|
رد مزاعم الاستلاب للصهيونية: يوسف زيدان وواقعة الإسراء نموذجا
حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)
الحوار المتمدن-العدد: 5104 - 2016 / 3 / 15 - 13:45
المحور:
القضية الفلسطينية
(رد الأسئلة السبعة وغياب المنهج والنموذج المعرفي)
في مقالتي التي نشرت على موقع "الحوار المتمدن" بتاريخ 26 ديسمبر 2015 وبتاريخ 4 يناير 2016 في صحفية "الميدل إيست أونلاين" اللندنية، بعنوان "تفكيك الأبنية المعرفية لمقاربة يوسف زيدان والأقصى"، قمت بالرد المنهجي على أطروحة د. يوسف زيدان حول روايته عن مسجد "أقصى" في شبه الجزيرة العربية بنفي القداسة عن "المسجد الأقصى" في فلسطين، ورددت على سعيه لمحاولة نفي الحق العربي في فلسطين، وحق المسلمين والمسيحيين في "البقعة المقدسة" و"المسجد الأقصى"، ونقدت طرحه القائم على الاستلاب والهزيمة أمام الآخر، والتأسيس النظري لأطروحات العجز والهزيمة ودونية الذات العربية!
• "الإسراء" واستمرار محاولة تغييب البعد الديني للصراع ولكن ماذا عن الدوافع الوطنية والقومية والحضارية والإنسانية أيضا!
ثم ها هو د. زيدان يعود مرة أخرى بمقالة جديدة بعنوان: "أسئلة الإسراء السبعة" مع إشارة منه بوجود مقالة أخرى مكملة لها، الهدف المجمل للمقالة نزع معجزة الإسراء عن المسلمين وإلصاقها باليهود؛ ليؤكد على فكرته في أن "المسجد الأقصى" معلما يهوديا، وليس هناك من دافع ديني لدى العرب في الصراع مع الصهيونية في فلسطين..! وفي تصوري الخاص استمرار ذلك النهج هو مشروع لتفريغ الذات العربية من هويتها ومشروعها المستقبلي، والتأسيس لمشروع الاستلاب للآخر على كل المستويات، يهدف – من ضمن ما يهدف - لاختلاق معارك تسحب الناس بعيدا عن قضاياهم وتشغلهم عما هو مستحق وملح وآني! في الصراع مع المشروع الصهيوني الكبير؛ هناك البعد الوطني لأهل فلسطين الذين تشردوا داخل بلادهم وخارجها، والبعد القومي للعرب كجماعة تمزقت وحدتهم الجغرافية بوجود ذلك الكيان الصهيوني الذي فصل عرب إفريقيا عن عرب آسيا، وهناك البعد الحضاري في مواجهة مشروع صهيوني يقوم على الهيمنة والعنصرية وسلب المقدرات الوجودية للذات العربية الكامنة والحاضرة، ناهيك عن البعد الإنساني والقهر والقتل والطرد وسرقة الأراضي والتعامل اللاإنساني الذي يمارسه الصهاينة في الأراضي العربية المحتلة. أرى في الأمر مشغلة للناس والرأي العام، لكن الأمر من الخطورة بمكان تقتضي الرد العلمي الموضوعي على ما يطرحه العالم د. يوسف زيدان.
روايات لم ترد في الديانة اليهودية ذاتها: حينما درست علوم: نقد الكتاب المقدس، والفكر الديني اليهودي، والاستشراق، والأديان المقارنة؛ باعتباري من المتخصصين في الدراسات اليهودية والعبرية، وأحد المهتمين – بالأساس - بظاهرة الحضارة الإنسانية ومجالات التدافع البشري عبر التاريخ؛ درست ذلك على يد أساتذة عظام من أصحاب الباع الطويل، منهم من لقي ربه مثل أستاذي العالم الجليل د. محمد بحر عبدالمجيد الذي علمني أسس نقد العهد القديم ومدارسه، والمقارنة بين القصص في القرآن والتوراة. وكذلك أستاذي د. محمد خليفة حسن أطال الله في عمره الذي درست على يديه الاستشراق ومناهج الأديان المقارنة، وكذلك أستاذي العالم الجليل د. شعبان سلام والمقارنات اللغوية والأدبية بين العربية والعبرية، وغيرهم ممن أدين لهم ويعجز المجال عن ذكرهم. وفي الواقع أجد أن مقالة د. زيدان المعنونة بـ "أسئلة الإسراء السبعة" تفتقد للكثير في المنهج والإطار الذي تستخدمه، وفي تدليلها وأدلتها على ما تسعى لتثبته!
أولا: خلو التراث الديني اليهودي من أسانيد تدعم زعم زيدان حينما كنا نجري المقارنات والمقابلات بين القصص في القرآن والتوراة؛ كانت هناك أمثلة مشهورة لذلك، على سبيل المثال: قصة يوسف (عليه السلام)، قصة نوح (عليه السلام)، وكذلك قصة موسى (عليه السلام)، وغيرهم. ولم نجد في التراث الديني اليهودي عند أهله من اليهود من يقول بمثل ما قاله د. زيدان، بأن سيدنا موسى جرت له معجزة "الإسراء" في سيناء! والمعروف أن "بني إسرائيل" كانوا يسردون القصص ويتأولون فيه متأثرين بجيرانهم المصريين والعرب في بلاد الشام قديما! فلماذا أسقطت الرواية التوراتية واقعة ومعجزة "الإسراء" إن كانت قد حدثت لنبي الله موسى! وفق ما يزعم د. زيدان.
ثانيا: نموذج للخلاف الديني الشائع بين الإسلام واليهودية هناك قضية مشهورة بيننا – كمتخصصين في الدراسات العبرية واليهودية - في المقارنة بين القصص القرآني والتوراتي؛ وهي قضية "الذبيح" وأمر الفداء العظيم لسيدنا إبراهيم (عليه السلام)، حيث يرى اليهود أن الذبيح هو النبي "إسحاق" عليه السلام والد نبي الله "يعقوب" (أو إسرائيل الذي ينسب إليه اليهود – بني إسرائيل)، في حين يرى المسلمون أنه نبي الله "إسماعيل" عليه السلام، جد العرب. ثم هناك التأويلات والتفسيرات بين الجانبين لرواية كل طرف. لكن الشاهد هنا أن الخلاف شائع ومعروف، على عكس ما يزعم به د.زيدان، حيث لم نسمع عن منازعة اليهود للمسلمين معجزة "الإسراء"!
ثالثا: أسس رواية زيدان المزعومة لمعجزة الإسراء:
- الإشارة لدلالة تغيير اسم سورة "الإسراء" التي كانت تسمى قبل ذلك "بني إسرائيل"، موحيا بأن السورة كلها وآية الإسراء تتحدث عن سيدنا موسى.
- التساؤل حول بيان وجه المعجزة في "الإسراء" طالما لم يراها الناس.
- القول بأنه لم تكن هناك معجزة إنما كانت مجرد واقعة عادية وحادثة سير بالليل.
- الزعم بأن "الإسراء" وقع لموسى عليه السلام في سيناء، والاستشهاد بسياق الآية، ثم علاقته بما جاء بعده من آيات حول بني إسرائيل للتدليل على ذلك.
- التعجب من أن القرآن لم يذكر لمن حدثت واقعة "الإسراء" صراحة.
- الاستفسار عن سبب إجمال القرآن في "الإسراء" وعدم تفصيله.
- التساؤل حول سبب تفصيل الأحاديث النبوية في "الإسراء".
- الادعاء بأن المسجد الحرام والمسجد الأقصى يقعان في سيناء، بعد أن ادعى أن "المسجد الأقصى" يوجد في شبه الجزيرة العربية في مقالته السابقة.
- الاستناد لدليل لغوي يدعي التناقض بين وجود "المسجد الأقصى" في فلسطين التي حملت في أحد تسميات الخطاب القرآني صفة "الأرض الأدنى".
- الإشارة للخلاف الفقهي حول الجمع بين واقعتي الإسراء والمعراج، ورأى البعض أن كل منهما وقعت بشكل منفصل عن الأخرى.
رابعا: الرد على أسانيد الرواية وطرح د. زيدان الجديد
- إن تغيير اسم سورة "الإسراء" الذي كان قبلا سورة "بني إسرائيل" لا يذهب بنا حيث يريد د. زيدان، ولا يدل على انسحاب واقعة الإسراء التي ذكرت في أول السورة على بقية خطاب السورة وآياتها، التي تتحدث عن سيدنا موسى وبني إسرائيل، فأسماء السور في القرآن قد تطلق اعتمادا على جزء منها فقط أو واقعة وردت في أحد آياتها! فمثلا سورة "الشعراء" لم يرد فيها الخطاب عن الشعراء إلا في الجزء الأخير منها وبعد 223 آية! رغم أنها حملت اسم "الشعراء"، فهنا لا يمكن الاحتجاج باسم السورة للتدليل على أن الخطاب القرآني الوارد بأكمله في السورة ينطلق على الشعراء! فليس هكذا تجري أسماء السور في القرآن كما تصور د. زيدان، وبالمثل لا يمكن أن نذهب مذهبه من أن اسم السورة القديم "بني إسرائيل"؛ قد يُتخذ دليلا على أن الخطاب في آية الإسراء كان المقصود منه سيدنا موسى وليس سيدنا محمد عليهما السلام، كما يطرح الأمر د. زيدان.
- كان بيان المعجزة في واقعة "الإسراء" يقوم على الوصف الدقيق للمكان بالدقة التي ورد عليها في السيرة النبوية، ومختلف تفاصيل الاحتجاج بين الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأهل قريش! كانت معجزات الإسلام أقرب لفكرة الغيب والتصديق بالغيب، فالرسول لم يركب دابة مُعجِزة أمام الناس ولم تجر أحداث "الإسراء" أمام أعين الناس، كانت المعجزة المادية التي يسأل عنها د. زيدان، هي وصفه (صلى الله عليه وسلم) للمكان وتفاصيل الطريق والرحلة كما لو كان يراه! هنا كانت المعجزة.. وليس كما ظن زيدان أن مصدر الإعجاز يجب أن يكون الرؤية المباشرة من الناس وفقط، بل كان كسر المنطق والممكن ووصف المكان بالغيب هو مجرى المعجزة أمام الناس، ومجال التصديق والإيمان في معجزة "الإسراء".
- وعن انتحال المسلمين للواقعة نفسها، نقول ما السبب الذي سيجعل المسلمين ينتحلون واقعة عادية – حسب زعمه - جرت لسيدنا موسى في سيناء، وينسبونها لسيدنا محمد في شبه الجزيرة العربية! ويضفون عليها مسحة معجزة (بسبب المسافة بين فلسطين وشبه الجزيرة في ليلة واحدة)! وذلك هو أهم رد منطقي عليه! لماذا سوف يأول المسلمون آية وردت في القرآن بما يخالف سياقها، لم يكن وقتها هناك نزاع بين العرب أو المسلمين وبين اليهود أو بني إسرائيل حول فلسطين أو القدس أو المسجد الأقصى. وهذا هو أضعف الحلقات في بناء زيدان لروايته الجديدة، غياب السبب المنطقي والدافع التاريخي لها.
- ويقول زيدان إن سياق سورة "الإسراء" التي وردت فيه الآية، يوحي بان المقصود بالكلام - كما سيرد بعده - سيدنا موسى! وهنا يناقض زيدان بديهيات منطق الوحي القرآني وسياقه! فالقرآن نزل على سيدنا محمد متفرقا ولم ينزل جملة واحدة! لكي يكون مرشدا ودليلا وآية في وقائع حياة النبي ودعوته! فليس معنى انه وجه الخطاب عن سيدنا محمد في الآية الأولى حين يقول تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"، ثم بعد ذلك ينتقل للقصص والعبرة من قصة سينا موسى "وآتيننا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل..."، ليس معنى ذلك أن الخطاب متصل! وعليه أيضا أن يدرس الآيات الافتتاحية لسور القرآن والغرض منها! فيوسف زيدان ينتزع الأشياء من سياقها، ويكسر المناهج العلمية وطرق القياس في طرحه!
- ويقول زيدان إن القرآن لم يذكر حدثت لمن واقعة الإسراء صراحة؛ وفي ذلك أيضا تغاضى عن منهج القرآن الذي كثيرا ما يجمل في الأشياء والأحكام والقصص، لتأتي سيرة النبي وحياته وأفعاله والأحاديث التي وردت عنه لتفصل وتشرح ما أجمل فيه القرآن! فكيف يحتج زيدان بأحد السمات التي عليها القرآن في منهجه! يبدو أن زيدان درس مناهج النقد الديني، دون أن يقف عميقا على دراسة منهج الدين نفسه ويتدبر فيه ويعقله! إنه يتعامل معه بطريقة الطرق من الخارج، أو إطلاق الإحكام التعميمية دون الفهم لسياق الشيء وغرضه وطبيعته، وذلك سوف يفضي به لمثل هذه القفزات والاستنتاجات غير المبرهنة ولا المنطقية.
- ويقول زيدان إن القرآن أجمل في ذكر واقعة الإسراء ومعجزتها؛ ولم يذكر التفاصيل والأحداث التي رويت عنها وعرفها المسلمون عن طريق الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهنا يكون الرد بديهي بأن منهج القرآن يقوم على الإجمال في بعض الأحكام والقصص والمواضع، على أن يكون التفصيل والشرح والتوضيح من نصيب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك كما قلنا من السمات المعروفة عن منهج القرآن.
- يقول إن الأحاديث فصلت في معجزة الإسراء، وهو أيضا قول مردود عليه؛ بأن الهدف من السيرة النبوية والمرويات التي وردت على لسان النبي، هو تفصيل ما أجمل فيه القرآن! وأن منهج السيرة النبوية والأحاديث وحياة النبي عامة يقوم على تفصيل وتوضيح وتبيان ما أجمل فيه القرآن، بل إن هناك بعض الأحكام لم ترد نصا في القرآن الكريم، وورد بيانها عن النبي وفي سيرته ومجرى حياته! كيف يحاجج د. زيدان الشيء في طبيعته ومنهجه، إنه يفتقد هنا لأبسط قواعد القياس العلمي.
- ثم يضيف فرضية جديدة تتفق مع تأويله الجديد في هذه المقالة؛ ففي مقالته السابقة اكتفى بذكر رواية من السيرة تفيد بوجود "مسجد أقصى" داخل شبه الجزية العربية (وقد رددت عليها في مقالي السابق)، إنما هذه المرة هو يفترض أن المسجد الأقصى والمسجد الحرام موضعان يقعان في شبه جزيرة سيناء! استنادا لما ذكر عن "الوادي المقدس طوى" في القرآن، والحقيقة أن هذه الفرضية والرواية الجديدة! تسعى للهدف نفسه الذي قدم من أجله الرواية الأولى! يسعى زيدان وبأي فرضية يخرج بها لنفي القداسة عن "المسجد الأقصى" المعروف للمسلمين والمسيحيين واليهود، حتى يثبت حق اليهود فيه فقط، وينفي حق المسيحيين والمسلمين، وهنا يكون الرد عليه بأن الرواية التوراتية ذاتها، لم ترد على ذكر "مسجد أقصى" و"مسجد حرام" في سيناء! فهو يزايد على أهل اليهودية بما لم يقولوه في التوراة ولا في كتب التفسير عندهم! ويكون الرد مكرر بأن اليهود قوم روايات وقصص، فكيف يهملون واقعة مثل هذه جرت لهم في سيناء. وربما كان ذلك تمهيدا لأن يطالب اليهود بسيناء نظرا لما فيها من آثار دينية لهم وفق ما يدعيه زيدان، وربما ستكون سيناء حينها منحة منهم لتوطين الفلسطينيين فيها! هناك شبهات متعددة وخطيرة في الموضوع، يجب الوقوف أمامها بحزم وجدية وموضوعية.
- كما يستشهد زيدان بدليل لغوي مقصده أيضا نفي وجود "المسجد الأقصى" في فلسطين! فيقول إنه ورد في الخطاب القرآني ما يفيد بأن فلسطين هي "الأرض الأدنى".. ثم يذهب برأيه (استنادا للمنطق اللغوي) إلى القول بأنه كيف يكون هناك "مسجد أقصى" في "أرض أدنى" (كيف يجتمع الأدنى والأقصى)! وذلك قول مردود عليه بأن صفة الأقصى والأدنى تكون نسبية، نسبة إلى المتحدث والشيء الموصوف..! فزيدان يستنكر أن توصف فلسطين في موضع بالقرآن بأنها "الأرض الأدنى" ثم يوصف المسجد الذي فيها "بالمسجد الأقصى"؛ وذلك قول غير منطقي تماما ويفتقد لأبسط قواعد الاستدلال! ربما تكون فلسطين موصوفة بصفة "القرب" أو "الأدنى" في موضع ما بالنسبة لشبه الجزيرة العربية كمكان (ولنلاحظ هنا أن موضع التشبيه والوصف ومجرى المثال هو المكان)، لكن في موضع آخر يجري الحديث عن المساجد.. ولأن المسجد الذي هناك هو أبعد المساجد المقدسة فيجوز بالطبع تسميته بالأقصى.. ولهذا يكون من الطبيعي أن يوجد "المسجد الأقصى" في فلسطين (الأقرب أو الأدنى) لأنه لا مسجد بعده (في حينها)! هنا التبس الأمر كثيرا على زيدان في فهم المنطق اللغوي والعقلي، في الجمع بين الجغرافيا والمكان من جهة، وبين والقداسة من جهة أخرى، فربما تكون فلسطين الأقرب جغرافيا، لكنها تحتوي على المقدس الأبعد حيث لا مقدس أبعد منه!
- وأخيرا تحدث د. زيدان عن خلاف في الروايات حول الجمع بين الإسراء والمعراج، وهناك بالفعل بعض الآراء التي تقول بوجود فاصل زمني ما بين الروايتين، ولكن ذلك لا يأول لصالح أن تكون معجزة الإسراء قد جرت لسيدنا موسى كما يزعم د. زيدان، فالخلاف في الرأي هنا حول معجزتين للنبي محمد جرتا في وقت مغاير وليس في الوقت نفسه. وقد أجل تفصيله في هذه النقطة لمقالة قادمة.
• في النهاية: لم يرد في التراث اليهودي المكتوب والشفاهي ما يقول بنسب واقعة "الإسراء" لسيدنا موسى عليه السلام، ولم يرد كذلك ذكر لما سماه د. زيدان "مسجد أقصى" و"مسجد حرام" في سيناء! ولم يكن هناك سبب تاريخي يدفع العرب المسلمين لاختلاق معجزة بدون هدف أو جدوى، حيث لم يكن هناك وقتها تنازع على فلسطين أو القدس أو "المسجد الأقصى". أهمل زيدان التواصل مع منهج القرآن والسنة وتبيان سمات الخطاب في كل منهما، فالقرآن نزل متفرقا ليكون مرشدا ودالا للنبي في أمور الدنيا والدين المتجددة والمتراكمة، وجاء القرآن بالإجمال، وترك التفصيل للسنة والنبي (صلى الله عليه وسلم)، كما أن أسماء السور في القرآن قد تعبر عن جزء منها، وليس بالضرورة أن ينطلق الاسم على كل خطاب السورة. وأخطأ د. زيدان في سياقه للتدليل اللغوي المنطقي حول وجود صفة "أقصى" في مكان "أدنى"، فاندفاعه وراء فكرته جعله يتجاوز قواعد القياس المنطقي.
• خاتمة: الصراع العربي الصهيوني؛ هو صراع حضاري شامل له بعد وطني وقومي وإنساني وديني وتاريخي، يحاول د. زيدان التركيز على هزيمة الذات وتشويه "الحق العربي" على المستوى الديني والتاريخي، ولكن جل خطابه التاريخي يفتقد للمنطق العقلي الاستدلالي الذي لا يأتيه الباطل والنقد عن شماله أو يمينه، وتأويله الديني يعوزه المنطق والمنهج الواضح والخبرة الكافية في الانتقال بين اليهودية والإسلام. ويظل مناط النقد الأكبر تصور د. يوسف زيدان عن حل الصراع العربي الصهيوني، الذي يقوم على تفكيك الذات (على مختلف مستويات الهوية)، والاستلاب لمشروع الآخر، تظل الأزمة المحيرة في الاختيار الحضاري الذي يرفعه زيدان ويصر عليه لصالح الصهيونية! وتزامن ذلك مع الموافقة على استضافة السفير الصهيوني من قبل أحد نواب البرلمان المصري، وتواكبه أيضا مع دخول "سد النهضة" مراحل حرجة..! يظل ذلك موضعا للتساؤل وانتظار الأجوبة المدققة.
#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)
Hatem_Elgoharey#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبل الانفجار: أزمة الذات الافتراضية وتحول آليات التواصل الاج
...
-
المتغير المجتمعى والاستجابة السياسية: مستقبل البلاد والثورة
-
تفكيك الأبنية المعرفية لمقاربة يوسف زيدان والأقصى
-
الخطاب السياسى وأزمة الانفصال عن الواقع
-
الدين والدين السياسى: قراءة فى تحولات المقاصد
-
الانتفاضة الثالثة: بين خراب الصهيونية وإكسير الثورات
-
الإنسان مقطوع الصلة: الأدب الشعبى والثورة
-
ثوار الداخل وثوار المهجر
-
تهميش المتن وتمتين الهامش: حمدين والثوار
-
أزمة العقلانية المصرية: النظام والإرهاب!
-
مجددا: عودة الثوار وتغير قيم المصريين للأبد
-
السيسى وأجواء ما قبل 25 يناير: مؤشرات دالة
-
المسألة: يهود فلسطين وليس عرب إسرائيل
-
يناير2015: فى آليات الثورة وآليات الاستبداد
-
مجلة السياسة الدولية: بين التكيف والثورة
-
قراءة فى أحداث الجامعة: مؤسسات الظل ومؤسسات الدولة
-
مؤشرات نظام السيسى: الاحتواء والاحتواء المضاد
-
الانتخابات النيابية: رؤية ل أبوالحسن بشير
-
نقاط الترجيح السياسى بين النظام القديم ومعارضته
-
أسطورة الدولة حارسة التناقضات: تاريخ صناعة آليات التنميط فى
...
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|