|
أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5128 - 2016 / 4 / 9 - 08:42
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة 58 * تجليات إعجازية للخالق والخلق ! ازدحمت في الأفق أفلاك ودنت كواكب من كواكب وتألقت في السماء نجوم وهام في الكون أقمار دنت من أقمار،وطاردت شهب شهباً ومذنبات مذنبات ،وهبت على الكون روح الخالق بنسيم منعش فضجت الآهات بالآهات، وتأوهت نفوس من أعماق متاهات الروح ليختلط الكون كله بالخلق والكائنات ، وشدا في الآفاق لحن تردد صداه من أرجاء سحيقة خشع له الإنس أحياء وأموات ،وتفجرت في أديم الأرض طاقة أحالت عناصر ألأجداث إلى كائنات طاقوية وطاقات ،أحدثت لجة في معمعة الخلق ، فتأججت نيران براكين وانفجرت مرسلة إلى السماء نذيرا بهول القادم من آيات ! فتراقصت وتلوت وصعدت متحدية قوانين الخلق لتظل صاعدة في الفضاء إلى ما لا نهاية آبية أن تهلك مقدار ذرة من أديم الأرض ومن آيات الخالق والمعجزات ! واتكأ في بطينة الأرض جبل على جبل فزلزلت الدخيلة دون أن ينهار سقف بيت على طفل وكهل وفتيات فاتنات. فتنفست الأرض من أعماقها وسبحت باسم الخالق والآيات . وخالط الكل رذاذ عطرتفوح ليرش الكون والكائنات ، فهامت نفوس الإنس بشدو تردد صداه ليرافق أنغاما شدت بحسن وجمال الخالق والخلق والمخلوقات ! وهو يتأمل ما يعجز الكلام عن وصفه ، قطع الإمبراطور تأملاته وهو يدرك أن ما يراه ويسمعه من معجزات يدور بالتأكيد في مخيلة الملك لقمان أولا ثم يتجسد ماديا في الكون ، حتى أنه شعر بآخر كلمات كانت تصطخب بها مخيلته ، وكاد أن يقول لنفسه إن لقمان هذا الجالس في مواجهته على مائدة طعام وخمر محلقة في الفضاء مع ملايين الموائد ليس إلا الخالق نفسه ، طالما أن كل ما يحدث في الكون هو من نتاج خياله ، بل وكاد أن يسأله " لقمان هل أنت الله " ؟! المشكلة أن لقمان سبق وأن قال له أنه مجرد إنسان وأن الخالق يستجيب إلى رغباته ربما لمحبته له . أبعد الإمبراطور هذه التساؤلات من مخيلته وسأل الملك عما كان يدور في مخيلته من كلامه الإيقاعي الأخير : - شعرت جلالتكم أن كل ما يجري في الكون وفي باطن الكواكب هو برغبة منكم يسبقها خيال معبر عنه بكلام إيقاعي يصوغه جلالتكم في مخيلته ويستجيب له الخالق ويطبقه بسرعة فائقة تفوق سرعة الضوء ،حتى أنني التقطت آخر كلمات تفوهتم بها فأحببت أن أسئلكم : في الجملة الأخيرة جاء أن "نفوس الإنس شدت بحسن جمال الخالق والخلق والمخلوقات " أليس المخلوقات هي الخلق نفسه وأنكم أتيتم بها لاكتمال الإيقاع لما كان يدور في مخيلتكم ؟ ابتسم الملك لنباهة الإمبراطورالبلاغية وأجاب بعد قليل من الصمت : - المخلوقات هنا قصدت بها ما خلقه الإنسان من حضارة إنسانية تشمل المدن بكل ما أبدعه الإنسان من حضارة هندسية ،وتشمل الزراعة والصناعة والعلوم والآداب والتكنولوجيا . أما مفردة الخلق التي سبقتها فهي خلق الكائنات الحية وغير الحية ،وهو عندي يتم بفعل رغبة الكائنات نفسها في الخلق والتطور ، فهذه الرغبة لم تنشأ إلا من رغبات بدائية كان يتلوها رغبات ترفض واقعها فتنقرض أو تتطور ، فلولا القرد البشع الذي كان يرفض شكله ويطمح في شكل أجمل وقدرات عضوية أرقى لما جاء الإنسان الأجمل والأكثر تطورا في بنيته العضوية مارا بحقب كثيرة من التفاعل بين طاقتين ،الطاقة السارية في الكون التي تتطور بدورها في الكون كله والطاقة الصادرة عن الكائن نفسه ،ودون هذا التفاعل بين الطاقتين لن يتطور الخلق في زمننا إلى ما هو أجمل وأكثر كمالا . لذلك قلنا من جملة ما قلناه " إن عملية الخلق تكاملية بين الخالق والمخلوق ، فالكائنات تخلق نفسها بنفسها من الطاقة الناجمة عن العناصر المادية التي توفرت لها وتفاعلها مع الطاقة الكونية ( الكلية ) السارية في الكون " وهنا سأل الإمبراطور سؤالا قد لا يستطيع الإجابة عنه إلا الخالق نفسه : - وكيف يتم هذا التفاعل ، وبمعنى أشمل كيف تنتج الطاقة عن المادة ؟ أدرك الملك لقمان إعجازية السؤال . قال : - يمكن القول لجلالتكم أن ما تم حدوثه خلال أربعة عشر مليار سنة لا يمكن معرفة حقيقته المطلقه إلا من الخالق نفسه حسب زمننا الحالي ،أما في الزمن المستقبلي فيمكن القول أن العلم قد يتوصل إلى معرفة قوانين الخلق ،وقد يمكنه أن يخلق كائنات حية وربما إنسانا متطورا جدا . لكن يمكن القول إذا ما نظرنا إلى معجزات الخلية وما تكوده من معلومات هائلة جدا في نواتها يعجز العقل البشري عن معرفتها وإحصائها ، أن عقل الخالق كان يدون كل شيء يتحقق من صحته في معادلات مرمزة ليقوم بوظيفته على أكمل وجه . فالمادة كذا مثلا التي يرمز لها بالرمز كذا ينتج عنها الطاقة كذا إذا ما تفاعلت مع الرمزالكوني كذا . وهكذا .. إن أجساد الكائنات هي عبارة عن مختبر هائل للكيمياء والفيزياء لإنتاج الطاقة . - هل ترى جلالتكم أن الله يعرف لغة ؟ - بالتأكيد لا يعرف وخاصة في بداية التكوين ،لكن يمكن القول أنه ابتكر لغته المرمزة الخاصة . - وماذا عن اليوم ؟ - إن لغات البشر المعاصرة تدون من قبل البشر أنفسهم وتدوينهم لا ينفصل عن تدوين العقل الكوني كما لا ينفصل كل ما يبدعه العقل البشري عن العقل الكوني للوصول إلى كمال ما ذات يوم . ويمكن القول إن كل لغات العالم هي لغات الخالق لأنها لم تتم دون طاقته السارية في الخلق . والحال نفسها تنطبق على ما ابدعه الخالق ،فكل شيء في النهاية هو إبداع الخالق . - هل ترى جلالتكم أن الخالق في بداية التكوين قد مر بتجارب كثيرة إلى أن بدأ بالإمساك بحقائق نظرية ! - بالتأكيد وإلا لما دامت عملية الخلق أربعة عشر مليار سنة . وما هو مؤكد أن التجارب بدأت صدفية عشوائية ولا يعلم إلا الخالق نفسه كم دامت هذه الحقبة ،ربما مليار سنة ، إلى أن أصبحت التجارب مبنية على أسس ممكنة وليست عشوائية . أتصور أن الخالق قام بمليار تجربة فاشلة قبل أن يصل إلى تجربة واحدة ناجحة ،ويبدو لي أن علماء الفيزياء والكيمياء سيحتاجون إلى القدر نفسه من التجارب ليصلوا إلى نتائج صحيحة قطعية . - إذن مسألة الخلق في ستة أيام أو بالكلمة ( كن ) ليست واردة في حكمتك الفلسفية . - هذا مجرد اجتهاد لعقل بدائي لم يكن يعرف العلم ولا الكيمياء ولا الفيزياء . الجيد في الأمر أنه فكر ولو بخطأ في التفكير . - ثمة أسئلة كثيرة ما تزال تدور في مخيلتي . سأختتم حوارنا في هذه الجلسة بالسؤال الذي أجلته من الحوار السابق : - وإذا لم يجد جلالتكم الخالق في بحثه عنه ؟ تنهد الملك لقمان بعمق ثم استمد طاقة من الملكة نور السماء بأن ضمها وقبلها على خدها : - يخالجني إحساس أنني عثرت على الله من زمان ، لكن عنادي هو الذي يصر على الحقيقة في مطلقها ، وليس في جزئها النسبي. - أشكر جلالتكم ***** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة . الجزء الأول.
-
أديب في الجنة (57) * في الخلق والخالق والبعث والنشور !
-
أديب في الجنة 56 * في الحقيقة والغاية !
-
أديب في الجنة (55) * في العقل ونشأة الكون!
-
أديب في الجنة (54) * الرقص في الزمن المتوقف في المكان الكوني
...
-
أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
-
أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
-
أديب في الجنة 51 * ألخالق العظيم !
-
أحلام مادية طاقوية ! (1) شاهينيات 1178
-
مفهوم الألوهة الملتبس بين وجود إله أو عدمه ! شاهينيات ( 1177
...
-
في الألوهة وشرط وجودها ! شاهينيات (1176)
-
لماذا لم يبن الله مدينة واحدة على الأرض ؟ شاهينيات 1175
-
في العقل الكوني. شاهينيات 1174
-
( القصيدة الكاملة المعدلة انطلاقا من مذهب وحدة الوجود حسب فه
...
-
إلى المرأة الحبيببة والأم والأخت في عيدها
-
أديب في الجنة (50) * الملك لقمان في ضيافة الإمبراطور الإله !
-
أديب في الجنة (49) * الالوهة مادة وطاقة !!!
-
في الوعي الديني ! شاهينيات ( 1170)
-
أديب في الجنة (48) * آلهة بلا حدود !
-
أديب في الجنة (47) * مهرجان القضيب المقدس !
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|