|
ماذا بعد الدين .. ؟
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 13:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سألتني ابنة العشرين عن ما هية العقيدة او الايمان اللاحق للدين. . ولم يفاجئني هذا السؤال حقا لانني افصل دائما بين الدين كعقيدة ووجود الله كخالق للكون. . فالدين هو مجموعة القواعد والعقائد والطقوس الواجبة الاتباع من قبل الاشخاص المتدينين. . اما الله فهو الصانع للكون والخالق للحياة . فأذا ادركنا ان الطبيعة عاقلة وان الكون منظم بشكل دقيق وعقلاني ومنطقي ، فهذا يدفعنا للاعتقاد بوجود كينونة عاقلة لكل هذه الاشياء ، وبالتالي فان الله واجب الوجود . وهذا لا غبارعليه حيث يمكن عبادته والتواصل معه بأية طريقة يراها المرء مناسبة له . وبذلك فأن الايمان بالله وطاعته هو موقف فردي انساني ، اما الدين الذي نظم المجتمعات البشرية على مر التاريخ فقد تغيرت طقوسه وقواعده بتغير الازمان ، فقد بدأ بالطوطم في المجتمعات البدائية ثم تحول الى مجموعة من الالهة على النمط الروماني واليوناني ، ثم الديانة التوحيدية التي اسسها النبي ابراهيم . وجاءت من بعده الديانات اليهودية والمسيحية والاسلامية . ان الايمان بالله الواحد الاحد ، هو الايمان المجرد بقوة خارقة غير مرئية ولا ملموسة. . ولما كان الانسان يبحث دائما عن اشياء منظورة ومحسوسة للايمان بها فقد نكصت الاديان كثيرا ، ولا زالت تتخذ منحا" ماديا" للدلالةعلى وجود الله ، من تقديس صنم ليكون واسطة بين الانسان وربه اوالايمان بالاحجار اوالخواتم التي تجلب الخير والرخاء ، وكذلك الصور والاسماء والتكيات التي تقربهم الى الله. . وقد عمل الضالعين بامور الدين وعلى مدى التاريخ القريب والبعيد على تأليف الكتب لارشاد الناس الى مبادئ وعقائد هم يؤمنون بها ويدعون بأنها منزلة من الله وما هي منه ، فاضافوا القدسية على كثير من الكتب وعلى كثير من الاسماء. فزادت الطقوس المقدسة عند البشر على مر التاريخ ، ولا زالت الطقوس تكثر يوما بعد يوم ، وما زال الناس يقدسون المادة والبشر حتى ابتعدوا عن روح الدين والرسالات الاساسية ، فأمتزجت الاراء الفردية والعادات القبلية والاجتماعية مع المبادئ الاساسية للدين. التي بشر بها الانبياء والرسل . وقد تمسك كل مجتمع من المجتمعات بطقوسه الدينية واعتبرها هي الاساس والواجبة التنفيذ ، ونبذ كل الطقوس الاخرى ، بل اعتبرها خارج الدين الذي يؤمن به . وبذلك فأن الدين قد انحرف عن وظيفته الاخلاقية والانسانية واصبح يثير مبدأ اللاتسامح والعداوة . فتحولت الطقوس الدينية البسيطة الى عادات وتقاليد معقدة وضارة بالفرد والمجتمع ولم تعد المبادئ الدينية وسيلة لضبط المجتمع ، كما لم تعد تواكب التطور الانساني في الحفاظ على المبادئ الاخلاقية او تضمن الحقوق الاساسية للفرد ، فكل شئ اصبح مسموحا لترسيخ مبادئ الافكار الدينية المتجددة ، وحل الكذب والسرقة وخيانة الامانة والكره والبغضاء محل المبادئ المثالية الاولى. . كما عجزت الاديان في الوقت الحاظر على ان تكون منهجا للحياة للدول والمجتمعات. وقد نبذتها المجتمعات الاوربية منذ امد طويل فتحررت من سطوة الدين . وعندنا فشل الدين في ادارة الدولة . مثل السعودية القائمة على المبدأ الوهابي ، وايران القائمة على مبدأ ولاية الفقيه وتركيا على مذهب الاخوان المسلمين ، والعراق الذي تنازعته المذاهب . ودبت الفوضى في الباكستان والصومال وافغانستان واليمن وكثير من بقاع العالم ، لعدم وضوح المعالم الدينية في بناء الدولة والمجتمع. . ولما كان النبي محمد ( ص) هو خاتم الانبياء ، فليس هنالك من دين جديد يحل محل هذه الفوضى التي صنعناها بأنفسنا على مدى دهور من الزمن . وبالنتيجة فأن المعرفة والمبادئ الانسانية وحقوق الانسان وحقوق الحيوان والضوابط الاخلاقية المتعارف عليها هي التي حلت محل الدين . . وهذه المبادئ الانسانية الاساسية هي التي ستكون الحاكمة لكل المجتمعات والدول في العالم ، فقد بلغ الانسان سن الرشد . واخذ يتعامل مع اخيه الانسان ومع بقية الكائنات على الارض وفق الاسس الاخلاقية والانسانية المتطورة ، والتي كان الدين اساسها . ويبقى الله واجب الوجود ، ويمكن التواصل معه وعبادته وشكره وحمده وتعظيمه كعلاقة فردية بين الانسان وخالقه . ادهم ابراهيم
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقتدى الصدر .. والروح البروسية
-
حكم الشيعة
-
السياسات الدافعة للفرقة والتقسيم
-
مافيش فايدة . . . دي شعب زلط
-
اين هو الاسلام . . . ومن هو المسلم
-
من الموصل 1959 الى الموصل 2016 . . .محنة شعب .
-
حول الميليشيات السنية
-
تداعيات فشل الحل السياسي في سوريا
-
اوهام الاصلاح . . . وحتمية الثورة
-
من دبش ... . الى هوشيار
-
توظيف الدين لتغييب الوطن والمواطن
-
هادي العامري وداعش. . . ازمة وطن
-
دورة الصراع والانتقام في العراق
-
مظاهر مدانة من اسباب تخلفنا
-
من هو الطائفي في المشهد العراقي . . . واحتمالات المستقبل
-
انهيار القيم الانسانية
-
التحالف الاسلامي الجديد .. . هل سيحقق اهدافه
-
الخارطة الجيوبوليتيكية لسوريا والعراق .. . والسيناريوهات الم
...
-
تقسيم العراق ... ...من جديد
-
من يريد التخلص من داعش حقا
المزيد.....
-
رئيس مجلس الشورى الاسلامي: لايمكن للاعداء ان يمسوا باستقلال
...
-
رئيس مجلس الشورى الاسلامي: بناء على تصريحات قائد الثورة لابد
...
-
بيربوك تعتبر هجوم 7 أكتوبر نقطة تحول لكل من اليهود والألمان
...
-
ماما جابت بيبي..أحدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على الأقمار ا
...
-
نزلها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ل
...
-
تفاصيل مخطط منسوب لإيران.. الهدف -يهودي- في اليونان
-
غزة.. الاحتلال يقتحم قرية مردا شمال سلفيت ويهدد أهلها
-
تعــرف على موعد انتهاء تسجيل الحج 1446 بالإمارات وخطوات التس
...
-
قائد بحرية حرس الثورة الاسلامية اللواء تنكسيري: نعد أنفسنا ل
...
-
قائد بحرية حرس الثورة الإسلامية اللواء تنكسيري: نحن من يرسي
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|