|
التطوع يخلق التقارب والتآلف والمودة...
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 5108 - 2016 / 3 / 19 - 17:48
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
التطوع يخلق التقارب والتآلف والمودة... ورشة نظافة أزقة فاس الجديد ، مثالا. العمل التطوعي مطلب من متطلبات الحياة المعاصرة التي أتت بالتنمية والتطور السريع في كافة المجالات ، ويعد حجم الانخراط فيه رمزاً من رموز تقدم الأمم ورقيها ، الذي كلما زاد إلا وازداد معه انخراط مواطنيها في العمل التطوعي الفاعل الذي تمليه الأوضاع والظروف الجديدة للحياة الاجتماعية وتطور الظروف المعاشية والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والتقنية المتسارعة ، التي تقف الحكومات ، أحياناً كثيرة ، عاجزة عن مجاراتها ، والتي أثبتت التجارب أن بعض أجهزتها لا تستطيع تحقيق كافة خطط ومشاريع التنمية دون المشاركة التطوعية الفعالة للمواطنين وجمعياتهم الأهلية التي تسهم في عمليات التنمية ، نظراً لمرونتها وسرعة اتخاذ القرار فيها ، ما جعل الكثير من الدول المتقدمة تعتمد عليها ، في منظومة رائعة من التحالف والتكاتف بين القطاع الحكومي والقطاع الجمعوي ، لحل الكثير من المشاكل ، والعديد من الظروف الطارئة ، الأمر الذي ودفع بدول أخرى ، إلى جعل التطوع إلزاميا ، لمواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الاجتماعية نوعاً وكماً. وفتفرضه -كما هو حال كسويسرا مثلاً - على الذين لا تنطبق عليهم شروط الخدمة العسكرية ممن هم في سن 20-60 سنة ، لما في العمل التطوعي من رفع لمستوى الخدمات وتوسيعها ، ولأن أداء المتطوع أفضل بكثير من أداء الموظف والعامل المدفوعي الأجر . فما أحوجنا إلى مثل هذا القرار لتوفير الخدمات ، التي يصعب ، في الكثير من الأحيان، على العديد من الإدارات الرسمية توفيرها للمواطنين – تهاونا ، أو تقصيرا ، أو تملصا ، أو لظروف فوق طاقتها – ما جعل المشاكل تتزايد متشكلة تحدياً صارخا للجهات الحكومية المسؤولة على توفيرها ، وأصبح الوضع يتطلب وجود جهات مساندة لها، ويستدعي تضافر كافة جهود المجتمع المدني و الهيئات التطوعية الشعبية به ، ونحمد الله على أن المغرب غني بذوي النيات الحسنة ، ويزخر بالمحسنين والمتظوعين الذين يسخرون أنفسهم عن طواعية ودون إكراه أو ضغوط خارجية لمساعدة ومؤازرة الآخرين . وخير مثال شاهدته خلال الأيام القليلة الأخيرة ، تلك المبادرة التطوعية التي أقدم عليها ساكنة جماعة المشور فاس الجديد ، بإيعز من أحد منتخبيها ، المهوس بالعمل التطوعي ، والذي إعتاد الإسهام في خدمة محيطه ، وتحسين أحوال مجتمعه ، وتدعيم التكامل بين أهله، وتأكيد اللمسة الحانية بينهم ، لتحقيق متطلبات التنمية والتقدم ، التي يدعو إليها جلالة الملك المنصور بالله ، رغما عما يواجهه عمله التطوعي من معوقات كثيرة ومتنوعة ، شأنه في ذلك شأن كافة أعمال الإنسان الصالحة، وعلى رأسها تدني ثقافة التطوع بشكل كبير في مجتمعنا ، وعدم الوعي الكافي ، بل والجهل التام لأفراده بأهمية التطوع والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها ،والعزوفه عن الإنخراط فيه ، ظنا من الكثير بأنه تسلية ومضيعة للوقت ، وأنهم غير ملزمين به ، وهذا كله مقدور عليها ، لكن غير المقدور عليه ، والذي يشكل حجر عثرة أمام أي عمل تطوعي تنموي من أي نوع كان ، هو البيروقراطية التي تتعارض وطبيعة التطوع ، وتقتل العمل المجاني الخالص لوجه الله الذي يعتمد البذل المالي أو العيني أو البدني أو الفكري الذي يقدمه الإنسان المتطوعون بلا مقابل ، والذي لا يسعيون من ورائه لتحقيق أي استفادة شخصية ، غير المسهامة في خدمة الوطن ، بتدعيم وتكميل عمل الجهات الرسمية ، التي تعرقل ، مع الأسف ، بعض موظفيها –وخاصة موظفي الجماعات – ظنا منهم بأن العمل التطوعي يهدد وظيفتهم، ومرتبتهم ، أو يشعرهم بأنه يفضح تكاسلهم وقاعسهم عن أداء واجبهم على الوجه الأكمل نحو المواطن . ولازدهار العمل التطوعي في بلادنا ، وإزالة حالة الإحباط والتوجس والخوف السائد بينهما في اللعبة التطوعية ، لابد من ضرورة التوازن بين القطاع التطوعي والقطاع الحكومي ، الذي لن يتأتى إلا بتفهّم شروط التطوع ، والحرص عفي التعامل معه بعيدا عن العصبية والتشنج الاستفزازي ، وعدم الالتفات للمعارك الهامشية ، واعتماد الحوار والتواصل ، وتجنب الانجرار إلى ما ينصبه الخصوم من مصائد ومكائد ، ولا بأس من تشجيع المؤسسات الرسمية للعمل التطوعي ، وتكريم المتطوعين ، لأن التكريم يخلق التقارب والتآلف والمودة بين الطرفين ، بما يُشعر به المُكرم من الأهمية والتعاطف ، ويولد لديه الثقة العالية بنفسه ، ويدفع به للإبداع والتميز والجودة والإتقان ، كما هو دأب البلدان المتقدمة التي تحترم نفسها وتقدر مواطنيها، وتحرص على الاحتفاء والاهتمام بكل أشكال التطوع الذي يستحق الاحتفاء ، طبعا ، ولو بطرق رمزية .. حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-لولا المشقة لساد الناس كلهم- !!
-
مشاركتي في مسيرة الرباط .
-
الاستثمار في نغمة الاصلاح.
-
قضية مستشار المشور فاس الجديد !!
-
الشخص غير المناسب في أي المكان كان هو سبب تخلفنا !!
-
لحظة متعة وهناء أفسدتها السياسة !!
-
لقد جانب بان كي مون الصواب والحكمة !!
-
ما فائدة الكتابة عن قضية المرأة ؟
-
حتى واحد ما -هاني- في زمن الحيرة !!!
-
تهنئة للمرأة بيومها العالمي !
-
حية وإكبار لرجال الوقايةالمدنية في يومها العالمي !!
-
احتجاجات-أساتذة الغد- هي رسالة لأصحاب القرار !!
-
مراجعة المقررات الدينية، الحدث العظيم !!
-
من السخف أن نجرم سرقة الجيوب، ولا نجرّم سرقَة عقول !!
-
وما يضرهم في زيارة الرئيس المصرية للمغرب ؟؟
-
رمانسية التدين !!
-
صباح ليس كباقي الصباحات على شاطئ المهدية!!
-
المجتمعات الأكثر تدينا هي الأكثر فسادا!!
-
رد على نقد!!
-
اصلاح المناهج والبرامج والمقررات الدينية، الحدث العظيم !!
المزيد.....
-
مسؤول جزائري يرد على -استفزازات اليمين المتطرف- في فرنسا
-
موريتانيا.. مصرع 3 متظاهرين أثناء احتجازهم بسبب شغب أعقب الا
...
-
انسحاب أكثر من 200 مرشح في فرنسا لعرقلة اليمين المتطرف
-
توقعات بتحقيق حزب العمال البريطاني فوزا ساحقا بالانتخابات
-
انسحاب مرشحين لماكرون ولليسار لقطع الطريق أمام اليمين المتطر
...
-
إطلاق نار قرب نقطة تفتيش الأتارب أثناء اشتباك القوات التركية
...
-
العنصرية والآثار.. معرض عن الاستعمار الألماني يواجه بغضب الي
...
-
موريتانيا.. وزارة الداخلية تعلن وفاة 3 متظاهرين موقوفين على
...
-
المقاومة الفلسطينية ومرحلة ما بعد السابع من أكتوبر
-
فوز اليمين المتطرف نكسة للمحور الألماني-الفرنسي؟
المزيد.....
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
-
الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|