أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - عودة في الانتظار














المزيد.....

عودة في الانتظار


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 5109 - 2016 / 3 / 20 - 14:51
المحور: الادب والفن
    


عَودة في الانتظار

أثقَلت عليَّ دموعك المنهمرة في ليل الأمس .. تلقفتها بقلب واهن وجسد مرتجف .. كيف تجرأت عليك الذكريات وانقضت على ليلك كالضبع ؟! ألم ترحم قلبك المستجير من ضعفه .. ألم ترحم دمع عينيك وهي تهطل كزخات المطر .. ألم ترحم اشتياقك إلى موائد الصباح وهي تجمعنا .. وانتظارك لنا على شرفات النهار كي نتجاذب أطراف الحديث عبر أسلاك الهاتف ؟!
حَزِنتُ لألمك .. لشراسة الذكريات التي هاجمتك .. للدموع التي انسكبت ولم أستطع تجفيفها وتقبيل الخد كي يستكين ويهدأ .. ولا إغلاق النوافذ جيداً في وجهها .. ولا سحب بساط الليل لتنامي كسائر الأمهات .. تضمين أطفالك إلى حضنك .. تمسدين على رؤوسهم بأناملك الطاهرة .. تقرأين على مسامعهم حكايات الليل الهادىء .
أخذتُ أطفالي .. أطفالك .. ورحلت إلى رصيف شتات آخر .. أحادثك الحديث المتقطع ، السريع ، المبتور ، المبهم عبر أسلاكٍ تعلن عن نيتها الانفصال كل ثانية .. رضَيتِ أنتِ ساعتها رغماً عنك .. ورضيتُ أنا أيضاً رغماً عني . وقفت الغربة حاجزاً بيني وبين تقبيل اليد والخد والعينين .. طارت سلامات مني إليك لكنها لم تسمن ولم تغنِ من جوع ؛ فانهمرت لألئك تلك الليلة وذاب قلبي عليها حزناً ؛ فلم أجد إلا هذه الحروف الحزينة لأعبر فيها عن سخطي وقهري .. علَّ دموعك ترضى .. علَّ روحك الطاهرة تهدأ..علَّ قلبك المنفطر حزناً يهدأ ولا يهم إن هدأت نيران قلبي أو اشتعلت .
جلستُ حينها أنا وساعات الليل الثقيلة نتصفح رسائلك الملأى بالدموع .. نقلب سنوات العمر البالية .. نفتح صناديق الذكريات الصدئة .. نعبث بجدائل الماضي والحاضر والمستقبل .. نرسم ألف علامة استفهام وعشرون ألف علامة تعجب !
ننتظر سنة ما .. شمسية .. قمرية .. ميلادية .. هجرية .. منسية .. منفية .. ننتظر سنة العودة !
حقائبنا معدة في الانتظار .. قوالب آدمية معدة في الانتظار .. مشاريع أحلام معدة في الانتظار .. وبقايا من بقايا الروح مغلفة ومعدة أيضا في الانتظار .
لم تمضِ سوى ساعات قليلة من هذا الليل الطويل فبماذا نتسامر وكيف سنمضي هذا الليل بانتظار الصباح ؟ أحاول فتح نافذة يتسرب منها هواءٌ منعش إلى رئتي .. أطل منها على سماءٍ مضيئة ذات نجوم تتلألأ وقمر منير يدعونا للسهر !
لكنَّ السماء هنا في الركن البعيد الهادىء تخلد للنوم مبكرة .. تأخذ في حضنها قمرها ونجومها وحتى السحب المهاجرة إليها وتغلق عليهم الأبواب وتنطفىء !.. فبماذا سنمضي باقي هذا الليل ؟
هل نعد على أصابع اليد خيباتنا العظمى .. كم مرة حزمنا حقائبنا .. كم مرة بدأنا المشوار منذ البدايات الحجرية .. كم مرة طلبنا فيها تجديد الهواء لأنه أصبح خانقاً .. ولفظنا الماء من شراييننا لأنه مرٌّ كالعلقم .. كم مرة حلمنا بتلك الياسمينة وسهراتنا الممتدة في ظلالها عبر دهاليز الليل إلى بوابات الفجر ؟!
هل نمضيك أيها الليل بانتظار الصحوة على وخز الأحلام لخاصرة الصباح .. معلنة بذلك نهار جديد نركض فيه لبدء مشوار العد .. عد ساعات الفراغ الثقيلة .. تصفح باقي رسائل الأحبة الملأى بالدموع .. محاولة تفسير أحلام ذلك الليل الطويل .. أم نكتفي بالانزواء في صومعة النفس .. بعيداً عن مضارب الشمس .. ورياح الخريف .. وقمر نيسان .. وعناقيد الصيف ؟
أظن ساعتها أن روحك لن تهدأ .. وأحلامنا لن تهدأ .. والأيام من حولنا لن تهدأ .. لذلك ألتمس منك العذر يا أم فلقد أتعبت قلبك وروحك بما يكفي .. وأعلم جيداً أن قلبك لن يرضى حتى أرضى !
لذا أنا يا أم أنعم بكل الرضى .. سأبقى كما اعتدنا أعد حقائب العودة وأنتظر على أرصفة وبوابات العودة .. سأفتح نوافذ الذكرى لكن دون خوف أو وجل .. وسأكتب على شبابيكها : أُرَضِّي يا أم علَّ هذا الكون يرضى .

ميساء البشيتي



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عازف الناي
- يسألني الياسمين ؟
- وجعي أنتَ
- موعد مع الفراغ
- تكتبني يدك
- بين شفتيِّ الكلام
- زمن العجاف
- لوحة غير مكتملة
- للياسمين زوابع
- موعد الشموع
- اعترافات تاء
- مقدمة كتابي - بين شفتيْ الكلام -
- أساطير المطر بقلم ميساء البشيتي
- امرأة من زمن الأحلام
- مذكرات امرأة
- مطر أسود
- إني أرفضكم
- هيَّ الروح
- عشاق الانتحار
- وعود عنترة وبقية مطر


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - عودة في الانتظار