أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - الست فضة والست ماري














المزيد.....


الست فضة والست ماري


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5121 - 2016 / 4 / 2 - 17:56
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ما طعمُ ثوب التخرج الأسود وقبّعة الخريجين السوداء حين يرتديهما المرء وهو في العام الثالث بعد المائة من عمره؟ ما حجمُ الفرحة بشهادة التخرج من المدرسة التي يتسلمها الخريج على نغم الموسيقى وقد تجاوز عمره المائة عام، وما شكلُ الأمل بغد آخر وقد أتم المرء تعليمه في تلك السن؟ ما مذاقُ أن يقرأ الإنسانُ لأول مرة في حياته أولى كلماته وهو في التسعين من عمره بعد عقود طوال ظل ينظر فيها للحروف والكلمات في الكتب وعلى لافتات الإعلانات كأنها ألغاز ورسومات غامضة؟
يقول المثل الإنجليزيّ: Never too late to learn، أي: لم يَفُتِ الوقتُ أبدًا للتعلُّم. ذاك أن لا وقتَ محددًا أو عُمرًا بعينه مخصصٌ ليتعلّم الإنسانُ معارفَ جديدةً أو خبراتٍ لم يخبرها. الوقت المناسب للتعلّم هو كاملُ المدة التي يقضيها الإنسان فوق الأرض، يعني كامل عمره. دائمًا ما كنتُ أتعامل مع تلك الحكمة باعتبارها قاعدةً أجنبية تخصُّ العالم الغربي فقط، لكنني لم أعتمدها عربيًّا، لأن لدينا، نحن العرب، ميراثًا ضخمًا مضادًّا، يقصر التعلّمَ على المراحل العمرية الأولى للإنسان، في بدايات تكوينه، ويُثني عن طلب العلم في الكِبَر! كأنما المعرفةُ كمٌّ محدود من المعلومات موضوعٌ في حقيبة يفتحها الصغيرُ في سنواته الأولى ليرى ما بها، ثم يغلقها ويرمي بها في النهر! نقول مثلا: "التعلُّم في الصِغَر كالنقش على الحجر، والتعلُّم في الكِبَر كالحرث في الماء!" يعني الأول حفرٌ عميق باقٍ، والثاني زائل يُنسى لا يستقر، مثلما نكتب على سطح الماء بعصا فيزيل توترُ الماء السطحيُّ ما تركناه من علامات على صفحته! ومثل ذلك المَثَل المصري (المحبط) الذي يقول: بعد ما شاب، وَدّوه الكُتّاب!"يعني: أبعدما وَخَطَ الشَّيبُ رأسَه، يودُّ الناسُ أن يذهبوا به إلى الكُتّاب؟! وكلّ يوم نطالعُ في صحف الغرب أخبارًا وطرائفَ عن عجائزَ غربيين ذهبوا ليتعلَّموا فنونًا ومعارف جديدة. مثل هذه التي جلست على مقاعد الدرس لتتعلم التطريز أو فنَّ تنسيق الزهور وهي في الثمانين، أو ذلك الذي راح، في السبعين، يتدرَّب على رياضة تسلّق الجبال، أو تلك التي ذهبت إلى معهد الموسيقى لتتعلّم العزْفَ على البيانو وعمرها تجاوز التسعين، أو ذلكما الزوجين المُسنّين اللذين قررا أن يجوبا العالم على دراجتيهما، وسواهم الكثير! تلك أخبارٌ نقرؤها وما من دهشة تتملكنا من تكرارها.
طالعتُ بالأمس أخبارًا عن العجوز الأمريكية "ماري هنت" التي أكلمت دراستها الثانوية وقد بلغت من العمر 103 عامًا، بعد سبع وثمانين عامًا من تخرّج زملائها في الصفّ، فتذكّرتُ الأردنية الفلسطينية "فضّة البشتاوي"، التي كتبتُ عنها مقالا قبل عامين لأقدم لها التحية، بعدما قرّرت أن تمحو أميّتَها في التسعين من عمرها، لتغدو أكبرَ طالبة على مقاعد الدرس في الأردن، وفي العالم العربي، وكذلك في العالم بأسره، حتى شهور قليلة قبل أن تخطف منها الأمريكية ماري اللقب النادر. تقول الجدّة فضة إن حُلمَ القراءة والكتابة لم يبرحها مدى عمرها الطويل، إلا أن ظروفها المعيشية العسرة حالت دون حلمها. ثم صحتْ ذات نهار وقد قررت أن تتعلّم، بعدما زارها حُلم ليل رأت نفسها خلاله تقرأ القرآن. ومع شعاع الشمس التالي ذهبت إلى مركز محو الأمية في البلدة وسجّلت اسمها. في الصباح، تذهب للدرس، ثم تعود البيت عصرًا، فتراجع دروسها مع أحفادها الصغار، وتحضّر في المساء دروس الغد. والآن، وقد أتقنت القراءةَ والكتابة بشكل سليم، تنوي الاستمرار في التعلّم مادام في العمر بقية، ومادامت قادرة على ذلك، ذاك إن نور العلم قد دخلها وتذوقت بهاءه، ولم يعد ممكنًا أن يحجبه عنها شيء. ثم إنها تقوم بدور تنويريّ في مجتمعها الصغير؛ عن طريق تشجيع جاراتها المسنّات على التعلم.
تحية احترام لكل من يخطو بحذائه فوق بعض الأمثال العربية الداحضة للعزم، الراكنة إلى التكاسل مادام العمرُ يركض نحو محطّته الأخيرة، وتحية احترام للمثلَ الغربيَّ الذي يحضُّ على العمل والنشاط والمثابرة وطلب المعرفة، مادام في العمر لحظة. Never too old to learn



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء الرئيس الذي لم أحضره
- هل نلغي الدستور؟
- الكود الإنساني للأطفال
- تيمور السبكي... ونحن والدستور
- اسجنوا بورخيس مع أطفال المنيا
- أيها الشعراء غنّوا وأُسجنوا!
- الحريةُ مناطُ التكليف | أخرسونا لتدخلوا الجنة!
- لماذا لم يعصفِ اللهُ بالملائكة؟
- ازدراءُ الأديان ازدراءٌ للأديان!!
- سياطٌ على ظهر الحكيم
- قصيدة للشاعرة فاطمة ناعوت (سجن)
- سأهربُ إلى قبر جدتي
- قانون -نيوتن- الرابع
- ماذا قال لي برنارد شو
- رسالة إلى الله
- اسجنوا أولئك الثلاثة
- أم الشهيدة والأرنب المغدور | سامحيني يا سمراء!
- افتحوا نوافذَ قلوبكم للحب
- هذا العماءُ خطأٌ في الإجراءات
- الإنسان الطيب


المزيد.....




- مراسلتنا: الجيش الإسرائيلي يقتل امرأة ويأسر مواطنين حاولوا ا ...
- الكويت تسقط جنسيتها عن أكثر من 9400 امرأة دفعة واحدة
- استغلى الفرصة وسجلى.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الجز ...
- إدارة بايدن خططت لإنفاق 32 مليون دولار على الختان في موزمبيق ...
- كاميرا ترصد لحظة مذهلة.. غرباء يساعدون امرأة في الولادة في م ...
- كيفية التسجيل في برنامج منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائ ...
- امرأة متحولة جنسيا تحول حياة صبي عمره 14 عاما إلى كابوس في م ...
- “هتقبضي 8000 دينار شهرياً”.. التسجيل في منحة المرأة الماكثة ...
- وفاة امرأة وابنتها متأثرتين بإصابتهما بهجوم ميونخ
- رابط تقديم منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 الجزائر


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاطمة ناعوت - الست فضة والست ماري