|
مستشارين لا عهد لهم بالتسيير.
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5110 - 2016 / 3 / 21 - 15:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتطلع كل المجتمعات والشعوب إلى مجالس جماعية مسؤولة بمنتخبين أهل للتسير ، يملكون الحنكة والكفاءة ومميزات الريادة وصفات القيادة ، قادرين على جدمة منتخبيهم وتمثيل قيمهم التاريخية وأرصدتهم الحضارية في كل تصرفاتهم ، وترجمتها إلى ممارسات وقرارات وقوانين وتشريعات تحافظ على تلك القيم والأرصدة وتغنيها وتوسع من دائرة إشعاعها . وقد سار المغرب ملكا وشعبا على نفس النهج في تطلعهما إلى للقيادات الحكيمة ، والزعامات الرزينة ، والكبراء المتنورين ، الذين يصونون هيبة المجالس تها ، ويحافظوا على مكانتها وتلميع صورتها ويكرسونها في أذهان المواطنين بالداخل و يسوقونها بين الدول في الخارج ، على اعتبار أنها مرآة عاكسة للشعب ،الذي تُنسب إليه ، دولة وشعبا وحضارات ، وتستمَدُّ منهم هيبتها واحترامها ، وربما حتى جبروتها الذي تفرضه الكثير من البلدان والأنظمة من خلال مسيرها وصنّاع القرارات بها. لم يحد الشعب المغربي هو الآخر عن هذا المنحى الذي سارت عليه الأمم والشعوب ، وتطلع إلى مجالس جماعية تصل إلى مقاليد تسيير الشأن المحلي عن طريق الديمقراطيّة بمعناها الأوسع والحق الذي تتجلى فيه ثقافة وأخلاق ومفاهيم تداول السلطة سلميا وبصورة دورية ، وقد تم له ذلك بنسبة كبيرة ، حيث تمكن الكثير من الأشخاص المغمورين من تقلد مقالد الشأن المحلي، حيت وصل إلى منصب "مستشار جماعي "عدد من الذين لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق من ذهب-كما يقال- ولا عهد لعائلاتهم بالمناصب المرموقة ، مستشارين من عائلات بسيطة ومتواضعة وفقيرة أحيانا، عاش بعضهم في خصاص تام ، وذاق لسعات الفقر وضائقة الحرمان . جلهم من أبناء الشعب قضوا جزء من حياتهم في البوادي والمداشر البعيدة، وفي الأحياء الشعبية الهامشية الفقيرة، ودرسوا بعضهم في المدارس العمومية ، وكافحوا من أجل شهادات جامعية تؤمن لهم وظائف محترمة… شيء جميل ومشرف وليس فيه ما يخجل ، بل هو المسار الصحيح الذي يُفتخر ويُعتز به ، كنظام يطبق الديمقراطية الحقة لكسر قاعدة هيمنت العائلات والنافذة التي عروفت بتصدر لوائح مجمل المناصب الكبرى والمرموقة في البلاد ، لقد انقلبت الأمور وتغيرت ، وأصبح -منذ تسعينات القرن الماضي- متاحا أكثر لغير المنحدرين من العائلات الميسورة والأوساط الثرية، من "أولاد الشعب" كما يسميهم البعض ، أن يدخلوا عوالم الانتخابات والشهرة .. إن واقع التشكيلة الجديدة من المستشارين ، بتركيبتها وأيديولوجيتها وأسلوبها ومبادئها ومنهجها وفكرها وطريقة أدائها التي لم ترق إلى مستوى تحقيق مطالب الإنسان المغربي والاستجابة لانتظاراته ، والتي لم تستطع أن تقدم الحلول المناسبة لمشكلاته ، وتحقق له الرفاه والرخاء في حياته وتأمن له المستقبل وتغير واقعه المعاش إلى ما هو أفضل ، دفع بالكثير من المتتبعين للشأن السياسي ، لطرح أسئلة كثيرة حول أهلية هؤلاء الوزراء الجدد ، وهل هم حقا أهل للحكم والتسيير ويملكِون صفات القادة والقيادة ، وهل لديهم حَميِّةٌ وغيرةٌ على هذا الوطن ومواطنيه ؟ ما يدفع المواطن للتساؤل الملح : هل يحتل الشأن العام ومصير المواطن ومستقبله خدمته والعمل على وتلبية حاجاته الأساسية ورغباته وآماله وطموحاته ، مركز أنشطتهم واهتمامهم ، أم أن الشأن الخاص والميول العاطفية والبطنية هو شغلهم الشاغل ؟ وأختم مقالي بالتساؤل التالي : هل هؤلاء المستشارين الجدد ، هم في نفس مستوى سابقيهم المنحدرين من العائلات الميسورة والأوساط الثرية ؟.. لاشك أن المشكلة ليست في الديمقراطية التي جاءت بهم ، ولا في المجتمع الذي جاؤوا منه ، بل المعضلة في الأشخاص الذين يتحملون مسؤوليات لا يقدرون خطورتها ؟؟
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التطوع يخلق التقارب والتآلف والمودة...
-
-لولا المشقة لساد الناس كلهم- !!
-
مشاركتي في مسيرة الرباط .
-
الاستثمار في نغمة الاصلاح.
-
قضية مستشار المشور فاس الجديد !!
-
الشخص غير المناسب في أي المكان كان هو سبب تخلفنا !!
-
لحظة متعة وهناء أفسدتها السياسة !!
-
لقد جانب بان كي مون الصواب والحكمة !!
-
ما فائدة الكتابة عن قضية المرأة ؟
-
حتى واحد ما -هاني- في زمن الحيرة !!!
-
تهنئة للمرأة بيومها العالمي !
-
حية وإكبار لرجال الوقايةالمدنية في يومها العالمي !!
-
احتجاجات-أساتذة الغد- هي رسالة لأصحاب القرار !!
-
مراجعة المقررات الدينية، الحدث العظيم !!
-
من السخف أن نجرم سرقة الجيوب، ولا نجرّم سرقَة عقول !!
-
وما يضرهم في زيارة الرئيس المصرية للمغرب ؟؟
-
رمانسية التدين !!
-
صباح ليس كباقي الصباحات على شاطئ المهدية!!
-
المجتمعات الأكثر تدينا هي الأكثر فسادا!!
-
رد على نقد!!
المزيد.....
-
نيكي هيلي خلال مؤتمر الحزب الجمهوري: ليس من المهم أن تتوافق
...
-
بايدن في خطاب له: كامالا هاريس نائب عظيمة وبإمكانها أن تكون
...
-
-شكر خاص لكلينتون!-.. مدفيديف يستحضر كلمات بوتين ويوضح سبب ت
...
-
لافروف يبحث الصراع الفلسطيني الإسرائيلي مع وزير خارجية الكوي
...
-
بعد خمسين عاماً.. ساعة أكلتها بقرة في هولندا تخضع للترميم
-
مدفيديف: أي محاولات من قبل الناتو لتهديد حدودنا ستواجه ردا ح
...
-
حريق هائل مفتعل سريع الانتشار في ولاية أوريغون الأمريكية (في
...
-
دعوة نووية
-
تشييع رجل الأعمال السوري محمد براء قرطاجي الذي استهدفت غارة
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن ضرب أكثر من 25 هدفا في جميع أنحاء قطاع
...
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|