|
لماذا يتنفس أغلب المتعلمين المصريين بالعبرى ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5106 - 2016 / 3 / 17 - 21:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أعتقد أنّ مأساة شعبنا المصرى ، تكمن فى المُـتعلمين المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة ، من شعراء وباحثين إلخ ، حيث يحلو للكثيرين منهم أنْ يكونوا عبرانيين أكثر من بنى إسرائيل . وذلك بترديد ما جاء فى التراث العبرى عن استعبادهم فى مصر . وينشغلون بما يعتقدون أنه نظرية جديدة ، مثل : من هو فرعون الخروج ؟ مرة يقولون أنه رمسيس الثانى . وعندما تأتى الأدلة العلمية ضد مزاعمهم يبحثون عن غيره مثل تحتمس الثالث (أهرام 13 / 11 / 1997ص3 ) أو أمنحتب الثالث ( القاهرة 7 /8 / 2007 ص 20 ) قضية تهتم بها الصهيونية الدينية المعادية لجدودنا . والملاحظ أنّ معظم من كتبوا عن (فرعون) الخروج يعتمدون على المرجعية الدينية ، وهى مرجعية لا تصلح لأى بحث علمى ، يعتمد على البرديات وكتب المؤرخين وعلماء المصريات . والأهم إجادة اللغة المصرية القديمة إلخ . لن أتوقف عند السؤال الذى يشغل العبريين : من هو (فرعون) الخروج ؟ لأنّ الأهم هو : هل كان اليهود فى مصر القديمة يعاملون معاملة قاسية ؟ وإذا كانوا يرغبون فى العودة إلى صحرائهم القاحلة ، فهل كان الحكام يمنعونهم ؟ أسئلة لم تخطر على أذهان المعادين لمصر ، أو خطرتْ ثم يتعمّدون التعامى عنها . ورغم أننى أرفض اعتماد المرجعية الدينية فى أى شأن تاريخى ، فإننى أرى أنّ الاستشهاد بما جاء فى العهد القديم الذى يـُـقـدّسه الصهاينة المتدينون له دلالة خاصة ، تطبيقــًا لقاعدة (( شهد شاهد من أهلها )) فى سفر الخروج نقرأ (( فتذمّر كل جماعة بنى إسرائيل على موسى وهارون وقالوا ليتنا متنا بيد الرب فى أرض مصر إذْ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل خبزًا للشبع . )) ( 16 : 1 – 3 ) وفى سفر العدد نقرأ (( وتذمّر على موسى وعلى هارون جميع بنى إسرائيل وقالوا ليتنا متنا فى أرض مصر . أليس خيرًا لنا أنْ نرجع إلى مصر ؟ فقال بعضهم لبعض نقيم رئيسًا ونرجع إلى مصر )) ونقرأ (( فعاد بنو إسرائيل أيضًا وبكوا وقالوا من يطعمنا لحمًا . قد تذكــّرنا السمك الذى كنا نأكله فى مصر مجانــًا والقثاء والبطيخ والكرات والبصل والثوم إلخ )) ونقرأ (( إنكم قد بكيتم فى أذنىْ الرب قائلين من يُطعمنا لحمًا . إنه كان لنا خير فى مصر )) ( عدد 11 ، 14 ) والأمثلة كثيرة . ولكن السؤال هو : من الذى أجبرهم على الخروج من مصر ؟ الإجابة من كتابهم (( أنا الرب إلهكم الذى أخرجكم من أرض مصر .. إلخ )) ( عدد 15 كمثال واحد ) والسؤال الثانى الذى يتعامى عنه العبريون هو : من الذى ظلم الآخر ؟ المصريون أم اليهود ؟ أيضًا وبقاعدة ( شهد شاهد من أهلها ) نقرأ أنّ إله اليهود ((قتل كل بكر فى أرض مصر من بكر الناس إلى بكر البهائم )) ( خروج 12 : 29 ، 13 : 15 ، مزمور 87 : 51 ) ولم يكتف بذلك وإنما حوّل (( كل الماء الذى فى النهر دمًا .. وكان الدم فى كل أرض مصر )) (خروج7: 19 – 22) وعندما أراد أنْ يُدمّر مصر ، فإنه ينصح اليهود بأنْ يضعوا علامة من الدم على بيوتهم حتى لا يُخطىء وهو يدمر بيوت المصريين ( 11 : 4 – 7 ) ويُـشدّد عليهم بضرورة سرقة المصريين قبل الخروج ( 3 : 18 – 22 ) وكذلك الوعد بأنّ أرض مصر لابد أنْ تكون ملكــًا لبنى إسرائيل (( لنسلك أعطى هذه الأرض . من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات )) (تكوين 15 : 18) و أنّ أرض مصر سوف تكون مقفرة وخربة من مجدل إلى أسوان . وأنه سوف يُشتت المصريين بين الأمم ويبيدهم فى الأراضى وسبيهم لصالح بنى إسرائيل . إلخ (حزقيال 29 ) وكيف ولماذا يتعامى المتعلمون المصريون الذين يتنفسون بالعبرى ، عن المخطط الصهيونى/ الأمريكى/ الإسلامى بتسليم مصر لبنى إسرائيل الجُدد تنفيذا لنص الآية رقم 59من سورة الشعراء ((كذلك وأورثناها بنى إسرائيل)) وكان من رأى المؤرخ (المصرى) المقريزى أنّ حرف الهاء يعود على مصر، فكتب فى تفسيره لسورة الشعراء بعد أنْ أغرق (الله) فرعون وجنوده أخذ بنو إسرائيل (( ذخائر فرعون وكنوزه وعادوا إلى موسى . فذلك توريثهم أرض مصر. يعنى قول الله عزّ وجل عن قوم فرعون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها قومًا آخرين. وقوله تعالى وأورثناها القوم الذين كانوا يُستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها يعنى أرض مصر أورثناها بنى إسرائيل)) (المواعظ الاعتبار بذكر الخطط والآثار- المعروف بالخطط المقريزية- دار صادر- بيروت – ج 1 ص 42) يتوافق مع هذا ما صرّحتْ به السفيرة الأمريكية فى مصر (آن باترسون) التى قالت ((إنّ مصر أرض يهودية ومن حق إسرائيل استرددها)) (نقلا عن الشيخ نبيل نعيم – جريدة الدستور المصرية- 18/8/2013) هذه هى شهادة العبريين. والمغموسة بالدم والحقد الحضارى بين الزراع المنتجين والرعاة الرحل . ولذلك يقول عنهم جوستاف لوبون (( كان بنو إسرائيل أقل من أمة حتى شاؤول . كانوا أخلاطــًا من عصابات جامحة. كانوا مجموعة غير منسجمة من قبائل سامية صغيرة . أفاقة بدويـة. تقوم حياتها على إنتهاب القرى الصغيرة )) أما ( فرويد ) فكتب أنّ (( عقدة اليهود سبق مصر فى الحضارة )) و فى كتابه ( موسى والتوحيد ) قال رغم أنه يهودى الديانة (( ليس بوسع أى مؤرخ أنْ ينظر الى القصة التى ترويها التوراة عن موسى والخروج بأكثر من أنها أسطورة دينية )) ووصف فولتير الشعب اليهودى بأنه (( حامل لأبشع المعتقدات الخرافية وأدنى أشكال العهر والبغاء وأكثر ضروب السلوك البشرى وحشية ودموية )) وكتب جيمس فريزر فى كتابه الفولكلور فى العهد القديم أنّ واضع الشريعة الموسوية (( لم يكن سوى شخص أسطورى)) ( ص 41 ) وكتب هـ . ج . ويلز فى كتابه ( موجز تاريخ العالم ) أنّ قصة (( استيطان بنى اسرائيل مصر واستعبادهم فيها وخروجهم منها قصة صعبة للغاية . ففى تاريخ مصر ذكر لأقوام من الرعاة الساميين سُمح لهم بالإقامة فى أرض جاسان ( محافظة الشرقية الآن ) بإذن من الفرعون رمسيس الثانى . وفى هذا السياق قال التاريخ أنّ جعل أولئك الناس يلجأون إلى مصر كان الجــوع . إلاّ أنه لا ذكر هناك إطلاقــًا فى أى شىء مما سجله تاريخ مصر لشخص اسمه مـــوسى . أو أى ذكر لسيرته . كما أنه لا ذكر هناك لأية ضربات أو كوارث طبيعية حلــّتْ بمصر . أو لأى فرعون غرق هو وجنوده فى البحر )) أما ( جوردانو برونو ) الذى أحرقه القساوسة الأتقياء حيًا مع مطلع عام 1600 فكتب (( إنّ اليهود هم فضلات الحضارة المصرية . وأنّ مصر هى مبدعة الكتابة والآداب . وأننا ندين لمصر بكل تراثنا وشرائعنا )) ونعود إلى السؤال الأول : من الذى ظلم الآخر ؟ المصريون أم اليهود ؟ كتب د. محمد بيومى مهران فى كتابه ( تاريخ الشرق الأدنى القديم ج3 ص 325 ، 384 ، 380 ) أنّ بسماتيك الأول سمح لليهود أنْ يتدفقوا على مصر . وأنْ يُـنشئوا لأنفسهم مستعمرة خاصة بهم . وسمح لهم أنْ يقيموا معبدًا لإلاههم ( يهوه ) وأنه بفضل تسامح المصريين ورحابة صدورهم عاش اليهود فى مصر )) بعد هذا العطاء والتسامح ماذا حدث ؟ (( انتهت الأمور باليهود أنْ نسوا لمصر أنها أطعمتهم من جوع وآوتهم من تشرد وكستهم من عرى . فردوا لها الجميل نكرانــًا . فكانوا أعوان الفرس . وكان لابد أنْ تزداد كراهية المصريين لليهود بعد أنْ (( رأوهم بعد طول الإقامة فى البلاد خونة وجواسيس ومثار فتن ودسائس وأذنابًا لأعداء البلاد )) بعد هذا العرض المختصر عن الفرق بين اللغة الدينية ولغة العلم ، هل آمل أنْ ينزع بعض المصريين أدمغتهم العبرية وينحازوا للغة العلم ؟ خاصة كما كتب أ. شوقى جلال (( أنّ تزييف التاريخ صناعة إسرائيلية بدأتْ مع التوارة التى هى رواية لتاريخ مصطنع زائف عن شعب الله المختار )) وخاصة أنّ الصهيونية الدينية تسعى إلى سرقة الحضارة المصرية . وأنّ اليهود بناة الأهرام . وتشجع كل من يُروّج لأكذوبة أنّ موسى نبى العبريين مصرى . فمتى يتوقف المتعلمون المصريون المؤمنون بالتراث العبرى المعادى لمصر الحضارة والتعددية ، عن التنفس بالعبرى ؟ ولماذا لا يتنفسون بالمصرى ؟ كما يفعل (كل) المثقفين الإنجليز والألمان والإسبان والفرنسيين واليابانيين والصينيين والهنود.. إلخ الذين يتنفسون تارخهم وتراثهم وثقافتهم القومية ؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوّ النظام مع المعتدلين ولاّ مع المتطرفين ؟
-
التناقض فى كتاب (موسى والتوحيد) لفرويد
-
الرد الثانى على السيد (ملحد)
-
لماذا تأخر الاعتراف بجرائم حزب الله ؟
-
هل سلاح الأحذية هو الحل ؟
-
رد على السيد (ملحد)
-
هل مراجعات الأصوليين حقيقة أم خدعة ؟
-
هل شباب الإخوان المسلمين غير شيوخهم ؟
-
عبد الناصر وتبديد موارد مصر
-
لماذا العداء للغتنا المصرية ؟
-
موجز لتاريخ الطغاة
-
النقاب على عقول المتعلمين المصريين
-
لماذا مرض عبادة البطل ؟
-
العلاقة الملتبسة بين الرب العبرى والأنبياء والإنسان
-
لماذا جرّح الإسلاميون بطرس غالى ؟
-
تابع المزامير العبرية
-
التوجه الأيديولوجى فى المزامير العبرية
-
من يمتك مفتاح الفهم الصحيح للإسلام ؟
-
كيف اخترقت الأصولية التعليم الجامعى
-
متوالية العداء بين الفلسطينيين وبنى إسرائيل
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|