|
عيد الربيع عيد الجميع
طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 20:35
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يعتبر عيد الربيع من أقدم الأعياد العراقية التي احتفل فيها العراقي على هذه الأرض ، وقد سجلت مختلف الشعوب التي عاشت بين الرافدين شعائر وطقوس الأحتفالات في أعياد الربيع ، ونشاهد اليوم ان جميع فئات الشعب تشترك فيه رغم ان لبعضها طقوسها الخاصة ولكنها تشترك في الأحتفال به بكل قومياتها ومذاهبها . يعتبره العراقيين يوم الأنقلاب الربيعي والذي كان قديما ًيصادف أول ايام السنة بينما هو اليوم 21 آذار، ويختلط الأحتفال بعيد النوروز وأعياد الربيع وأعياد شم النسيم في العديد من دول العالم وخاصة الشرق الأوسط ،فرغم ان الأحتفال كان يتم تاريخيا ًفي العديد من الدول المتباعدة غير ان سبب منشأه يعزى الى اسباب متعددة بعضها يرجع الى اساطير تؤمن بها تلك الشعوب ،ولكنها تعبر عن حاجة روحية للأسترخاء ونسيان هموم الحياة بما توفره الطبيعة من جمال وأجواء رائعة وانفتاح بعد فصل الشتاء القاسي . ففي بلاد مابين النهرين حيث يعد السومريون من أقدم الشعوب التي انشأت حضارات زاهية فيها ،أحتفلوا بعيد كانوا يطلقون عليه ( أكيتو ) ،وتدل الترجمة الى انها تتعلق ببذر وحصاد الشعير،فالحصاد يتم مطلع شهر نيسان والذي هو عندهم اول أشهر السنة ،وفي الخريف يبدأ الأكيتو مع بذر الزرع والأهتمام والتهيأ للموسم القادم وفي الربيع يحتفل بموسم الحصاد . وفي أور وخلال حكم سلالة أور الثالثة (القرن الحادي والعشرين ق . م ) كانت الأكيتو تقام لآله القمر السومري نانّا ، وكانت المناسبة بما يعتقد انها تحمل من قداسة وبركة ممزوجة بهدوء وجمال الطبيعة مناسبة لأقامة شعائر الزواج المقدس لآعتقادهم انها دالة على الخصوبة ايضا ً . اما عند البابليين فقد كان يشير الى مناسبة دينية مهمة تستمر فيها احتفالات البابليين اثنا عشر يوما ، وهو انتصار الآله مردوك على الآله تيامات ،ويشتمل مهرجان الأحتفال على شعائر سحرية ودينية ،وتتم تشبيهات رمزية لفصول من إينوما إليش (قصة الخليقة البابلية ) ،حيث كانت تقرأ القصة في اليوم الرابع . اما بلاد فارس والكرد فانهم يحتفلون بعيد نوروز(21 أذار ) والذي يعني اليوم الجديد ،و تكاد تتشابه طريقة الأحتفال به حيث يحرص الأيرانييون ،الذي يمتد عندهم العيد الى خمسة أيام ، على الخروج من محيط العيش الى الطبيعة وتناول وجبات خاصة بالمناسبة ،ويرتدي الأكراد الزي التقليدي نساءا ًورجالا ً ويؤدون رقصات ودبكات خاصة محتفلين بالمناسبة التي يرجعونها الى الثورة على أحد الملوك الظلمة . وعيد نوروز عيد قومي عند الشعب الأيراني وهو رأس السنة الفارسية ( الهجري الشمسي ) ،وهو يوم الأعتدال الربيعي ،يستمر العيد رسميا ًلخمسة أيام ، وتتوقف خلاله المدارس والجامعات لأسبوعين . ويحتفل في جنوب العراق بعيد الربيع في (21 أذار ) ويسمى (الدخول ) ،وتعلق أوراق الخس على مداخل البيوت دلالة على بدء الربيع حيث يرمز نبات الخس الى الخصوبة ،كما يخرج العراقيون في صباح 21 اذار الى الحقول والبساتين والمتنزهات حيث يتناولون وجبة الغداء كل على طريقته الخاصة . اما المصريون فيسمونه ( شم النسيم ) ، ويعود تاريخ الأحتفال به الى العهود الفرعونية (قبل خمسة الاف عام ) ،وكان رمزا ً لبعث الحياة عندهم ويعتقدون انه اليوم الذي بدأ خلق العالم فيه ،وكان وقت الأحتفال به متميزا ًلديهم حيث يكون وقت الأنقلاب الربيعي و يتساوى فيه الليل والنهار ،ويجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم ،يظهر فيه قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربا ً تدريجيا ً من قمة الهرم حتى يبدو لهم وكأنه يجلس فوق قمة الهرم ،وفي تلك اللحظة تحدث ظاهرة عجيبة حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم فتبدو لهم واجهة الهرم وقد إنشطرت الى جزئين . وماتزال هذه الظاهرة تحدث مع مقدم الربيع في 21 اذار كل عام وفي الدقائق الأخيرة من الساعة السادسة مساءا ً ، نتيجة لسقوط اشعة الشمس بزاوية خاصة على واجهة الهرم ،فتكشف أشعتها الخافتة الخط الذي يفصل مثلثي الواجهة ،حيث يتبادلان الضوء والظلام فتظهر وكأنها مشطورة الى شطرين . من الأطعمة التي يتناولها المصريون في يوم شم النسيم هي : البيض والفسيخ ( السمك المملح ) والملانة (الحمص الأخضر) والخس والبصل ،وهي ذات الأطعمة التي كان يعتقد الفراعنة بدلالتها على الخلق و الخصب والحياة . وهكذا نجد ان أغلب الطقوس استندت الى التبدلات المناخية ،وبما كان يحمله فصل الشتاء من قسوة وزوال ذلك بمقدم الربيع فصل النماء وانطلاق الحياة من جديد ، وبالتالي فأن إختلاف أوقات الربيع بين بلد وآخر أوجد بعض الفروقات البسيطة بينها ،ولكن دلائل الربيع وصفاته واحدة على الأرض مثل إزدهار الفصيلة النباتية وتفتح الورود والأزهار ،وبدأ بعض الأنشطة الحيوانية المتميزة كالهجرة والتزاوج وغيرها والرائحة الخاصة للتربة والهواء الذي يحمل نسائم الربيع العطرة .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولار والدينار مرة أخرى
-
التطرف الديني أسبابه وعلاجه (5)
-
الأنسحاب الروسي ..للأمام أم للخلف
-
التطرف الديني أسبابه وعلاجه (4)
-
عيد المرأة وعيد الأم
-
التطرف الديني أسبابه وعلاجه (3)
-
التطرف الديني أسبابه وعلاجه (2)
-
التطرف الديني أسبابه وعلاجه (1)
-
العبادي يذكرنا بغورباتشوف
-
المحاصصة : صراع من اجل البقاء
-
سيناريوهات التكنوقراط
-
حروب السعودية وحجمها الحقيقي
-
لعبة الكبار هل تتحول الى حرب كبرى
-
المرجعية بين التدخل في السياسة وعدمه
-
هل تصلح أمريكا ماأفسدته؟
-
انسحاب المرجعية والقرار العراقي
-
أمريكا ودعوى الجهاد
-
ربيع جديد ام خيبة امل
-
هواة التظاهرات
-
المحاصصة البغيضة تهدم العراق
المزيد.....
-
بتوبيخ نادر.. أغنى رجل في الصين ينتقد -تقاعس الحكومة-
-
مصر.. ضجة حادث قتل تسبب فيه نجل زوجة -شيف- شهير والداخلية تك
...
-
ترامب يعين سكوت بيسنت وزيراً للخزانة بعد عملية اختيار طويلة
...
-
ترامب بين الرئاسة والمحاكمة: هل تُحسم قضية ستورمي دانيالز قر
...
-
لبنان..13 قتيلا وعشرات الجرحى جراء غارة إسرائيلية على البسطة
...
-
العراق يلجأ لمجلس الأمن والمنظمات الدولية لردع إسرائيل عن إط
...
-
الجامعة العربية تعقد اجتماعا طارئا لبحث تهديدات إسرائيل للعر
...
-
ابتكار بلاستيك يتحلل في ماء البحر!
-
-تفاحة الكاسترد-.. فاكهة بخصائص استثنائية!
-
-كلاشينكوف- تستعرض أحدث طائراتها المسيّرة
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|