أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال غبريال - فاتنتي والمستحيل- قصة قصيرة














المزيد.....

فاتنتي والمستحيل- قصة قصيرة


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 24 - 19:45
المحور: الادب والفن
    


تقول أسطورة قديمة لشعب مجهول، يسكن جزيرة صغيرة، في بحر بلا اسم، أنه في صباح البدر الأول ‏من كل عام قمري، وقبل شروق الشمس، تظهر عند التقاء السماء بالماء على خط الأفق، هالة من نور، لمجرد ‏لحظة أو بعضها، ومَن تمكن مِن الرجال كبار السن من الحملقة في الهالة الفاتنة، عاد شاباً كما لو كان دون ‏العشرين . . ويقول البعض أن أحد القدماء استطاع الحملقة في الهالة لسبع مواسم متتالية، فاستحال إلى نسر، ‏جذبه الشفق الأحمر الذي يضمخ الماء والسماء عند الغروب، ولم يعد مرة أخرى، وإن قالوا أنه يحلق في سماء ‏الجزيرة في ليالي المحاق، ينير للعشاق المتعانقين بين صخور الشاطئ، فتسري في أوصالهم رجفة مصحوبة ‏بصمت مهيب، كما لو مسَّهم السحر، وما يلبث أن يذوب في العتمة.‏
هو كذلك ديسمبر دائماً. . فقد كان برد الشتاء ينهمر من النافذة، ورذاذ المطر يمور بفضاء للعشق، ‏الحنين، وفاصل من إهراق الحروف المتبلة برائحة خريف كان قد لفظ أنفاسه.‏
قلت: لم يجدر أن أرتكب الزحف حتى مشارف بركة الحقيقة . . القديمة كالشيطان . . خرساء كبلورة سقطت ذات ‏مساء من جيب أحد الآلهة المخمورين.‏
لم أقل: العشق في نهاية الفصل السادس انتهاك لصرامة درب التبانة . . وأن روعة عينيها مغرورقة بالحزن، فلم ‏يتصادف أن لاندحار الدهشة على وجنتيها مذاق الينسون.‏
ثمَّة مسافة بين صمت فاتنتي في مدارها، منيع ومتمنع، وورقة على غصن أجرد، تعاند التساقط تحت ‏أقدام الليل البليدة كعلامة استفهام . . تبذل لآخر قطرة، عصير الحياة، الشوق حتى البكاء، في شرايين ورقة ‏تقاوم زحف الجفاف على خطوطها الخضراء.‏
قلت: الحقيقة مرآة يفضَّل أن تسعى إليها بأكثر السبل جدارة بالجرذان.‏
كانت الأنثى الصماء إبهاماً يعيد إلى شفتي الشيخ المخرف ذكريات الرضاع . . فاتنة كالفليَّا في أهوار ‏العصافرة قبلي السكة الحديد، قبل عصر الانفتاح . . أكان يملك إزاء تلك العينين رفاهية الاختيار؟
أم يؤذن لهتاف الشبق أن يتهدل على جدران عدم الاكتراث، يتصنع التأرجح على عوارض تضنُّ عليه ‏بالرفض المشرف، بمهلة للصراخ في الامتداد السحري ما بين جوبيتر وعطارد، بمجرد بوْح بكلمة "أحبك" ذاتية ‏الاشتعال، حتى بادعاء الصمت الوقور كأجراس كنيسة مهجورة؟
لم أقل: الإصرار لعبة أبدية، لمن لا يمتلك غير الأنين، فيما توصد عليه فيوض عينيك كل السبل . . إلا الانفطار.‏
قلت: أحبك رغماً عنك، أحبك بكل ما أمتلك من وقاحة متصنعة، أحبك وأدبُّ بقدمي، أركل بغيظ كالجحيم كل ما ‏أجد أو لا أجد، أحبك حتى لو أطلقتِ علي الرصاص، أحبك فأريني ماذا أنت فاعلة، أحبك فاقتليني، فها ‏أنت تفعلين بصمتك. . صمتك نشيد أسمعه حيناً هياماً خجولاً متمنعاً، وحيناً مطَّ شفاه وازدراء أو رثاء.‏
لم تستجب لرجائي المتكرر لها، أن ترفع صوتها قليلاً، حتى تمتلئ بحنينه أذناي.‏
تقول لا أحب علو الصوت.‏
لم أقل لها: وأنا أحب صوتك صراخاً في جوانبي التي تترضض بحنين ممض.‏
لم تقل: ترى ما نفعك وقد بارح حتى العنكبوت أركانك؟
لم تقل: لا تدفعني من فضلك لدهاليز الإجابات المباشرة.‏
تسارع بالاستئذان. . أعرف أنها تدمن الهرب، وعلي أنا أن أدمن الصبر على أبوابها.‏
لم تقل: الآلهة وحدها تحتكر النزق المقدس، وأكذوبة الخلود، ويا ليتك حتى كنت من مريديها.‏
‏ لم تقل: هل بقى من عصيرك ما يفي بتوق جسد يعاني فورة شباب، تتقاذفه أمواج اللوعة، وهو يرقب بهلع ‏قطار العمر يمضي خالي الوفاض، أم كل أدواتك أصابع أدمنت المجون المجاني، وجسدي يا سيدي ‏قيثارة مشدودة الأوتار، تهفو لريشة من جحيم؟
هل قالت: أنتظر نسراً يختطفني إلى ما بعد السماء، لا عُقاباً يتأملني لبعض الوقت. . يتنهد في حسرة وهو يسبح ‏في بحار عيني التي يتحدث عنها، ثم لا يلبث أن يرتد على عقبيه ليذوي في وكره متهالكاً.‏
قلت: الحقيقة فرصة للوجع، تماماً عند ظلال النهاية، وقد غادرت الجنادب حقل المساء، بغير وعد في أبدية ‏يدرك كهنتها روعة نذالتهم. . حسناً، فأنا أحتويك كلما استكانت أوتار الليل لصبوة كائناته، في مسافة ‏محايدة بين غفوة وغفوة . . لا أرتكب حماقات -إن كان لك أن تصدقي، إن اكترثت أن تصدقي- فقط أنفح ‏رأسك لوسادة دهشة بين ضلوعي، وأتناوم. . لا يدخل دائرة الحماقات طبعاً أن أتحسس وجهك بكفين غير ‏ضامرين، كما يُستحسن أن أدعي . . وأن أدعك تتقدين بالوجد، ربما تسعين إلى حضن، من يقول هجرته ‏الطيور من ألف عام؟!!‏
هل أسمعها تنشج، وهي تلفُّ ذراعيها حول صدر لم تبل ضلوعه بعد؟
قلت: الحقيقة تعاند عوز الخواء في زمن يتيح حرية الاختيار، بين التضور والانتحار . . من يقنع شيخاً ليرضى ‏بقبلة بديلة، من شفاه آلهة تجد ذاتها في ممارسة القتل والمثلية الجنسية. . طلاء الفضاءات بأكفان ‏القبح. . والأخلاق الفاضلة. . والعقل والمنطق، وسائر أفانين، وشمت التاريخ بمذاق ما بين الرمادي، ‏وآخر خيوط الضوء الذاوية على شطآن لم تطأها أقدام بشر؟
قالت: نهاياتك مبتورة، لا تقوى إلا على اللهاث عند السفح.‏
قالت: هل فقدت حتى ثقتك بالذات؟
قالت: ألا تنتظر حتى تسمع مني، فربما لقطرات الماء في الصخور العتيقة مذاق السحر، وكنت على وشك ‏السجود عند أقدامك كما لو إله؟!‏
قالت: إذا ما أسندت رأسي على صدرك، وسرت ضربات قلبك في جسدي التواق للسكينة، قد لا أنشد بعدها إلا ‏النوم ملء الجفون، تلك التي ظلت رهينة السهاد والأشواق المسفوحة.‏
كنت قد فضلت الخروج عن الموضوع، لأتشاغل بموسيقى صوتها، تربت على جبيني، فيسري الدفء، في أوج ‏قشعريرة شتاء العمر.‏
كانت فاتنتي تستمع في صمت مضرج بالدهشة، وكنت عند قدميها كمن يتضرع بدعاء مستحيل. . أسفح الحنين ‏تحت أقدامها، على أعتاب بركة تتموج بألوان لم يسبق أن عرفها قوس قزح، وأنتظر حكماً بالحياة ولو مع وقف ‏التنفيذ.‏

‏***‏



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفارس والأميرة- قصة قصيرة
- الجحيم الذي تهفو إليه قلوبنا
- النص المقدس بين البنيوية والتفكيكية
- تطور التخوف الإنساني
- في ظلال حكم العسكر
- انتخابات مصرية منقطعة الجماهير
- هو الخلل الهيكلي لدول المنطقة
- فلسطين من خارج الصندوق
- في الإرهاب الفلسطيني
- في مستنقع الإرهاب السوري
- احتفالات أكتوبر المكرورة
- علي سالم. . رحل الرجل وعاشت القضية
- إطلالة على قصة الفساد المصرية
- صنم الشعب
- سؤال الثورة أم الفوضى؟
- نحن وإيران غير النووية
- الليبرالية في زمن الغوغائية
- الإرهاب والضباب
- الليبرالية ومأزق المثلية
- البحث عن معادلة جديدة


المزيد.....




- -هوماي- ظاهرة موسيقية تعيد إحياء التراث الباشكيري على الخريط ...
- السعودية تطلق مشروع -السياسات اللغوية في العالم-
- فنان يثني الملاعق والشوك لصنع تماثيل مبهرة في قطر.. شاهد كيف ...
- أيقونة الأدب اللاتيني.. وفاة أديب نوبل البيروفي ماريو فارغاس ...
- أفلام رعب طول اليوم .. جهز فشارك واستنى الفيلم الجديد على تر ...
- متاحف الكرملين تقيم معرضا لتقاليد المطبخ الصيني
- بفضل الذكاء الاصطناعي.. ملحن يؤلف الموسيقى حتى بعد وفاته!
- مغن أمريكي شهير يتعرض لموقف محرج خلال أول أداء له في مهرجان ...
- لفتة إنسانية لـ-ملكة الإحساس- تثير تفاعلا كبيرا على مواقع ال ...
- «خالي فؤاد التكرلي» في اتحاد الأدباء والكتاب


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال غبريال - فاتنتي والمستحيل- قصة قصيرة