أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائلة أبوطاحون - رواية سيمفونية العودة...قراءة وتحليل















المزيد.....

رواية سيمفونية العودة...قراءة وتحليل


نائلة أبوطاحون
(Naela Abutahoun)


الحوار المتمدن-العدد: 5131 - 2016 / 4 / 12 - 01:17
المحور: الادب والفن
    


رواية سيمفونية العودة للأديبة والشاعرة الفلسطينية ريتا عودة
قراة وتحليل
هي الرواية الأولى للشاعرة والأديبة النصراوية "ريتا عوده"
"ريتا عوده" في هذه الرواية أديبة وأنثى استثنائية بكل معنى الكلمة فهي الضلعة التي رفضت الإنصياع لجبروت الأهل والدين والمجتمع بكل تقاليده المهترئة.وهي العاشقة الأزلية للطبيعة.
وفي هذه الرواية تنقل مشاهد من معاناة المجتمع الفلسطيني في الداخل..وهي مشاهد حية وكأنها آلة تصوير تنقل لنا المشهد تلو المشهد فجاءت الرواية في ثلاث فصول في كل فصل تروي لنا احدى الشخصيات الحدث من وجهة نظرها بأسلوب يشد القارئ من أول سطر في الرواية إلى آخرها.
ريتا عوده في روايتها تكتب بشفافية عالية ،وهي تكتب باسلوب الاديبة الشاعرة ، فتسكب مفرداتها الشعرية وتوظف كل ادواتها كشاعرة في سردها للاحداث ووصفها لكل ما يختلج النفس الانسانية الثائرة من مشاعر ومعطيات وافكار ، تحلل الموقف الانساني وتبتعد بنا خارج حدود الحدث لتعالج بعض المشاكل والعادات والمفاهيم التي تحاصر الحلم الانساني في مجتمعنا الفلسطيني باسلوب تقريري يتخلله الحوار الداخلي مع النفس فتغوص في مكتون النفس الانسانية والفكر الانساني من منظور فكرها الخاص ورؤيتها الفلسفية لتغيير الواقع المرير لواقع اجمل .
" الحلم طاقة بقاء "
هكذا وصفت الكاتبة رحلة البحث عن الحلم .. هو طاقة تشتعل لتحثنا على السير قدما لنحلق في سماء وجودنا واحلامنا وذواتنا ، رحلة البحث عن الحلم ... عن حواء المراة الانثى ... عن الارض ... عن الحب .. عن القيم والاخلاق الانسانية .. عن العالم الذي تريده ان يكون .
" اما هؤلاء العاطلون عن الحلم فما هم الا توابيت بصمت تسير الى المقابر ".
من وجهة نظر الكاتبة بداية الحياة الحقيقية ان يتفتق الوجود عن حلم يدغدغ حواسنا لنحيا من اجله . وكل الصراعات التي تدور في الرواية سواء تلك الصراعات الداخلية التي لمسناها في شخوص الرواية او الصراعات الخارجية التي تخللت الاحداث ، كلها كانت تتشكل لتحقيق حلم كل شخصية من شخصيات الرواية الثلاثة الرئيسية : حلم ادم بعودة حوائه اليه ، حلم حياة بالحب والحرية والتحرر من منظومة القيم الفاسدة وبالمقاومة وتحقيق الوجود والذات ، وحلم حواء بالعودة الى موطنها الاصلي الى صدر ادم حيث ابصرت النور
وبعبارة اخرى اكثر تصريحا قالت الكاتبة : " اجعل قارئي يفكر ويحلم ".

وهي للقارئ بحر زاخر ملئ بالمفاجآت واللآلئ والدرر ، يغوص فيه القارئ طوع ارادته دون ملل او ضجر ليبحر في هذا الخضم من المعاني والالفاظ والتعبيرات المتجددة والتي يمكن ان نطلق عليها اصطلاحا : "التعابير الريتاوية"
ولقد خرجت عن المألوف في روايتها ، فعند قراءة العبارات المالوفة لدينا جميعا كنت اجدها تنتهي بجمال تعبيري يفاجئني ويزيد العبارة تالقا ومعنى وجمالا ، تعابير لفظية غاية في الرقة واعطاء المدلول اللفظي الذي يناسب المعنى والشعور المراد دون الحاجة للاسهاب في الوصف كأن تقول :
الثانية عشر من منتصف ...الحلم
منذ نعومة ... حبري
احبك .... بالثلاثة
تحفظ شوارع بلدتها عن ظهر ...حب

تراوح اسلوبها بين الشعرية والتقريرية ، وظفت الومضة لايصال افكارها وفلسفتها الخاصة ... ومضاتها ساحرة تفتح آفاقا للتأمل والابحار في عالم اسطوري جميل ظهر جليا واضحا في بداية الرواية حيث نجد مفردات الطبيعة طاغية في وصف تلك العلاقة الوثيقة بين ادم وحواء . مستخدمة طاقتها الابداعية في توظيف فطرتها اللغوية الساحرة في رسم التشابيه والصور واستخدام السجع الجميل غير المتكلف ومفردات الطبيعة الخلابة لتبحر بنا الى مرافئ جديدة ومعان سامية للحب والحياة والارض والطبيعة للانثى والرجل ، للوطن بل وتسمو اكثر لتتحدث عن الله ورحمته وتربيته لادم باعطائه خيار التجربة . تجربة الخطيئة التي منها انبثقت الحياة على الارض ،، تحلق بنا لنحب العالم بكل تفاصيله
يتضح الاسلوب التقريري اكثر عندما كانت تسلط الضوء على قضايا المجتمع التي تحاول شخصية حياة ان تجد لها حلولا او عند الحديث عن احلامها ومشاعرها وانجازاتها ويتخلل ذلك حوار داخلي مع النفس بكل خلجاتها ولحظات ضعفها وقوتها . وفي الحديث عن رغباتها واحلامها
ولا يخلو ذلك كله من اقتباسات شعرية وامثلة شعبية واقوال الفلاسفة والادباء والحكماء والسياسيين بحيث يدعم الفكرة التي تريد القاء الضوء عليها ومعالجتها .. اضافة الى انه يظهر سعة ثقافة الكاتبة واطلاعها وحسن توظيف ذلك كله لصالح النص والفكرة بحيث تنقل القارئ من اسلوب السرد الى الشعر تارة والاقوال الماثورة تارة اخرى بل والى نصوص من الكتاب المقدس

كما ان طريقتها في كتابة بعض المفردات كان يضيف بعدا اخر للمعنى وتاثيرا اضافيا يمثل اللحظة الشعورية التي تريدها الكاتبة مثل :
الاغواء
السقوط في الفخ
الشقاء
ا
ل
ن
د
م
م
م
او عبارة:
ت ب ع ث ر سلام
هذا التقطيع في الاحرف يبعث حالة شعورية تدلل على المعنى المراد

اما الشخصيات كما رايتها انا :

آدم....رمز للمقاومة...فهو الشخصية الرئيسية التي ساهمت في احداث التغيير في كافة المجالات..الإجتماعية منها والوطنية...كان عنصرا فعالا في التوعية والتعبئة الوطنية لحشد اكبر عدد ممكن للاعتصام في ذكرى يوم الأرض...في وقت كان الناس فيه مغيبين عن المشهد السياسي ..وعن الخطر الذي يحدق بهويتهم التي يعمل الاحتلال جاهدا على طمسها وتذويبها...سلك آدم طريق المقاومة السرية والعلنية ضد المحتل وتم اعتقاله والحكم عليه بالمؤبد في محكمة صورية .
المشهد الثاني
"حياة"....
حياة هي المرأة القوية الواثقة بقدراتها على المواجهة والإبداع ،والتحدي والصمود ، هي امرأة عاشقة استثنائية فجر حبها لآدم ثورة على الدين والأهل والمجتمع لتكون للرجل الذي أحبت
حياة..هي الشخصية الرئيسية الثانية في الرواية ، ورغم شخصيتها الاستثنائية المتمردة الواثقة التي طوعت المستحيل لإرادتها .. كانت مغيبة عن المشهد السياسي تحرسها تعويذة أبيها "امشي الحيط الحيط " وتوصيات امها."لوسي ايد الكلب وادعي عليها بالكسر"..هي رمز لتغييب عرب الداخل عن المشهد السياسي لكي تذوب هويتهم الوطنية وتنصهر فلا يعود لها أثر لتطغى هوية أولئك الطارئين الوافدين على أرض ليست لهم.
ها هي تقول
تقول :ناولني منشورات فإذا بالعنوان "يوم الأرض"يلدغني بقسوة ..فقد تملكني خجل من التعبير عن جهلي لما تعنيه هذه الكلمات .
وتقول أيضا :أعلنت عن أنيميا حاده في مخزوني المعرفي تراني اسلم الورقة وأعلن عن جهلي ....عندما واجهها سؤال الزامي عن منظمة التحرير في الامتحان
وتقول : ..دفنت جهلي لمعنى الحروف "شين بيت"
تقول :كما تدخل حبة زيتون المعصرة دخلت ساحة الاعتصام وقلبي (كاد يعزف سيففونية العودة) المثقل بمشاعر متضاربة لوﻻ-;- خشيتي أن يفتضح أمري خلف الأجساد البضة (كناية عن اليهود المتطرفين ) هي سيمفونية عودة الوعي لهذا العقل المغيب عمدا عن المشهد السياسي
تحول الاعتصام لصراع مع اصحاب الاجساد البضه وفي طريق العودة للناصره كان صوت محمود درويش في المذياع يشحن القلوب بالتحدي... سجل أنا عربي حذار حذار من جوعي ومن غضبي.
تقول..بعد الاعتصام انتصرت على تعويذة أبي وتحذيرات امي حقا الوﻻ-;-دة من رحم التجربة تمنح مناعة ضد الخوف.... اليوم أستطيع أن أعلن أنني ولدت من جديد
ارتفع صوت جدي من الذاكرة.. فلسطين فلسطين
وﻻ-;-دة الوعي والصحوة للخطر المحدق بكل ما هو فلسطيني الجذور.

حواء في المشهد الثالث ظهرت حواء وقد اعتزلت العالم في دير منعزل بعدما فقدت الأمل في العثور على آدم ..كان افتراقهما قسريا... فنذرت نفسها لحبه والبحث عنه.
حواء هي الضلعة المفقودة من آدم وهي جزء ﻻ-;- يتجزء منه فهي حبه الأول هي حلمه ونبض قلبه ونصفه الآخر ولقد استمات في البحث عنها وسلك طرقا وعرة لإيجادها لكنه فشل .
سؤال ظل يلازمني طيلة قراءتي للرواية...ماذا لو ظهرت حواء من جديد في حياة آدم ؟! وكيف ستكون ردة فعل حياة؟! هل ستتقبل وجوده ؟وهل سيشتعل قلبها بنار الغيرة كأي أنثى؟!
وببراعة الاديبة في حبك الأحداث اجتمع الثالوث الذي ارتكزت عليه الرواية معا ولأول مرة في قاعة المحكمة...آدم ،حياة،حواء. بعدما اهتدت حواء لطريق آدم وكنت أنتظر لحظة اللقاء بلهفة ﻷ-;-رى ما ستكون عليه النهاية
آدم رمز المقاومة والصحوة والمحرك الأساسي في ايقاد جذوة الصحوة وبث روح المقاومة والتمرد على المحتل يقبع في قفث الاتهام...وحياة مع ابنتيها أمل وأحلام (اللتان ترمزان لجيل الغد الواعد بالأمل وتحقيق الأحلام) وحواء ينتظرون انتهاء المحاكمة..
ويصدر الحكم المجحف بحكم المؤبد على آدم
تتعالى اصوات خارج المحكمة مرددة...

تحتضن حواء ابنتي آدم وتخرج وإياهن من قاعة المحكمة بهاماتهن المنتصبة ورؤوسهن المرفوعة بشموخ تتبعن حياة مثلهن منتصبة القامة في تحد لقرار المحكمة بأن ﻻ-;- شيء يكسر عزيمتنا وإرادتنا

في الحقيقة..حيرتني النهاية...ورحت أتساءل...هل حواء رمز لفلسطين التي ضاعت منا والتي قاوم آدم وسجن لأجلها.ألهذا ظهورها لم يشعل نار الغيرة في قلب حياة وتقبلت وجودها...
وهل ظهور حواء في الوقت الذي سلك فيه آدم طريق المقاومة ...إشارة من الكاتبة بأن فلسطين ﻻ-;- تعود إلا بالتضحية والمقاومة ...وهل الفردوس المفقود هو فلسطين من النهر للبحر ..
وهل وهل؟.. الرواية مشرعة للتحليل...وتفتح آفاقا للتأمل والتحليل

بقي أن أوجه تحية اكبار وإجلال لهذا العمل الرائع ولكاتبته المبدعه الشاعرة ريتا عودة..



#نائلة_أبوطاحون (هاشتاغ)       Naela_Abutahoun#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة - على ضفاف الأيام-
- قراءة في رواية - في كانون يموت الحب حياً- أحمد الحرباوي
- قصيدة -فلسطيني-
- خاطرة - نوح وندم-
- من سلسلة مذكرات مراهقة -الوردة- 3
- قصيدة -لا تساوم-
- رواية -رولا- وقدسنا...قراءة وتحليل
- قصيدة -ظلال نبوءة-
- قصيدة -نبوءة-
- ق.ق.ج. -ثائر-
- قصيدة -الشموع-
- خاطرة -مهاجرة بلا مرفأ -
- قصيدة -شوق وعتاب-
- ق.ق.ج -انتظار-
- رواية -البلاد العجيبة- دعوة للعلم والفكر
- قصيدة -عمري أنا -
- من سلسلة -مذكرات مراهقة- ( 2)
- قصيدة -عالمٌ أصَم-
- من سلسلة -مذكرات مراهقة- ( 1)
- خاطرة - مش متذكر..اصرار وتحدي-


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائلة أبوطاحون - رواية سيمفونية العودة...قراءة وتحليل