|
ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
فاخر السلطان
الحوار المتمدن-العدد: 1387 - 2005 / 11 / 23 - 10:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
ادعاءات الإسلاميين تتوالى كلما جرت انتخابات في الدول العربية، إذ تتحدث غالبيتها عن وجود فرص سانحة لهم للفوز فيها إذا ما طبقت الديمقراطية بصورة حقيقية وصحيحة. وفي الوقت الراهن تبدو الانتخابات النيابية في مصر هي المعنية بعدم فوز الإسلاميين من الإخوان المسلمين بنسبة كبيرة من المقاعد، كون الموقف الحكومي من تنظيم الانتخابات تسبب في جعل الديمقراطية منقوصة، وبات هذا الموقف سببا في خسارة الإخوان للأصوات التي كان يجب أن يحصلوا عليها لضمان دخولهم بصورة أكبر إلى البرلمان. نعم، لا جدال في أن الانتخابات التي تجري في الدول العربية لا علاقة لها بالديموقراطية وتعبّر أفضل تعبير عن "ديموقراطية منقوصة" كون المشرف عليها ومنظّمها هي حكومات تريد فراق الديموقراطية اليوم قبل غد. لكن في المقابل، يتناسى أصحاب تلك الادعاءات كيف أن موقف الإسلاميين من النظام الديموقراطي لا يختلف عن موقف الأنظمة والحكومات إن لكن أسوأ، وكيف انقلب الإسلاميون على الديموقراطية (المنقوصة وليس الحقيقية) لمجرد فوزهم بالانتخابات وحصولهم على العدد الأكبر من مقاعد البرلمان، وكيف ألغوا الآخر غير الإسلامي بمجرد استيلائهم على السلطة أو البرلمان بدعوى أن الدين لا يقبل وجود هذا الآخر. فالتجربة الإيرانية والسودانية والجزائرية ليست ببعيدة عن الذاكرة، وجميعها أثبتت أن الديموقراطية بالنسبة إليهم ليست سوى وسيلة للتسلق للوصول إلى القمة، وبمجرد الوصول تبدأ عملية إقصاء الآخرين ويتم إعادة رسم صورة جديدة للحياة السياسية والاجتماعية، صورة ظاهرها الشعارات وواقعها الاستبداد المستند إلى التفسير الديني، أما الديموقراطية فيتم تشكيلها وفق قياسات أصولية بحتة، وهي قياسات دائما ما تناهض التعددية والإختلاف وتحارب احترام حقوق الإنسان الحديث. كل ذلك لا يعني أن الإسلاميين تواقين للديموقراطية الحقيقية والكاملة، وإنما هو يتوقون لآلية انتخابية توصلهم إلى السلطة أو البرلمان من أجل تفعيل غاياتهم البعيدة عن الأسس التي تستند إليها الديموقراطية، وهي الأسس التي تقوم عليها الحياة الجديدة. وتجربة الإسلاميين في الكويت مع العمل النيابي البرلماني، وهم الذين مالبثوا أن اتهموا جميع الديموقراطيات العربية بالناقصة، تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأنهم ألد أعداء الديموقراطية الحقيقية، وبالذات حينما يفرز التداول البرلماني قوانين تتعارض مع تفسيرهم الديني الموجّه في خانة المطلق. وحصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية كان خير دليل على ذلك، حيث ثارت ثائرتهم وحاولوا تغيير الجلسة التاريخية المتعلقة بتلك القضية من جلسة يتم خلالها طرح رؤى عقلانية حول المرأة تمس الواقع الاجتماعي بالتزامن مع تطور وتغير الحياة، إلى جلسة يتم فيها ترهيب الآراء المخالفة لآرائهم بمواجهتها بتفسير ديني مطلق للقضية مستندا إلى سلطة النص، حيث حذروا كل من يغرد خارج أسوار تلك السلطة من العقاب الإلهي المنتظر برغم وجود تفسير ديني آخر يخالف وجهة نظرهم ومتبنى من نواب إسلاميين آخرين. فالمطلق هو الذي يحرك الإسلاميين في الكويت وفي غيرها ويدغدغ شعورهم، وهو بالنسبة إليهم يقع ضمن الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها، بل إن متجاوزها يستحق العقاب، ويحاربون للوصول إلى كرسي البرلمان (وهذا من حقهم) من أجل تثبيته في الواقع اعتمادا على سلطة النص (وهذا ليس من حقهم لأنه يناهض التعددية). فالمطلق لا يستطيع أن يتعايش مع الديموقراطية وآلياتها إذ لا مطلق في الديموقراطيات بل جميع الأمور فيها نسبية وبشرية غير سماوية وخاضعة لقيم ومعايير أخلاقية متغيرة. كما أن البرلمانات تعبر عن بشرية الحياة لا عن سماويتها، ومن يدع أو يطالب بغير ذلك يجب عليه أن يغادر أسوارها، فمناقشاتها هي محصلة تفاعلات الناس وتفسيراتهم المختلفة للأمور والقضايا، ولا وجود فيها لنواب يعبرون عن ثقافة كاملة بالمطلق تنطق باسم السماء.
#فاخر_السلطان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاسلام هو الحل
-
إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف
المزيد.....
-
الإليزيه يعلن استدعاء السفير لدى الجزائر و-طرد 12 موظفا- في
...
-
المغرب يواجه الجفاف: انخفاض حاد في محصول القمح بنسبة 43% مقا
...
-
كيف رد نتنياهو ونجله دعوة ماكرون إلى إقامة دولة فلسطينية؟
-
أمير الكويت ورقصة العرضة في استقبال السيسي
-
الرئيس اللبناني: نسعى إلى -حصر السلاح بيد الدولة- هذا العام
...
-
مشاركة عزاء للرفيقتين رؤى وأشرقت داود بوفاة والدتهما
-
ويتكوف: الاتفاق بشروط الولايات المتحدة يعني وقف إيران تخصيب
...
-
ترامب: مزارعونا هم ضحايا الحرب التجارية مع الصين
-
مصر.. أزمة سوهاج تتصاعد والنيابة تحقق في تسريب فيديو المسؤول
...
-
نائب رئيس لجنة الدفاع والأمن الروسية يزور الجزائر
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|