|
حوار بين الأزهر وداعش (3)
سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي
الحوار المتمدن-العدد: 5111 - 2016 / 3 / 22 - 18:10
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان سؤال ممثل داعش صدمة للشيخ عبدالعال، فهو إما يجيب بالموافقة وبالتالي يلزمه إثبات أن السيسي إماما حقا وتتوفر فيه كل الشروط السبعة التي ذكرها المواردي في الأحكام السلطانية، وهي مسألة صعبة فالسيسي رجل من عصر الإنترنت، وطبيعة نظامه مختلفة جذريا عن نُظُم الخلافة القديمة، حتى نَسَبِه المصري يمتنع في الغالب كونه قرشيا كما جاءت النصوص الدالة على أن يكون الخليفة من قريش..
في المقابل لو أجاب بالرفض فحجة الدواعش مباشرة كيف تطيعون من لم تتوفر فيه صفات الإمام؟..وبالتالي يحق عليهم قول الشيخ أبي علي الشامي-ممثل داعش- أنهم منافقون..
ولكن اهتدى الشيخ فجأة لحيلة عبقرية وهي التأويل، أي تأويل صفات الإمام في عصر التنزيل، ولا يلزم ذلك بعده فقال:
"ياشيخ أبو علي: أنت تعلم أن أكثر الخلفاء الأمويين والعباسيين بل والعثمانيين لم يكونوا على هذه الصفات، كان منهم الظالمين والمبتدعة بل والزنادقة، فكيف تطلب من السيسي ان يكون عليها؟..أنت بذلك تحمله ما لا طاقة له به، ثم نحن نتفق أن خليفة المسلمين أو الإمام لابد وأن تتوفر فيه شروط العدالة، ولكن الإقرار لا يعني القبول بالنتائج، فنحن نقر أن هذه الصفات حقة، لكن أن يكون السيسي عليها شئ آخر"..
الشيخ أبو علي الشامي: إذن فعلى ماذا تدعونا ؟..هل لطاعة السيسي أم طاعة الله؟
الشيخ عبدالعال: بل طاعة الله..والسيسي مجرد إنسان يصيب ويخطئ
الشيخ أبو علي الشامي: وماذا قدمت من حجة شرعية لتقنعني بها كي ألتزم بطاعة الله؟!...نحن منذ أن بدأ الحوار وأنت ضعيف الحجة حتى السؤال الذي سألته لك قضى على المعنى من وجودك هنا كداعية إلى النصح، فلو كان السيسي حاكما عادلا يطبق شرع الله لامتلكت الحجة للدفاع عنه ولأصبح منطقك أقوى، لكن ولأنك تعلم جيدا أن ما بينكم وبين الشريعة كما بينك وبيننا قمت بتبرير ولائك للسيسي والطاغوت بفعل الخلفاء الظالمين..
الشيخ عبدالعال: المسألة ليست بالكلام..أين أنتم من فعل سيدنا عمر حين بعث عماله ليوافوه بحصاد الناس وقال لهم: .."ياأيها الناس لم أرسل إليكم عُمّالي ليأخذوا أموالكم ولا ينتقصوا من أعراضكم بل ليحجزوا بينكم وتقتسموا بالعدل"..؟!..فالغاية هي العدل وأفعالكم وهروب الناس منكم وظلمكم للناس أجمعين أصبح محل سخرية..حتى منكم من يعترض على ذلك تقتلوه..!
الشيخ أبو علي الشامي: بالعكس...نحن ضد الظلم، ومن يفعل ذلك يعاقب حسب الشريعة واجتماع أهل العلم عليه من القُضاه..ثم طالما تستشهد بقول سيدنا عمر أين أنتم منه حين طبق الشريعة وأقام الحدود؟
الشيخ عبدالعال: سيدنا عمر تجاوز عن الحد عام الرمادة..وهذا يعني أن الغاية من وراء الحدود هي الردع والكفاية..وليس التشريع لذاتها
الشيخ أبو علي الشامي: كم حكم سيدنا عمر؟
الشيخ عبدالعال: (10) سنوات
الشيخ أبو علي الشامي: إذا كان عام الرمادة هو الوحيد الذي لم تطبق فيه الشريعة..فيعني أن سيدنا عمر طبقها (9) سنوات، وهذا العام –الرمادة-كان سنة 18 هـ..بينما الفاروق استشهد عام 23، وهذا يعني أن الفارق قبل وبعد عام الرمادة لم يتخلى عن الشريعة، وهذا هو الأصل، بينما أنت تقيس على الاستثناء الذي تعلق بالمجاعة..وهذا اتباع للهوي
الشيخ عبدالعال: سيدنا عمر كان مجتهد في الرأي كما يشترط فيه أن يكون كخليفة، فهو لم يرى في الأصلين القرآن والسنة ما يفعله ضد المجاعة فاختار ذلك، والعبرة بالفعل كمدلول أن الشريعة –كما نفهمها-ليست مطلقة، بل مرهونة بواقع لا يجوز تخطيه بحال، أي أن العبرة ليست في فعل سيدنا عمر..بل المعنى من وراءه وهو الحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم..
الشيخ أبو علي الشامي: الإجماع مقدم على الرأي، وهو الأصل الثالث في السنة النبوية من حيث الترتيب، وفعل الخليفة عمر استثناء يؤكد القاعدة أن الشريعة والحدود واجبة، والإجماع عليها متحقق.. قال تعالى: ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءاً بما كسبا نكالاً من الله والله عزيز حكيم) [المائدة: 38]. قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ "وأجمع المسلمون على وجوب قطع السارق في الجملة". [المغني (9/103)]. وقال تعالى: ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا، واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان تواباً رحيماً) [النساء: 15 ـ 16]. وقال أيضا: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) [النور: 2]. وقال أيضا: ( الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) [البقرة: 194]. وقال أيضا: ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص) [المائدة: 45]. هذه حدود الله وشريعته التي آمنتم بها في الأزهر وتدرسوها للطلاب ولكن تنكروها علينا أننا نطبقها كما أنزلت، فلو كنتم من الصادقين لما جئتم هنا لتقولوا مالا تفعلون..أو أن تلغوا هذا العلم من الأزهر..!
الشيخ عبدالعال: ياسيدي درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وهذا الأساس التي بنيت عليه الشريعة، فلا يجوز أن تطلب الحدود وقد ثبت لديك أنها فتنة أو مفسدة.
الشيخ أبو علي الشامي: هذه شريعة الله ومن لم يرتضيها فليبحث عن دين آخر يوافق هواه، ويكفي أن أرد عليك بقوله تعالى..( الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)) [الحج: 39 ـ 41]...فكيف تريد أن نتحمل أوزار الذين يدعون الله بغير علم، لو أرادوها فتنة أو مفسدة فلن يذكر اسم الله أبدا..
وإلى اللقاء في الجزء الرابع من الحوار
#سامح_عسكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار بين الأزهر وداعش (2)
-
حوار بين الأزهر وداعش
-
لماذا أعارض السيسي؟
-
السعودية تستغفل سنة العرب
-
هل ستقرر سوريا الانسحاب من الجامعة العربية؟
-
السعادة وعلاقتها بالسياسة
-
أيها اللبنانيون..كونوا كرماء
-
رسالة من حضرموت
-
تنظيم القاعدة يسيطر على 80% من جنوب اليمن
-
الغطرسة السعودية وحرب فيتنام
-
المشهد اليمني (حوار مع الأصدقاء على الفيس بوك)
-
تحديات العلاقات العربية الإيرانية
-
الوضع الميداني في اليمن
-
رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (8)
-
التقارب مع إيران ضرورة لتفادي أي فتنة مذهبية
-
رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (7)
-
رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (6)
-
رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (5)
-
رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (4)
-
رحلتي من الإخوان إلى العلمانية (3)
المزيد.....
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
-
ماما جابت بيبي..فرحي أطفالك تردد قناة طيور الجنة بيبي على نا
...
-
عائلات مشتتة ومبيت في المساجد.. من قصص النزوح بشمال الضفة
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|