رضا محافظي
الحوار المتمدن-العدد: 1389 - 2005 / 12 / 4 - 13:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن لعنة الذنب لم تبرح كاتبة الدولة للشؤون الخارجية مادلين اولبرايت بشأن ما ارتكبته ادارتها في حق أطفال العراق عن طريق حصار رهيب أودى بحياة الكثير من ملائكة الأرض . عقد من الزمن كان مدة السجن الذي فرضته الادارة الأمريكية - بتواطئ و مباركة الكثيرين - على الشعب العراقي برمته ، مانعة عنه الطعام و الشراب و الدواء ، في أكبر عملية ابادة ذات طابع شرعي و رسمي دولي و بهندام حضاري مزيف .
الآلاف من الشعب العراقي قضوا من جراء ذلك الحصار و لم تجد الأصوات التي نادت هنا و هناك من أجل اعادة النظر في القضية آذانا صاغية . لقد صمت كل الآذان ، و أغلقت كل الأبواب و أصدر الرب الأمريكي أمره : ليذهب الشعب العراقي الى الجحيم .
توالت النداءات لكن لا مجيب ، فبحت الأصوات ، و حلت مكانها الأعين تشاهد من بعيد هول المأساة و تبعث الحسرات الى القلوب . كم كانت أنّات أولائك الأطفال و الثكالى مؤلمة للقلوب و كم كانت تبعث في النفس العربية الحرة الحزن العميق من مرارة الذل و الهوان . الملايين من العرب لا يستطيعون تلبية نداء طفل بريء ضعيف مستغيث يطلب قليلا من الحليب ، و تبقى تتفرج عليه الى أن يقضي جائعا . جيل من الشعب العراقي مسحته من الوجود قسوة نفوس مريضة .
تأتي الآن كاتبة الدولة الأمريكية السابقة للشؤون الخارجية و تكتفي بالاعتذار عن موقفها المخزي من معاناة أطفال العراق . و كأنه لم يكن ممكنا لها يوم أن كانت وسط بهرج الساحة الديبلوماسية الدولية و أضوائها اللامعة أن تدرك فظاعة ما ترتكبه الادارة التي كانت من مسؤوليها النافذين . لم تكن تعنيها آهات الأمهات و هن يبكين دما بدل الدمع ذبول فلذات أكبادهن بين أيديهن ببطء و هن لا يستطعن فعل أي شيء . لم يكن يعنيها و لم يكن يؤثر فيها صراخ طفل صغير من شدة الجوع أو من شدة ألم المرض . لم يكن يعنيها ابادة جيل بكامله بحجج بدا للعالم اليوم زيفها . لم يكن يعنيها الا أن تضع ادارتها يدها على بلد بخيراته مهما كان الثمن حتى و لو كان ذلك الثمن أطفالا أبرياء لا ذنب لهم .
هل يكفي الاعتذار يا أولبرايت ؟
جوبي ربوع العراق على شساعتها و اطرقي باب كل بيت هلك به صبي جوعا أو مرضا ، قبلي رأس كل أم ذاقت مرارة ذوبان ابنها بين يديها و لم تستطع فعل شيء له ثم قبلي قدميها ، اسألي كل قبر به جسد طاهر لطفل بريء ، فسيقال لك ما قيل لوائد البنات : بأي ذنب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
#رضا_محافظي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟