أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بقلم : عبد السلام انويكًة - عندما كانت سلا.. موعد بحر ونهر.. ونزهة وشفاء.














المزيد.....


عندما كانت سلا.. موعد بحر ونهر.. ونزهة وشفاء.


بقلم : عبد السلام انويكًة

الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 21:44
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


وفق ما يُجمع عليه الباحثون والمهتمون، بقضايا تاريخ المدن المغربية، وتجمع معهم مصادر تاريخ البلاد ككل، كانت مدينة سلا موجودة قبل الاسلام بكثير. ففي إتحافه الوجيز وتاريخ العدوتين، يذكر محمد بن علي الدكالي. أن القرطاجيين الذين دخلوا المغرب قبل الهجرة النبوية بحوالي ألف وأربعمائة سنة، كانوا أول من استقر بها. وأن الوندان والرومان كان لهما تأثيرهما، على ثقافة ونمط حياه وعمران كل من سلا وشالة. واذا كان من الصعب الحسم، في من كان وراء تخطيط وبناء العدوتين. فهناك من يتحدث على أن إسم سلا مأخود عن اسم بانيها، وهو ملك اسمه سلا من ملوك قدماء، وما يقال عن سلا نفسه يهم شالة، أما الرباط فهي حديثة العهد بنيت من قبل يعقوب المنصور الموحدي، وكان يسمى رباط سلا لما كانت تضاف شالة لسلا. وهناك من ذكر أن سلا المدينة التي تطل على المحيط الأطلسي ونهر ابي رقراق، بنيت مند حوالي ألف وخمسمائة سنة قبل الميلاد. وأن القرطاجيين أنشأوا بها مكانا لتجارتهم عُرف ب: سلفيس، وأن الرومان هم من سموها يهذا الاسم بعد احتلالها. وهي باننسبة لمستعمراتهم في المغرب كانت توجد في أقصى الجنوب ، وقد دام احتلالهم لها حوالي خمسة قرون.
وخلال العصر الوسيط تحديدا بعد وفاة ادريس الثاني، تولى حكم البلاد محمد بن ادريس الذي قسمها على اخوته، واضعا أخاه عيسى حاكما لسلا وهو الذي تمرد عليه فيما بعد طمعا في الحكم. وبطلب من محمد بن ادريس، قام عمر ابن ادريس- كان حاكما على بلاد صنهاجة واغمارة- بحشد جيش عن قبائل زناتة، وهزم أخيه عيسى في سلا التي عين بها حاكما. وعلى امتداد تجارب حكم مغرب العصر الوسيط من مرابطين وموحدين ومرينيين، عرفت سلا تحولا وازدهارا في عدة مجالات خاصة جانبها العمراني، من مساجد ومداريس وأسوار وأبواب ومارستانات وغيرها، وكانت سلا وجهة لهجرة الأندلسيين عنوة الى المغرب. ومن جملة ما عرفت به سلا وتميزت على سائر مدن البلاد، حركتها الشعبية التي ارتبطت بالبحر والجهاد خلال ق17م، مستغلة ما كان عليه المغرب آنذاك من وضع داخلي صعب.
حركة جعلت سلا بصدى دولي آنذاك والمغرب كقوة بارزة آنذاك. ولم تتراجع هذه الحركة إلا مع نهاية القرن نفسه، بعد تمكن العلويين من توحيد البلاد مجددا. وكان مصب أبي رقراق ومرسى سلا مركز هذه الحركة ومنطلقها، ما جعل المدينة بمثابة قاعدة للجهاد البحري خلال هذه الفترة من تاريخ المغرب. إنما بصمة سلا انطلاقا من تاريخها الثقافي تعود لبداية ق14م، عندما جاء إليها الشهير بسيدي بن عاشر- كان بمعرفة طبية وبأساليب علاج بعض الأمراض- واختار الاستقرار بها. وبعد وفاته بدأ الناس يتوجهون الى قبره للاستشفاء بحسب اعتقادهم، بجلوسهم الى جانب قبره كعادة امتدت لقرون. وكانت القبائل المجاورة لسلا كما بالنسبة لزعير واسهول وأعمور..، تنظم احتفالات خاصة بضريحه كان صداها وأثرها يصل حتى فاس.
ومع بداية ق19م على إثر زيارة له لسلا 1810م، أمر مولاي سليمان بوضع قبة على قبر ابن عاشر، ووضع حاجز من خشب لفصل القبر الى جانبين، الأول خاص بالنساء والثاني خاص بالرجال. كما أمر ببناء عدد من البيوت (بنيقات)، كانت تخصص لزوار قادمين من جهات بعيدة. بنية استقبال توسعت عام 1887م، من خلال اضافة بيوت جديدة منها قاعة خصصت لصلاة الجمعة. وبداية العناية بضريح ابن عاشر تعود الى عهد مولاي عبد الله بن اسماعيل، الذي أمر ببناء قبته وجناحيه. ليعرف سلسة اصلاح وتجديد على عهد مولاي عبد الرحمان فيما بعد، مستفيدة من هبات بعض أعيان المدينة كما عبد الهادي زنيبر وغيره. ومع بداية القرن الماضي قام أحد أعيان المدينة وهو مولاي أحمد سابودجي السلاوي، ببناء قاعة كبرى لاستضافة زوار ضريح ابن العاشر القادمين من جهات بعيدة من البلاد. خاصة الذين كانوا يأتون للاستشفاء في اعتقادهم، وللاقامة لبعض الوقت حتى في أمكان أخرى مجاورة، بما في ذلك الاقامة في ضريح سيدي موسى بن علي غير بعيد عن ضريح سيدي بن عاشر.
وكانت هناك هبات وتبرعات تقدم خلال الاحتفال الديني، والى جانب ما كان يساهم به الزوار لفائدة مداخيل المكلفين بالضريح. وذلك من أجل العناية بالضريح من تبييض لجنباته بالجير، خاصة أثناء الاحتفال بالمولد النبوي من كل سنة. وكانت حراسة ضريح ابن عاشر موكولة لأسرة ولاد عمر التي لم تكن تسكن به، وحماية الضريح كانت تتم بشكل دوري حيث كان يخصص أسبوعا لكل واحد. والى جانب مساهمة هذه الأسرة في الحماية، كانت هناك لجنة مراقبة تظم باشا مدينة سلا وفردين عن أسرة ولاد عمر، ثم مقدم الزاوية وأحد أعيان المدينة ومنهم الحاج نفير. ومدينة سلا التي كانت بتفاح عجيب يثمر مرتين في السنة، كان يوجد في الديار مغروسا لطيب رائحته وحسن منظره ولطافة شكله. هذا اضافة ورد أحمر وأبيض وياسمين وقرنفل وحبق، وشجر الآس والنارنج وغيره الكثير من النبات. ومدينة سلا التي كانت بها مطالة وليست بطانة باسمها الشائع الآن، ومطالة هي احدى منتزهات المدينة الجميلة بمياهها. مدينة سلا قيل قديما حول قيمتها وقيمة العدوتين معا، من حيث جمال البيئة والأثر على النفس وبهجة الراحة والترويح:
أرى القلب يسلو عن همومه // ويعروه ضربا في الرباط من القنط
لأن ســلا من السلو اشتقاقه // كذلك الرباط اشتق أيضا من الربط
وقيل كذلك:
سلا القلب في مرسى سلا وتجملت // ركائب هــــم كن خيمن في الصدر
بلاد فكلتا ضفتيهما كأنهمـــــــــــــــا // وشاحان أو جفن على ذلك النهر
وفي جل حركات وتجارب المغرب السياسية منذ العصر الوسيط، مستفيدة أساسا من موقعها المتميز. كانت سلا بحضور قوي وباتصال مع باقي المدن المغربية العتيقة والأصيلة كفاس ومراكش وغيرها، ومن هنا تقاسمها لعدد من أوجه الثقافة الأصيلة وعمرانها. والى جانب كونها كانت بؤرة جهاد، كانت مقصدا لعدد من الصلحاء والعلماء ومعقلا للصوفية. وجليا تبدو مدينة سلا أنها كانت منفتحة دوما، على مختلف الهجرات الفردية والجماعية. فكان النازحون اليها والمهاجرون بأثر في تعديل شخصيتها، لما حملوه معهم من إرث ثقافي وتقاليد ونمط عيش وغيرهما من أوجه الحياة.



#بقلم_:_عبد_السلام_انويكًة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدايات الزمن الاذاعي بالمغرب
- تازة: ايكولوجيا منتزه تازكة الوطني بمسالك تجوال محاطة بأجمل ...


المزيد.....




- أكره مرؤوسته على أعمال جنسية مقابل امتيازات.. استقالة مسؤول ...
- ضمن -كمائن الصمود والتحدي-.. -القسام- تعرض مشاهد لعدد من عمل ...
- قوات الدعم السريع تعلن استعادة السيطرة على قاعدة -الزُرُق- ا ...
- الاتحاد الأوروبي يضع لمسات أخيرة على اتفاقيات هجرة مع دول عر ...
- -بعبوة العمل الفدائي وبأخرى شديدة الانفجار وقذيفة-..-القسام- ...
- تبادل رسائل حادّة اللهجة بين غانتس ومكتب نتنياهو
- اسم يتردد مجددا.. ما هو دور فاروق الشرع في سوريا الجديدة؟
- الرئيس الروسي يجري محادثات مع رئيس وزراء سلوفاكيا في الكرملي ...
- -واقع مرير-.. صحفي إيرلندي يوصّف التعبئة القسرية بأوكرانيا
- انقطاع الكهرباء عن مستشفى كمال عدوان عقب قصف إسرائيلي للمولد ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - بقلم : عبد السلام انويكًة - عندما كانت سلا.. موعد بحر ونهر.. ونزهة وشفاء.