زكريا كردي
باحث في الفلسفة
(Zakaria Kurdi)
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 22:57
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
استمعت إلى صديقي اليساري صاحب الإيمان القوي والفهم العصري المعتدل والإنساني الرهيف ، وهو يقص عليَّ تفاصيل غيضاً من فيض جرائم دولة الخلافة الاسلامية ( داعش ) ويشكو لي غلظتهم على الناس ، وهم ينفذون حدود الله ( حد الردة وحد السرقة وحد الزنى ) بوحشية وقساوة بالغتين ، وكيف يُقيمون قسراً على عامة المسلمين المساكين حكم الشريعة - التي لا يراها هو صائبة و لايؤيدها بالطبع –
فسألته .. وقد تفاءلت بمنسوب إنسانيته العالي وضميره الحي :
وماذا عن جبهة النصرة السّنية وأخواتها من باقي الفصائل الطائفية الإسلامية المُسلحة ..
هل يختلفون في حكمهم ومنهجهم وسعيهم للسيطرة على المجتمع ، أو في قوة عزيمتهم في السعي إلى إقامة حكم دولة الاسلام وفق الشريعة و حسب منهاج النبوة . وإخضاع باقي القوميات والطوائف والمذاهب الثمانية عشر في سورية ..إلى حكم الله ؟
قال لي : .. طبعاً لا ..فتطبيق شرع الله وتحكيم أحكام دينه على كل السوريين والناس أمراً لا خلاف عليه بينهم .. ثم استدرك قائلاً : ولكن علينا ألا تنسى أن هؤلاء يقاتلون النظام ..!!
قلت : ولكن أنت قلت أن النظام كان رغم استبداده لا يؤيد استبداد حكم الشريعة ، أي أنه مثلك تماماً ، وهو – أي المستبد السياسي - الآن يقاتل مسلحي المعارضة ومجرمي تنظيم دولة الإسلام (داعش) أيضاً .أليس كذلك ..
قال نعم ، بالتأكيد نعرف هذا ، ولكن لا نثق بهذا القتال بينهما،
قلت : لماذا .. قال : لأن كلاهما استبداد مسلَّطٌ على رقاب وحياة الشعب
لكن وللأمانة ، بالرغم من أن النظام فاسد ومُستبد لكنه أقل بما لا يقاس وحشية عن أولئك المتطرفين الإسلاميين ، فقد ثبت للسوريين بالفعل، أنهم أناس مُجرمون ، وأصحاب عقيدة مُتطرفة ، ذات اساليب وحشية ومنهج في الحكم ظلامي، وكل غاياتهم تقوم على إحلال الاستبداد الديني بدلا من الاستبداد السياسي ..
قلت : إذن لما لا تتعاملون مع جيش النظام بمنطق عدو عدوي صديقي .. وتصلون معه إلى كلمة سواء .. ؟
أو على الأقل تتفقون معه على الحد الأدنى، وهو مواجهة هذا الغول الإسلامي المتطرف ،
والذي بات يهدد وجودكما معاً ..؟
قال لي : ولكن المقاتلين الاسلاميين المهاجرين والأنصار، بمن فيهم جبهة النصرة وأشباهها هم في صفنا يقاتلون .. بحثاً عن الحرية ..
هنا جحُظت عينايَّ وفغر فمي ، وأُسْدِلَ ستار العقل عندي.. وأدركت أنه قد آن الآوان للوعي المُنهك لدي أن يَمُدَّ رجْليه ..
فقلت له : أشكر لك هذا المنطق السقيم في فهم الحرية ، ولكن أنا أرى أن الحرية الوحيدة المُتبقية لي معك ، هي في سؤالك حالاً :
هل تسمح لي بممارسة حقي في الانصراف للبحث عن حريتي في مكان آخر ..بعيداً عن مدنيتك المنافقة وثورويتك المعتوهة ..؟!
#زكريا_كردي (هاشتاغ)
Zakaria_Kurdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟