قصيدة اتسع فيها قلبه للمسيحي ولليهودي وللوثني وللمسلم ولأن الحب دينه وإيمانه
قد صار قلبي قابلا كل صورة فمرعى لغزلان وديرا لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف وألواح توراة ومصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني

نفوس ابن عربي والحلاج وابن سينا وابن رشد وغيرهم أصلحتها النصوص وسمت بها لمناشدة الحرية
والتعايش والحوار وحلقت بها عالية على خلاف نفوس كثيرة لم تستطع نفس النصوص إصلاحها جاءتنا
فقط بالذبح والنخاسة والقتل والتكفير .



#الهيموت_عبدالسلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهجمات الانتحارية على بلجيكا وماذا بعد؟
- داعش التي في فكرنا
- التصفيق بين الطقس الاحتفالي والممارسة القهرية
- حول قاموس الأحزاب السياسية بالمغرب
- ما يجب أن نعرفه عن تقاعد الأجراء وعن تقاعد ومعاشات الوزراء و ...
- هل أتاكم خبر مشاركة المرأة السعودية في الانتخابات؟
- الإبداع بين المسلمين والإسلاميين
- على شفا الانفجار الثوري !!! كما تراءى ذات يوم لجون واتربوري
- هجمات 13 نوفمبر على باريس : السياق والتداعيات
- أمانديس : تدبير مفوض أم سرقة موصوفة للشعوب
- -محمد العريفي- يخدم الدين الإسلامي أم يستخدمه؟
- حتى لا نشيع جنازة العقل
- أثرياؤنا وأثرياؤهم والعمل الخيري
- حكاية صور مغربية...والوهابية
- داعش : عودة إلى التوحش
- تونس الثورة التي تولد كل يوم
- تقرير تركيبي لمجريات ندوة حول التقاعد
- أضواء على الوهابية
- علي أنوزلا الصحافة الإرهاب
- فصل المقال فيما بين العمل السياسي والثقافي والحمار من اتصال


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - الهيموت عبدالسلام - لاتصلح النصوص ما أفسدته النفوس