عدنان غازي الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 5111 - 2016 / 3 / 22 - 10:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
.. لنتابع الإبحار في أعماق كتاب الله تعالى ، من خلال نصٍّ جديد من النصوص التي توهَّم أعداء كتاب الله تعالى أنَّه مخالفٌ لقواعد اللغة .. وهذه الأمور اللغوية - لمن أراد الاستزادة - موجودة في بحث لي على موقعي ، بعنوان : [[ لمسات بيانية من كتاب الله تعالى ]] ، وموجودة أيضاً على موقعي بعنوان : [[ الردّ على شبهة وجود أخطاء لغويّة في القرآن الكريم ]] ..
.. اليوم سنقف عند قوله تعالى ..
(( لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلاَّ بشرٌ مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون )) [ الأنبياء : 3 ]
.. قالوا : كون الفاعل ظاهراً وهو كلمة (( الذين )) ، كان يجب حذف الفاعل من كلمة (( وأسروا )) ، لتصبح الجملة بالشكل : (( وأسرَّ النجوى الذين ظلموا )) ..
.. لو نظرنا في السياق السابق لهذه العبارة القرآنيّة (( وأسروا النجوى الذين ظلموا )) ، لرأيناه يُخاطب البشر كافّة : (( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون (1) ما يأتيهم من ذكر من ربّهم محدث إلاَّ استمعوه وهم يلعبون (2) لاهية قلوبهم )) [ الأنبياء : 1 - 3 ] ، واصفاً تعلَّقهم بالغفلة ، والإعراض ، واللعب : [[ (( في غفلة )) ،، (( معرضون )) ،، (( يلعبون )) ]] ، حال كونهم (( لاهية قلوبهم )) .. فإلى هنا اكتمل المعنى في تصوير حال الناس من غفلة وإعراض ولعب ، كونهم لاهيةً قلوبهم ، حيث كلمة (( لاهية )) : هي حال لكلِّ هذه الأمور ، وكلمة (( قلوبهم )) فاعل ..
.. الآن .. تأتي الجملة الجديدة : (( وأسروا النجوى الذين ظلموا )) ، حيث كلمة : (( وأسروا )) فعل وفاعل ، و (( النجوى )) مفعول به ..
.. بعد ذلك تأتي كلمة (( الذين )) ، وفق احتمالين :
1 - كلمة (( الذين )) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هم ، وجملة (( ظلموا )) صلة لاسم الموصول ، وتقدير المعنى : وأسرّوا النجوى ، حال كونهم هم الذين ظلموا .. وهنا نرى ارتباطاً للمعنى بالجملة (( وأسروا النجوى )) ، وبالتالي بالعبارات السابقة أيضاً لهذه الجملة والتي حالها (( لاهية قلوبهم )) كما رأينا ..
2 - كلمة : (( الذين )) مبتدأ ، وجملة : (( ظلموا )) صلة لاسم الموصول ، والخبر : (( هل هذا إلاَّ بشرٌ مثلكم ...... )) .. وتقدير المعنى : الذين ظلموا يقولون هل هذا إلاَّ بشرٌ مثلكم ......... ، وكلمة ( يقولون ) التي قدّرناها تشير إليها العبارة : (( هل هذا إلاَّ بشرٌ مثلكم ...... )) .. ووفق هذا التقدير ، نرى انتقالاً لمعنى جديد يتعلَّق بالذين ظلموا وما يقولونه ..
.. في الحالتين .. كلمة : (( الذين )) ليست بدلاً للفاعل : [[ حرف الواو في ( وأسروا ) ]] .. وهذان الوجهان ليسا تعسّفاً وتنطّعاً .. أبداً .. أيُّ قارئ لكتاب الله تعالى بعمق ، يراهما بوضوح ..
#عدنان_غازي_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟