أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف خوري لطيف - غاندي ومسيرة الملح















المزيد.....

غاندي ومسيرة الملح


شريف خوري لطيف

الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 22:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



المهاتما غاندي، والذي تمثل بصبر أيوب، قاد مسيرة الملح التي قامت على مبادئه في اللاعنف رغم قسوة الإستعمار البريطاني، كي تتعلم الشعوب كيف تحتجّ بأسلوب المقاومة السلمية و فلسفة اللاعنف ( الساتياغراها) والتي تعني( الإصرار على الحق أو قوة الحق)، والتي وقف بها في وجه الإحتلال الذي كان يعتبر وطنه" دُرة التاج البريطاني". كان مؤمناً بثورات تحرير بلاده لأنه آمن بضرورة إسترداد شعبه لحريتهم و كرامتهم وأرضهم، فالملح رمزاً لخبز العهد وعمار البيت والأوطان، وفساده يعني تغيّير طعم الطعام و الخبز ، وكأنها " مسيرة مملحة" فوق جراحه المفتوحة أبداً، نتيجة طغيان الإحتلال الذي مورس على أبناء جلدته من الهنود بعنف وقسوة، وكأن ليس من حقهم العيش بكرامة في أرض أجدادهم التي ولدوا عليها ولم يعرفوا غيرها.
تعلم غاندي كيف يكون التقشف ليتأقلم مع فقره و يروض آلامه الداخلية وهو يعلم أن دمائه مستباحة كل لحظة بين شعبه و ناسه ولكنه كان يشعر بحاجتهم للحرية مثله. تلك المسيرة التي بدأها مع 78 من مؤيديه و حين سار زادت بالآلاف من فقراء شعبه والتي بدأها من مدينة أحمد أباد عام 1930. حين رفض قوانين الإحتلال للمستعمر والتي جعلت إستخراج الملح حكراً عليها، وسط شعب يزداد تعداداً ويتضوع فقراً ومرضاً وتشرداً وغربة. حيث سار بنفسه معهم إلى البحر لإستخراج الملح بعصيان مدني سجله التاريخ إلى أن تمت معاهدة " دلهي"1931 و التي أعطت الهنود حقهم في إستخراج ملح بلادهم.
حمل ثقافته الهندوسية وثقافات كل الأديان التي تعلمها وتأثر بها و أخذ منها روح التسامح كما تأثر بكثيرين من شخصيات السياسة والأدب والدين وبمؤلفاتهم التي شكلت فلسفته الحياتية ومواقفه السياسية ضد الآلة الإستعمارية. نبذ الإرهاب في عز التقتيل المتناحر في الحروب الأهلية قبل التقسيم. كان يرى الإرهاب سلاح الضعفاء لا الأقوياء، و الذين يؤمنون بحقهم في الحياة.

إستطاع عن طريق ممارسة طقوس الزهد والنسك عملياً، في طعامه وملبسه وصيامه، وإلتزام الصمت يوم الإثنين من كل أسبوع، فإستطاع تحرير ذاته أولاً ثم تحرير ناسه. فلا يشعر بجوع الفقراء إلا من جاع. حتى أنه إتخذ من الجوع والإضراب المفتوح عن الطعام حد الموت، وسيلة للضغط على الحاكم المستعمر لحل مشاكل سكان منطقته، وكان يتوقف عن صيامه حين تحل مشاكلهم.
- كانت جنوب أفريقيا أرض ميلاده الحقيقي و تربته الفعلية التي أنجبته والتي لم يكن يعلم كثيراً عن الإضطهاد العِرقي والتمييز العنصري( الإبارتيد- Apartheid)، ولكنه سرعان ما تعايش مع الإضطهاد العرقي عندما شجعت حكومة البيض الإضطهاد والتطهير العِرقي في ممارسة معلنة ضد السود من السكان الأصليين وخصوصاً ضد الوافدين الجُدد، وإتخذت إجراءات تعسفية لمنع هجرة المزيد من العمالة الأسيوية إليها وإجبار السكان المقيمين على الرحيل من الأرض و تصعيد فرض الضرائب الباهظة عليهم، بخلاف مطاردات الشرطة لهم في منازلهم وتدمير منظم لمحلاتهم وممتلكاتهم على مرأى ومسمع من حكومة البيض.
عمل غاندي هناك كمحامياً و مدافعاً عن حقوق العمالة الزراعية للهنود والبوير عام 1893 وقبل مسيرة الملح الإحتجاجية. دافع خلالها عن المستضعفين من أبناء الجاليات من فقراء العمالة الهندية، حيث أختار طريق الفقر والفقراء حتى أنه تعلم كيفية التطبيب بالإسعافات الأولية البسيطة لهؤلاء الفقراء، فأسس له وطناً و تربة و أهل بجنوب أفريقيا.

حين أعلنت حكومة البيض إصدار قانون يحظر حق الاقتراع العام على الهنود الضعفاء و العجزة ممن لم تسنح لهم الفرصة في الدفاع عن نفسهم وحقهم وكرامتهم المهدورة حد أن قوات الشرطة كانت تقتحم منازل الهنود لتفتيشها. كان ذلك سبب قوي في إتباع غاندي سياسة اللاعنف حيث تبلورت أفكاره وفلسفته في مواجهة السلطة العنصرية البيضاء وإثبات عدم قانونية هذا القانون الجائر العسفي في حق العمالة المستضعفة. فقام بتحرير آلاف العرائض يشكو الظلم المتصاعد للسلطات الحاكمة، مما عرضه هذا الفعل للإعتقال أكثر من مرة. وكانت هذه أهم إنجازاته لإعادة الثقة للمهجرين من الهنود وتخليصهم من الخوف و محاربة قانون منع حق تصويتهم.
ونفس القانون سنه المستعمر البريطاني في الهند، يكرس به للتمييز ضد "الهنود المنبوذين" وسلب حقهم في الإنتخابات، فتفاوض حتى توصل لإتفاقية " بونا " التي قضت بزيادة عدد النواب وإلغاء تشريع التمييز الإنتخابي ضد "المنبوذين" عام 1932. وكان لدوره الحقوقي أهم ألأسباب لتكوين وبلورة فكره الذي إستطاع به أن يقود "مسيرة الملح". حيث أن المحتل كان واحداً وهي "بريطانيا العظمى" والتي طالب فيها بإستقلال بلاده بحملة عصيان ما بين سنة 1940 – 1941 حين كانت بريطانيا مشغولة بالحرب العالمية الثانية، فلم تكن الهند وقتها في حسبانها، إزاء الخطر الياباني و الذي كانت تخشاه بريطانيا وقتها.

تألم غاندي كثيرا حين رأى الإنقسامات التي أعلن عنها رسمياً سنة 1947 وسادت الإضطرابات والإضطهادات الدينية بين الهندوس والمسلمين والذين طالبوا بالإنفصال إلى دولة باكستان، حيث خلّفت تلك الحرب آلاف القتلى ما إعتبرها غاندي كارثة وطنية وتمزقاً للوطن الأم. والتي طالب فيها الهندوس بإحترام حقوق الأقليات المضطهدة من المسلمين، فأعتبروه خائناً لوطنه فقرروا التخلص من صاحب الروح السامية عام 1948 والذي لم يكن يجد له مكاناً حتى في قطار الدرجة الثالثة.فليس لنبي كرامة في وطنه.
- هكذا السياسات الإحتلالية التي ليس لها سوى وجهٍ واحد عبر عصور من الدمار والتي ترفض " التعددية الثقافية والعرقية والمذهبية والفكرية" لإخضاع وإذلال الشعوب المستضعفة من أصحاب الأرض وسرقة تاريخهم بكل ما أوتوا من أساليب التنكيل، كما فعل الرجل الأوروبي بحضارة الهنود الحُمر بأمريكا وعمليات التطهير العرقية والدينية والمذهبية المنظمة التي مورست بالوطن العربي ضد الأقليات المهمشة و الذين عاشوا محرومين من نعمة الحياة كغرباء مطاردين، مستباحة دمائهم كل حين في أوطانهم وأرض أجدادهم التي عاشوا فيها منبوذين، معزولين في" جيتو" عن بقية مجتمعاتهم في أبسط متطلباتهم وأمورهم الحياتية. منبوذين بسبب هويتهم الأصلية أو بسبب معتقداتهم وإنتماءاتهم الدينية أو لغاتهم الأصلية أو ثقافتهم التي هي جزء من نسيج الوطن و التي تذكِّر المحتل بأنه سلب يوماً منهم تلك الأرض بل سلب أبسط حقوقهم في العيش كبني آدمين، في ممارسة حقوقهم وإنتماءاتهم الحياتية بحُرية. وأن ممارستهم لحرياتهم ولعقائدهم الإنتمائية لا تُشكِّل أي إستفزازات لمشاعر الأخرين ولا تهز إيمانهم !. اليوم تمارس داعش نفس الأسلوب في التطهير العرقي و الديني لإستئصال فكر شعوب الوطن العربي كما يحدث الآن بالعراق والشام وكل من لا يُصدَّق على ممارساتهم الداعشية ولا يتبع عقيدتهم الجهادية المتطرفة.

من أهم أقوال غاندي التي مارسها ممارسة فعلية على مدار تاريخه:
"ماذا سيغير الدمار الجنونى من أجل الموتي، والذين بلا مأوي، واليتامى الذين يعملون تحت إسم الحرية والديمقراطية أو بسبب الشمولية.. إننا لكي نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصومنا و لكن بمقدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل ".!



#شريف_خوري_لطيف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرق ذاكرة شعب؛ ما بين مكتبة الأسكندرية والمُجمَّع العلمي
- تلك الجدران العالقة
- و جدران العلكة تتكلم أيضاً
- ثورة البشموريين ضد العباسيين
- عن ثورات ربيعهم العدمي
- زيارة الممثل العالمي مورجان فريمان لمصر
- لماذا سجنت زّخّات الغيم (2)
- الحياة من فوق سرير بروكرستوس
- قراءات من طوق الياسمين
- رسالة من إمرأة؛ هي سِر الحياة
- عيد الختان المجيد
- كيف تتشكل وجداننا على متن حرفٍ
- مفهوم الكتابة وحرية الإبداع الثقافي في عالم واسيني الأعرج
- رسالة إلى صديقي المسلم؛ المذنب البرئ
- اترك إيمانك وكنيستك يا قبطي، فالمسيح كان يهودياً !
- الإنتحار الإستشهادي المقدس، بصمة وراثية عربية إسلاموية
- حلمي الصغير
- نبوآت الأيام الأخيرة عن مصر، هل بدأت تتحقق ؟
- واسينيات؛ ورشة تكوين للإبداع الأدبي، و قراءات من « إِمرأة سَ ...
- عزيزي العروبي، لا تكن داعشياً معتدلاً !


المزيد.....




- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف خوري لطيف - غاندي ومسيرة الملح