أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - لطفي عزام - شتي.. وزيدي














المزيد.....

شتي.. وزيدي


لطفي عزام

الحوار المتمدن-العدد: 1385 - 2005 / 11 / 21 - 09:11
المحور: كتابات ساخرة
    


(شـتي وزيدي..
بيتنــا حديدي..
وعمنـا عبد الله..
والرزق على الله)
هذا ما كنا نترنم به عندما تهطل دموع السماء للمرة الأولى وتعانق التراب البكر.. فتفوح من هكذا عناق طيوب بالغة الروعة والتفرد والندرة.لا تشبهها أو تتناغم معها سوى رائحة البن المحروق مع رحيل الليل وبداية تلاشي ظله عن الضيعة ، تلك الرائحة التي تحملها نسيمات الفجر الرخوة إلى الذين نهضوا بتكاسل عذب من فراشهم الدافىء أو الذين مازالوا ينتظرون بعفوية رائحة البن المحمص وفرقعات حباته فوق النار الهادئة .
أتذكرون تلك العطورالرائعة المتفردة؟..
أتذكرون رائحة الأرض عندما تلامسها دموع السماء للمرة الأولى؟
حيث يتعانق نقاء قطرات الزخة الأولى مع عذرية التراب فتنبت شلالات عطر ، وتتعالى نغمات شفافة موشحة بالخضرة القادمة من رحم اللحن وشوق العيون إلى الخضرة القادمة .. والنغمات الموشحة بالخضرة والأمل.
ومع عبق هذه الرائحة التي لا تتكرر ولو تكرر العناق..والأمل الذي يشد العيون المتعبة صوب الفجر.. نسير في طرقات الضيعة الترابية ، وحبات المطر تمسح على رؤوسنا كأم تداعب شعر وحيدها العائد من سفر طويل ، وتبلل ملابسنا بعذوبة طفولية محببة وتنطلق حناجرنا الغضة بالشدو:
(شتي وزيدي)
وفي غفلة من الذاكرة صارت هذه اللوحة/الطقس.. وذاك العبق السحري أول درس لنا في حب (ضيعتنا) التي كبرت كثيرا ، وصارت ما علمنا ـ لاحقاً ـ أنه الوطن.
لم نقرأ هذا الدرس في كتبنا كما قرأنا أن (الآلام والآمال المشتركة) من أهم مقومات القومية العربية.. والعروبة..
وصارت هذه اللوحة/الطقس..رحلة عشق طفولية عذبة فبل أن يتلاشى عطرها رويداً... رويداً.. ونعود إلى بيتنا لندرك أنه بيتنا لم يكن (حديدي) كما قالوا لنا، بل كان سقفه الطيني لا يحمي من المطر..ونوافذه الكهلة لا تصمد في وجه الريح ..وبابه الهرم تهتز مفاصله أمام هجماته .
فنهرع إلى الأواني و(الطاسات وسطول السمن الفارغة) لنضعها تحت (الدلف) الذي ينهمر من سقوفنا الطينية..وتضع أمهاتنا ما تيسر من أشياء خلف النوافذ الكهلة .
ويمر وقت ننام ونصحو على نغمات (الدلف) المتساقط على الأواني بإيقاعات متنوعة .. ومتناغمة بنشاز واضح مع صفير الريح ، قبل أن نستغني عن هذه الأشياء الأواني وأصوات الريح وقد قام الرجال بإصلاح السطوح والنوافذ بهمة يحسدون عليها وهم يغنون أغنيات صلبة، ولكنها تشبه أنشودتنا بطريقة نستطيع أن تشعر بها ولا نقوى على تفسيرها
وتوقف (الدلف).. وانزوت الرياح خلف النوافذ ..وعم الدفء.. فصار (بيتنا حديدي) فعلاً..
أما(عمنا عبد الله) فلم ألمحه بين الرجال الذين أصلحوا سقف البيت،نوافذه وأبوابه..
بحثت عنه في كل مكان .. ولم أجده . .. أنفقت دهراً في البحث عنه حتى علمت بأن أي مخلوق ذكر هو مشروع (عبد الله)
و(الرزق على الله)..بحثنا عن الرزق.. لم نترك زاوية في (الضيعة) إلا وبحثنا بها لعلنا نجد أن الله قد افتتح لنا أي دكان صغير لنأخذ منه قطعة حلوى أو أي شيء نأكله أو نلبسه ، فلم نجد الدكان الصغير.. ولا الكبير..
فأيقنا أن الرزق من عند الله.. يعطيه من يشاء.. ويحرم منه من يشاء..كما قالوا لنا!!
لا يهم.. فلقد استقر في أذهاننا الغضة معنى نشيدنا
(شتي وزيدي
بيتنا حديدي)..
واستمر سؤال يلح على أذهاننا (المكتملة) هل (بيتنا حديدي) فعلا ً؟..
إذا كان كذلك فلتعصف الرياح... ولتقصف الرعود.. وتلمع البروق ..
فلا شيء يهم..
وإذا لم يكن كذلك ..
فلماذا لانبحث بهمة عن (عمنا عبد الله.. وعمنا عبد الهادي.. وعبد الفادي.. وعبد المولى.. وعبد اللات.. وعبد القاهر.....) لإصلاح بيتنا وتحويله إلى (حديدي) قبل أن تعصف الرياح.. وتلمع البروق..وتهدر الرعود؟!!..
إذا تم ذلك سنغني معاً كما كنا نفعل في طفولتنا:
(شتي وزيدي..
بيتنا حديدي)..



#لطفي_عزام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- !!البلطة ليست في البرلمان فقط
- هل نفعلها؟
- هل صحيح اننا قوم لا نقرأ
- اترك قمرنا يا حوت


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - لطفي عزام - شتي.. وزيدي