أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - ثغرة في قانون ازدراء الأديان














المزيد.....

ثغرة في قانون ازدراء الأديان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اكتشفت خالي “محمد أبو بكر”، وهو رجلٌ محاسبي” ومثقف من أبناء مدرسة “خارج الصندوق”، اكشتف ثغرة في تطبيق المادة 98و من قانون العقوبات، الخاصة بازدراء الأديان، فقرر أن يُنبّه لها على صفحته، كإجراء احترازي يُتخذ مع المتورطين في تلك التهم حال ضبطهم وإيداعهم السجون، حتى نضمن أن لا يمارس المزدري جريمة الازدراء داخل محبسه، فتتسرب من ازدرائه ازدراءاتٌ أخرى إلى عقول المساجين البسطاء أبرياء القلب، ممن يقضون عقوبة الحبس معه في مدارس التهذيب والاصلاح.
قال خالي أبو بكر على صفحته: “بعد الحكم بالسجن على المزدري؛ كيف نحمي زملاءه المسجونين من شرّه داخل محبسه؟ فرغم أننا قد سجناه لنحمي المجتمع من خطره، إلا أنه للأسف سيكون حرًّا طليقا داخل محبسه! وربما يزدري علي كيفه في الأديان، ويجرح بهذا مشاعر المسجونين المؤمنين دون وجود أي غيور على دينه يتحول إلى مدعٍ بالحق المدنى ليردعه.”
لهذا اقترح خالي ما يلي لسد هذه الثغرة:
1- أن يُسجن مع كل مزدرٍ، المدعي بالحق المدنى الخاص به ،ليراقبه ويتأكد من انضباط سلوكه، ويردعه وقت اللزوم ويحمي المسجونين الأبرياء من شره ويحمي الدين من تكرار الازدراء. السجن للمدعي بالحق المدني ثمنٌ بخس لحماية الدين من الازدراء.
2- تعيين رقيب لكل مزدرٍ يرافقه كظله ليراقب أفكاره المزدرية للدين ويحمي المؤمنين من شروره.”

انتهت دعابة خالي التي وددتُ ان أستهلّ بها مقالي لكي نضحك معًا على حالنا وحال مصر بعدما كانت يومًا درّة الشرق ومنارة التنوير. هذه المادة الهلامية الخاصة بازدراء الأديان، بوسعها أن تكون سيفًا على الجميع. لو طبقناها بعدل لسُجن شعب مصر كاملا. ولا أعني من يسبّون الدين في الشوارع ليل نهار، بل أقصد كلامنا الطبيعي مع أصدقائنا. بوسعي أن أستمع لفقيه إسلامي لمدة خمس دقائق فقط، لأستخرج من كلماته ما يمكن أن أعتبره، أو يعتبره أيُّ قاض، ازدراء للأديان. بل أننا لو اقتصصنا أجزاء من آيات القرآن الكريم، لكانت مادة غنية لنفس هذه التهمة الهلامية. ماذا نقول في قوله تعالى: “ويل للمصلين”، دون أن نكمل قولة تعالى: “الذين هم عن صلاتهم ساهون”؟ ماذا نقول في قوله تعالى: “لا تقربوا الصلاة”، دون أن نكمل بقية الآية الكريمة: “وأنتم سُكارى”؟
لماذا سمح اللهُ للملائكة بأن تسأله سؤالا استنكاريًّا مُعاتبًا حين قرر خلق آدم: “أتجعلُ فيها مَن يُفسِدُ فيها ويَسفِكُ الدماء، ونحن نُسبّحُ بحمدِك ونُقدِّسُ لك؟" لماذا لم يعصفِ الُله بالملائكة حين راجعته في أمرٍ قد قرّره سلفًا؟! ونلاحظ أن قوله تعالى: "إنّي جاعلٌ"، يعني أنه أمرٌ مقضيٌّ لا رجعة فيه. فالله تعالى إذن لم يكن يسأل الملائكةَ رأيها حتى يحق لها مناقشته، إنما أخبرها بما عقد عليه العزم، وبالرغم من هذا رحّب بسؤال الملائكة، وطمأنها قائلا: “إني أعلمُ ما لا تعلمون.” ثم أراد الله أن يُسجّل سؤالَ الملائكة الاستنكاري وإجابته عليها بهدوء رحيم، بل وخلّده في آية قرآنية (البقرة 30) لتكون درسًا دائمًا وأبديًّا لبني الإنسان: أن لا قيود على حرية التعبير، حتى أمام الربّ الخالق، ذاته سبحانه.
ثم كرّر اللهُ تعالى الدرسَ الإلهي الأعظم، ليفهمَ مَن في عقولهم صدأٌ، ومَن في آذانهم وقرٌ، ومَن على قلوبهم أقفالُها؛ حين سمح لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام أن يستوثق من قدرة الخالق على إحياء الموتى، قائلا: “ربِّ أرني كيف تُحيي الموتى.” فلم يعصف الربُّ بعبده الذي ودّ أن يرى بعينيه ما يؤمن به غيبًا بقلبه. فسأله اللهُ بعتبٍ مُحبٍّ: “أَوَلم تؤمن؟" فقال الخليلُ: “بلى، ولكن ليطمئنّ قلبي.” فأجرى اللهُ أمام عيني النبيّ تجربة الطيور الأربعة والجبل.
ذاك هو سلوك العزيز الرحيم مع خلقه من الملائكة والبشر، لأنه الخالقُ الذي شاء أن يكون خلقُه من البشر من ذوي العقل النقدي المتسائل، وليس عرائسَ ماريونيت صمّاء تتحرك بخيوط في يد صانع قرارها. اللهُ تعالى كان طيبًا كريمًا حين منح الإنسانَ ثروة طائلة اسمها: "العقل"، هو جوهرة الترقّي لبني البشر. لولا هذا العقل ما قرأتم الآن مقالي هذا مطبوعًا بالخلايا الضوئية على شاشة حاسوب ابتكرها إنسان، أو مرقونًا على ورق جريدة اكتشفه إنسانٌ، أخرجته مطبعة اخترعها إنسانٌ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنتي سيبيه يمسكها يا فوزية!
- توب الفرح يا توب
- لماذا اسمها -آنجيل-؟
- لماذا هرب الجمل؟
- دولة الأوبرا تزدري الطبيعة!
- لابد من الموسيقى
- أمهاتُ الشهداء وأمهات الدواعش
- عبقريةُ البسيط وعبطُ الفيلسوف
- سوطٌ لكل امرأة
- كُن مرآةً ولا تكن عكازًا
- البيض الأرجنتيني
- الست فضة والست ماري
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور
- اسجنوا بورخيس مع أطفال المنيا
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!
- الحريةُ مناطُ التكليف | أخرسونا لتدخلوا الجنة!
- لماذا لم يعصفِ اللهُ بالملائكة؟


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - ثغرة في قانون ازدراء الأديان