|
أنور السادات وسيد قطب ودستور الإرهاب المصرى
عبدالجواد سيد
كاتب مصرى
(Abdelgawad Sayed)
الحوار المتمدن-العدد: 5110 - 2016 / 3 / 21 - 11:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أنور السادات وسيد قطب ودستور الإرهاب المصرى لقد فرض هذا المقال نفسه فرضاً ، فقد تحدثت فى مقال سابق ، بمناسبة رحيل هيكل ، عن كيف ساهم هيكل وناصر، وكتابهما فلسفة الثورة ، فى تدمير العصر الليبرالى المصرى، والذى رمزت إليه بطه حسين وكتابه مستقبل الثقافة فى مصر، ولكن كان لزاما أن نتحدث أيضاً عن الفصل الثانى والحاسم من المؤامرة، والذى تزعمه هذه المرة، أنور السادات وسيد قطبه، وكتابهما معالم فى الطريق، وذلك من أجل أن تكتمل القصة ، ونعرف كيف تم عزل الإنسان المصرى عن تجربة نهضته الحديثة، ليتحول من ذلك الليبرالى الطيب، إلى ذلك الفاشى الأحمق، الذى يقتل الناس بلاسبب يذكر. فعل السادات نفس ما فعله ناصر من هدم ميراث العصرالسابق بكتاب وكاتب ، وكما هدم ناصر ميراث ثورة1919 بثورة يوليو وكتابات هيكل ، فقد عمل السادات على هدم ثورة ناصر بثورة جديدة وكتابات جديدة أطلق عليهما تسمية ثورة التصحيح ، كانت أكثر فجاجة وقبحاً حيث دافع فيها عن ديموقراطية العهد الناصرى المفقودة ، بالتحالف مع الفاشية الدينية ، وليس مع التيارات المستنيرة الباقية ، وهكذا فبينما كان ناصر يصدق نفسه، فقد كان أنور السادات يكذب كذباً صريحاً ، ففى عام 1972 أطلق الإخوان من سجون ناصر، الذين كانوا قد قبعوا فيها مع باقى التيارات السياسية، وفى عام 1973 سمح بإعادة نشر كتاب سيد قطب- الشهيد الإخوانى- معالم فى الطريق ، بواسطة دار الشروق، أكبر دار نشر مصرية والمعروفة بميولها الإسلامية ، وهو كتاب ذو أسلوب سهل ممتنع يكاد يكون نسخة من أسلوب هيكل ، أما عن حقائقه فلا توجد به حتى حقيقة واحدة، فمعظم الكتاب يبدو كقطعة فريدة من العنف والخرافة حيث لاتاريخ ولاجغرافيا ولاإستنتاج عقلى بل مجرد ترويج لفكرة حاكمية الله على الكون والناس وكل أفعالهم، وكأن الله قد خلقهم بدون عقول ، وكما قال الشعراوى بعد ذلك ، أن الله قد علمنا حتى كيف أن نذهب إلى دورات المياة، وهو يكاد أن يكون منقولاً بالروح والنص من كتاب مؤسس الجماعة الإسلامية الباكستانية أبو الأعلى المودودى( الجهاد فى سبيل الله) الذى دعى فيه إلى نفس فكرة الحاكمية والجهاد المقدس ، كهدف وحيد للحياة الإنسانية ، كل ماسواه كفر وضلال وخروج عن الإرادة الإلهية. وقد بدأ قطب كتابه عملاً بالمثل القائل ، أول القصيدة كفر ، فقد قال فى مقدمته(إن قيادة الرجل الغربى للبشرية قد أوشكت على الزوال، لا لإن الحضارة الغربية قد أفلست مادياً ، أو ضعفت من ناحية القوة الإقتصادية والعسكرية، ولكن لإن النظام الغربى قد إنتهى دوره، لإنه لم يعد يملك رصيداً من القيم يسمح له بالقيادة) ودعى إلى قيادة جديدة للبشرية تتثمل فى مشروعه الفاشى، الذى لم يعش ليرى قيم قطع الرؤوس التى يمارسها، ولاقيم الحضارة الغربية الزائلة، التى إنتشرت فى كل مكان فى العالم. وهكذا أصبح معالم فى الطريق دستور الإرهاب المصرى فى مرحلة الولادة ، وذلك حتى دخلت على الخط مؤثرات جديدة. دعم السادات سيد قطب بتوظيف الشيخ الشعراوى، العائد من السعودية فى خدمة الدولة الجديدة، لتكتمل بذلك أركان عهد الإرهاب المصرى، وهو التوظيف الذى إستمر فى عهد خلفه حسنى مبارك ، وبدأت رحلة الإرهاب بحادث الفنية العسكرية وإنتهت بإغتيال أنور السادات نفسه وفشل مؤامرته الذى تلاعب فيها بأقدار شعبه ، وهكذا فبعد حوالى ثلاثين سنة من ثورة يوليو دفع أنور السادات ثمن خطيئته وخطيئة ناصر معه ، لكن الشعب كان هو فى النهاية الخاسرالأعظم، فقد فقد ميراثه الليبرالى الكبير، وإستبدله - بمؤامرة الحاكم - بميراث الإسلام السياسى والعنف والخرافة. وسرعان ماتحول الإرهاب المصرى إلى إرهاب عالمى، وذلك بلقائه فى أفغانستان أثناء الحرب الروسية، بالإسلام الوهابى المدعوم بالمال النفطى، ونشأة تنظيم القاعدة ، ويثور اليوم سؤال بيزنطى عن من المسئول عن تلك الجريمة العالمية، الإسلام الوهابى السعودى، أم الإسلام الإخوانى المصرى، ومع عدم إغفال أثر الثروة النفطية، فإنها نفس الدائرة الشيطانية تغذى بعضها البعض، وإلا فمن المسئول عن ثورة الخمينى؟ التراث الإسلامى هو المسئول الأصلى، ذلك التراث الشيطانى، الذى مهما حاولت التملص منه، فلن يتركك وشأنك أبداً.
#عبدالجواد_سيد (هاشتاغ)
Abdelgawad_Sayed#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هيكل بين سيد قطب وطه حسين
-
الميراث الإبراهيمى وأغلال المرأة
المزيد.....
-
منشور يشعل فوضى في منتجع تزلّج إيطالي.. ماذا كتب فيه؟
-
-أم صوفيا-.. سلمى أبو ضيف تنجب طفلتها الأولى
-
رداً على تصريحات ترامب بشأن -تهجير- أهل غزة، دعوات إلى التظا
...
-
اللجنة المحلية للحزب في الديوانية: ندين الاعتداء على المحتجي
...
-
حادث مطار ريغان يربط موسكو وواشنطن في مباحثات إنسانية
-
غزة.. انتشال 520 جثة من تحت الأنقاض منذ وقف إطلاق النار
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير 6 بلدات في كورسك ودونيتسك وخاركوف
...
-
وقفة صامتة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب للمطالبة بالإفر
...
-
بيسكوف: التعليق على تكهنات حول -قوات كوريا الشمالية في كورسك
...
-
فنلندا.. منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|