|
أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 03:11
المحور:
الادب والفن
أديب في الجنة 53 * الدخول في الأسئلة الصعبة ! فيما كانت سفافيد الشواء تحلق في فضاء الموائد ملبية رغبات المحتفين من اللحوم ، والحوريات يملأن أباريق الخمر من الجداول الجارية ويجبن بين الموائد ليترعن كؤوس المحتفلين بالخمر ، كانت مخيلة الإمبراطورتحضر بعضا من الإسئلة الصعبة التي بدا أنه في حاجة ماسة إلى معرفة رأي الملك لقمان فيها رغم أن لديه أجوبته كممثل للخالق على الأرض ، لكنه وكما بدا واضحا للملك غير متيقن منها وغير متعصب لها على الإطلاق في الوقت نفسه. ورغم أن الملك لقمان لا يدعي اليقين المطلق أيضا ، إلا أن استجابات الطبيعة لرغباته كانت تثير حيرته ، كما أن إدراك الملك بأن الوجود لم يكن عبثيا وأن له غاية من الأساس مسألة يتفق فيها الإمبراطورمع الملك . أخذ جرعة من الخمر أعقبها بقطعة صغيرة من فخذ ظبي ، مسح شفتيه بفوطة المائدة بعد أن ابتلعها ، وشبك أصابع يديه على المائدة ناظرا إلى الملك لقمان في مواجهته . أدرك الملك أن ثمة سؤالا إعجازيا يحضّره الإمبراطورفي الطريق إليه ، ولم يكد يخرج من توقعاته حتى هتف الإمبراطور بلغة رسمية مهذبة : - هل في مقدور جلالتكم أن تخبرونا ما إذا كنا الآن نأكل ونشرب ونعيش في واقع متخيل أم في واقع واقعي ؟! أدرك الملك ما كان يتوقعه . مسح فمه بعد أن ابتلع قطعة فخذ الحمام التي كان يلوكها، وشبك أصابع يديه بدوره، ثم هتف بثقة : - نحن الآن في واقع واقعي ناتج عن خيال متخيل ! كانت الإجابة صعبة إلى حد ما على الإمبراطور، فتساءل : - كيف ؟ - هذا الواقع ناتج عما تخيلته أنا ،وما تخيلته أنا ناتج عن عقلي ، وما عقلي وما ينتح عنه من خيال وتحقق إلا بفعل الطاقة السارية في جسدي المتصلة بالطاقة الكونية السارية في الخلق ، وإن شئت الألوهة وإن شئت الخالق العظيم ! وطالما أننا نحس بوجودنا فهو من منظورنا واقع واقعي بغض النظر عما إذا كان من منظور الألوهة واقعا حقيقيا أو افتراضيا متخيلا . وهنا طرح الإمبراطور السؤال الأكثر إعجازا حيث بدا له أن إجابة الملك لم تكن مقنعة تماما ، وتحتمل الشك فيها إلى حد كبير : - وكيف تستجيب الطاقة الكونية لرغبات جلالتكم وما تتخيلونه حتى لو كنا الآن في واقع افتراضي من منظور إلهي ؟! أطرق الملك للحظات : - ما أظنه أن الألوهة تدرك عبر عقلها الكوني ( الكلي ) أن ما يتخيله المرء (وهو هنا أنا ) يتفق مع غاية إنسانية نبيلة تنشدها هي بدورها فتقوم بتحقيقها . ورغم أن الإمبراطور كان مدركا إلى حد ما للغاية من هذا الحفل . إلا أنه أراد أن يضع النقاط على الحروف ليكون الأمر واضحا لديه : - وما هي الغاية النبيلة من هذا الحفل فوق الطبيعي الذي أقمتموه جلالتكم لنا ؟ أدرك الملك أبعاد السؤال الذي بدا له أنه أقرب إلى السذاجة . أجاب: - الغاية هي تحقيق المحبة بيننا وبينكم رغم أن معتقدكم يخالف معتقدنا ، وما لا يقل أهمية هي تقريب معتقدكم من معتقدنا بل واتباعه حين ترون أن ما يقوم عليه معتقدنا قادر على تحقيق رغباتنا . أطرق الإمبراطور للحظات لإحساسه أن هذه المعجزة التي يعيش فصولها الآن مسألة أكبر من العقل البشري لأن يجيب عنها ، فراح يتساءل : - لا أعرف جلالتكم ! أشعر أن الأمرإعجازأكبر من كل ما هو منطقي وعلماني ! شعر الملك لقمان بإحباط قد يودي بكل رسالته إلى الهاوية . تساءل : - ألا ترون جلالتكم إعجازا في خلق الكون والوجود كله ؟ - بلى ! - إذن لماذا تنكرون الإعجاز البسيط هنا مقارنة بخلق الوجود؟ أطرق الإمبراطور للحظات بدا عليه القلق خلالها . تساءل بقليل من الإنفعال : - أنا لا أنكر الإعجاز هنا كوننا نعيشه بغض النظر عن حقيقته الإفتراضية المتجسدة واقعيا أو افتراضيا ، لكنني أتساءل انطلاقا من أن الألوهة طاقة سارية في الخلق حسب معتقدكم ، فأين تكون الألوهة حين يقدم القاتل على القتل بغض النظر عن معتقده ، وحين يقدم سفاح على تدمير المدن ( وتابع الإمبراطور بحزن وانفعال ) وأين كانت الألوهة حين أسقطت القنابل النووية على شعبنا لتبيد منه مئات الآلاف ؟ أدرك الملك أبعاد السؤال الصعب . أجاب بعد لحظات من الصمت : - أقدر شعور جلالتكم وما تفكرون فيه ، وأبدي أسفي وتعاطفي مع شعبكم . لن أخوض في تحليل الماضي وحتى تحليل الحاضر، لأقول : إن كل فعل نقدم عليه هو بفعل الطاقة السارية في أجسادنا ، لكن ليس بتحكمها فيه ، فنحن إن ارتكبنا خيرا أو شرا نرتكبه بفعل هذه الطاقة دون أن يخالجني شك بأن الطاقة مع فعل الخير وليست مع فعل الشر . وستسألني لماذا ؟ وسأقول أيضا دون أن يخالجني شك أن الطاقة غير قادرة على منع فعل الشر الذي لا ينسجم مع مبادئ الألوهة . وقد تسألني لماذا ؟ وسأقول : إن الطاقة الخالقة التي دام تطورها قرابة أربعة عشر مليارا من الأعوام حتى وصلت إلى ما وصلت إليه ، لم تصل بعد إلى كل ما تريده من قدرة شبه مطلقة على تحقيق قيم الخيروالجمال بالمطلق ، وإن تحقيق هذه القيم لن يتم دون أن أن يقدم العقل الإنساني على العمل لتحقيقها ، فما يتصوره العقل الإنساني ويتخيله يتفاعل مع العقل الكوني عبر الطاقة الكلية السارية في الخلق ، ليتحقق الأمر المنشود ويتم تكامل عملية الخلق بين المخلوق العظيم والخالق الأعظم !! صمت الإمبراطور للحظات متفكرا ليبدو على ملامحه أنه استمع إلى إجابة منطقية مرضية . فرفع كأسه ليشرب نخب الملك والملكة والإمبراطورة وهو يهتف : - في صحتكم . أشكر جلالتكم لهذه الإجابة المنطقية . سنتابع الحوار. دعا الملك لقمان إلى استئناف تناول الطعام والشراب ، وأشار بحركة من يدية وإذا بموسيقى صوفية كونية تعم أرجاء الكون داعية إلى التوحد بالوجود ! يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة 52 في رحاب الخالق العظيم !!
-
أديب في الجنة 51 * ألخالق العظيم !
-
أحلام مادية طاقوية ! (1) شاهينيات 1178
-
مفهوم الألوهة الملتبس بين وجود إله أو عدمه ! شاهينيات ( 1177
...
-
في الألوهة وشرط وجودها ! شاهينيات (1176)
-
لماذا لم يبن الله مدينة واحدة على الأرض ؟ شاهينيات 1175
-
في العقل الكوني. شاهينيات 1174
-
( القصيدة الكاملة المعدلة انطلاقا من مذهب وحدة الوجود حسب فه
...
-
إلى المرأة الحبيببة والأم والأخت في عيدها
-
أديب في الجنة (50) * الملك لقمان في ضيافة الإمبراطور الإله !
-
أديب في الجنة (49) * الالوهة مادة وطاقة !!!
-
في الوعي الديني ! شاهينيات ( 1170)
-
أديب في الجنة (48) * آلهة بلا حدود !
-
أديب في الجنة (47) * مهرجان القضيب المقدس !
-
أديب في الجنة ( 46) * الله على المسرح السماوي!
-
لن أموت جوعا ولن أتشرد أكثر مما تشردت !!
-
الخالق والفهم البشري ! شاهينيات ( 1168)
-
تخاطر مع حبيبتي الشمس ! شاهينيات (1167)
-
أديب في الجنة (45) * نسور لقمانية تنفذ أحكام القضاء!
-
أديب في الجنة (44) * منطق الظاهر ومنطق الباطن في فلسفة عقيدة
...
المزيد.....
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|