أديب كمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 08:43
المحور:
الادب والفن
شعر: أديب كمال الدين
المدنُ التي تجيدُ سحقَ كلّ شيء
هي مدنُ الشّحّاذين المُزيَّفين
على بابِ الأسواقِ أو بابِ الجسور،
والشُّعَراءِ الشّحّاذين
على بابِ الحاناتِ أو بابِ الملوك.
*
في النهرِ الصغيرِ كخنجرٍ بدويّ
كانَ طيراني الأوّل معكِ.
طرتُ ولم أزلْ أتذكّر،
بعدَ نصف قرنٍ من الأهوال،
الغيمةَ التي لقيتُها في الطريق.
مثلما أتذكّر أنّني عدتُ مُتعَباً
أجرُّ أقدامي جرّاً
وأجرُّ أجنحتي أيضاً.
*
في ميمِ الماءِ سرٌّ
أعظمُ من سرِّ ميمِ الموت
رغمَ أنّ سرّ الموتِ أعظم.
*
في ميمِ الماءِ لوعةٌ عجيبة
ولذا كانَ الطيرانُ في النهرِ عجيباً.
*
حُبُّكِ أكذوبةٌ سعيدة
لحياةٍ هي، في الأصلِ، سلّة أكاذيب.
*
لا يصلحُ العطّارُ ما أفسدَ الدهر.
لكنَّ الشاعر يحاول،
وكلّما ازدادَ جنوناً أو ازدادَ حكمةً
فإنّه يستبسلُ في المحاولة.
*
حينَ يقفزُ البيتُ الشِّعْريُّ بالخطأ
أتذكّرُ، دونَ أنْ أبكي أو أضحك،
أنّ الحياةَ قفزةٌ خاطئة.
*
الحياةُ قفزةٌ خاطئة.
لكنَّ مليارات العدّائين والعدّاءات تركض
ككلابِ السباقِ ليلَ نهار.
في حين أنَّ المطلوب،
باختصارٍ شديد،
هو القفز لا الركض.
*
حُبّكِ رجلٌ مريض
أُطْلِقَ توّاً من السجن
فانهمرتْ دموعُه الحرّى
وكادتْ تفسد عليه هواءَ الحُرّيّة.
*
لا بأسَ أنْ أقولَ لكِ وداعاً،
مع أنَّ الأمرَ كلّفني حياةً بأكملها.
*
لا بأسَ أنْ أقول لكِ وداعاً
لأجرّبَ اطلاقَ النارِ السَّعيد
على رأسي السَّعيد
كلّ ليلةٍ سعيدة.
*
تكرّرَ المشهدُ كثيراً حدّ اللعنة،
ولذا أشفقَ الدهرُ عليّ
فعلّمني أنْ أكتبَ قصيدةً جديدة
كلّما نفدت الإطلاقات
أو كلّما فشلتْ في إصابةِ الهدف.
*
الحياةُ قفزةٌ خاطئة
لكنّها قفزة سعيدة،
سعيدة لأنَّ الشمسَ تشرقُ كلّ صباح
وتزيلُ آثارَ الاطلاقاتِ على الأرض
وتزيلُ آثارَ الصرخاتِ في الليل
وفي حروفِ القصيدة.
*************************
مقاطع من قصيدة طويلة
www.adeebk.com
#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟