|
بين مغالطة - الاجماع الوطني - الاجماع الفاسد ، واقرار سيادة الشعب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5140 - 2016 / 4 / 22 - 23:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بين مغالطة " الاجماع الوطني " الاجماع الفاسد ، وإقرار سيادة الشعب كل المتتبعين الحريصين للشأن العام ، يجمعون على ان الطابع السائد في الخطاب الايديولوجي والسياسي للنظام القروسطوي المنتمي الى الزمن الميت ، يبقى الازدواجية الحربائية ، حيث نجد من جهة ، المفاهيم الغارقة في اللاهوتية والرجعية وفي التخلف المديني ، ومن جهة اخرى ، نجد التهافت الفلكلوري الليبرالي في الشكل واللهجة . وهذا يطرح المعادلة القائمة على الصعيد الاجتماعي ، بين الاصولية الاقطاعية للدولة المخزنية ، والتطلع نحو الليبرالية والعصرنة والحداثة المشوهة . ان هذا الاختلاف والازدواجية في التعامل مع المنطلقين ، ادى الى فرز فهمين ، وممارستين متعارضتين للعمل الديمقراطي بالمفهوم المخزني . الاولى تقوم على قاعدة عدم المس بمشروعية النظام الرجعي اللاديمقراطي القائم ، بل والمساهمة في تثبيت تلك المشروعية المفروضة منذ قرون بالحديد والنار ، وبكل وسائل الضبط المرئية والمستترة ، تحت تغطية شعار " الاجماع الوطني " ، الاجماع الفاسد الذي يؤلف بين مكونات النخبة السياسية على اختلاف مواقعها ، حكم ومعارضة ضمت منذ العشرية الاولى من الالفية الثالثة احزاب المعارضة النيو – مخزنية التي تحاول لعب دور المعارضة البناءة للمعارضة المخزنية منذ ثمانينات القرن الماضي والى اليوم ، وعلى هذه القاعدة ربط التيار النيو – مخزني ( الطليعة والاشتراكي الموحد ) موجة " التحرير " بالجلوس مع احزاب مثل حزب محمود العرشان وحزب بنكيران وغيرهما من الاحزاب الملكية الاخرى بدعوى الدفاع عن قضية الصحراء الغربية ، و " الديمقراطية " من خلال مشاركتهم في الاستحقاقات التي جاءت على اساس ( التعديل ) المقلب الذي عرفه دستور 2011 الممنوح ، رغم انهما قاطعا التصويت على المقلب بدعوى انه دستور النظام ، وليس بدستور الشعب . وهنا فان التيار النيو – مخزني انطلق من ان : 1 ) الانتخابات وسيلة لتحسين " صورة المغرب وسمعته " لدا الرأي العام الدولي ، وبالتالي دعم المعركة الدبلوماسية المغربية في قضية الصحراء . 2 ) الانتخابات توفر للبلاد مؤسسات ديمقراطية ، مما يشكل دعما " للجبهة الداخلية في وجه المناورات والاعتداءات الخارجية " ضد الوحدة الترابية . 3 ) كما ان الانتخابات تعتبر مدخلا لتطبيق برنامج انقاد وطني ، وبخاصة في المجال الاقتصادي الذي وصل مشارف الكارثة . والسؤال لهؤلاء : هل المشاركة في الاستحقاقات الصورية تعتبر حقا مدخلا لتطبيق برنامج انقاد وطني ، ام هي كذلك ، لانقاد النظام الذي اضحى معزولا دوليا بسبب الديمقراطية وقضية الصحراء ، وداخليا بسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة ؟ ان الموقف الوطني الديمقراطي يعتبر ان تعامل النظام مع القضية الوطنية ، هو بمقياس دعم مصلحته السياسية الخاصة ، وان تقديم هذه المصلحة على انها مصلحة وطنية منزهة عن الصراع الدائر بين النظام والجماهير الشعبية ، إنما هو تزييف لطبيعة القضية نفسها ، وإقحام للعمل السياسي كله في خط النظام ، وإبعاده عن الخط الوطني المستقل . ان التبريرات المقدمة من قبل هؤلاء تنقصها الجدية والقدرة على الاقناع ، لا سيما وان النيو – مخزن دخل الانتخابات من باب " الاجماع الوطني " ، مما قاده سريعا الى بت الخلط والغموض حول طبيعة المعركة ايضا ، التي تحولت الى معركة دنكيشوتية ضد " اعداء الديمقراطية " المجهولين ، الذين لا يعرفهم إلاّ اقطاب الاصلاح المخزني . ان اكبر وهم حاول هؤلاء زرعه في أذهان مناضليهم ، هو نزاهة الحكم وبراءته من كل الخروقات والممارسات اللاديمقراطية ، منذ ان طرح شعار " المفهوم الجديد للسلطة " ، حيث يتعرض المواطنون لأبشع اساليب القمع المخزنية المعروفة منذ خمسينات القرن الماضي . فغداة الاستحقاقات الفائتة ، لم يلجأ زعماء الاصلاح الى استخلاص الدروس من تجربتهم المرة ، بل سارعوا الى تبرئة ذمة الجهات العليا ، مركزين على عدم تطبيق التوجيهات والأوامر " السامية او العليا " من طرف وزارة الداخلية ، وكأن هؤلاء تحركهم العفاريت ، لا التوجيهات " السامية " . لن نطيل الحديث عن الطرح الاصلاحي للديمقراطية ، فقد افتضح امره عند الخاص والعام ، وبات طرحا معزولا في الساحة ، بعدما جمع حوله ما جمع من دخلاء ، ومنتفعين ، ووصوليين ندموا عن ما اضاعوه من مكتسبات طيلة السنوات العجاف . فقرروا ألاّ يلدغوا من الحجر مرتين ، لكن نتائج الانتخابات ابانت ، انهم في واد والشعب في آخر ، وبعدما تحطمت مغالطة " الاجماع الوطني " تحت ضربات الموقف الشعبي الذي قاطع العملية الانتخابية ، وتضحيات القواعد المناضلة التي رسمت باستماتتها ووفاءها لشهداءها من عبدالسلام المؤذن الى محمد بوكرين ، الى عمر بنجلون ... الخ ، وللعمل الثوري ، خطا وطنيا مستقلا في كل القضايا الوطنية منها والديمقراطية ، رافعة شعارا دقيقا يربط بين المهام المرحلية والتطلعات الاستراتيجية ، ألا وهو شعار فك الاجماع حول النظام المخزني ، والتقدم نحو الوحدة الشعبية الحقيقية . وقد كان هذا الشعار ولا يزال ، بممارسته التنظيمية والجماهيرية ، مقياس فرز جوهري داخل الحركة التقدمية المغربية ، بل والساحة السياسية ككل ، حيث اعاد وضع الصراع الديمقراطي على حقيقته ، اي كمواجهة ايديولوجية وسياسية وطبقية لسياسة الحكم ، ومفاهيمه التي غلفها بشعار " المسلسل " الديمقراطي ، والتقت فيها مصلحته مع مصلحة فئات اخرى ، عبرت عنها تنظيمات وقوى سياسية متباينة ، هي البرجوازية المتوسطة ، من خلال حزبها ، والإصلاح من خلال مواقعه " القيادية " . وباختصار ، فان الخط الوطني المستقل ، بتمكنه من عزل اطروحات النظام والإصلاح معا ، وتطويق اثرها السلبي على الجماهير ، قد اعاد الاعتبار لمفهوم النضال الديمقراطي بمعناه الثوري ، ومن خلاله لمفهوم السيادة الشعبية ، في انصهارها مع النضال الاجتماعي اليومي للجماهير الكادحة . فإذا كان النضال الديمقراطي بمعناه الاصيل ، وليس بما الصق به من تشويهات وتحريفات انتخابية ضيقة ، يقتضي فرز العدو الاساسي والعدو الثانوي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الوطني ، والتصدي لتكتيكه السياسي بخط وطني مستقل ، فإن الانفتاح الذي يجب ان يسود في الحقيقة ، يجب ان يكون بين القوى الديمقراطية الحقيقية التي يوحد بينها هدف اقامة سلطة وسيادة الشعب ، وتحرير البلاد من السيطرة الامبريالية التي تحيك مؤامرة كبرى لوحدة الدول والشعوب العربية في افق خلق سايكس بيكو جديد بالمنطقة الشرق اوسيطة والمغاربية . لذلك يجب القول ، ان لا اجماع حقيقي غير الاجماع الشعبي الجماهيري حول ضرورة الديمقراطية الحقيقية كعنوان لمرحلة التحرر الوطني بكاملها .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية - - ا
...
-
ألإقطاعية المخزنية والانتخابات
-
إقرار السيادة للشعب
-
- كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون - اتق الله يا جلا
...
-
قرار مجلس الامن المرتقب حول نزاع الصحراء
-
مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير
-
هل الصحراء مغربية ؟
-
هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا
...
-
التجييش والتهييج
-
هل تعترف الامم المتحدة بالجمهورية الصحراوية ؟
-
وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال
-
المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
-
في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
-
اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
-
النظام الملكي في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن والامم المتحدة
-
الدولة القامعة
-
عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه
-
تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
-
سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا
...
-
لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من
...
المزيد.....
-
تطايرت القمامة على وجهه.. شاهد ما حدث لعامل خدمة نظافة بعد ت
...
-
شاهد كيف سلّمت كتائب القسام رهائن اسرائليين للصليب الأحمر في
...
-
ابتعد عن شراء ما يسوّقه لك المؤثرون، ربما ستدرك حينها أن ما
...
-
لا إعفاءات حتى الآن..البيت الأبيض يعلن تطبيق رسوم ترامب الجم
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد وصول رهينتين إلى إسرائيل أفرجت عنهما ح
...
-
رسائل -حماس- الصريحة لتل أبيب والعالم لكسر جانب من هيبة الجي
...
-
-القسام- تسلّم الأسير الإسرائيلي الأمريكي الثالث للصليب الأح
...
-
كيف تُسقط دولة دون إطلاق رصاصة؟
-
أحدهما روائي.. أسيران مقدسيان في رابع دفعة من -طوفان الأحرار
...
-
13224 مهاجرا عربيا غير نظامي بأميركا يخشون الترحيل
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|