|
حارث الضاري
أسعد العزوني
الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 03:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مساء السبت الماضي ، شرفت بدعوة كريمة من هيئة علماء المسلمين في العراق ، لحضور الملتقى الإستذكاري لمواقف الشيخ الدكتور حارث الضاري ، الرئيس الراحل للهيئة ، وشارك فيه بطبيعة الحال جمع غفير من الشخصيات العراقية من كافة الإتجاهات ، مع عدد من الشخصيات الأردنية . كان حفلا مهيبا يليق بالمحتفى بذكراه ، كدليل على أنه ليس كل من ووري جسده الثرى يقال عنه أنه ميت ، بل هناك ومنهم فقيدنا الراحل الشيخ حارث الضاري ، وإن مات جسدا ، فإن ذكراه العطرة ستبقى تحرس روحه الطاهرة العفيفة ، وهي تحوم فوقنا وحولنا وتصرخ فينا ألا نساوم على الحق ، ولا نصالح الأعداء . كان هذا ديدن فقيدنا الراحل الذي بقي وفيا للمباديء ولم يرتكب الخيانة ، كما فعل غيره ، من الذين إرتموا في أحضان الغازي بريمر أول حاكم عسكري بغيض للعراق الأشم ، لأنه يعلم جيدا أن العراق خالد ما بقيت السموات والأرض ، وأن فعل الخيانة لا يليق بشخصية مثله آثرت التحالف مع الله. ألقيت في ذلك الحفل المهيب المحروس بروح فقيدنا الراحل ، العديد من الكلمات والقصائد ، وقرئت العديد من البيانات والرسائل التي وصلت الحفل من داخل العراق الجريح ، وما ميز كل ذلك أنها كانت معجونة بالصدق ، بدليل أن أحدا من الذين وقفوا على المنصة لم يتلعثم ، كما نرى ، بل تحدث منطلقا صادقا في أحاسيسه ، وبذلك وصلت كلمات الجميع المنطلقة من قلوبهم إلى قلوبنا . هذا هو الحال بالنسبة للخالدين الذين صدقوا مع الله ، قبل أن يصدقوا مع انفسهم وامتهم وشعبهم ، وكان ذلك الإحتفال إستفتاء عفويا على مدى حب الجميع للشيخ حارث الضاري ، الذي تحدى الإحتلال وأذنابه ، وبقي متمسكا بالعراق العربي الموحد ، ويقيني أن روحه عندما فارقت جسده ، كانت تتحدث عن ذلك . لم يكن الراحل رجلا عاديا يضعف أمام المكتسبات الدنيوية الزائلة ، ولو كان من إياهم –لا سمح الله – لعينه المحتل رئيسا للوزراء ، وحرمنا من الإحتفال به رجلا عفيفا نظيفا شريفا ، صدق مع الله أولا وعاهده على الثبات على الحق والمباديء ، وتمسك بوسطيته وإعتداله ، لكنه كان سيفا بتارا في مواجهة الحق ، الأمر الذي أزعجهم فأرادوا النيل منه ، لكن الله يقيض للصادقين معه من يقف معهم ، فلجا إلى أردن الحشد والرباط وحظي بالأمن والأمان ، وواصل أداء رسالته والقيام بدوره . ولم تستطع إغراءات الإحتلال النجسة ، حرف الشيخ الضاري عن الخط المستقيم ، ولذلك نجا من متاهات الدنيا وضياعها ، ليأمن آخرته ، وفاز برضا ربه وشعبه وأمته ، غير آبه بنظرة الإحتلال وأذنابه له ، علما انهم كانوا يتمنون لو انه يضعف ، فتناله بعض نجاستهم ، ولكن الله جعل لرجاله على الأرض ، هيبة تغنيهم عن الإنزلاق في ما إنزلق إليه أذناب الإحتلال في العراق ، وكانوا محسوبين على الدين والأمة . كان المغفور له بإذن الله الشيخ حارث الضاري ثاقب الفكر سديد الرأي ، وقد إرتبط بالعراق بوثاق شديد ، هذا العراق الذي يرتبط بفلسطين أولى القبلتين وثالث الحرمين ، بحبل سري منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، وهذا ما دفع أعداء الخارج والداخل ومعهم يهود بحر الخزر بالإنقضاض عليه لتدميره والنيل من شعبه قبل شطبع من على الخارطة ، بحسب مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي ، وخطة كيفونيم الإسرائيلية، وهذا ما يفسر توريط العراق في الحرب العراقية الإيرانية وفي الكويت وما تلا ذلك ، وإنتهاء بالحكم الطائفي البغيض الذي سلخ العراق عن العراق. كان بإمكان الشيخ حارث الضاري وهو العلامة والفقيه ، أن يؤلف فتوى من عنده أو يعثر على نص مزور يبيح له التحالف مع الشيطان ، بعد أن يمني النفس بمكافآت الإحتلال ، لأن له في العراق وفي الأمة وزن ، وأي وزن يضاهي الشيخ حارث الضاري رحمه الله ، ومن ميزاته أن أحدا من اذناب الإحتلال الذين إستمرأوا الإرتماء في أحضان بريمر ، وذاقوا من الإهانات والذل ما لم يذقه العلقمي، لم يحقق حلمه البغيض ويرى الشيخ الضاري يفعل فعلتهم ، فهيهات هيهات أن ينال نجس من القامات العالية . كان بريمر وزمرته حريصين ويمنون النفس بان تحظى مجالسهم ولو بزيارة قصيرة من الشيخ حارث الضاري ، لكنه آثر القرب من الله وحافظ على طهارته وقضى نحبه ولم يبدل تبديلا ، فصعدت روحه إلى السماء طاهرة مطهرة وحظيت بقبول من الله وملائكته ، ووجد النبيين والملائكة والصدقين بإنتظاره. الإحتفال الذي أتحدث عنه لم يكن للشيخ حارث الضاري فقط ، رغم أنه رمز عراقي عروبي إسلامي ، بل كان هذا الإحتفال أيضا كان للعراق الذي باعوه في سوق النخاسة ظنا منهم أن الله سينجيهم ، وأن يهود بحر الخزر سيكافئونهم ، وما نراه حاليا أن من باع العراق ، وجد نفسه في مهب الريح لا عاصم له إلا الله ، والله جل في علاه لا يعصم من باع نفسه ليهود بحر الخزر . رحم الله الشيخ حارث الضاري ،وأسكنه فسيح جنانه مع النبياء والصديقين والشهداء ، وسيعود العراق حرا أبيا كما كان إن شاء الله ، وعزاؤنا أن خير سلف سلم الراية ناصعة البياض لخير خلف ، وليخسأ الخاسئون.
#أسعد_العزوني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خراسان ...الطريق إلى إيران))) إصدار الباحث العزّوني الجديد
-
إقترب الترانسفير الفلسطيني
-
سفير الهند لدى الأردن يحاضر في منتدى الفكر العربي حول آفاق ا
...
-
تركيا إلى أين؟
-
خلية إربد الإرهابية .. سؤال الوقت وأسئلة أخرى
-
تجليات في سرادق الشهيد الزيود
-
سوريا على مذبح التقسم
-
الحرب البرية في سوريا .. صاعق الحرب العالمية الثالثة
-
الأردن وصندوق النقد الدولي ..آمال خائبة
-
سيناريوهات التدخل البري في سوريا
-
وثيقة كيفونيم الإسرائيلية
-
زوال الدنيا أهون من قطرة دم مؤمن
-
إشهار كتاب (قصة طموح) للقاضي الدولي العين تغريد حكمت
-
المصالحة الفلسطينية ...مرة أخرى
-
مؤتمر جنيف 3...العبث بعينه
-
أمريكا ..السعودية ..إيران
-
مضايا ..الموت المفاجيء
-
إنتفاضة القدس ...الدهس والطعن وقضايا أخرى
-
إسرائيل تريد بقاء الأسد لأنه يرفع الشعارات.. ولا يحاربها ...
...
-
مناسبة سحّابية عطرة
المزيد.....
-
إعلام فلسطيني: 21 قتيلا على الأقل بقصف إسرائيلي استهدف مسجدا
...
-
طلاب المدارس العامة الأمريكية متخلفون عن الركب
-
من ميشيغان للنبطية.. قصة أميركي من أصل لبناني ضحى بحياته لمس
...
-
إعلام فلسطيني: 19 قتيلا على الأقل بقصف إسرائيلي استهدف مسجدا
...
-
شهداء في غارة إسرائيلية على مسجد وسط غزة
-
-السبلينترنت-.. كيف -غزت- روسيا منصة ويكيبيديا؟
-
كيف تنعكس التوترات في الشرق الأوسط على الولايات المتحدة مع ا
...
-
10 سنوات تأسيس على التحالف الدولي ضد داعش
-
عشرات القتلى والجرحى في غارات إسرائيلية على مناطق بغزة
-
وزيرا خارجية السعودية وأميركا يبحثان ملفي لبنان وغزة
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|