فلاح علي
الحوار المتمدن-العدد: 5130 - 2016 / 4 / 11 - 13:58
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
ا
الموضوعة الثالثة : التاكتيكات ومنها التحالفات الطبقية والسياسية :
ان الموضوعات الهامه والبالغة الاهمية في نضال الحزب والتي تتطلب البحث والاهتمام والدراسة هي كثيرة والقائمة قد تطول , لكن تحديدها وتسليط الاضواء عليها وايلائها أهمية تحدده من وجهة نظري مهام واهداف الحزب المثبته في الوثيقة البرنامجية التي تمثل الخط السياسي للحزب . في هذه الموضوعة أرى علينا ان نميز بين نوعين من التحالفات الاول هو التحالف الطبقي والاجتماعي الذي يحتم ضرورته الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي يمرفيه المجتمع والبلد وهذا النوع من التحالف يكون بعيد اي اي تحالف فوقي وتفرضة مصالح طبقات وفئات اجتماعية . ان تحديد وجهة النضال في هذه الجبهة هو ضرورة ويمثل سلاح فكري وسياسي لدى منظمات وقواعد الحزب .والتحالف الثاني هو التحالف السياسي وعادتاً يكون تحالف فوقي ولكن لا بد ان تكون وجهته او طبيعته هو تحالف ديمقراطي . وما تؤكدة تجارب الشعوب ومنها التي سبقتنا في ميدان التطور ومنها شعوب وبلدان أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الاوربية , انه هنالك ترابط في النضال المشترك على الجبهتين , ففي الوقت الذي يحقق فيه نجاح على الجبهة الاولى , نرى ان الحزب الشيوعي وبعض القوى اليسارية تترجم في الممارسة هذا النجاح الى انجازات ومكاسب واصلاحات وتغييرات سياسية ذات طبيعة ديمقراطية على الجبهة الثانية . ان هذا الترابط وهذه الايجابية تشكل عناصر قوة في النضال وهذا ما تؤكده تجربة أمريكا اللاتينية وبعض البلدان الاوربية . أرى ان هذه الظاهرة هي معدومة او ضعيفة في ظروف العراق بلا شك لأسباب عدة معروفة ومشخصة . ولكن ما هو اكثر بروزاَ ووضوحاَ في الحالة العراقية هوبروزوطغيان ظاهرة التحالفات الطائفية والتي ارتكز عليها الحكم في العراق .
كما ان الاخطر من ذلك ايضاً ان زعماء هذه التحالفات الطائفية ومن خلال احزابهم احزاب الاسلام السياسي وضعوا بوصلة طريق للجماهير الفقيرة المسحوقة المحرومة المستغلة التي تعاني من العوز والفقر والامية والامراض وجعلوا هذه الجماهير وكأنها محكومة لهم وكأنه ستعيش في ابدية للتبعية لهم . وهذه حالة خطيرة مفتعلة يمر فيها المجتمع كالمجتمع العراقي وهذه الظاهرة تهدد مستقبل البلد وتعيق بناء دولة المؤسسات الديمقراطية .
من هنا ايضاً تكمن أهمية التحالفات الطبقية والاجتماعية والسياسية للحزب الشيوعي . لبناء تحافات طبقية واجتاعية تكون قادرة على احداث توازن في المجتمع . لا بد من دراسة معمقة وخاصة للواقع الطبقي والاجتماعي وان تراعى بعض القضايا في الدراسة ومنها على سبيل المثال :
1- ما هي المرتكزات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما هي الاولويات والحاجات التي يمكن ان توحد او تقرب او تجد شكل من التقارب والالتقاء بين الطبقة العاملة وفئات المجتمع الاخرى وما هو المشترك من هذه القضايا والحاجات التي توجد او تنسج علاقة لتقرب بين هذه الطبقات والفئات . ان معرفة واقع القوى الطبقية والاجتماعية هو مسألة هامة لأجل اقامة تحالفات طبقية واجتماعية .
2- هنالك مسألة هامة في التحالفات الطبقية والاحتماعية وحتى السياسية منها , هو انه هنالك فئات لا تتسم بالثبات وقد تغير من مواقفها ومن تحالفاتها او حتى بتأثر عوامل ضغط سواء كانت داخلية ام خارجية, كيف يتم التعامل مع هكذا احتمالات او توقعات .
3- ارى ان الفكر الماركسي يمتلك أجوبة ومن خلال فهم الواقع ومن صحة التاكتيكات والشعارات المرفوعة في كل مرحلة . تعطي وضوح وامكانية وتوفر رؤية صحيحة للمضي في هذه الوجهة . حتى وان تغيرت التحالفات الطبقية والاجتماعية في حالة اقامتها بسبب انعطافة او تغيير ما نتيجة عدم ثبات والى غيرذلك من الاسباب , يكون جائز تاكتيكياً في هذه الحالة تغيير التحالفات وفقاً لتطور الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع والبلد . شرط ان يكون التحالف وفق الخط السياسي ووجهة الحزب ووفق المهام التي أقرها المؤتمر , ولا تخضع هكذا تحالفات لرغبات شخصية او فئوية , وان تضع مصالح الشعب والوطن فوق المصالح الفئوية وطريق التطور السلمي بالاتجاه الديمقراطي وبناء دولة المواطنة .
4- التحالفات لا بد من ان تكون لها امتدادات على مستوى القواعد , وهذه هي وجهة عملية لديمومة التحالف وبهذا يحقق التحالف هدفه المنشود . وهذا ما يتلمسه المجتمع من نضالات مشتركة حول قضايا تمس مصالح الجماهير والمجتمع بشكل مباشر , هنا تكمن قوة ووضح التحالف على مستوى القاعدة عما هو علية من التحالف الفوقي الذي يكون ركيك ويخضع لضغوط سياسية .
5- اعطاء صلاحيات للمحليات على مستوى كل محافظة لأقامة تحالفات محلية, شرط ان تقيم المحليات تحالفاتها المناطقية على اساس الخط السياسي للحزب وعلى ضوء ما مثبت من مهام وتوجهات , على ان تكون هذه التحالفات أدات فاعلة ومؤثرة لأضعاف او الحد من التأثير السلبي للتحالفات الطائفية في هذه المنطقة او تلك واعادة التوازن الاجتماعي وما هو مهم ايضاً في هذه التحالفات هو حماية الطبقة العاملة والكادحين والفقراء في هذه المحافظة او تلك من تأثير الفكر الطائفي عليها هذا أولاً وثانياً تحقيق مكاسب حتى وأن كانت جزأية للطبقة العاملة والشغيلة والكادحين والفقراء الذين هم كثر في محافظات العراق في المدن والارياف وبشكل تتلمسه جماهير هذه الطبقات والفئات وبلا شك ان لا تخضع مصالحها للمقايضات والمساومات .
6- ان اهم قضية هامة في التحالفات الطبقية والاجتماعية هي تقارب وتعزيز بقايا صفوف الطبقة الوسطى والطبقة العاملة والكادحين في المجتمع , وخلق التقارب والعلاقة والعمل المشترك والتنسيق بين اوساطهم في المجتمع .
اذن هنا يطرح سؤال : لماذا تتطلب التحالفات الطبقية والاجتماعية تعزيزدور صفوف الطبقتين الوسطى والطبقة العاملة والكادحين في المجتمع . للاجابة على هذا السؤال : ارى من وجهة نظري انه في ظل نظام المحاصصة الطائفية والاثنية ظهرت مجاميع من اصحاب الأمتيازات وأصبحت هذه المجاميع تستأثر بالثروة الوطنية وتتقاسمها . على سبيل المثال ظهرت مجاميع من تعمل في مجال الاستيراد وفي مجال المصارف وفي المجال العقاري وفي مجال العديد من الصناعات وفي مجال الانشطة الريعية ..... الخ . وهؤلاء ارى من وجهة نظري انهم يسعون لأضعاف دور القطاع العام وبهذا ان لديهم مشروع ذو توجه رأسمالي يتعارض ومشروع التنمية المستدامة ذات التوجه الديمقراطي . لهذا فأن مصالحهم لا تلتقي ومصالح العمال والفلاحين والكادحين من هذا يمكن الوصول الى الاستنتاجات التالية :
1- ان هذه المجاميع من الفئات النفعية وحتى الطفيلية قد شكلوا مع السياسيين من احزاب الطوائف تحالف طبقي طائفي مهيمن على البلد واقتصاده , وهذا هو اهم ملمح من ملامح التوظيف السياسي لظاهرة المحاصصة الطائفية , اي بمعنى آخر ان احزاب الاسلام السياسي التي تمسك بالسلطة من خلال المحاصصة قد أوجدت لها تحالف طبقي , لأجل الهيمنة والاستئثار وللتمتع بالامتيازات وبالثروة ومن اجل ادامة عمرها في السلطة .
2- من الملامح الخطيرة لهذا التحالف الطبقي الطائفي هو انه يبرر ويشرعن قضية الارتباط الوثيق بالخارج وبدول اقليمية ويكون في تبعية لها .
3- من هنا تكمن أهمية تعزيز دور الطبقة العاملة والطبقة الوسطى في المجتمع ونسج العلاقة مع الفئات والطبقات الاخرى والكادحين لأقامة تحالف يعزز بناء دولة المواطنة .
ما هي التحالفات السياسية المطلوبة انطلاقاً من المهام والاهداف :
ارى من وجهة نظري انه نطلاقاً من برنامج الحزب وما مثبت فيه من مهام واهداف وطنية ديمقراطية وانطلاقا ً ايضاً من شعار المؤتمر دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية . ما يستنتج من ذلك ان وجهة التحالف لابد ان تكون بأتجاه قوى اليسار والديمقراطية في العراق . وان يكون هذا التحالف الديمقراطي عابر للقوميات . وان تعذر اقامة تحالف بين هذه القوى رغم صغر حجم البعض منها , فأن التنسيق والعمل المشترك على ضوء قواسم مشتركة هو حاجة نضالية تفرضها مهام التحول الديمقراطي في البلد , وهذا هو ما اعتقده يمثل التاكتيك الصائب في هذه المرحلة .
واني أقترح ان تثبت وجهة التحالف هذه في برنامج الحزب , لتكون مهمه حزبية لكل منظمات الحزب .
وجهة نظري هي التالي : صحيح ان قوى اليسار عدا الحزب الشيوعي هي مجاميع وليس احزاب جماهيرية , ورغم ان تنظيماتها لم تكن منتشرة في كل محافظات العراق كتنظيمات الحزب الشيوعي العراقي . وبعضها يضع توجهاته على اساس نظري وليس على ضوء دراسة الواقع . ولكن الحاجة الى اقامة قطب ديمقراطي فاعل ومؤثر في البلد يكون قادر الى اعادة التوازن السياسي في المجتمع , له اهمية استثنائية في توجهات كل قوى اليسار والديمقراطية .
ملاحظة / لقد تم تناول هذه الموضوعة في المؤتمر التاسع وفي ورشة التقرير السياسي , وما تم رصده من خلال الحوار ان هنالك رفاق في قيادة الحزب مع وجهة التنسيق والعمل المشترك مع قوى اليسار رغم ملاحظاتهم .كما انه بعد المؤتمراعد برنامج مختصة العمل الفكري المركزية وثبت فيه فقرة وهي : دراسة تجارب في بلدان ظهر او وجد فيها تنسيق وعمل مشترك بين قوى اليسار . هذه الرؤية انها بحق صائبة من الجانب الفكري والسياسي والعملي وهي حاجة نضالية تتطلب مبادرات من قوى اليسار والديمقراطية لتحويل هذه الرؤية الى واقع عملي .
ارى من وجهة نظري ان ماتؤكده تجربة العراق ان البلد بحاجة الى قطب ثالث ديمقراطي يساري عابر للقوميات يكون فاعل ومؤثر في المجتمع , وأن المرتكز بفاعلية هذا القطب هو التنسيق والعمل المشترك بين كل قوى اليسار والديمقراطية بما فيها الحزب الشيوعي الكوردستاني . ويكون التنسيق على نقاط مشتركة ذات طبيعة ديمقراطية تشكل هذه النقاط برنامج عمل مشترك ديمقراطي . مع احتفاظ كل طرف باستقلاله السياسي والتنظيمي والفكري .
(يتبع )
11-4-2016
#فلاح_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟