|
احتفاء بالشاعر الفرنسي – أَلن بورن Hommage au poète français – Alain BORNE
رابحة مجيد الناشئ
الحوار المتمدن-العدد: 5102 - 2016 / 3 / 13 - 00:42
المحور:
الادب والفن
إحتفاء بالشاعر الفرنسي – أَلن بورن Hommage au poète français – Alain BORNE بمناسبة الذكرى المئوية لميلاد الشاعر الفرنسي ألن بورن – Alain BORNE، خصصَ بيت الشعر لمدينة بواتيه الفرنسية - La Maison de la poésie de Poitiers أُمسية شعرية – موسيقية للاحتفاء بهذا الشاعر، احد كبار شعراء القرن العشرين في فرنسا والذي تركَ بصماته الأدبية في المجتمع الفرنسي. وقد ساهمَ في احياء هذه الأُمسية الكاتب والشاعر الفرنسي بيَّر فينود - Pierre VIGNAUDا الذي تحدَثَ عن حياة الشاعر ألَن بورن وعرضَ مؤَلفاته كما قرأَ بعضاً من قصائدهِ. واشترَكَت الشاعرة اليزابيث بَلوكا - Elisabeth PELLOQUIN بعمل مونتاج مُصوَّر عن بعض مراحِل حياة هذا الشاعر وقرأت العديد من قصائدهِ. أما الموسيقي فيليب مونيَّة - Philippe MEUNIER فقد صاحب القراءات الشعرية بعزفه الرائِع، وَأحياناً كان الثلاثة يشتركونَ في قراءةِ قصيدة واحدة أو في قصائدَ متنوعة في آنٍ واحد وَ بانسجامٍ وتناسقٍ تام... عن هذهِ الأمسية، ارتأيتُ أن أترجمَ للقراء الأعزاء شيئاً عن حياة هذا الشاعر والبعض من قصائده التي استمعَ اليها جمهور هذه الأمسية الجميلة.
ولدَ الشاعر ألن بورن عام 1915 ، وبعد الحرب العالمية، استقرَت عائلته في مدينة مونتَليمار الفرنسية، وكان عمره آنَذاك 7 أعوام، وفي هذه المدينة اكملَ دراسته ليصبحَ محامياً ولم يغادر هذه المدينة أبداً، وقد نالَ اعتزاز اهاليها حتى انَ ثانوية مونتَليمار التي درسَ فيها تحملُ اسمه الآن تكريماً لذكراه.
كانَ الشاعِر الن بورن يكتبُ كثيراً ولا ينشر، لِدرجةِ أنَ نصفَ انتاجه الأدبي ظهرَ بعدَ وَفاته عام 1962، في حادثِ مرور وهوَ في طريقه الى المرافعة في احدى القضايا، وكانَ عمره آنذاك 47 عاماً. ومنذ ظهور كتاباته، نالَ ألن بورن اعترافاً حقيقياً لمنزلتهِ الشعرية من لَدنِ كبار الشعراء بلغ ذروته في سنوات الأربعين وخلال سنوات الاحتلال، حيث كان آنَذاك يساهم مع آراغون وَبول ايلوار وغيرهما من الشعراء في شبكة للمقاومة الأدبية – Réseau littéraire de résistants
لويس آراغون الذي اكتشَفَ ديوان الشاعر الموسوم – ثلجٌ وَ 20 قصيدة - Neige et 20 poèmes ، حَيّا غنائيته وأهدى لهُ قصيدة،
فيما يلي مقطع من هذه القصيدة :
ألَن أنتَ الماسكُ بالنسيم ثلجٌ نراهُ في عِزِ شَهرِ آب ثلجُ لا أعرِف مِن أينَ توَلَّد كَمثلِ تَجعدِ صوف الأغنام وَرشق الماءِ على الحوت
أما الشاعر بيَّر سيغيرس – Pierre SEGHERS ، فقد كانت له علاقة حميمية معَ ألَن بورن، وهوَ يضعه شعرياً في مستوى الشاعر بول ايلوار. ولكِن مَن تحَدثَ بإسهابٍ عن جمالية وَ تأثير أشعار ه، هوَ الشاعر الفرنسي رَينيه شار- René CHAR . الكتابة والحُب والشعر
الكتابة بالنسبةِ لهذا الشاعر، ترياقٌ ضد الموت ‹‹ أتَحاشى الموت مِن جديد بكتابتي لقصيدة ››، والحُب بالنسبةِ له شيء كالصاعقة، ويقول في احدى قصائده: ‹‹لو كنتُ أعرفُ ما هوَ الحُب، للزمتُ الصمتَ طويلاً ››، أما الشعر فهوَ الحياة : ‹‹ الشعر فقط هوَ الحياة، وكل ما عداه، هوَ قوتٌ ...وسائلَ للعيش ››.
وفي احدى قصائده بعنوان التفكير فيكِ - Penser à toi، يقول الشاعر:
التَفكيرُ فيكِ يبقى أثمنَ صَمتٍ لي الصمت الأطوَل والأكثرَ هَيجاناً أنتِ دائماً فيَّ مثلَ قلبي غيرَ مرئي لكن كَقلبٍ يُحدِث الألم كَجرحٍ يُنعِش الحياة
وفي قصيدةٍ أُخرى يقول :
La Nuit me parle de toi الليل يُحدثني عنكِ
لا يُمكِن لِشفاهي أن تنفَتِح إلّا لِتَنطقَ باسمكِ لِتُقَبِلَ فمكِ تَصبحُ أنتِ في البحثِ عنكِ الليل لا يمنَحني أحلاماً مَليئة بنساءٍ شفافات بل يَحمل لي صورتكِ حتى لا يخنقني غِيابكِ بشكلٍ تام أكيدٌ أنا جائعٌ ظمآن مِنكِ أنتِ فقط مثقَلٌ بسبِ غيابكِ حيثُ يجبُ أن تأتين حتى أخيراً أكونُ أنا وَتكونينَ أنتِ ونَكونَ نَحنُ سَنصبحُ اثنين أو واحِد، لا أدري سنصبحُ مثل الصاعقة أُحبُكِ وَلستُ موجوداً إلا لحبكِ فَحتى لو تَحدثتُ عن زهرةٍ يتعلقُ الأمر بكِ وَحتى عن الخبزِ والعسَل أو الرملِ، أو حتى عنّي المُرعِبُ آتٍ : أن أحبكِ حَقاً، لا أكونُ شيئاً إلا أنتِ لا أتنَفس إلا إذا كُنتِ هنا، لا أرى إلا إذا كانَت عيوني عيونَكِ أينما استقرَّت المُرعبُ آتٍ : حينَ أقولُ ‹‹ أنتِ حُبي ›› لا يتعلَق الأمر أبداً بكلمتين بَسيطتين لكن بِكلمتين أًخريتين مُفعمَتين بدمنا الممتَزِج.
وفي بعض قصائده تَكشفُ كَلِمات ألَن بورن عن هامش الحياة الأولية ‹‹الطفولة ››، حيثُ توفيَّت والدته وهوَ صغير جداً وقد تربى حَصراً من قِبَل النساء، وعندَ توديعه لزمن الطفولة ، اصبحَ شغوفاً، ثَمُلاً بكلِ ما يتعلَق بالنساء...ببشرَتهنَ، بقوامهنَ، بثيابهنَ، برائحتهُنَ...ولربما كانَ بذلكَ يبحثُ عن تلكَ الطراوة الأُولى لمرحلة الطفولة، وعلى كل حال فإنَ جوعه وتعطشهِ للنساء لم يكُن مُشبعاً أبداً والغياب دائماً هوَ المنتَصر:‹‹ الحب عندي ينتهي قبلَ أن يبدأ ››، وهوَ القائل أَيضاً :
Dis – moi que tout n’est pas fini de mon enfance قُل لي بأنَ كُل شيء من طفولتي لم ينتهِ بَعد وَأنني لم استنفِذ الألعاب، وَبأنني سأضحكُ من جَديد في مِئزَرٍ أبيض قُل لي بأنَ روحي ستغدو فَتيَّة وَبأنَ أيادٍ ناعمَةٍ مَجهولة بِرفقٍ تُغَطيها بالزهور وَبأنَ هُناكَ مَن سَيبحَثُ ثانيةً عن روحي في عينيَّ المرفوعَتين نحوَ السماء.
مَن سيَكونُ هُنا قريباً جداً مني ؟ أي صوتٍ هادئ سوفَ يُبقي الموسيقى في قلبي ؟
مُنعزلاً، مُنزوياً، ألَن بورن، هوَ كذلكَ حتى في الشعر، لم يأمَل إلا في الصمت، وكانَ دائماً في الجانب الآخر مِنَ المَرايا والمظاهر : ‹‹ ليسَ هُنالِكَ من حاجَةٍ للصراخ، الفخُ عميقٌ وأهبطُ أنا فيهِ مُنشِداً، وعلى مَعرِفةٍ بِأنَه فخ، وَبأنَني لن أجِدَ الهواء الطلق، حيثُ ارتِعاش النجوم كَمثلِ العيون التي تَمسها الريح ››.
التشاؤم والخوف منَ الموت سادَ حياة الشاعر الن بورن حتى أصبحَ تشاؤمه أُغنية مُركَزة، وأصبحَ الفزع من الحفرة المفتوحة يجلِب له الرعب ويجعله يرى أَنَ الحياة تكونُ هكذا : ‹‹ إنَهُ العبور مِن أسوَدٍ الى أسوَد، مِن خِلال الضوء الذي أُغنيه، استَمعوا الى قِصتي الذاهبة مِن موتٍ الى موت، لكِنني عشتُ، وأنا مُدرِكٌ بأنَ كُل شيء هوَ عَدَم، لكنني أُحبُ العدَم وأُغني لَهُ ››.
الخوف من الاختفاء والخوف من الموت الذي عاشهُ الشاعر، ينعَقِد برَقبة أشعارهِ وَيجعله في دَوار :
Je m’endors et je meurs أَنامُ وأموت وحينَ أكونُ ميتاً لَن تُفكري أَبداً بيَّ صمتٌ وَغياب اسمٌ على زهرةِ لؤلؤيَّة حيثُ لن أكونَ هُنا لانتزاعِ بَتلاتها أحبكِ بعمقٍ، بِشَغَفٍ أنهِكي يديكِ الرقيقتين برفع شاهد القبر ارفَعي البلاطة لأَنَني هُنا لستُ بِصَددِ البحث عن الشفتين والعينين بَل، حَفنة تُراب حيثُ ينبَجِس القمح القمحُ هوَ نَظرَتي القمحُ هوَ قُبلَتي أقلَ من الخشخاشِ أنا أقلَ مِن زَغب العندَليب صانعُ فصلَ الصيف الصيف هوَ موسمي الكبير، وأنتِ الحلم الوحيد لإدامَتي مُستَيقظاً وَ عندَما أموت لن تُفكري بيَّ أبداً مَعي سَتموتُ موسيقاي فإن غنتها من جَديدِ شِفاهٌ حيَّة سَتكونُ هيَ التي مَن تُحبين.
ومِن كتابه : ‹‹ كانَ بالأمس وهوَ الغَد ››، اليكُم هذا المقتطَف : أعلَم أنَكِ تُقَضِّينَ الليل ساهرَةً في هذهِ الليلة البيضاء التي تبدو وكأنها بستان تَعصفُ بهِ الريح رُبما أكونُ وَحيداً معَ جرحي رُبما أكونُ بعيداً عَنكِ عَن هذا الوجه الذي أعيشُ لأجله وهذهِ الأيادي المفتونة برغوةِ النجوم وهذا الجسد الطاهِر وبدونَ قُبلة أحسِدُ أنا غُرفَتكِ حيثُ تَراكِ هيَ كل يوم هذه الطاوِلة، هذهِ الكُتب ولون الحائط والنافذة حيثُ يَهرِسُ وَجه المَساء سَواده والماء المُتَدَفِق بينَ أصابعكِ . تَصرَخُ وِحدَتي من خِلالِ هذهِ الوَرقة كما هوَ الحالُ في القلعة صَوت الأمير نَحوَ الجميلةِ النائمة أُوه احبكِ.... وحدَتي تَصرَخ وَتَمدُ يديها البعيدَتين مُتَلَمسةً الطريق نحوَ يديكِ لا أُريدُ هذهِ القَصيدة ولا أُريدُ حُلمي الكاذِب بل خُبزَ شفَتيكِ بَل خمرة عينيكِ الهواء الذي تتنفَسين.
عاشَ ألَن بورن في منفى أبدي، شاعرٌ مُرتَعدٌ وَمُتَرنِح بينَ الرغبة العارمة في احتياز النساء، وَبينَ صِراخ الرعُب مِن الموت والاختفاء، وَشعرهُ كَثيف ، مُرَكَزٌ وَمُلَغَّز وَالغالبية منه تَدور في مِحوَرين : الحُب والموت.
#رابحة_مجيد_الناشئ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شاعر النهرين – غابريَّل أوكوندجي - Le poète des deux fleuves
...
-
صدور كتابي الجديد في فرنسا - مختارات شعرية: فرنسي - عربي
-
شاعر الحَميمية-ﮔ-;-ﯥ-;--ﮔ-;-وفيت
-
رحلة شعرية جديدة في مدينة بواتيه الفرنسية
-
الموسم الشعري في مدينة بواتيه - La saison poétique à Poitier
...
-
أُمسية شعرية
-
التمرُّد الشعري
-
الشُعراء ليسوا في سُبات
-
كلود ماركات: شاعر وروائي ورسام
-
الفرنسيون يَحتَفونَ بألفَن التشكيلي العراقي
-
ثلاثة شعراء بضيافة بيت الشعر لمدينة بواتيه
-
بيت الشعر لمدنية بواتيه -قراءات شعرية من العالَم
-
مهرجان اللومانتيه 2014: نصف مليون إنسان يتعمد في رِحاب الفضا
...
-
المهرجان العالمي للفيلم لمدينة لاروشيل الفرنسية -2014
-
الشاعر والناقد الفرنسي دانيال لاوَرس ضيفاً على بيت الشعر في
...
-
شاعرة العمال، ﭙ-;---;--اتريسيا كوترون دوبينه
-
ربيع الشعراء السادس عشر في فرنسا -La poésie est au cœur des
...
-
احتفاء بالشاعِر الفرنسي جورج بونه
-
حِوارٌ مع الأطفال في مهرجان اللومانتيه
-
ربيع الشعراء قنطرة للتواصل ما بين الشعوب ( 2 )
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|