|
القاسم المشترك بين الأوروبيين والعرب ، هو ، التفكيك والانحلال
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 23:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإنصاف يقتضي التذكير ، أن الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية المطاف مشروع استكمالي لأوروبا ، إلا أن ، الإدارات الأمريكية المتعاقبة ، عبر القرون ، أحسنت التصرف وتجاوزت الأوروبيين بمسافات ، وهذه مناسبة استثنائية ، تماماً بالطبع ، لتناول مقدار إكداء القارة العجوز أمام التفوق الأمريكي ، التى تواجه تهديداً على المستويات الثلاثة ، الأجيال الشابة و الاقتصاد والهجرة ، وقد تكون الولايات المتحدة محظوظة ، لأن ، من اكتشفها ، خرج من الجزء الإسباني من القارة الأوروبية ، طبعاً ، حمل ومن معه ، ماضِ الفنقيين وماضِ الرمان وماضِ قريب واستثنائي ، متألق ، هو الماضي العربي الإسلامي ، فإسبانيا كل ذلك ، تقبلت وهضمت كل الحقب التاريخية التى مرت عليها ، بالطبع ، انعكس سلوك المكتشفين وجزء من المفاهيم التى حملوها على الأسس التى قامت عليه الولايات المتحدة ، لاحقاً . بالرغم من الظروف العصيبة التى شهدها الاتحاد الأوروبي عند إنشائه ومع مرور سنوات على تأسيسه ، صحيح أنه ، تمكن الاتحاد من انجاز أعمال مشترك ، إلا أن الواقع ، لم يكن ، ولم يلبي في آن واحد ، طموحات أصحاب الفكرة ، الذي ساعد لاحقاً ظهور خلافات بين أروقته ، فتحولت المشاريع الكبرى إلى طموحات ، مركونة ، ورغم كل ذلك ، يواجه الاتحاد ، تحدي الانهيار ،وأيضاً ، هناك تحدي أخطر ، هو ، انهيار الدولة القومية ، فالدول الأوروبية ، تلاعبت بحضارتها أو بالأحرى ، وقفت بين ، دعمها للعلم وهدمها للأسرة والقدوة ، وإلى جانب ذلك أيضاً ، هناك أمر هو بالغ التعقيد ، بل الخلاص منه ليس بالأمر السهل ، تعتقد هذه الحكومات ، أن الديمقراطية ، هي ، التى تقود الاقتصاد ، إلا أن حقيقة الأمر ، مغايرة على الإطلاق ، لقد اتحدت فئتين من رجال الأعمال والسياسيين ، خلال العقود المنصرفة ، هؤلاء شكلوا قوة جبارة ، فبدل أن يعكس الاقتصاد تطور وتقدم للإنسان ، بات يشكل آلة هدم على صعيد الفرد وأيضاً ، الحضارة ، وهذا مؤشر بحد ذاته ، صارخ ، يحمل دلالات قوية حول كيفية معالجة الأزمات ، فهي ليست بطريقها إلى الحل بقدر أنها تسوق الدول الغربية إلى التفكيك والانهيارات .
بالتأكيد ، محاولات الاتحاد الأوروبي البائسة مع الأزمة اليونانية تشير بأن مستقبل الاتحاد لن يكون أفضل من المشرق العربي ، وقد تكون مشكلة المشكلات للاتحاد ، هي الأسرة ، فالقوانين التى وُضعت منذ ثورة 1848 م وتطورت تدريجياً ، تماماً ، كما أنها عالجت الكثير من القضايا المهمة ، خلقت إشكاليات كبيرة ، متعددة ، ومنها تدمير فكرة الأسرة ، أي يعني ، فقدت الجغرافيا الأوروبية عموماً ، جيل الشباب ، وهو يُعتبر المستقبل ، الذي بات مجهول ، لهذا ، لم يكن للدول الصناعية سوى البحث عن البدائل والترحيب باللاجئين الفارين من الموت والتنكيل ،حيث ، تعدها فرصة ذهبية قابلة لإعادة التوازن المفقود بين الأجيال ، لكن يبقى المجتمع الأوروبي ، رغم الحداثة والديمقراطية السائدة ، يحمل من العنصرية ما يكفي لإبقاء المهاجرين خارج الحياة الطبيعية ومعادلة الدولة حتى لو حاولت بعض الحكومات ، إضافة شخصيات من أصول أبناء المهاجرين على فريق الحكومة ، تبقى مجرد إكسسوارية لا أكثر ، وهذا يفسر على الأقل ، شعور المهاجرين بالنقص وعدم الاستقرار وفقدانهم الأمن الاجتماعي ، وبين سلسلة تحديات يواجهها الاتحاد الأوروبي ، يتصدر تنظيم داعش في ليبيا وشمال أفريقيا عموماً ، التحدي الأكبر ، حيث ، تُفهم محاولة التنظيم في مدينة بن قردان ، الجنوب الشرقي للجمهورية التونسية ، على أنها ، ليست فقط ، محاولة البحث عن موطأ قدم من أجل المرور إلى القيروان ، التى تُعتبر بالنسبة للمسلمين برابعة الثلاث بعد مكة والمدينة والقدس ، إلا أن ، غاية التنظيم الحقيقية الوصول إلى شمال أوروبا .
يتقاسم الأوروبيون مع العرب ذات التهديد ، التفكيك والانحلال ، فالشعب العربي منذ انقسامه بين الدول الحديثة وبعد انفكاك الجغرافيا العربية عن الدولة العثمانية ، تعرض إلى استبداد وطني ، مدعوم غربياً ، حيث مارس الاستبداد جميع الإفراغات ، بدايةً من التعليم والثقافة ومروراً بالاقتصاد والصناعة ، لكنه بقى محافظاً على نظام الأسرة ، تتعرض هي الآخر ، تدريجياً إلى تراجع مستمر ، بسبب عدم وجود ، في تاريخ الدولة الحديثة ، حلول للبطالة الأخذة بالتصاعد ، وأيضاً ، بسب أمر ثانِ ، اختراق المجتمعات العربية بأفكار المعولمة ، التى بدورها أفقدت الفرد دوره كمسئول عن تكوينها وأفقدته أيضاً ، القدوة الجيدة ، وهكذا تماماً ، هو الحال في الجانب الآخر ، الأوروبيون ، غير قادرين على إحداث تغيرات جذرية بالقوانين من أجل معالجة اشكالية تراجع الأجيال الشابة أمام تكدس لجيل الشيخوخة ، وأيضاً غير مهتمين في تقليص المسافة بين المهاجر الذي أصبح مواطن بحكم القانون وبين مواطن ، حفيد واضع القانون ، فما دامت النظرة العنصرية مستمر في الثقافة الأوروبية وأيضاً ، القوانين غير مكترثة في حماية الأسرة وتنميتها ، بالتأكيد ، المستقبل لا يبشر بالخير ، أبداً . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دونالد ترمب ، مرحلة الاستبداد الاقتصادي وانهيار قواعد القانو
...
-
الفارق بين إنجازات الديكتاتور وانجازات القطروز
-
ضرورة التدخل في العراق وسوريا ، لكن ، ليس قبل إغلاق ملفات اخ
...
-
المطلوب لا تقعيراً ولا تحديباً
-
مقايضة إقليمية أخرى على حساب العرب
-
إذا تمكنتم أيها الظلمة أن لا تحضروا فلا تحضروا
-
تعصب للأقلية ،، بالضرورة سيؤدى إلى إخلاء عن ميشال سماحة
-
خوسيه موخيكا وزملائه
-
الجغرافيا التركية ليست أكثر تحصيناً من الجغرافيا العربية
-
آفة المخدرات وآفة السحر
-
نجاح الثورات العربية وإخفاق الحسم
-
من السهل التنطع للمسؤولية لكن من المستحيل تفادي النتائج
-
من يظن أن الخطاب الغربي يخضع للأفكار فهو واهم .
-
من أمنك لا تخونه ولو كنت خوان
-
تدخُل تركي في سوريا قريباً،، على غرار التدخل الروسي
-
خطاب الملك عبدالله ، تحدي في ذروة احتدام الصراع في المنطقة .
...
-
الانتقال من السلاح الدمار الشامل في العراق إلى الإرهاب العرب
...
-
عندما يتماهى المجتمع مع الغيب المطلق
-
استنزاف للوقت في مصر ، قد تكون خسائره افدح على المدى القريب
-
تحديثاَ شاملاً للدولة التركية في ظل منطقة مختلة
المزيد.....
-
تركيا توضح ملابسات الهبوط الاضطراري لطائرة إسرائيلية بمطار أ
...
-
صحيفة: قاعدة في أوروبا توعز لطيارين أمريكيين بخلع زيهم الرسم
...
-
مهاجمة متاجر وممتلكات تعود لسوريين في تركيا إثر مزاعم -تحرش-
...
-
قصف مكثف على غزة والمقاومة تواصل استنزاف الاحتلال بالشجاعية
...
-
مهاجمة ممتلكات تعود لسوريين في تركيا إثر مزاعم عن تحرش شاب س
...
-
??مباشر: عشرات الآلاف يفرون من معارك الشجاعية قبل أسبوع من د
...
-
الكشف عن عوامل خطر الإصابة بـ-كوفيد طويل الأمد-
-
محادثات أممية ودولية غير مسبوقة مع طالبان تثير انتقادات جماع
...
-
ثلاثة أعشاب طبيعية لتعزيز قوة الدماغ
-
ديمقراطيون بارزون يستبعدون استبدال بايدن وسط دعوات لانسحابه
...
المزيد.....
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
المزيد.....
|