أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - زواج ماريا براون 1979(راينر فاينر فاسبندر):ميلودراما محرمة عن واقع وحاضر ومستقبل المانيا















المزيد.....

زواج ماريا براون 1979(راينر فاينر فاسبندر):ميلودراما محرمة عن واقع وحاضر ومستقبل المانيا


بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 12:48
المحور: الادب والفن
    


زواج ماريا براون 1979(راينر فاينر فاسبندر):ميلودراما محرمة عن واقع وحاضر ومستقبل المانيا
هو الفيلم الأشهر في تاريخ فاسبندر كله،وهو فاتحة الثلاثية الأشهر في العمل السينمائي الفاسبندري كله وهي التي دعيت فيما بعد ب(ثلاثية ألمانيا الديمقراطية) وفي يصل فاسبندر الى درجة الكمال في توظيف الميلودراما لعكس واقع ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية وانتكاسة المانيا الكبرى،والرؤيا محملة بشيء كبير من التشاؤم سواء كان للواقع أوللحاضر او المستقبل،والاشكالية الفيلمية تخص العناصر الثلاث السابقة،فالواقع الألماني صعب قائم على عدم الرضا،والحاضر المتعلق بهذا الواقع ينظر اليه فاسبندر نظرة مليئة بالحسرة والندم على ماضي غير مسؤولين عنه،بينما المسقبل الألماني المبني بالتأكيد على هذا الحاضرلسان حاله يقول:
ان ألمانيا حتى لو صعدت وعادت بمعجزة ولكن من هو القادر على تخليصها من أحزانها
ماريا براون باختصار هي ألمانيا التي تتحدث عن واقعها وحاضرها ومستقبلها والناطق بلسانها هو احد ابناء جيلها الصاعد والذي صعد مثل بلاده بمعجزة حققها هو بنفسه...بالتأكيد أن افضل من يعبر عن هذه الرؤية هو:راينر فاينر فاسبندر.
الفيلم ميلودراما واضحة لاشك فيها،ولكن يمكن السكوت عنها لعدة اسباب،منها أن أحداثها بدت مقبولة ومشوقة سلسة،على الرغم من انقلاباتها غير المصدقة وحلولها غير المتوقعة وصدفها العمياء التي من الممكن ان تحدث -بالنسبة للزمن الفيلمي-بسرعة تفوق سرعة الضوء،الأمر الذي يدفعنا الى القول وبكل تأكيد وثقة ان فاسبندر الذي اراد منذ بداياته تحقيق سينما سريعة متأثرا بالمخرج الألماني الفار من هتلر الى احضان هوليوود (دوغلاس سيرك)،استطاع ان يحقق ميلودراما خاصة بدت محرمة لايمكن ان يحققها سوى فنان واحد،ومن الاشياء الأخرى ايضا ان الميلودراما من النادر ومن الصعب ان تكون كناياتها مقنعة،بل احيانا يجعل منها الاسلوب الميلودرامي ضعيفة بل وضعيفة الاشارة في نفس الوقت.
القصة بحد ذاتها من الممكن النظر اليها كحكاية فقط مع سرد تقليدي من دون ان نقول عنها بانها تخص المانيا سواء من بعيد أو من قريب،واذا كانت العبرة في النهايات،فنهاية فيلم فاسبندر هذا تعتبر اشهر نهاية حققها فاسبندرواثارت جدلا ما بعده من جدل عندما عرض الفيلم في كان 1979.
الفيلم يبدأ مع صورة لهتلر في زمن من الواضح أنه نهاية الحرب العالمية الثانية،فهتلر هو سبب النهاية وسبب البداية في نفس الوقت،ومن ثم زواج على اصوات القصف والمدافع التي تجتاح دائرة السجل المدني في خضم عقد قران ماريا(هانا شايغولا) على المجند (هيرمن براون)،وتتم اجراءات عقد الزواج بين الانقاض وعلى سبيل الارغام للتغلب على هذا الواقع...قلنا ان ماريا هي المانيا وهذا شيء بالنسبة لنا لايمكن الشك فيه،وعلى المشاهد ومن ثم القارئ ان يربط بين رؤيا فاسبندر والحدث لأن كل احداث الفيلم متعلقة بألمانيا أي بماريا براون.
هانا شايغولا التي رافقت فاسبدر منذ بداياته من زمن الصبى يلعبون لعبة سموها بالسينما،اصبحت هي الرمز التمثيلي الأبرز في سينما فاسبندر،على الرغم من انها شاركته باكثر من عشرين فيلم ولكن سبب اعتبارها هذا الرمز هو هذا الفيلم بالتأكيد.
وهنا ايضا في الثلاثية(ألمانيا الديموقراطية) شيء مختلف،فمع وضع استثناء فيلم(دموع بيترا فون المريرة) يبدو فاسبندر حريصا على استخدام بطولة مطلقة للمرأة وعكس مشاعرها-التي تبدو احيانا مكثفة-على الشاشة،ولكن هذا لن يجعل من فاسبندر مخرجا نسويا منطراز ألمودفار أو حتى بيرغمان في بعض الأحيان.
ماريا الآن وبعد زواج قالت عنه على لسانها بانه استمر لمدة نصف يوم وليلة كاملة،تبحث عن زوجها بين المفقودين في زمن الحرمان وندرة الرجال والطعام،بينما من الممكن أن يدفع عقب سيجارة يرميه احد جنود الحلفاء عشرة أو أكثر من الألمان للتهافت عليه في مشهد غاية في البلاغة عن وضع ألمانيا الصعب.
وحين تقول ماريا عن نفسها اثناء وضعها لمساتها الأخيرة على مكياجها وتسريحة شعرها لتصبح بائعة بيرة في حانة تخص الحلفاء فقط،بانها اصبحت مثل البودل،فهو شيء يشير الى سقوط المانيا ومن ثم انحداراها.
ومن ثم تقع في غرام مجند امريكي اسود تقتله عندما يعتدي على زوجها الذي يعود ليجدها في الفراش مع ذلك الرجل وفي المحكمة تقول:أنا أحترم بيل-المجند الامريكي الأسود-ولكني احب زوجي
الكنايات بالرغم من كل شيء تبدو واضحة،ولكننا لانستطيع ان نطلقها على سبيل اليقين،فاسبندر يحترم الحلفاء نظرا لدورهم للخلاص من هتلر والنازية ولكن ولاء المانيا في النهاية لأولادها...نحن نرفض ان نعلق كل كنايات الفيلم على هذه الشاكلة وقلنا ان الموضوع يتعلق بالمشاهد الذي بدوره بالتأكيد سوف يرفض التعامل مع هذه القصة كميلودراما بحتة بالرغم من انه يستطيع ذلك بل المتعة في هذا الفيلم هو قراءة مابين السطور...
هيرمن الذي كان اسيرا في روسيا يتحمل وزر هذه الجريمة بينما ماريا تحقق صعودا عمليا سريعا في عملها محققة ثروة هائلة في شيء دعي فيما بعد بالمعجزة الاقتصادية مستخدمة مبدأ الغاية تبرر الوسيلة،فهي استخدمت أوزوالد واعطت الجنس احترامه عندما اعترفت بكل صراحة بانها تستخدمه للصعود بل واعترفت لزوجها في سجنه بذلك بينما وبعد ان تحقق الثروة يموت اوزوالد بسكتة قلبية من شدة ازدرائها له.
هذه الجزئية من الممكن دعوتها ب(النبوغ الاقتصادي) ولكن فاسبندر لايزال يثير الجدل فيما يعرض رؤيته وكأنه يسأل:ما الفائدة من الصعود ان كان قد حقق بطرق ملتوية،ومن ثم ومع تحولات ماريا، فان كانت الطرق ملتوية فالتحولات لن تكن ايضا مبشرة بالخير،فإذا كانت ماريا تحولت الى كائن متوحش فألمانيا اتبعت نظام اقتصادي مفترس...!!
على العموم مسار الفيلم والحبكة من الضروري ان يسرد بدقة شديدة،ففاسبندر يعكس واقع المانيا في فترة حساسة جدا من التاريخ الألماني،فالمسار هو من عام 1946 وحتى اواسط الخمسينات-1954 العام الذي تربح به المانيا كأس العالم-من خلال قصة ميلودرامية تبدأ احداثها كما هو بالواضح بالأعلى مع نهاية الحرب العالمية الثانية،أي الهزيمة الألمانية الكبرى من خلال شخصية ماريا براون واحيانا يبدو أن الانعكاس اهم من القصة نفسها على ان المسار متوازي ومتوازن بين القصة وبين الشخصية...
العام 1954 على انغام صوت التعليق على نهائي كأس العالم في بيرن السويسرية بين ألمانيا وهنغاريا،حيث اعتقد الجميع ان الفوز سوف يكون حليف هنغاريا،ولكن المانيا تواصل الصعود وتواصل تحقيق المعجزات،لأن المانيا حققت لقبها العالمي الأول وفازت على هنغاريا 3-2 في عام دعي بعام المعجزة في بيرن السويسرية.
على انغام ذلك التعليق على الأحداث النهائية الحاسمة للمباراة،يعود لماريا براون زوجها فجأة وهي في غاية الثراء بينما يعلن لها الزوج بانه غير مهتم للمال ابدا،وتكتمل المعجزة من كل النواحي حينما تعلم ماريا زوجها في هذه اللحظات بالذات أن أوزوالد قد اوصى بكل امواله لهما.
ماريا تلبس فستان الزواج الأبيض وتعلن لزوجها القادم من المجهول وبشكل غير متوقع بأنهما متزوجان منذ يومين فقط...تدخل الى الحمام وتبدو على وشك الانتحار بقطع شرايين معصم يديها،ولكنها بدلا من ذلك تقتل نفسها مع زوجها-على مايبدو- من خلال تحقيق انفجار مفتعل من خلال الغاز المتسرب عمدا وهي المعتادة دائما على اشعال سيجارتها منها نظرا لعدم اقتنائها قداحة ولكنها تركه هذه المرة مفتوحا بشكل متعمد.
يحدث الانفجار،ويشتعل المكان ويعلن المعلق في نفس اللحظة انتهاء المباراة وتحقيق المانيا لقبها الأول.
نهاية صارمة وصريحة ومشكلة في نفس الوقت...نهاية قوية لقصة ميلودرامية غاية في الروعة خدمت الشقين في الفيلم...خدمت القصة بكل ابعادها وقدم ايضا رؤيا ليست معتمة ابدا عن وجهة نظر المخرج لواقع المانيا وحاضرها ومستقبلها بعد الحرب تحديدا،وهذه النهاية ليست بعيدة ابدا عن فاسبندر الذي لعب هو نفسه دورا صغيرا وقصيرا في الفيلم لتاجر في السوق السوداء يحاول بيع ماريا بعض الكتب ولكنها ترفض ذلك بحجة ان الكتب تحترق بسرعة...هي بحاجة الى شيء يغذي الكره الذي في داخلها...
إذا كان فاسبندر دائما ومن دون استثناء يغذي افلامه بشخصيات انتحارية او ترغب بالانتحار،والموت دائما ما كان يسيطر على اجواء افلامه ولكن لسان حاله هنا يبدو مختلفا ....يبدو متعلق بواقع اكثر اكثر من بشخصية ودوافعها الانتحارية...
بعد كل هذه المعجزات...بعد الصعود مهما كان شكله وهو المنتقد دوما لبلاده لشدة تأثرها بالنمطو والثقافة الامريكية ويبدو منتقدا للصعود بحد ذاته...
وكأن لسان حاله يسأل:هل هذا كافي لتخليص ألمانيا من أحزانها؟!
بلال سمير الصدّر 1/5/2015



#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجيل الثالث (راينر فاينر فاسبندر) 1979:عن شوبنهور واندفاعات ...
- في عام الثلاثة عشر قمرا 1978 راينر فاينر فاسبندر:آخر خمسة اي ...
- يائس 1978(راينر فاينر فاسبندر):مؤشرات رجل يائس على وشك الجنو ...
- الروليت الصينية 1976(راينر فاينر فاسبندر):انكشاف الاقنعة
- شواء الشيطان 1976(راينر فاينر فاسبندر):عودة الهمجيون
- الأم كيسرز تذهب الى الجنة 1975(راينر فاينر فاسبندر):فاسبندر ...
- كل الآخرين اسمهم علي(راينر فاينر فاسبندر):الخوف يقتل الروح
- دموع بيترا فون المريرة 1972 راينر فاينر اسبندر):فيلم عن الشي ...
- تاجر الفصول الأربعة 1972(راينر فاينر فاسبندر ):الحشرة الاجتم ...
- احذر من العاهرة المقدسة1971(راينر فاينر فاسبندر):أنا دائما خ ...
- Kalzelmacher1969(ليس من اجل لاشيء) راينر فاينر فاسبندر :فضح ...
- الحب ابرد من الموت 1969(فاسبندر):شخصيات تعاني من برود شديد ا ...
- عن راينر فاينر فاسبندر 1945-1982 وصعلوك المدينة وتشويش بسيط
- تابوو 1999(ناغيسا اوشيما):عندما تخضع التابوهات للظروف
- امبراطورية الحواس 1976(ناغيسا أوشيما):غلطة اوشيما الكبرى
- امبراطورية المشاعر(ناغيسا أوشيما):الانطوائية الحاصلة في كل ا ...
- امبراطورية الحواس 1976(ناغيسا أوشيما):غلطة أوشيما الكبرى...
- أخت صغيرة للصيف 1972(ناغيسا أوشيما):فيلم متوسط المستوى الفني ...
- الطقوس (المراسم) ناغيسا أوشيما:خصوصية ناغيسا اوشيما
- الطقوس (المراسم) ناغيسا أوشيما:الفرد حالة اجتماعية وحالة اكث ...


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلال سمير الصدّر - زواج ماريا براون 1979(راينر فاينر فاسبندر):ميلودراما محرمة عن واقع وحاضر ومستقبل المانيا