|
كتابة إليه ، إلي الحزب وإلي شعبنا لمناسبة رحيله !
جابر حسين
الحوار المتمدن-العدد: 5112 - 2016 / 3 / 24 - 11:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
كتابة إليه ، إلي الحزب وإلي شعبنا في ذكري رحيله** : ( 1 )
رسالة إلي نقد إذ يتأهب للسفر إلي لندن طلبا للعلاج ! ------------------------------------------------------------------- الطلمبات علي الطريق الزراعي لاتزال " مركونة " بجوار حرازة يابسة ! وبيوت التفاتيش تعرت ، تهدمت جدرانها ... وحلت بها النازلة ! كنا قد شربنا القهوة وغسلنا الوجوه ونظفنا الأحذية من غبار الحقل ... وحين مررنا يوم ، " الأجتماع الحزبي " ، لم نشرب القهوة ولم نغسل الوجوه ، ولم ننظف الأحذية من الغبار ! لكأن الشمس قد غابت ، وإنتكس الشعار ! ربما كان السبب تصلب الشريان المؤدي إلي قلب سكرتير الحزب ... أو ندرة الغبار في ذلك اليوم أو بسبب من الجفاف الذي أصاب المشروع في العهد " الأنقاذي " الكالح ! مع أن الطلمبات ماتزال علي حالها بجوار الحرازة ! هادئة وساكنة كجثة ، وقد تصلبت دواليبها ... لم يمر عليها غير مسئول الحزب ، جمع الصغار حوله ذلك المساء وبعض المزارعين ، وتر " الطمبور " وشرع يغني : " ياليل السودان ، متي يجئ الفجر للناس الحرية وللبلد ماء النهر ؟!" ... ويناشد شعبا أعزل ، " أن يبعث رسلا في الطير ويحمل رنات الطمبور تهدهده أن هبط الوسن يلاقي المعشوق فأن هبط السلطان المجرم يفقده ينزف عامل في السفح وفي السدرة ينزف زارعه " ! كانت الطلمبات تصغي للموال خلف " رواكيب " المزارعين ! فمن تري المسئول عن عدم غسل الوجوه وأدارة اجتماع الحزب ؟ هل الشريان الذي اختار التصلب في قلب سكرتير الحزب ؟ أم هو الحال الذي آل إليه المشروع ؟ هل تسرع الرئتان في إنجاز التنفس ؟ هل خديعة " الحكومة ذات القاعدة العريضة " ؟ هل تكاثر الأحزاب وتضاؤل الفاعلية ؟ هل التعثرات الكثيرة في عمل الحزب ؟ أم هو العمر الذي أنقضي جله في تعبيد الطريق للبلد ؟ الطلمبات علي الطريق الزراعي ما تزال علي حالها ، لكن المؤكد أن الغبار أنتقل من الأحذية إلي الحجاب الحاجز ! مع أن السيدة المسئولة في حاسوب الحزب ، إندهشت حد البكاء جراء قول المسئول في " هيئة تحرير الميدان " : " نقد مريض ... ويعاني خللا في القلب " ! الصبية التي كانت تحمل شعار الحزب ، صرخت ، لكنها رفعت الشعار عاليا و ... هتفت : " يانقد أوعك تموت ، أوعك تفوت وتخلينا حياري في ضل البيوت " ! في الأسبوع التالي ، طلع في الناس " مانشيت الميدان " : " يا أبناء وبنات السودان نقد يعود في ردهات الحزب يمشي ، " يقدل " في الأناشيد السماويات ، أهزوجة في صوت الكمان " ! -----------------------------------------------------
- مساء الخميس 22/3/2012 رحل بالعاصمة البريطانية لندن الأستاذ/ محمد إبراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الذي كان قد ذهب إليها مستشفيا ... ، وكنت قد كتبتها عشية سفره ، ثم هاتفته ، متمنيا إليه سفرا طيبا وعودة معافاة للوطن وللحزب . ثم قرأتها إليه وإستاذنته في نشرها ، فوافق قائلا : " أنشرا ، لو رجعت بقراها مطبوعة ، ولو ما جيت بكون سويت العلي " ، فتأملوا!
( 2 )
نقد أنهض الحزب و ... الوطن ! ------------------------------------------
برحيل التجاني* ، فاض قلبه بوجع السنين فنزف للتو مرتين . رفيق حزبه قضي ، غاب – فجأة – كما الندي ! فخالطه شيئا من الأنين و الأسي وأنجرح من قلبه البطين ! ستون عاما قضاها في النضال و ... في النزال ! ويفهمنا : " أن الأختلاف في الناس رحمة والتسامح في بلادنا سيرة سمحة ! " ثم راح يحصي نبضات القلب إذ تتقلب بين الخلايا والأوردة من ساقه إلي رئتيه ... جراء المطاردة والأختفاء والسجن وتشغيل ماكينة الحزب كي تصد عن الوطن المحرقة ! وهو ...، في الأتون من صخب المرحلة ، لم ينتبه لقلبه ... لم يرحمه ، وظل يغمغم : " حزبي وشعبي يشدان من أذري " ! ولا يعاود أختصاصي الشرايين ، الذي سيحتاجه يوما ما لقلبه ، وللجميلة التي يعشقها في الحزب... وللعاديات الطارئات يتربصن إليه الدرب ! حين رحل وردي* ، أعتصره ألما مفاجئا داعب العصب فكفكف دمعتين كلمتين و ... أغنية ! ترك الحزب لأول مرة عندما أنهك الجسد ألم الفراق ، وإلتحف السحاب من مقعده في الطائرة ! وهناك ... ، في البرهة التي رأي فيها الوطن ينذر بالفاجعة ! في " سانت ماري " غفي ، فلم ينتبه أنهم يزودونه بالقسطرة ! خفق – للمرة الأخيرة – قلبه برحيل حميد* الكارثة ! فغمغم ثانية ، بشفاه مشققة يابسة : " ياللوجع المتواتر يأتيني من قلب العاصفة " وأنفرط القلب منه كالمسبحة ! لكنه كان في المنورين ، يريد أن ينزع السيف من جسد الغمام ، كي يجاور المرايا بالمرايا والأغاني بالصبايا ! ولم يكن مضطرا أن يثبت لمجايليه المعاصرين أن الحزب لا يذهب في معية الراحلين ! المعلم الذي كان يبتسم حين تعتصره المحن ... ويردد : " أن نفع الحزب في شبابه ، وعطره يضوع من نضاله !". لكنه آثر أن يضمد الجراح كلها ولا يتزحزح عن خانة القضب ولا تقاعس يوما عن واجبات الحزب ! وعندما كتب سيرة " الرق "* كان يحدق في ملامح الوطن ويبصر في الأيادي الأفق والناس سواسية تقارع الحادثات نازلة نازلة ! ثم نظر في " النزعات "* فأبان مسيرة العرب العاربة ! وظل يردد : نعم يا درويش ، " الأيدلوجيا مهنة البوليس " لكنها ... ، باقية باقية شمسا في الشموس ، باهية و ... ساطعة !* فهل أطمأن إذ رحل ، لحال الجميلات والجميلون في الوطن ؟ وأن الحزب يكون ترياقا يضمد منا جراح الزمن ؟ ثم راح في غيبوبة القلب كي يصيح في الناس : " لا تصدقوا المخادعون في المرحلة فالطغاة إلي الجب والبقاء – يارفاقي – لمسيرة الشعب والحزب ، فهي وحدها خالدة باقية ! " . أطمأن إذ رحل ، حين رأي الغد أخضرا وأحمرا وكيف شيعه الوطن ، بالحشود الحاشدة أنها قيامة البلد ... كأن قد أزف وقتها : الثورة القادمة ! ---------------------------------------- * نقد ، محمد إبراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني الذي رحل مساء يوم الخميس 22/3/2012 بمستشفي " سانت ماري " بضواحي لندن ! * تجاني ، التجاني الطيب بابكر عضو اللجنة المركزية والمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني رئيس تحرير " الميدان " الناطقة باسم الحزب ، صديق عمر ورفيق كفاح طويل مهيب للراحل نقد ، قد رحل مساء الأربعاء 23/11/2011م. * وردي ، فنان وموسيقار السودان الكبير الذي رحل ليلة السبت 18/2/2012 بمستوصف فضيل الطبي بالعاصمة السودانية الخرطوم ! * حميد ، محمد الحسن سالم " حميد " شاعر العامية الكبير الذي رحل جراء حادث حركة صباح الثلاثاء 20/3/2012 ! * الرق ، إشارة لكتابيه : " علاقات الرق في السودان " و " علاقات الأرض في السودان " وهما - معا – من أغني المصادر المعرفية في موضوعهما في المكتبة السودانية ! * النزعات ، إشارة لكتابه المهم : " حول النزعات المادية في الفلسفة العربية الأسلامية " وهو حواره الثر مع كتاب " النزعات " للمفكر الشهيد حسين مروة وقد قدم للكتاب الراحل محمود أمين العالم وصدر عن دار الفارابي ! * الأيدولوجيا ، إشارة لمساهمته الضرورية حول مفهوم الأيدلوجيا حيث تتبع – بدقة العالم الذكي – مسار المفهوم منذ بداياته حتي معالجاته لدي ماركس وانجز وأبان بوضوح جلي ما وقع من خلط و " تخليط " بين الأيدلوجيا والعلم ، ثم دعا لسيادتها كمنهج يتطور تبعا لتطور الحياة والتاريخ لصالح تقدم البشرية ونهوضها صوب مستقبل زاهر و ... أفضل !
#جابر_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دعوة للجنون !
-
د . محمد محمود يكتب بعد موت الترابي ...
-
الهوستس ، بين العجيلي ويوسف إدريس !
-
كمال الجزولي بخير ...
-
كمال الجزولي ، لا تتركنا بالله عليك !
-
وداعا عثمان إبراهيم ، العامل الشيوعي ، قائد الحزب في شرق الس
...
-
وداعا خليل كلفت ، الشيوعي النوبي الجميل !
-
الشيوعيون أيضا ، يحبون عثمان بشري !
-
أعراس محمد محي الدين !
-
في التشكيل ، - أب سفة - حين يستنهض الألوان !
-
رسالة بدر إلي جابر ...
-
وداعا يعقوب زيادين !
-
في مدني ، وأسيني الأعرج يتجلي فيمتدح الأمير !
-
ود المكي وكت نزل مدني ...
-
القدل الآن في تأمل حال البلد ...
-
سكينة عالم ، شعاع الضوء في النفق ، والراية في الوطن !
-
عن مرض كجراي الذي رحل فيه !
-
حين دخلت الكنيسة !
-
في الليل أيضا ، و ... في عشقها !
-
لشعرها ، جمالا في الجسد !
المزيد.....
-
اصطدمتا وسقطتا في نهر شبه متجمد.. تفاصيل ما جرى لطائرة ركاب
...
-
أول تعليق من العاهل السعودي وولي العهد على تنصيب أحمد الشرع
...
-
بعد تأجيله.. مسؤول مصري يكشف لـCNN موعد الإفراج عن فلسطينيين
...
-
السويد: إطلاق نار يقتل سلوان موميكا اللاجئ العراقي الذي احرق
...
-
حاولت إسرائيل اغتياله مرارا وسيطلق سراحه اليوم.. من هو زكريا
...
-
مستشار ترامب: نرحب بحلول أفضل من مصر والأردن إذا رفضتا استقب
...
-
الديوان الأميري القطري يكشف ما دار في لقاء الشيخ تميم بن حمد
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته العسكرية في الضفة الغربية ويق
...
-
بعد ساعات من تعيينه رئيسا لسوريا.. أحمد الشرع يستقبل أمير قط
...
-
نتانياهو يندد بـ-مشاهد صادمة- خلال إطلاق سراح الرهائن في غزة
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|