أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - كان لي رفاق هناك أعزهم ولا زلت














المزيد.....

كان لي رفاق هناك أعزهم ولا زلت


عبدالله مهتدي

الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 01:34
المحور: الادب والفن
    



كان لي رفاق هناك أعزهم ،ولا زلت.

هم مجرد "أولاد"الخيرية،لاجئون مع التنفيذ،لن يضر الأرض في شيء أن يناموا في العراء،يتوسدون البرد وخيباتهم،يفترشون صمت الأحياء،وتواطؤهم،يحضنون الريح،ترمقهم عين الله من فوق،من بعيد،يراهم الله،يتأملهم جلاله،ويصمت لحكمة لا يعلمها إلا هم.
تكمل الأرض دورانها،ولن يختل إيقاع الكون،فمن هؤلاء حتى يحدث ذلك؟
هم فقط مجرد أخطاء في مطبعة التشكل البشري،هم أغلاط النزوات ،والصدف التي تنتقي ضحاياها بدقة العين الخبيرة،لا ذاكرة تلحمهم سوى ذاكرة النزيف الدائم،ولا أسماء يحملونها على أجسادهم سوى أسماء الريح ولا ألقاب سوى ألقاب تذكرهم بالوجع الساكن في خلايا الروح.
هم فقط "أبناء"الخيرية الذين لا يستحقون أن ترأف عين بهم،لمجرد التشفي أو الشفقة،أن تتواضع وتنظر،أن ترى هؤلاء منبوذين في عزلتهم وحدهم يواجهون جغرافية الموت،بعد أن ذاقوا تاريخه،
لن يتألم التراب من أجلهم،لأنه يريدهم هكذا،كي يشم رائحته فيهم،يتعرفهم واحدا واحدا،فالأصل يحن إلى الأصل،هو الآخر قد يحتاج هذه الأجساد كي يتدفأ بها من قسوة البشر وطغيانه،لحمهم على لحم التراب،والتراب هوية لمن ضاعت هويته في زحمة الأخطاء،هم لا أسماء لهم يعيدون بها تركيب ذاكرة منخورة بالصمت،مريضة بالخيانات،معتوهة بالثقوب السوداء،لا أحضان لهم سوى أحضان الغبار،
ولا أعراس سوى أعراس الفقدان.
يمر الله من فوق رقادهم وهم يتوسدون أرضه ،ويمضي إلى حال سبيله،مثلما تمضي الأرض في دورانها المعطوب،تراهم العيون فتتبرأ منهم،تشيح بوجهها عنهم كأنما لا تريد أن ترى قبحها في مرآة عيونهم،لا عنوان لهم إلا عنوان الرحيل،الرحيل الدائم في الرحيل،الإقامة في هويات مؤقتة باحثة عن خرافة الأصل،
ماذا يفيد الكلام أمام جريمة قتل الأم الوحيدة (الخيرية)التي أسكنتهم رموش عيونها ؟هذا القتل القاسي بدم بارد؟هذا النسف الهمجي للحائط الوحيد الذي كان يعزلهم عن ما تبقى من العالم ،حتى لا يرى هذا الأخير هذا الكائن الاستثنائي الذي جادت به الحياة في غفلة منها،قتل الأم كي تتم إعادتهم إلى جرح السؤال عن الأصل،إلى سؤال الأنا والهو،إلى صورتهم وصوتهم في مرآة الفقدان.
لنا أسماؤنا ولهم"أسماؤهم"، لنا خبزنا ولهم"خبزهم"، لنا هواؤنا ولهم "هواؤهم"، لنا أحلامنا ولا أحلام لهم سوى أسماء تليق بأجسادها،وأحزان تليق بجراحها،وتيه يليق بسفرهم الآثم،هوية الإقامة في الفراغ،الانتماء إلى التراب الخالص،إلى الأرض التي لا تأبه بالنائمين عراة في عرائها،ملتحفين صمت الليل،وجراح الطين.
أما أنتم،فاصمتوا،فالصمت يليق بكم،صمت القبور ،صمت الأموات،صمت المزهوين بمجد أسماءهم،بمجد أناقتهم ومواعيدهم وقهقهاتهم،اصمتوا ،واتركوا "النزلاء"،اتركوا"المجهولي الهوية"
في زمن الصمت الرصاصي،يقيمون في عزلتهم،غرباء عن الهواء،مسكونين بجرح الفقدان،اتركوهم يتوسدون أسماء لا تشبههم،ولا تشبهكم،اتركوهم لاجئين في مسكن العراء الباذخ.
اصمتوا،فان الله يمر من فوقهم كل ليلة،يرى،يتأمل،ويصمت كذلك،والأرض تكمل دورانها غير آبهة بمن ينام تحت الأرض ومن ينام فوقها،لعلها تدري أن قدر هؤلاء لا يصنعه الصمت ولا السماء. لعلها لا تدري أن لا عزاء للصامتين.



#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصائد إلى راشيل كوري
- مواويل على مقام العشق والغياب
- أشتاقني مملوءا بضوء الحلم
- تمزقات
- أفكر بدماغ فراشة
- ستنعيك الفراشات في تراتيلها
- أحيانا أقطف النعاس من عيون الليل
- الشجرة
- على صفحة ماء
- الى :س
- بلاغة الجسد وعنف التحول في رواية-الطلياني-لشكري المبخوت
- قليل من الورد في الجرح يكفي
- هايكو
- محاولة في التعريف بكتاب-القوات المسلحة الإيديولوجية--التحالف ...
- نمنمات شعرية
- فسحة الغائب
- الابداع الفني لا يناقش بمنطق المقدس/المدنس
- أغاني الحداد والشهادة
- مثل بصار خذلته مرآته
- قالت لي الفراشة...


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله مهتدي - كان لي رفاق هناك أعزهم ولا زلت