|
أديب في الجنة (65) * اختلاط الجن بالإنس !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5140 - 2016 / 4 / 22 - 08:24
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة (65) * اختلاط الجن بالإنس ! لم يكد الجمهور ينتهي من التصفيق للشاميات حتى ظهرت في أعماق المحيط أفواج من نساء الكرة الأرضية لا حصر لهن ، فظهر فوج عربيات من مصر والعراق والمغرب والخليج والجزائر كما ظهرت أفواج لنساء آسيويات من كردستان وإيران وتركيا والصين واليابان وأندونيسيا وماليزيا والهند وباكستان ، وأفواج لنساء سود من افريقيا ،وأفواج لنساء من أوروبا وافواج لنساء من الأمريكيتين ... كادت الإمبراطورة أن تطير من الفرح والملك لقمان يضعها في عالم من أساطير الأساطير التي لم ولن ترى مثيلا لها على الإطلاق ، ولم تعرف كيف تشكر الملك لكل هذا العالم فوق الخيالي . اختلط الجن بالإنس وحور العين السماويات بحور العين الأرضيات والشباب ببنات الأرضين وبنات السماوات ومخلوقات البر بمخلوقات البحر والشعب المرجانية بالورود والنباتات ، فقربت المسافات وشدت الألحان وترنمت الأوتار وشنفت الأسماع بما لم تسمعه آذان وتمتعت الأنظار بما لم تبصره عيون ، وعبقت العطور وأوغلت الأحلام في روعة عجائب المكان ، وسما الذوق وبودلت القبل والعناق والتفت في لجة الماء سيقان الشباب بسيقان الفتيات ، حتى سفافيد الشواء تألقت رقصا في عالم سما بالحب معلنا محبة الخالق للمخلوقات ! نهضت الإمبراطورة إلى الرقص مرتدية ملابس سباحة فنهضت الملكة نور السماء والملك لقمان والإمبراطور وربة الجمال ونسمة وأستيروعناة وكل من كانوا على موائد الطعام .. وشرع ملك الملوك شمنهور الجبار في تقليب فتيات الجن والإنس على راحتي يديه وقد كبر حجمه ليغدو كطود زلزل أعماق المحيط ،فشرعت الفتيات على التشبث بيديه الهائلتين لترقيص سيقانهن وأجسادهن في الماء والتسلق عليهما، أو السباحة على صدره الفسيح ليتقلبن عليه ويقهقهن وهن في غاية الفرح والسرور . حين عاد الملك والملكة والإمبراطور والإمبراطورة إلى موائد الطعام دعا الملك جميع الإنسيات وجميع الحوريات للمشاركة في تناول الطعام . حلقت سفافيد الشواء في أعماق المحيط وقد تفوحت رائحة الشواء لتعم الأعماق . هتف الإمبراطور متسائلا بدهشة : -هل يعقل أن تخرق قوانين الطبيعة إلى هذا الحد غير المعقول ؟ استغرب الملك السؤال ، إذ بدا له أن الإمبراطور غير قادر على تقبل وجود عالم خارق لكل القوانين الفيزيائية والكيمائية وكل قانون حتى ما لم يدركه عقل بشري بعد ! هتف : - ألا ترون جلالتكم أن من أبدع القوانين وأوجدها قادر على خرقها ؟ عبث الإمبراطور بشعر رأسه وهو يرنو إلى بخار يصعد من سفود العجل الصغير المتوقف على ارتفاع من المائدة وقطع اللحم تفصل عنه لتحط في أطباق الآكلين . وما لبث أن هتف : - لا أعرف أشعر أنني في عالم فوق طبيعي وليس خارقا للقوانين فحسب . - هي فوق طبيعية وخارقة لك أنت وربما لي أيضا لكن ليس لمن أوجدها ! - كيف لا تكون خارقة لمن أوجدها ؟ - لأنها لا شيء إذا ما قورنت بالوجود المطلق الذي أوجده . - وإذا كان موجدها هو الطبيعة ؟ - تكون الطبيعة هي الموجد وبمعنى أدق : الخالق . وهي في هذه الحال قادرة على خرق قوانين أوجدتها ! - ولماذا تريد خرق ذلك في هذا الجو والمكان بالذات ؟ أدرك الملك أن الإمبراطور بدأ بتعقيد الأسئلة . تسأءل : - ألم تطرح جلالتكم هذا السؤال من قبل ؟ - نسيت ! - أظن أنك طرحته وأظن أنني أجبت ! - أكون شاكرا لو أجبتني مرة ثانية ! - حسنا ! ثمة احتمال أنها تريد أن تقول لنا . أيها البشر مهما فكرتم لن تتوصلوا إلى حقيقتي المطلقة ،أو شبه المطلقة، بسهولة . لذلك ينبغي عليكم أن توظفوا عقولكم على وجهها الأكمل قدر الإمكان لتصلوا إلى حقيقتي ، وحقيقتكم ،والغاية من وجودكم ! وثمة احتمال آخر يتعلق بتحقق ما أتخيله أنا من قبلها ، فتقف إلى جانبي ، لأن غايتي في نهاية الأمرتتفق إلى حد ما مع غايتها . - ولماذا أنت بالذات وليس أحد غيرك ؟ - لأنني قد أكون الوحيد الذي سعى إليها واتفق سعيه مع غايتها. - ألم تسعى هي إليك ؟ - لا أظن ، فهي لا تسعى إلى أحد يفترض أن الغاية من وجوده معروفة لديه ، لكن حين رأت أن سعيي دون الآخرين يتفق مع غايتها . وقفت إلى جانبي . - وما هي غايتها ؟ - أن تحقق وجودها على شكله الأكمل ،وإن شئت تحقق ذاتها ! - وكيف يمكن أن يكون وجودها الأكمل ؟! - سبق وأن تطرقنا إلى هذا الأمر . ليس هناك غاية أجمل ووجود أكمل ، من تحقيق قيم الخير والحق والعدل والجمال . - وهل هذا الأمر لن يتحقق إلا بعمل الإنسان ورقيه ؟ - أجل . فهو منها وهي منه . - ولماذا لم تحققه هي وحدها دون الإنسان ؟ - لماذا تفصل وجود الإنسان عن وجودها ، فالإنسان أرقى ما أوجدته ، ليشاركها، وإن شئت ليساعدها في عملية الخلق والغاية منه ؟ ولو أنها قادرة على تحقيق ذلك دون عقل الإنسان وعمله ، لفعلت ، وقد تفعل كما خلقت الوجود دون أن يكون هناك إنسان ، لكن هذا قد لا يتم قبل مليار سنة أخرى ؟! - وهل ترى جلالتكم أن الإنسان يسير في الإتجاه المفترض له أم أنه شذ عن القاعدة ؟ - يمكنني القول أن الإنسان بشكل عام شذ عن القاعدة ، بدليل الحروب والقتل والدمار وعدم نصرة الحق وتحقيق قيم العدل والجمال بين الأمم، فالمصالح الذاتية والخاصة والأنانية ما زالت تتحكم بالإنسان ،حتى تكاد المحبة أن تنتفي بين البشر، ومع ذلك يمكن القول أن ثمة شعوبا بدأت تتلمس طريقها نحو حضارة إنسانية تحترم الإنسان ، وثمة علماء ومفكرون وفلاسفة وأدباء ساهموا في ذلك أيضا وما زالوا يساهمون في تطوير الحضارة ، إنما بشقيها الإيجابي والسلبي . فلا يمكن مثلا اعتبار صناعة أسلحة الدمار بكل أنواعها تساهم في تطوير الحضارة الإنسانية ، هي تساهم في تطوير حضارة القتل ، وتفوق القوي على الضعيف . والسبب بكل تأكيد هو أن الإنسان لم يعرف بعد الغاية التي وجد من أجلها ، وأن وجوده لا ينفصل عن الوجود ، بغض النظر عما إذا كان الوجود وموجده هو الطبيعة أو الخالق أو حتى الله في مفهومه المطلق كخالق وليس كإله يحتاج إلى عبادة، بل إلى خالقين ومبدعين يساهمون معه في عملية الخلق وتحقيق الحضارة الإنسانية ، وإن شئت الكونية . ظل الإمبراطور متفكرا للحظات ليهتف : أشكر جلالتكم .. رغم أن أسئلتي تكاد تكون مكررة إلا أن إجاباتكم تغنيها كل مرة عن سابقتها وتضيف إليها ما هو جديد . رفعت الإمبراطورة كأس الملك والإمبراطور لتشرب نخبهما ، فرفعت الملكة كأسها لترفع آلاف الكؤوس بل ولتقرع محدثة رنينا في أعماق المحيط . **** يتبع .
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وجود خالق مشروط بوجود خلق ! شاهينيات 1179
-
أديب في الجنة (64) * حوريات عربيات يسبحن في أعماق محيط في ال
...
-
أديب في الجنة (63) * لو آمنت البشرية بالمحبة الإنسانية وحدها
...
-
أديب في الجنة (62) * الإمبراطور يتمتع بتذوق طعم القُبل !
-
أديب في الجنة (61) * حُب وقُبل ما بعد الموت !!
-
أديب في الجنة (60) * سحر الألوهة المؤنثة لربة الجمال يتجلى ر
...
-
بين الحالمين بحور العين والحالمين بالإنسان السوبر !
-
أديب في الجنة (59) * النهود الجامحات العابثات الدانيات !
-
أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق !
-
أديب في الجنة . الجزء الأول.
-
أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !
-
أديب في الجنة 56 * في الحقيقة والغاية !
-
أديب في الجنة (55) * في العقل ونشأة الكون!
-
أديب في الجنة (54) * الرقص في الزمن المتوقف في المكان الكوني
...
-
أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
-
أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
-
أديب في الجنة 51 * ألخالق العظيم !
-
أحلام مادية طاقوية ! (1) شاهينيات 1178
-
مفهوم الألوهة الملتبس بين وجود إله أو عدمه ! شاهينيات ( 1177
...
-
في الألوهة وشرط وجودها ! شاهينيات (1176)
المزيد.....
-
شاهد.. -موسى كليم الله- يتألق في مهرجان فجر السينمائي الـ43
...
-
اكتشاف جديد تحت لوحة الرسام الإيطالي تيتسيان!
-
ميل غيبسون صانع الأفلام المثير للجدل يعود بـ-مخاطر الطيران-
...
-
80 ساعة من السرد المتواصل.. مهرجان الحكاية بمراكش يدخل موسوع
...
-
بعد إثارته الجدل في حفل الغرامي.. كاني ويست يكشف عن إصابته ب
...
-
مهندس تونسي يهجر التدريس الأكاديمي لإحياء صناعة البلاط الأند
...
-
كواليس -مدهشة- لأداء عبلة كامل ومحمد هنيدي بفيلم الرسوم المت
...
-
إحياء المعالم الأثرية في الموصل يعيد للمدينة -هويتها-
-
هاريسون فورد سعيد بالجزء الـ5 من فيلم -إنديانا جونز- رغم ضعف
...
-
كرنفال البندقية.. تقليد ساحر يجمع بين التاريخ والفن والغموض
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|