|
نداء إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5117 - 2016 / 3 / 29 - 20:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نداء إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية طلعت رضوان لا يختار الطفل عند ولادته اسمه ولا وطنه ولا ديانته. إنما ينشأ فى وطن أمه وأبيه. وهما اللذان يختاران له اسمه. ويكون عليه- بالتبعية- اعتناق ديانتهما. لذلك نصّتْ المادة رقم 18من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادرعن الأمم المتحدة فى 10ديسمبر1948على ((لكل شخص الحق فى حرية التفكير والضمير والدين . ويشمل هذا الحق تغيير ديانته أو عقيدته)) ونظرًا لأنّ هذا الحق يصطدم مع ما ورد فى الديانة العبرية (اليهودية والمسيحية والإسلام) وبصفة خاصة الديانة الأخيرة التى تــُـحرّم وتـــُـعاقب من يخرج منها إلى ديانة أخرى ، لذلك أتمنى من الجمعيات الحقوقية العالمية أنْ تــُـناشد هيئة الأمم المتحدة لإضافة نص فحواه أنه لا يجوز إجبار الأطفال على اعتناق ديانة ذويهم ، وأنّ من حق الإنسان أنْ يعتنق ويؤمن بما يشاء بعد بلوغه سن 21سنة. مع إتاحة الفرصة له لدراسة كافة الأديان والمقارنة بينها. وكذا الإطلاع على كافة الإجتهادات البشرية التى رسّختْ لمنظومة الأخلاق، مثل البوذية والكونفوشستية إلخ . وبالطبع لابد من الإطلاع على كتب الفلسفة وعلم المنطق ، لأنّ هذه القراءات هى السبيل أمامه ليمتلك عقلا حرًا ناقدًا ، وبالتالى يكون اعتناقه لدين من الأديان أو مذهب من المذاهب عن اقتناع. فهل تتضامن منظمات حقوق الإنسان العالمية (مثل منظمة العفو الدولية) وجمعيات المجتمع المدنى العالمية.. إلخ وتتقـدّم إلى هيئة الأمم المتحدة بمذكرة مُـشتركة ، تتضمّـن الاضافة التالية إلى المادة رقم 18 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ، وتكون الإضافة كالتالى : ((لا يحق للأسرة ولا لمنظومة التعليم (فى أى دولة) إجبار الطفل على اعتناق ديانة والديه ، ويجوز له أنْ يختار ما يشاء من ديانات بعد أنْ يبلغ سن الحادية والعشرين)) أعتقد أنّ اقتراحى هذا لو تم تنفيذه ، فسوف يـُـجنــّـب البشرية (فى المستقبل ولو بعد عشرات أو مئات السنين) الكثير من الكوارث التى تسبـّـبتْ فيها منظومة (نقل ديانة الوالديْن) للطفل الرضيع الذى هو عبارة عن كتلة من اللحم ، بلا عقل وبلا خبرة ، نقلا أوتوماتيكيـًـا ، وبالتالى تكون الديانة هنا مثلها مثل العقارت والمنقولات ، التى يتوارثها الأبناء عن الآباء أو الأمهات . وأعتقد أنه يحق لأى عقل حر أنْ يتساءل : كيف بدأتْ ظاهرة نقل الديانة من الوالديْن إلى أطفالهما الرُضـّـع ؟ وكيف استمرّتْ عبر عدة قرون – وفى كل قارات الكرة الأرضية ، وفى كل الديانات (المُـسماة سماوية والمُـسماة أرضية، أى إنتاج بشرى) ؟ ولماذا لم ينتبه واضعو ميثاق الإعلان العالمى لحقوق الإنسان (سنة 1948 بعد ميلاد المسيح) إلى هذا المأزق الحضارى ؟ وكيف ولماذا لم يطرحوا على أنفسهم الأسئلة البديهية مثل : كيف يعتنق الإنسان ديانة لا يعرف عنها أى شىء ؟ وكيف يفرض الوالدان ديانتهما على قطعة من اللحم ؟ وأعتقد أنّ أغلب الأنظمة الشمولية (خاصة الأنظمة العربية) سوف تــُـعارض هذا الاقتراح ، ولكن لو أنّ الأنظمة المؤمنة بأنّ (مفهوم الحرية) لا يتجزّأ ، خاصة الأنظمة العلمانية أو حتى الليبرالية ، وافقتْ على اقتراحى ، وحاز على موافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة ، فإنه سيكون فاتحة خير للبشرية ، لأنه (ولو بعد مئات السنين) سيقضى على أخطر آفة أصابت البشرية ، وأقصد بها (التعصب) حيث أنّ أبناء كل ديانة يرون أنّ ديانتهم هى (الأفضل) بل إنّ أبناء كل مذهب (داخل الدين الواحد) يرون أنّ مذهبهم هو (الأفضل) وبسبب هذا (التعصب) حدثتْ الحروب العديدة ، سواء بين أصحاب الديانات المختلفة ، أو بين أصحاب المذاهب الدينية المُـختلفة ، كما حدث بين الكاثوليك والبروتستانت فى الديانة المسيحية ، وكما حدث (ولا يزال قائمًـا) بين الشيعة والسنة فى الديانة الإسلامية. ويُـحزننى أنْ أقرأ عن أصحاب ما يُـسمى ديانات أرضية ، قد انتقلتْ إليهم تلك الآفة المُـدمرة للعلاقات الإنسانية بين البشر، مثل البوذيين ، رغم أنّ الرجل الذى أنشأ البوذية لم يدّع أنه نبى مُـرسل من (السماء) والترجمة الحرفية لاسمه (المُـستنير) أو (المُـتنوّر) أو (المُـستيقظ) Buddha وسبق مولده الديانتيْن المسيحية والإسلامية (563- 483 ق . م) ومن بين أقواله المُـهمة ((إذا زرعتَ شجرة فلا تقطف كل ثمارها ، اترك بعضها للإنسان العابر وللطير المُـهاجر)) وقال أيضًا ((الإنسان الخيـّـر هو وحده الذى يُـمكن أنْ يكون حكيمًـا ، والإنسان الحكيم هو وحده الذى يُـمكن أنْ يكون خيـّـرًا)) ونظرًا للقيم الإنسانية النبيلة التى أوصى بها بوذا ، فإنّ البوذية أثــّـرتْ فى ثقافات عدة شعوب ، وتغلغلتْ على نحو يفوق أى دين آخر، فى الثقافات التى ارتبطتْ بها ، فانتشرتْ فى سريلانكا ، كمبيوديا ، تايلاند ، ولاوس (البوذية النرفانية) وفى التبت ، الصين ، كوريا ، اليابان وفيتنام . ومن أهم تعاليم بوذا : 1- ترسيخ قيمة التسامح 2- ترسيخ قيمة الشفقة واللاعنف 3- احترام وتقدير الكرامة الإنسانية. ورغم كل ذلك تأتى الأخبار- من خلال الميديا العالمية – بحدوث صدامات ومُـشاحنات بين البوذيين وغيرهم من أبناء الديانات الأخرى . وأعقد أنّ اقتراحى لو تـمّ تنفيذه سيكون له صدى فى دولة عظيمة مثل الهند ، حيث أنّ نظامها السياسى المؤسس على التعريف العلمى لمفهوم العلمانية ، هو الذى سمح أنْ يكون رئيس الدولة من الأقلية (مسلم) ورئيس الوزراء من الأقلية (سيخ) بينما غالبية الشعب الهندى يعتنقون الهندوسية. وأعتقد أنّ اقتراحى لن تكون له أية قيمة إلاّ إذا تواكبتْ معه منظومة تعليمية وثقافية ، تعمل على ترسيخ حب المعرفة لدى الأجيال الجديدة ، وتشجيع (ملكة النقد) والانفتاح على كافة ثقافات الشعوب ، وتكريس تدريس مادة (الديانات المُـقارنة) خاصة فى التعليم الجامعى.. إلخ ، فإذا حدث هذا وقرأ الشاب ما قاله الحكيم كونفوشيوس (551- 479ق . م) عن أهمية الأخلاق الحميدة وأنّ ((الخير فوق القوانين)) وأنّ ما يجعل البشر ((إنسانيين هو طيبة القلب الإنسانى)) وكان تركيزه دائمًـا على سيادة ((الحب بين جميع أبناء الجنس البشرى)) ومن بين كلماته المُـهمة ((يرغب كل إنسان فى الثروة والشرف ، ولكنهما إذا تـمّ تحقيقهما عن طريق يـُـخالف مبادىء الأخلاق ، فإنه لا ينبغى الابقاء عليهما ، كما أنّ كل إنسان يكره الفقر وتواضع المرتبة، ولكن إذا لم يكن بالإمكان تجنبهما إلاّ بمخالفة المبادىء الأخلاقية ، فإنه لا ينبغى مُـخالفة المبادىء الأخلاقية) ومعنى كلامه أنه لا يجوز التنازل عن مبادىء الأخلاق ، لمجرد تجاوز محنة الفقر. ويرى من أرّخوا لحياة كونفوشيوس أمثال المُـفكــّـر (جون كولر) فى كتابه (الفكر الشرقى القديم – ترجمة كامل يوسف حسين – سلسلة عالم المعرفة الكويتية – رقم 199- يوليو1995) أنّ القاعدة الذهبية الشهيرة فى المدرسة الكونفوشسية هى ((عامل الآخرين كما تحب أنْ يـُـعاملوك به.. ولا تفعل بالآخرين ما لا تـُـريد أنْ يفعلوه بك)) (المصدر السابق – ص 352) وأخيرًا – أتمنى أنْ ينضم الفلاسفة والعلماء وكل المُـفكرين المُـحترمين إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية للتوقيع على المذكرة التى سيتم رفعها إلى هيئة الأمم المتحدة . وإذا كانت الأنظمة المؤمنة بالعلمانية قد اتخذتْ خطوة مهمة منذ عدة سنوات ، حيث تخلو دساتيرها من النص على دين للدولة ، وبالتالى فإنّ بطاقة الهوية وجواز السفر، وشهادة الميلاد وكل المُـحررات الرسمية.. إلخ ، ليس بها (خانة للديانة) كما هو الحال فى الأنظمة الشمولية ، فعلى الأنظمة العلمانية أنْ تخطو الخطوة الثانية ، بإضافة مادة فى دساتيرها تنص على ((لايجوز للوالديْن إجبار أطفالهما على اعتناق ديانتهما ، ويُـترك الأمر للطفل حتى يبلغ من العمر21 سنة)) ففى هذه الحالة يكون قد بلغ سن القدرة على التمييز والاختيار، وربما يرى أنه مع (الديانة الإنسانية) الخالية من التعصب ، وأنّ (حب كل البشر) هو الذى يجب أنْ تكون له السيادة ، بغض النظر عن الأديان المختلفة بين كافة شعوب العالم . ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا الرعب من الاتهام بالسامية ؟
-
أوروبا وكيف انتصرت العقلانية
-
تاريخ علم المصريات
-
ما سر عودة الحمساويين للتمحك فى مصر؟
-
ما سر المتاجرة بمصطلح (الوسطية) ؟
-
توابع موت عمران الأعسر - قصة قصيرة
-
تعصب المسيحيين والمسلمين من خميرة واحدة
-
هل تختلف الشعوب العربية عن الحُكام ؟
-
لماذا يتنفس أغلب المتعلمين المصريين بالعبرى ؟
-
هوّ النظام مع المعتدلين ولاّ مع المتطرفين ؟
-
التناقض فى كتاب (موسى والتوحيد) لفرويد
-
الرد الثانى على السيد (ملحد)
-
لماذا تأخر الاعتراف بجرائم حزب الله ؟
-
هل سلاح الأحذية هو الحل ؟
-
رد على السيد (ملحد)
-
هل مراجعات الأصوليين حقيقة أم خدعة ؟
-
هل شباب الإخوان المسلمين غير شيوخهم ؟
-
عبد الناصر وتبديد موارد مصر
-
لماذا العداء للغتنا المصرية ؟
-
موجز لتاريخ الطغاة
المزيد.....
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|