أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - تأصيل ثقافة القطيع














المزيد.....


تأصيل ثقافة القطيع


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 5106 - 2016 / 3 / 17 - 19:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام العالم العربى والإسلامى أن على الأزهر والدعاة ورجال الدين، مسئولية تجديد الخطاب الدينى كان هذا الإعلان أكبر خطأ مقصود او غير مقصود من رئيس جمهورية مصرى، هذا الخطأ الذى صنع من رجال الدين دكتاتوريين وأعطاهم الرئيس سلطة لا ينبغى أمتلاكها لخطورتها على المجتمع الثقافى، فالرئيس السيسى سحب مسئولية التجديد الثقافى والتعليمى من المؤسسات الأصلية صاحبة الحق فى صنع التجديد، فالثقافة والتعليم هما المصدر والمؤثر الأساسى الذى يروض ويطبع شخصية المواطن بصفات الإنتماء والهوية والمواطنةأ فأى خطاب دينى أو ثقافى يرجع إلى مواصفات صاحب الخطاب ودرجة تعليمه وثقافته.

دعوة الرئيس السيسى كانت تفويض علنى وسلطة بلا قيود لمؤسسة الأزهر والمتفرعين عنها، لتفعيل دور الدين ورجاله أكثر وإخراجهم من حالة الخمول والجمود الذى أصابهم وجعلهم مجرد موظفين ينتظرون نهاية الشهر لإستلام رواتبهم، والرئيس السيسى يعلم قبل غيره أن جامعة الأزهر ومجلة الأزهر على سبيل المثال لا على سبيل الحصر أكثر من نصفها ينتمون إلى الإخوان والجماعات الإسلامية الأخرى كما أكد ذلك أكثر من مسئول أزهرى، إذن من المستحيل أن تطلب من رجال الدين الذين رزقهم يعتمد أعتماداً كلياً على بغض وكراهية ولعن وقتال الآخر وتلك الأفكار هى لب الخطب الدينية التى تمثل التوابل والبهارات التى تثير شهية المستمعين، فلا يمكن أن يسمح الخطيب أن يهدم المعبد على نفسه.

تلك المسئولية التى ألقها السيسى على عاتق السلطة الدينية المقصود بها تجهيل المجتمع والتعلم من ثقافة القطيع، حيث السمع والطاعة والتلقين والإلقاء الخطابى هى سمات تلك الثقافة التى لا تتفاعل بالحوار، فالمشهد العام يمثل مجموعة من المؤمنين المستمعين فى الكنائس والمساجد والخطيب الذى يقود الجميع يلقى خطبته أو عظته، وعندما ينتهى منها يقود الجميع مرة أخرى فى طقوس الصلاة ويعنى ذلك اننا أمام ثقافة شمولية دكتاتورية تنسب الحق لنفسها فقط، فالواعظ والخطيب يمتلك الحق والحقيقة فقط أى عندما نحتاج لمعرفة شئ ما أو مشكلة ما علينا الذهاب إلى الواعظ والخطيب والمفتى والرئيس ( وبس_ فقط)، بعبارة بسيطة أن على القطيع أن لا يتعب عقله فى التفكير فى شئ ويجب التعود على ذلك وأن يترك المسئولية على الرئيس والخطيب والواعظ وغيرهم من قادة ونخبة المجتمع، وهؤلاء يعرفون نوعية أحتياجاته الثقافية والخطاب الدينى أو الثقافى الذى يحتاج إليه.

بطبيعة الحال ثقافة القطيع هذه ليس فيها معرفة أو تقدم وإبداع بل هى ثقافة الفرد الواحد الذى يملك كل شئ فى يده، ولم يخطئ من أسمى الشعب بكلمة( الرعية) لأن نشأتها عربية خارجة من البيئة البدوية القبائلية، لذلك الكل ينشأ على وجود راعى القبيلة ورعيته فلا مجال للأعتراض حتى لا يتهم بأنه يفكر ويدخل السجون بأعتباره كاتب ومفكر، كما نرى فى أيامنا هذه حيث أعطى الرئيس السيسى سلطة التجديد فى الخطاب الدينى فتوالت القضايا ودخول المبدعين والمفكرين السجون لآراءهم التى أعتبرها قادة القطيع إنها إزدراء وإهانة للأديان وللآلهة وللرسل، وفى الوقت نفسه يتم تأصيل ثقافة القطيع مع تحجيم لدور الثقافة الحقيقية فى المجتمع بل المثقفين أنفسهم أصبحوا يخافون من وصفهم بلقب المثقف.

عندما يعترف الغالبية بأن هناك تراجع كبير فى سياسات الدولة ويظلوا صامتين بدون ردود أفعال، فهذه السلبية تنتج سلبية أخرى من القائمين بالحكم ورأينا جيداً فساد الوزراء وعدم كفاءتهم والإختراق السلفة والإخوانى لمؤسسات الدولة سواء كانوا وزراء أو محافظين، أو رجال دين فى مؤسسة الأزهر نفسها لكن المشكلة كما قلت الآن أن الغالبية من الشعب والمسئولين الكبار يعرفون هذا، لكن أحداً لا يتحرك حتى وإن ترك البعض تكاسله ستكون النتيجة هى "زيادة الطين بلة" كما يقول المثل، وكل هذا نتاج التأصيل المستمر للدور الغيبى فى الثقافة المجتمعية ونجاح السياسات العليا للقيادات السياسية، والموت البطئ لحماس المواطن للدفاع عن حقوقه وحريته ومواطنته التى ترفض الفساد المستشرى فى مجتمع مصر الحضارة التى تحولت إلى مجتمع التدين!!

تأصيل ثقافة القطيع نجحت فى تشويه الهوية والإنتماء للوطن مما أنتج فقدان الإهتمام بالوطن ومؤسساته، وأصبحت الغالبية تبحث عن ما يخصها كأفراد أى تهتم وتسعى لشئونها الفردية، وأنتشرت اللامبالاة والتى تتمثل فى عبارات دارجة مثل: خليها تخرب_ وإللى يخرب يخرب_ وانا مالى..، أى أن الجميع يرون الفساد لكن أحداً لا يهتم بالقيام بدوره كمواطن فى إبلاغ السلطات المختصة أو توصيل صوت إعتراضه على ما يقع من فساد فى محيط عمله أو الحى أو القرية أو المدينة التى يعيش فيها، وإلا سيزداد المجتمع تخلفاً وإنحداراً.

مجتمع يتخلى ببطئ عن ثقافته الحقيقية وينأى بنفسه عنها فى سبيل إعلاء ثقافة القطيع الطائفية، هى الحقيقة التى تفتعلها الإدارة السياسية مع الإدارة الدينية التى تشاركها السلطة والحكم، وهى نتيجة طبيعية للفساد الصامت القائم على إثارة المشاعر الطائفية، فمتى ينهض العقل ويثور على ثقافته المتوارثة من قطيع يعمل على تخريب مجتمعه؟؟



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب ترك المدينة للأشباح وللدولة
- ثقافة التجديد لا تنهض فى وسط دينى
- دونية المرأة فى ثقافة العرب الدينية
- أوسكار فيلم التجديد السيسى
- أصولية الرئاسة والقضاء
- القبض على رسام الكاريكاتير
- القادة تدمر الوطن
- الصمت المريب إسلامياً
- واقعية الديانة الإرهابية
- أستخدام مواهبنا للقضاء على الفقر
- الإرهاب العربى يهدد العالم
- سيدتى العظيمة: العرب أصل البلاء
- الأمة الغريقة
- نداء للسيسى وحكومة الصفر
- الإرهاب ليس قضية عالمية
- التحريض على القتل والفجور
- الكفار لن يحاربوا مكان المؤمنين
- ثورات وقت المصائب
- محاكمة الدولة فى الشيخ زويد
- ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين


المزيد.....




- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...
- قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - تأصيل ثقافة القطيع